الأشاعرة
الأشاعرة اسم لامع بين المدارس الكلامية لأهل السنة والجماعة، ويتبع نتاجاتها الفكرية أكثر أهل السنة في عصرنا الحاضر، مؤسس هذه المدرسة هو أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (260-324 هـ)، كان في البداية تلميذًا في مدرسة المعتزلة، وقضى أغلب عمره في مذهب الإعتزال ثم بعد انفصاله عنها، انضم إلى مدرسة أهل الحديث بهدف إيجاد توازن بين العقلانية المتطرفة للمعتزلة ونفور أهل الحديث المفرط من العقل، وأسس مذهباً جديداً سمي بإسمه فيما بعد، وحاول أدخال استدلال العقلي في تفسير آراء أهل الحديثـ ،
مذاهب أهل السنة والجماعة الكلامية
توزع أهل السنة والجماعة في صفوف مختلفة في أصولهم الكلامية، ولديهم مذاهب متنوعة، من بينها مذاهب المعتزلة والأشاعرة والماتريدية وأهل الحديث، والأباضية والأشاعرة الأكثر بروزًا من غيرها.
تأسيسها
يتطلب تتبع جذور هذا الموضوع دراسات دقيقة وموسعة مع مناقشات طويلة وميدانية يجب تحليلها في مكانها، ومع ذلك، يمكن القول بإيجاز إن هذه المدرسة تأسست في وقت كان المعتزلة قد طُردوا من قبل بعض الخلفاء العباسيين وفقدوا أيضًا مواقعهم لدى الناس، وذلك لأن مؤسسي الاعتزال بسبب إفراطهم في العقلانية المستمدة من الفلسفة اليونانية ابتعدوا عن نصوص القرآن والروايات، مما جعل الناس يشككون في هذه المدرسة وأتباعها وينفضون عنها [١].
أبو الحسن الأشعري
ينحدر أبو الحسن الأشعري المولود في البصرة سنة 260 هـ والمتوفي في بغداد سنة 324 هـ في بغداد؛ من نسل أبي موسى الأشعري، صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان الأشعري حتى سن الأربعين تابعًا لمدرسة المعتزلة، ولكن في عام 320 هـ، بعد أن تبرأ من أفكار الاعتزال، وأسس مدرسته الجديدة[٢].
هدف الأشعري من إنشاء مدرسة الأشاعرة
الهدف الرئيسي لأبي الحسن الأشعري من إنشاء مدرسة الأشاعرة كان محاربة تيارين متطرفين: العقلانية المفرطة للمعتزلة والنصية المفرطة لأهل الحديث، وذلك لتأسيس مدرسة وسطية تعدل بين هذين الاتجاهين المتطرفين. كان المعتزلة يؤكدون على الأسس العقلية كأداة وحيدة للمعرفة وينفون كل ما يرونه غير متوافق مع الفهم العقلي، كما أنكروا الصفات الزائدة عن الذات وتحدثوا عن خلق كلام الله. وفي المقابل، وقف أهل الحديث الذين اعتمدوا على النصوص والمنقولات واتخذوا منهجًا معاديًا للعقل في تفسير الآيات وتجنبوا التأويل العقلي للقرآن، في هذا السياق، سعى الأشعري وأتباعه إلى مواجهة هذه الإفراطات والتفريطات واختاروا طريقًا وسطًا وأسسوا مدرسة عُرفت باسم الأشاعرة [٣].
تحوله من الاعتزال
فيذكر إبن عساكر وغيره أن أبا الحسن الأشعري اعتزل الناس مدة خمسة عشر يوما، وتفرغ في بيته للبحث والمطالعة، ثم خرج إلى الناس في المسجد الجامع، وأخبرهم أنه إنخلع مما كان يعتقده، كما ينخلع من ثوبه، ثم خلع ثوبا كان عليه ورمى بكتبه الجديدة للناس. ومع اتفاق الباحثين على رجوعه عن مذهب الاعتزال، إلا أنهم اختلفوا في تحديد سبب ذلك الرجوع:
- فقيل إن سبب رجوعه ما رآه في مذهب المعتزلة من عجز ظاهر في بعض جوانبه، فقد كان دائم السؤال لأساتذته عما أشكل عليه من مذهبهم.
- ومما يذكر أيضا في سبب رجوعه عن مذهب الاعتزال مع ما سبق، رؤيا رأى فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
واختلف الباحثون كذلك حول المذهب الذي تحول إليه أبو الحسن الأشعري، فقيل تحول إلى مذهب الكلابية وعنه إلى مذهب أهل الحديث وهذا قول جمع من العلماء، وقيل تحول إلى مذهب الكلابية وبقي عليه، وكانت له آراء مستقلة توسط فيها بين المعتزلة والمثبتة نشأ عنها المذهب الأشعري وهو قول الأشعرية . ويعتمد أصحاب القول الأول - القائلين بتحوله إلى الكلابية ومنها إلى مذهب أهل الحديث - على ما كتبه الأشعري في الإبانة، ويقولون إنها من آخر كتبه، وفيها نصَّ على أنه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل. إلا أن المقارنة الدقيقة بين ما كتبه في الإبانة ومذهب الكلابية لا تظهر كبير فرق بين المذهبين، فما قال به الكلابية قال به الأشعري، كإثبات الصفات الخبرية كالوجه واليدين وغيرهما، وما نفاه الكلابية نفاه الأشعري كنفيه قيام الأفعال الاختيارية بالله سبحانه، حيث ذهب إلى أن صفة الإرادة صفة أزلية قديمة، لا تتجدد لفعله ولا لإنشائه [٤].
كبار علماء الأشاعرة
في المدرسة الأشعرية، بعد أبي الحسن الأشعري، برز عدد من العلماء الكبار الذين يُعتبرون من أبرز الشخصيات في هذا المذهب، وفيما يلي أسماء بعض هؤلاء الأعلام حسب الترتيب الزمني:
- القاضي أبو بكر الباقلاني
- أبو إسحاق الإسفراييني
- عبد الملك الجويني
- أبو حامد الغزالي
- مير سيد شريف الجرجاني
- سعد الدين التفتازاني
- ملا علي القوشجي
- عبد الوهاب الشعراني
- محمد عبده
- عبد العظيم الزرقاني
- الشيخ محمود شلتوت [٥].
أهم المؤلفات الكلامية للأشاعرة
ترك الأشاعرة العديد من المؤلفات الكلامية المهمة، ومن أبرزها:
- اللمع لأبي الحسن الأشعري
- مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري
- الإبانة عن أصول الديانة لأبي الحسن الأشعري
- استحسان الخوض في علم الكلام لأبي الحسن الأشعري
- تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل لأبي بكر الباقلاني
- الشامل في أصول الدين لعبد الملك الجويني
- إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي
- الاقتصاد في الاعتقاد لأبي حامد الغزالي
- الأربعين في أصول الدين لأبي حامد الغزالي
- مجموعة رسائل الإمام الغزالي لأبي حامد الغزالي
- الملل والنحل لعبد الكريم الشهرستاني
- القضاء والقدر لفخر الدين الرازي
- المطالب العالية من العلم الإلهي لفخر الدين الرازي
- المحصل لفخر الدين الرازي
- معالم أصول الدين لفخر الدين الرازي
- المباحث المشرقية لفخر الدين الرازي
- تفسير مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي (وهو تفسير)
- شرح المواقف لمير سيد شريف الجرجاني
- شرح العقائد النسفية لسعد الدين التفتازاني
- شرح المقاصد لسعد الدين التفتازاني
- اليواقيت والجواهر لعبد الوهاب الشعراني
- مناهل العرفان لعبد العظيم الزرقاني
- رسالة التوحيد لمحمد عبده [٦].
المباني الاعتقادية للأشاعرة
يتميز المذهب الأشعري بمباني اعتقادية خاصة، ومن أبرزها:
- الله هو الخالق الوحيد لجميع الأفعال: يؤمن الأشاعرة بالتوحيد الأفعالي، أي أن الله هو الخالق الوحيد للأفعال، والإنسان ليس خالقًا لأفعاله بل هو كاسب لها.
- إنكار الحسن والقبح العقلي: يعتقد الأشاعرة أن الشرع هو المعيار في تحديد الحسن والقبح، وليس العقل. فلا يوجد فعل حسن أو قبيح بذاته إلا إذا حدد الشرع ذلك.
- الإيمان بالقضاء والقدر: يؤمن الأشاعرة بقوة بالقضاء والقدر، ويعتقدون أن إرادة الله تحكم كل الأمور، بما في ذلك أفعال الإنسان، الذي يعتبر مجرد كاسب لأفعاله.
- رؤية الله في الآخرة: يستدل الأشاعرة بآيات القرآن على أن الله سيرى بالعين في الآخرة.
- قدم كلام الله: يعتقد الأشاعرة أن كلام الله قديم، وأن صفاته الخبرية يجب تفسيرها دون تشبيه أو تحديد للكيفية.
- عدم إتحاد الصفات الإلاهية بذات الله، أي إن صفاته غير ذاته.
- عموميٌة الإرادة الإلاهية والقضاء والقدر الإلاهيين لكل الأمور ومن ضمنها أفعال الإنسان، أي إن الإنسان ليس خالق لعمله،بل إن أعماله مكتسبة.
- قبول الأوصاف الخبرية لله بدون تشبيه الله بالمخلوقات وبدون تعيين الكيفية [٧].
- ↑ علی محمد ولوی، تاریخ علم کلام و المذاهب اسلامیة، تهران، ج 2، ص 450
- ↑ حسین صابری، تاریخ الفرق اسلامیة، طهران، ج 1، ص 229
- ↑ ابن خلدون، مقدمه التاريخ، ج ۲، ص۹۴۲-۹۴۷
- ↑ الجاحظ، ابو عمر، التبيين، ص: 38-39
- ↑ حسین صابری، تاریخ فرق لاسلامیة، ج 1، ص 120 229
- ↑ حسین صابری، تاریخ فرق لاسلامیة، ج 1، ص 120 229
- ↑ حسین صابری، تاریخ فرق لاسلامیة، ج 1، ص 120 229