عبدالله المحض

عبدالله المحض: وأبوه الحسن المثنّى ابن الإمام الحسن عليه السلام من أُسرة علوية هاشمية وكان من العبّاد، وكان ذا عارضة وهيبة ولسان وشرف وقد عرف بأنّه شيخ الطالبيّين، وكان يتولّى‏ صدقات أمير المؤمنين علي عليه السلام، بعد أبيه الحسن المثنّى. وكانت له آراء خاصة به، وممّا كان يراه: أنّ علياً عليه السلام لم يكن إماماً، بل وكذا سائر ائمة أهل البيت عليهم السلام، غير أنّ غاية نظر الشيعة فيها ما اختاره سيد الطائفة السيد ابن طاوس في إقباله، من صلاحه، وحسن عقيدته، وقبوله إمامة الصادق عليه السلام. وقد التفت قبل ذلك حوله الزيدية، وكان مرجعاً لهم كما كان يتصدّى‏ لـ الفتيا أيضاً، وكان يرى‏ أيضاً أنّه لايقبل اللَّه توبة من تبرّأ من أبي بكر وعمر. وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة فقد وثّقه وأثنى‏ عليه رجاليو أهل السنة، أمّا علماء الشيعة، فقد سكت عنه البعض، وتوقّف آخرون، بينما يظهر من بعضهم ما يدلّ على‏ صلاحه وصدقه، وعدّه الشيخ الطوسي في أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام.

عبداللَّه بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام (حدود70 ــ 145ق)

من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبو محمد.[٢]
نسبه: الهاشمي، العلوي.[٣]
لقبه: المَحْض، المدني.[٤]
طبقته: الخامسة.[٥]
ولد عبداللَّه سنة 70 هـ في المدينة، في بيت فاطمة بنت النبي الاكرم صلى الله عليه وآله، ومن أُسرة علوية هاشمية[٦]، فهو ابن الحسن المثنّى‏ ابن الإمام الحسن عليه السلام ابن الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام. وأُمه فاطمة بنت الإمام الحسين عليه السلام، ولأجل هذا سمِّي بالمحض.[٧]
وكان عبد الرحمان بن الأشعث قد دعا للحسن المثّنى‏ وبايعه، فلمّا قُتل عبد الرحمان توارى‏ الحسن المثنّى‏ حتّى‏ دُسّ إليه السمّ بأمر سليمان بن عبد الملك، واستشهد على‏ أثر ذلك. وكان له من الأبناء - غير عبداللَّه - : إبراهيم والحسن المثلّث وجعفر وداود.[٨]
وقد أعقب عبداللَّه المحض من ستّة رجال، وهم: سليمان ويحيى‏ وإدريس وإبراهيم ومحمد ذو النفس الزكية وموسى‏ الجون.[٩] ووُصف بأنّه كان يشبه النبي صلى الله عليه وآله.[١٠] فقد كان من العبّاد، وكان ذا عارضة وهيبة، ولسان وشرف.[١١] كما كانت له منزلة عند بعض خلفاء بني أُمية وبني العباس؛ كـ عمر بن عبد العزيز وأبي العباس السفّاح.[١٢]
وقد عرف بأنّه شيخ الطالبيّين.[١٣] وكان يتولّى‏ صدقات أمير المؤمنين علي عليه السلام، بعد أبيه الحسن المثنّى‏[١٤]، ولمّا ولي المنصور حبس عبداللَّه بالمدينة لأجل ابنيه: محمد وإبراهيم عدّة سنين، ثم نقله إلى‏ الكوفة فحبسه بها.[١٥]
وكانت له آراء خاصة به، وممّا كان يراه: أنّ علياً عليه السلام لم يكن إماماً، بل وكذا سائر ائمة أهل البيت عليهم السلام.[١٦] وقد التفت حوله الزيدية[١٧]، وكان مرجعاً لهم، كما كان يتصدّى‏ لـ الفتيا أيضاً[١٨]، وكان يرى‏ أيضاً أنّه لايقبل اللَّه توبة من تبرّأ من أبي بكر وعمر.[١٩]
وكان يفتخر بانتسابه إلى‏ سلسلة السادة، وانتسابه إلى‏ النبي صلى الله عليه وآله، فكان يقول: «أنا أقرب الناس إلى‏ رسول الله صلى الله عليه وآله، ولدتني بنت رسول الله صلى الله عليه وآله مرّتين».[٢٠] وسئل يوماً: بما صرتم أفضل الناس؟ قال: «لأنّ الناس كلّهم يتمنّون أن يكونوا منّا، ولانتمنّى‏ أن نكون من أحد».[٢١]
ومن خلال ما نقل عنه فإنّ علماء الشيعة انقسموا بشأنه: فبعض الرجاليّين منهم لم يتعرّض لذكر اسمه، فيما ذمّه آخرون، وتوقّف القسم الثالث بسبب الروايات المتعارضة بشأنه[٢٢]، في حين أنّ بعضاً رابعاً مدحه تصريحاً أو تلويحاً، ونزّهه من كلّ انحرافٍ في العقيدة أو السلوك.
فقد قال الشيخ الطوسي‏ رضى الله عنه - بعد أن ذكر اسمه ضمن أصحاب الإمام الباقر عليه السلام : - وهو دعاء قلّ نظيره منه لأحد الرواة.[٢٣]
وبعد أن ذكر السيد ابن طاوس روايةً عن الإمام الصادق عليه السلام - بعد أن سُجن السادة من آل الحسن، ومن جملتهم: عبداللَّه - وفيها خاطبهم الإمام عليه السلام بأنّهم الخلف الصالح والذرّية الطيّبة، ثم دعاهم إلى‏ الصبر والرضا والتسليم لأمر اللَّه، قال ابن طاوس: «وهذا يدلّ على‏ أنّ هذه الجماعة المحمولين كانوا عند مولانا الصادق عليه السلام معذورين وممدوحين ومظلومين، وبحبّه عارفين، وقد يوجد في الكتب أنّهم كانوا للصادقين عليهما السلام مفارقين، وذلك محتمل للتقية؛ لئلّا ينسب إظهارهم لإنكار المنكر إلى‏ الائمة الطاهرين، وممّا يدلّك على‏ أنّهم كانوا عارفين بالحقّ، وبه شاهدين، ممّا رويناه بإسنادنا... عن خلّاد بن عمير الكندي مولى‏ آل حجر بن عدي، قال: دخلت على‏ أبي عبداللَّه عليه السلام فقال: «هل لكم علمٌ بآل الحسن الذين خُرج بهم ممّا قبلنا؟» وكان قد اتّصل بنا عنهم خبر، فلم نحبّ أن نبدأه به، فقلنا: نرجوأن يعافيهم اللَّه، فقال: «وأين هم من العافية؟» ثم بكى‏ حتّى‏ علا صوته وبكينا، ثم قال: «حدّثني أبي عن فاطمة بنت الحسن عليه السلام، قالت: حدّثني أبي صلوات اللَّه عليه يقول: يُقتل منك - أو يُصاب منك - نفر بشطّ الفرات، ما سبقهم الأولون ولايدركهم الآخرون، وأنّه لم يبق من ولدها غيرهم...».[٢٤]
واختار العلامة الأميني أيضاً هذا الرأي، فقال: «والأحاديث في مدحه وذمّه وإن تضاربت، غير أنّ غاية نظر الشيعة فيها ما اختاره سيد الطائفة السيد ابن طاوس في إقباله، من صلاحه، وحسن عقيدته، وقبوله إمامة الصادق عليه السلام».[٢٥]
وروى‏ أبو الفرج عن عبّاد بن يعقوب عن بندقة بن محمد: أنّه قال: «رأيت عبداللَّه بن الحسن، فقلت: هذا واللَّه سيد الناس، كان مُلَبَّساً نوراً من قرنه إلى‏ قدميه».[٢٦]

موقف الرجاليّين منه

فقد وثّقه وأثنى‏ عليه رجاليو أهل السنة.[٢٧] أمّا علماء الشيعة، فقد سكت عنه البعض، وتوقّف آخرون، فيما يظهر من بعضهم كالسيد ابن طاوس والعلّامة الأميني ما يدلّ على‏ صلاحه وصدقه.
هذا وعدّه الشيخ الطوسي في أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام.[٢٨] ووردت رواياته في المصادر الروائية وكتب التراجم والرجال لـ أهل السنة و الشيعة.[٢٩]

من روى‏ عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن الإمام الباقر عليه السلام.[٣٠]
وروى‏ أيضاً عن جماعة، منهم: أبوه الحسن المثنّى‏، أُمه فاطمة بنت الإمام الحسين عليه السلام، عبداللَّه بن جعفر بن أبي طالب، إبراهيم بن محمد بن طلحة، عكرمة مولى ابن عباس، أبوبكر بن محمد بن عَمرو بن حزام.
وروى‏ عنه جماعة، منهم: ولداه: يحيى‏ وموسى‏، مالك بن أنس، ليث بن أبي سُلَيم، الثوري، مولاه حفص بن عُمر، حسين بن زيد بن علي بن الحسين عليه السلام، رَجاء ابن أبي سَلَمة، أبو الجارود زياد بن المنذر.

من رواياته

روى‏ ابن عساكر بالإسناد إلى‏ عبداللَّه عن أبيه عن جده: أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال: «من أجرى‏ اللَّه على‏ يديه فرجاً لمسلم، فرّج اللَّه عنه كرب الدنيا والآخرة».[٣١]

وفاته

أُخذ عبداللَّه مع عشرين من أولاد الحسن عليه السلام وأُودعوا السجن من قبل رياح بن عثمان والي المدينة من قبل المنصور، فقيّدهم وضيّق عليهم، وقيل: حبسهم بالهاشمية مقابل الكوفة، في سرداب تحت الأرض، لايعرفون ليلاً ولانهاراً... وكانوا إذا مات عندهم ميّت لم يُدفن، بل يُبلى‏ وهم ينظرون إليه، وقيل: بل ردم عليهم الحبس فماتوا.[٣٢]
وبعد مدّة ثار ابنه محمد فاستولى‏ على‏ المدينة ومكّة واليمن، وبعده خرج إبراهيم بالبصرة فغلب على‏ الأهواز وفارس، إلّا أنّ المنصور تمكّن أخيراً منه، فقُتل محمد في المدينة وأُرسل رأسه إلى المنصور، فأمر بنصبه في الكوفة، وطيف به في البلدان، وأمّا إبراهيم فقد قُتل في «باخمرا» وهي قرية بين الكوفة وواسط، وأُرسل رأسه أيضاً إلى‏ المنصور، فأمر بنصبه في سوق الكوفة، ثم أمر بإرسال رأسه إلى‏ أبيه عبداللَّه في السجن.[٣٣]
واستشهد عبداللَّه سنة 145 هـ ، وهي السنة التي مات فيها أخوه: إبراهيم والحسن في سجن الهاشمية، وكان عمره 75 عاماً.[٣٤] (348). ونقل الذهبي عن الحاكم: أنّه سُمّ بباب القادسية، وهو بها مدفون، وله بها آيات تُذكر.[٣٥]

الهوامش

  1. تاريخ الطبري 11: 650، تهذيب التهذيب 5: 163، الجرح والتعديل 5: 33.
  2. المعارف: 212، تاريخ بغداد 9: 433.
  3. كتاب التاريخ الكبير 5: 71.
  4. عمدة الطالب: 101، تهذيب التهذيب 5: 163.
  5. تقريب التهذيب 1: 409.
  6. أنظر: مقاتل الطالبيين: 182، 184.
  7. عمدة الطالب: 101.
  8. المصدر السابق: 100 - 101.
  9. المصدر نفسه: 103.
  10. المصدر نفسه: 101.
  11. تاريخ الطبري 11: 650، تهذيب تاريخ دمشق 7: 358.
  12. المعارف: 212، تهذيب تاريخ دمشق 7: 358.
  13. رجال الطوسي: 127، وكان المنصور يسمّيه «مذلّة الطالبيّين»، (عمدة الطالب: 103).
  14. عمدة الطالب: 103.
  15. تاريخ بغداد 9: 432.
  16. بصائر الدرجات 3: 173، 176.
  17. أنظر: رجال الكشّي: 634.
  18. معجم رجال الحديث 11: 173.
  19. تهذيب تاريخ دمشق 7: 309.
  20. الأغاني 21: 117.
  21. تهذيب تاريخ دمشق 7: 359، عمدة الطالب: 101.
  22. معجم رجال الحديث 11: 175، بحار الانوار 47: 298 - 304، قاموس الرجال 6: 313 - 316، تنقيح المقال 2: 177.
  23. رجال الطوسي: 127.
  24. إقبال الأعمال: 578 - 582، وانظر: مقاتل الطالبيّين: 193.
  25. الغدير 3: 271.
  26. مقاتل الطالبيّين: 181.
  27. تقريب التهذيب 1: 409، تهذيب الكمال 14: 417.
  28. رجال الطوسي: 127 - 222.
  29. جامع الرواة 1: 481، كتاب الخصال: 73، 79، 105، 504، تهذيب التهذيب 5: 163.
  30. تهذيب الكمال 14: 414 - 415، مستدركات علم رجال الحديث 4: 514، وانظر: كتاب الخصال: 73، 79، 105، 504.
  31. تهذيب تاريخ دمشق 7: 358.
  32. المعارف: 212، تذكرة الخواصّ: 197 - 199، معجم البلدان 5: 389.
  33. تذكرة الخواصّ: 199 - 204، الغدير 3: 275.
  34. مقاتل الطالبيّين: 260 - 277، 347، 348، عمدة الطالب: 103.
  35. تاريخ الإسلام 9: 191.