علي محيي الدين القره داغي
علي محيي الدين القره داغي: أُستاذ ورئيس قسم والأُصول بكلّية الشريعة في جامعة قطر سابقاً، ونائب رئيس مجلس الإدارة لموقع إسلام أون لاين، وعضو الجمعية العمومية للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية.
الاسم | علي محيي الدين القره داغي |
---|---|
الاسم الکامل | علي محيي الدين القره داغي |
تاريخ الولادة | 1949م/1368ق |
محل الولادة | قره داغ ( کردستان عراق) |
تاريخ الوفاة | |
المهنة | عالم دین، استاد الجامعة |
الأساتید | الشيخ عبد الكريم محمد المدرس، الشيخ عبد القادر الخطيب |
الآثار | من مؤلّفاته: فقه الشركات، بحوث في الاقتصاد الإسلامي، مبدأ الرضا في العقود، المصارف والتأمين، قاعدة المثل والقيمة وأثرها على الحقوق والالتزامات مع تطبيق معاصر على نقودنا الورقية.ومن تحقيقاته: «الغاية القصوى في دراسة الفتوى» للقاضي البيضاوي، و «الوسيط» للغزالي، و «الإنسان والإيمان» لبديع الزمان سعيد النورسي |
المذهب | سنی |
الولادة
ولد القره داغي في سنة 1949 م بمنطقة القره داغ- محافظة السليمانية (كردستان
العراق)، وهو يحمل الجنسية القطرية.
الدراسة
حصل على بكالوريوس الشريعة الإسلامية من جامعة بغداد عام 1975 م، وعلى ماجستير الفقه المقارن من كلّية الشريعة والقانون جامعة الأزهر الشريف عام 1980 م، وعلى الدكتوراه في الشريعة والقانون جامعة الأزهر الشريف عام 1985 م، (في مجال العقود والمعاملات المالية) بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأُولى، والتوصية بطبع الرسالة وتبادلها بين جامعات العالم.
وهو أُستاذ ورئيس قسم الفقه والأُصول بكلّية الشريعة والقانون بجامعة قطر (سابقاً)، ورئيس وعضو تنفيذي لهيئة الفتوى والرقابة الشرعية لعدد من البنوك الإسلامية،
وشركة التأمين الإسلامي داخل قطر وخارجها، منها: بنك دبي الإسلامي، وبنك المستثمرين بالبحرين، والأُولى للاستثمار بالكويت، وهو مؤسّس ورئيس الرابطة الإسلامية الكردية عام 1988 م، ومؤسّس هيئة الرحمة الإنسانية بإسكندنافيا، وعضو مؤسّس في مؤسّسة الشيخ عيد بن محمّد آل ثاني الخيرية بدولة قطر، وخبير بمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظّمة المؤتمر الإسلامي بجدّة، وعضو مجلس الأُمناء والمكتب التنفيذي، ونائب رئيس لجنة الإفتاء والبحوث بالاتّحاد العالمي لعلماء المسلمين.
مؤلفاته
من مؤلّفاته: فقه الشركات، بحوث في الاقتصاد الإسلامي، مبدأ الرضا في العقود، المصارف والتأمين، قاعدة المثل والقيمة وأثرها على الحقوق والالتزامات مع تطبيق معاصر على نقودنا الورقية.
ومن تحقيقاته: «الغاية القصوى في دراسة الفتوى» للقاضي البيضاوي، و «الوسيط» للغزالي، و «الإنسان والإيمان» لبديع الزمان سعيد النورسي.
بعض كلماته
يقول: «إنّ أُمّتنا الإسلامية منذ القرنين الأخيرين تمرّ بأزمات متواصلة، وتعاني من فتن واضطرابات متلاحقة، فقد جرّبت عليها مجموعة من الأفكار والأيدولوجيات البعيدة عن منبعها الصافي، مثل القومية (بمعناها العنصري المفرّق وليست بمعناها الإيجابي) والاشتراكية والشيوعية بشتّى أنواعها ومختلف صنوفها، وأسقطت الخلافة العثمانية التي
كانت- على الرغم ممّا لها وعليها- تمثّل رمزاً لوحدتها، واحتلّت أراضيها، ومزّقت وحدتها، وفرضت عليها القوانين والأنظمة العربية أو الشرقية.
وقد دخل العالم الإسلامي بعد احتلال معظم بلاده في دوّامة لا نهاية لها أخّرتها قروناً عديدة، وحينما أُخرج المحتلّون سياسياً تركوها ممزّقة ومتخلّفة، وسلبوا خيراتها وسرقوا ثرواتها، لم يتركوها مستقلّة دون مشاكل، بل ظلّت آثارهم الاقتصادية والقانونية والاجتماعية وحتّى السياسية باقية، وفي بعض الأحيان تصبح بعض بلداننا حقولًا للتجارب الفكرية، وكما جرّبوا على بعضنا تجاربهم المعملية بدلًا من الحيوانات!
ظهور الصحوة الإسلامية
مع ظهور الصحوة الإسلامية وتمكّنها في بعض البلاد (بعد فشل الأيدولوجيات البعيدة عن ديننا وقيمنا في تحقيق أيّ خير دنيوي أو ديني للمجتمعات الإسلامية) ظهرت مشكلة أُخرى تعتبر من أخطر المشاكل، بل هي فتنة أكبر من القتل، وهي فتنة ما يسمّى (الطائفية)، والمقصود بها: الصراع الطائفي بين السنّة والشيعة، وقد أُذكيت نار هذه الفتنة خلال الحرب العراقية- الإيرانية (1980 م- 1988 م) التي حاول الإعلام القومي إضفاء وصف آخر، وهو الحرب القومية العربية الفارسية، أو الحرب بين القومية العربية (والفرس المجوس) حسب تعبير بعض وسائل الإعلام القومية في هذا الوقت، وأُلّفت في ذلك كتب، سواء كان ذلك تحت الغطاء الديني أو القومي، مثل كتاب «وجاء دور المجوس» وغيره كثير.
بعد احتلال العراق من قبل القوّات الأمريكية والبريطانية والقضاء على جيشه وفكّ القبّتين للإمامين الجليلين العسكريين عليهما السلام في مدينة سامرّاء، حيث ظهرت الهجمات الطائفية بشكل جماعي مؤسّسي، وأصبحت الضحايا بعشرات الآلاف، وساعد على ذلك السفهاء من الفريقين.
وفي اعتقادي إذا لم يتدخّل العلماء والحكماء من الطرفين تدخّلًا حكيماً ولم تتمّ الحوارات الجادّة على كافّة المستويات فإنّ الفتنة تأكل الأخضر واليابس، ويكون الخاسر الوحيد الأُمّة الإسلامية بجميع فرقها ومذاهبها، والمستفيد الوحيد الأعداء الذين يتربّصون
بنا الدوائر، كما أنّ كلّ من ساهم أو يساهم في إذكاء نار الفتنة يتحمّل وزرها ووزر الآثار المدمّرة منها.
إنّ أعداء الإسلام يفعلون كلّ ذلك لحماية الدولة الصهيونية ومخطّطاتها، إذ يعلمون علم اليقين أنّها لن تستطيع بملايينها الأربعة أو الخمسة أن تستمرّ فترة طويلة وهي محاطة بحوالي مليار ونصف من المسلمين من كلّ جانب، لذلك كانت الصهيونية في السابق تبني مشروعاتها التوسّعية وتراهن على أساس أنّ الأُمّة الإسلامية كانت مغيّبة عن عقيدتها وشريعتها وممزّقة بأيدولوجيات بعيدة عن إسلامها.
ولكنّها بعد الصحوة الإسلامية التي عمّت البلاد والعباد وأيقظت الأُمّة الإسلامية ونجحت في مناطق كثيرة جاء المشروع الصهيوني بمخطّطات تقضي على هذه الصحوة بإشغالها بأنفسها، وإشغالها بالفتن الداخلية من سنّة وشيعة، ونحو ذلك.
ونحن هنا لا نحمّل المسؤولية كلّها على المشروع الصهيوني، ولا نجعله شمّاعة نعلّق عليه كلّ مشاكلنا؛ لأنّ المسلمين هم المسؤولون أمام اللَّه تعالى ثمّ أمام الأجيال والتاريخ عن كلّ ما حدث أو يحدث، وإنّما نتحدّث عن المخطّطات الخارجية التي هي حقيقة لا يمكن إنكارها.
والمشروع الصهيوني يستفيد من التاريخ ولديه ذاكرة جيّدة عن تأريخنا، إذ أنّ التاريخ سجّل أنّ الصليبيّين استطاعوا أن يحتلّوا الشام والقدس الشريف أكثر من مائة سنة في ظلّ تفرّق الأُمّة الإسلامية في ذلك الوقت، حيث تفرّقت إلى دولة خلافة سنّية في بغداد ودولة سمّت نفسها بالفاطمية.
وحينما توحّدت الأُمّة في ظلّ راية واحدة استطاع صلاح الدين الأيّوبي أن يحرّر القدس الشريف والشام كلّه من أرجاسهم، ولذلك يقول المؤرّخ الإنجليزي توينبي: «هناك تأريخ قبل صلاح الدين، وتأريخ آخر بعد حكمه».
لذلك ففرقة الأُمّة الإسلامية إبقاء ونماء وتطوير وتوسيع للمشروع الصهيوني، وإنّ وحدتهم ووحدة راياتهم نهاية لهذا المشروع، وهكذا، كما قال اللَّه تعالى: إِنْ أَحْسَنْتُمْ
أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها (سورة الإسراء: 7).
يقول أيضاً: «يعتبر من ثوابت هذا الدين وقواطعه وجوب الاتّحاد والوحدة والترابط بين المسلمين وحرمة التفرّق والتمزّق فيما بينهم، فاتّحاد الأُمّة فريضة شرعية يفرضها الدين الحنيف، وضرورة واقعية يفرضها الواقع الذي نعيشه، حيث أصبحت بسبب تفرّقها وتمزّقها ضعيفة مهدّدة في وجودها وكيانها وسيادتها، طمع فيها الطامعون، وغلب على معظمها المستعمرون والحاقدون، ولا سيّما عالمنا اليوم الذي تكتّلت فيه القوى وأصبح الإسلام الهدف الأساس لها.
ولا نجد ديناً ولا نظاماً أولى عنايته بالاتّحاد وخطورة التفرّق مثل الإسلام، حيث توالت الآيات الكثيرة والأحاديث المتضافرة على وجوب التعاون والاتّحاد وحرمة التفرّق والاختلاف».
وأخيراً يقول: «تجتمع الأُمّة الإسلامية على كثير من الثوابت وتتعاون فيما بينها، فتتعارف وتتّحد وتجعلها قاعدة لانطلاقتها وصخرة صلبة لتكوين علاقاتها عليها، فهي القاعدة المشتركة المتّفق عليها والمعترف بها، فإذا كانت أوروبّا الغربية اتّحدت على قاعدة السوق المشتركة والمصالح الاقتصادية المشتركة وخطت كلّ هذه الخطوات من أجلها، أو ما تكفي كلّ هذه الثوابت المشتركة مع المصالح المشتركة لتجميع الأُمّة الإسلامية وتدفعهم نحو الوحدة العملية؟!
من خلال فقه الثوابت والمتغيرات يتمّ اعتراف كلّ جماعة بالأُخرى وكلّ طائفة بالثانية، مادامت الثوابت مشتركة، ومادامت المتغيّرات مقبولة ومشروعة بل مطلوبة، وبالتالي يكون من الطبيعي أن يعذّر بعضهم بعضاً، أو يسعى بالحوار والجدال الأحسن الوصول إلى الأحوط والأفضل، فأعظم المشاكل بين المسلمين أنّ بعضهم لا يعترف بالآخر، فإذا وجدت التوعية بفقه الثوابت والمتغيّرات لاعترف بعضهم ببعض... كما أنّ هناك عدم المعرفة بالحقائق الموجودة لدى المذهب أو الجماعة الأُخرى، وإنّما وصلت معلومات مغلوطة، أو غير دقيقة، أو تخصّ فئة منهم، أو أشخاصاً معيّنين لا يجوز تعميم
آرائهم ورؤاهم على جماعة بعينها أو مذهب بعينه.
فقه الثوابت والمتغيرات
إنّه من خلال فقه الثوابت والمتغيّرات يعلم أنّ الخلافات الكثيرة مادامت في نطاق المتغيّرات مقبولة شرعاً.
وأخيراً فإنّ معرفة الثوابت المشتركة بين الجماعات والطوائف الإسلامية سوف تقرّب فيما بينها، وتؤدّي إلى التعاون البنّاء فيما بينها، ورفض العداء والتوتّر فيما بينها... ومن هنا كان الواجب على دعاة الإسلام الواعين أن ينبّهوا على التركيز على مواطن الاتّفاق قبل كلّ شيء، فإنّ هذا التعاون فريضة شرعية يوجبها الدين، وضرورة واقعية يحتّمها الواقع الذي تمرّ به الأُمّة.
وأعتقد أنّ ما نتّفق عليه ليس بالشيء الهيّن ولا القليل، إنّه يحتاج منّا إلى جهود لا تتوقّف، وعمل لا يكلّ، وإرادة لا تعرف الوهن... يحتاج منّا إلى عقول ذكية وعزائم قوية وأنفس أبية وطاقات بنّاءة... حرام على الجهات الإسلامية أن تعترك فيما بينها على الجزئيات، وتدع تلك الثغرات الهائلة دون أن تسدّها بكتائب المؤمنين الصادقين.
وحقّاً فإنّ الثوابت لهذا الدين كثيرة، وهي مشتركة بين جميع الجماعات والمذاهب الإسلامية، في مجال أُصول العقيدة، والقيم والأخلاق، وفي أُصول المعاملات والفروع،
وفي عالم السياسة، وفي التحدّيات التي تواجه الأُمّة، مثل تحدّي الإلحاد والكفر والعلمانية، وتحدّي الغزو الثقافي والفكري، وتحدّي التغريب والتمييع، وتحدّي الاستكبار العالمي والحروب الصليبية الجديدة، وتحدّي الهجمات الصهيونية على المسلمين واحتلالها لفلسطين ودرّتها القدس الشريف، والهجمات الوثنية في كشمير، والهجمات الصليبية والإلحادية في الشيشان والفلبين.
فما أحوجنا إلى التوحّد والتعاون والتكامل، وتوزيع الأدوار، والقبول بالبعض والاجتماع على ما يجمعنا من الثوابت والمواقف السياسية، وعدم إثارة الاختلافات، وبالأخصّ في هذ العصر الذي تكالبت علينا الأعداء وتداعت كما تداعت الأكلة على قصعتها!
فهل نستوعب الدرس ونحسّ بخطورة الموقف ونترك حظوظ النفس وندع الحزبية الضيّقة إلى ساحة الإسلام الواسعة، إلى منهج السلف في التيسير في الأحكام والتبشير في الدعوة، وفي تحمّل البعض، والدعوة إلى اللَّه بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن؟!».