حسين البروجردي
السيّد حسين بن علي بن أحمد بن علي نقي بن جواد بن مرتضى الحسني الطباطبائي البروجردي: من مشاهير علماء الإمامية وأكابر مراجع التقليد والإفتاء، ومن روّاد حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية.
ولد في «بروجرد» بإيران سنة 1292 ه، والتحق بمدرسة «نور بخش» الدينية، ثمّ انتقل إلى أصفهان سنة 1309 ه، فتتلمذ في الفقه وأُصوله والفلسفة على بعض الأساتذة، كأبي المعالي الكلباسي، ومحمّد تقي المدرّس، ومحمّد الكاشاني، وغيرهم.
قصد النجف الأشرف سنة 1319 ه، فحضر الأبحاث العالية على الآخوند الخراساني وشيخ الشريعة الأصفهاني، وعاد إلى بروجرد سنة 1328 ه، فأكبّ على المطالعة والتحقيق والدراسة والتدريس، حتّى أصبح من مراجع الدين، وأقام في مدينة قم سنة 1364 ه.
كان رجلًا زاهداً سخياً متهجّداً عزيز النفس غيوراً على مصالح الإسلام والمسلمين.
من مؤلّفاته: المسائل الفقهية، حاشية على نهاية الشيخ الطوسي، حاشية على كفاية الآخوند، ترتيب أسانيد الكافي، ترتيب أسانيد التهذيب، تعليقة على الوسائل، بيوتات الشيعة، تعليقة على منهج المقال.
توفّي بمدينة قم سنة 1380 ه، ودفن هناك.
وقد كان السيّد يعدّ البحث والدراسة في كتب وفتاوى أهل السنّة من المقدّمات اللازمة لفهم الاجتهاد والفقه. وهو من المهتمّين بقضية الوحدة بين المسلمين، ويعتقد بأنّ معالجة هذه القضية من الواجبات الحيوية لكلّ عالم شيعي، ويتعيّن عليه السعي لتوطيدها وتحقيقها، وكانت لديه رغبة عميقة لإيجاد نوع من حسن التفاهم بين الفريقين.
وقد بارك وعاون وعاضد تأسيس دار التقريب بين المذاهب الإسلامية بالقاهرة، وكانت له علاقات وتبادل رسائل طيّبة مع بعض مشايخ الأزهر، كالشيخ عبدالمجيد سليم والشيخ محمود شلتوت.
وكان يؤكّد على التركيز على النقاط المشتركة بين جميع الفرق حتّى تنتشر الأُلفة والمحبّة والمودّة بين أتباع تلك الفرق، بحيث تتحوّل هي وأتباعها إلى يد واحدة ضدّ أعداء الإسلام.
ولمعرفة متانة العلاقات الودّية فيما بين السيّد البروجردي وبعض أعلام أهل السنّة أستعرض هنا الرسالة التي بعثها إليه الشيخ عبد المجيد سليم في إحدى المرّات، وهذا نصّها:
«بسم اللَّه الرحمن الرحيم
حضرة آية اللَّه السيّد الجليل الحاجّ حسين البروجردي (حفظه اللَّه): السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته.
أمّا بعد: فقد أبلغني حضرة صاحب الفضيلة الأُستاذ الشيخ محمّد تقي القمّي الأمين العامّ لجماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية نصّ رسالتكم الشفهيّة التي رأيتم فضيلتكم إبلاغها إليّ.
تفضّلتم فتحدّثتم إليه عن إعجابكم بما أُودّيه من جهود في خدمة الإسلام والمسلمين، وعن جهود جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية، وما لها من أثر في جمع كلمة المسلمين، وما تستطيع أن تفعله وترشد إليه ممّا يصلح به الفساد الذي دسّه ذوو الأغراض.
واللَّه يعلم أنّ هذه هي أعزّ آمالي التي أعمل لها جاهداً طول حياتي، وأسأل اللَّه تعالى أن يحقّقها وأن يؤيّد كلّ ساعٍ في سبيلها. وإنّي لأشكر لسماحتكم هذه الثقة في شخصي وهذا الاعتداد بجهدي، وأُنوّه بما أعرفه فيكم من مشاطرتي هذا الجهاد في سبيل اللَّه، وأنّكم لا تفتأون تعملون على إصلاح شأن الأُمّة بما لكم من العلم والجاه والنفوذ في إيران وغير إيران، وأنّ فكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية تلقى منكم عناية بالغة ومؤازرة قويّة في شتّى المواقف والمناسبات؛ لأنّكم- كما هو المنتظر من مثلكم في عمله وتقواه ورجاحة عقله- قد أدركتم ما لها من جدوى في إعلاء شأن المسلمين وتقوية شوكتهم وإحلالهم المحلّ اللائق بهم من العزّة والكرامة: وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ (سورة المنافقون: 8).
إنّ أهل العلم- يا سماحة السيّد الجليل- هم حملة أمانة الإسلام والقائمون بالقسط مع اللَّه وملائكته بشهادة القرآن، وإنّ عليهم لهذا لواجباً عظيماً، يجب أن يتعاونوا على أدائه، وأن يتبادلوا الرأي والمشورة في شأنه على بعد البلاد واختلاف الشعوب. ولقد أتى على المسلمين حين من الدهر كانوا فيه هدفاً لكثير من الدسائس الفكريّة التي يراد بها زلزلتهم عن الحقّ، واجتذابهم إلى الباطل، وشغلهم عن الدعوة إلى اللَّه والجهاد في سبيله، وتفريقهم بالخلاف والجدال تفريقاً يقضي عليهم جميعاً، ولم تزل آثار هذه الدسائس تغشي العقول
وتشغل القلوب وتحول بين كثير من الناس وما ينبغي أن يكونوا عليه من فهم صحيح للدين وإدراك لأسراره وتفانٍ في سبيل إعلاء كلمته.
فأوّل واجب علينا معشر العلماء- لا فرق بين سنّيين منّا وشيعيّين- أن ننفي من أذهان الناس ما علق بها من ذلك، وأن ننشر صفحات الإسلام الناصعة ومبادئه القويمة وشريعته الحنيفيّة السمحة نشراً يبصّر الناس بما فيها من هدى ورشاد، ويأخذهم بما لها من قوّة وجمال، ويجعلهم يدينون بها عن فهم وحبّ، لا عن وراثة وتقليد، فإنّ المرء إذا فهم أحبّ، وإذا أحبّ آمن إيماناً تسهل معه التضحية، ولا يقف في سبيله شيء من أعراض هذه الدنيا الفانية.
وقد علمت أخيراً بنبأ وفاة العالم الجليل السيّد محسن الأمين العاملي، فأسفت لهذا النبأ؛ لما بلغني عنه رحمه الله من علمه وإخلاصه وجهاده في سبيل دينه وأُمّته. وإنّي أبعث إلى سماحتكم بخالص عزائي لإخواننا الشيعة الإمامية في شخصكم، وأسأل اللَّه الكريم أن يتغمّد الفقيد برحمته ورضوانه، وأن يجزينا وإيّاكم عن مصابه جزاء الصابرين.
والسلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته
جمادى الثانية/ 1371 ه
عبدالمجيد سليم- الجامع الأزهر- القاهرة».
وقد أقام المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية مؤتمراً لتكريم شخصية الإمام البروجردي وكذلك شخصية الشيخ شلتوت سنة 1421 ه، كما ترجم كتاباً عن حياته من الفارسية إلى العربية ونشره سنة 1428 ه، وقد كان لكاتب السطور شرف الإشراف على الترجمة وتحقيق الكتاب واستدراكه.
الاسم | حسين البروجردي |
---|---|
الاسم الکامل | السيّد حسين بن علي بن أحمد بن علي نقي بن جواد بن مرتضى الحسني الطباطبائي البروجردي |
تاريخ الولادة | 1253ه/ 1292ه/ 1254ش/ |
محل الولادة | بروجرد/ایران |
تاريخ الوفاة | 1380ه/1961م/1340ش |
المهنة | من مشاهير علماء الإمامية وأكابر مراجع التقليد والإفتاء، ومن روّاد حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية. |
الأساتید | الآخوند الخراساني وشيخ الشريعة الأصفهاني |
الآثار | المسائل الفقهية، حاشية على نهاية الشيخ الطوسي، حاشية على كفاية الآخوند، ترتيب أسانيد الكافي، ترتيب أسانيد التهذيب، تعليقة على الوسائل، بيوتات الشيعة، تعليقة على منهج المقال. |
المذهب | شیعی |
المراجع
(انظر ترجمته في: أعيان الشيعة 6: 92- 94، معجم رجال الفكر والأدب 1: 231- 232، مع علماء النجف الأشرف 2: 156، المنتخب من أعلام الفكر والأدب: 126- 127، موسوعة طبقات الفقهاء 14: 213- 216، رجالات التقريب: 9- 40، المعجم الوسيط فيما يخصّ الوحدة والتقريب 1: 213- 214).