الوقوف بالمشعر

الوقوف بالمشعر: وهو الحضور بالمشعر في اليوم العاشر من ذي‌الحجة من طلوع الفجر إلى ابتداء طلوع الشمس علی قول الإمامية، وهو ركن من أركان الحج خلافا لفقهاء المذاهب الاخری، فإنهم قالوا ليس بركن، وسنذکر أقوالهم فيما يلي تطبیقاً علی الفقه الإمامية.

الوقوف بالمشعر

والوقوف به ركن من أركان الحج ، ووقته للمختار من طلوع الفجر إلى ابتداء طلوع الشمس ، ويمتد للمضطر الليل كله ، فمن فاته حتى طلعت الشمس فلا حج له[١]، خلافا للفقهاء ، فإنهم قالوا ليس بركن ، إلا أن الشافعي قال : إن ترك المبيت بها لزمه دم في أحد قوليه ، والثاني : لا شئ عليه.
لنا إجماع الإمامية وطريقة الاحتياط لأنه لا خلاف في صحة حج من وقف به وليس كذلك من لم يقف[٢]، وقوله تعالى { فاذكروا الله عند المشعر الحرام } [٣] وظاهر الأمر يقتضي الوجوب فيجب الذكر فيه ، ولا يصح الذكر فيه إلا بعد الكون به ، و ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وأيضا لا خلاف في أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقف ، وقد قال : ( خذوا عني مناسككم ) فيجب الوقوف به ، وقد روي عنه ( عليه السلام ) قوله : من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حج له ، وقوله: وهو بالمزدلفة ( من وقف معنا بهذا الموضع وصلى معنا هذه الصلاة وقد كان قبل ذلك وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه ) ، لأنه يدل على أن تمام الحج يتعلق بالوقوف بالموقفين ، وأما ما رووا من قوله ( عليه السلام ) : ( الحج عرفة ) فهو معارض بما ذكرناه من الروايات .
والواجب في الوقوف النية ومقارنتها واستدامة حكمها ، وأن لا يرتفع إلى الجبل إلا لضرورة من ضيق أو غيره ، والدعاء بأقل ما يسمى به المرء داعيا و الاحتياط يقتضي ذلك وظاهر قوله تعالى : { فاذكروا الله عند المشعر الحرام } لأن قوله { اذكروا الله } أمر و ظاهر الأمر يقتضي الوجوب.
والمستحب أن يطأ المشعر ، وأن يكبر الله ويسبحه ويحمده ويهلله مئة مرة ، ويصلي على محمد وآله ما تيسر ويقول : اللهم اهدني من الضلالة وأنقذني من الجهالة... إلى آخر الدعاء .
وأن يجتهد في الدعاء والمسألة إلى ابتداء طلوع الشمس ، فإذا طلعت أفاض من المشعر ، ولا يجوز لأحد مع الاختيار أن يخرج منه قبل طلوع الفجر ، ولا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس : ولا يخرج الإمام من المشعر حتى تطلع الشمس .
ويجوز للنساء إذا خفن مجئ الدم الإفاضة ليلا ، وإتيان منى والرمي والذبح و التقصير ودخول مكة لـ الطواف و السعي ولا يجوز أن تصلي العشاءان إلا في المشعر إلا أن يخاف فوتهما بخروج وقت المضطر ، ويستحب الجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين. [٤]
وقال أبو حنيفة: بأذان واحد وإقامة واحدة .
وقال الشافعي مثل ما قلناه إذا جمع بينهما في وقت الأولى وإن جمع بينهما في وقت الثانية فله ثلاثة أقوال : قال في القديم : يجمع بأذان واحد وإقامتين ، وهو الصحيح عندهم . وفي الجديد بإقامتين بغير أذان . وفي الإملاء : إن رجى اجتماع الناس أذن وإلا لم يؤذن. [٥]
وأما خوف الفوت فهو إذا مضى ربع الليل ، وروي إلى نصف الليل . وبه قال أبو حنيفة إلا أنه قال : بطلوع الفجر .
وقال الشافعي : إن صلى المغرب في وقتها بعرفات والعشاء بالمزدلفة أجزأه. [٦]
و يستحب إذا أفاض من المشعر إلى منى أن يسير بسكينة ووقار ذاكرا لله سبحانه ومستغفرا له ، وأن يقطع وادي محسّر بالهرولة ويجزيه أن يهرول فيه مئة خطوة وإن كان راكبا حرك راحلته ، دليل ذلك كله إجماع الإمامية.

المصدر

  1. الغنية 183 .
  2. الخلاف : 2 / 341 مسألة 161 .
  3. البقرة : 198 .
  4. الغنية 184 – 185.
  5. الخلاف : 2 / 339 مسألة 159 .
  6. الخلاف : 2 / 340 مسألة 160 .