رشيد الهجري: من التابعين، وكان علي عليه السلام قد ألقى‏ إليه علم البلايا والمنايا، وكان يقول له: «أنت رُشَيْد البلايا»، أي: تُقتل بهذه القتلة، فكان كما قال أميرالمؤمنين عليه السلام. وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة. واختلفوا بشأن منزلته في الرواية، فقد عدّه الشيخ الطوسي في أصحاب ورواة أمير المؤمنين والحسن والحسين والسجاد عليهم السلام، واعتبره العلامة الحلي و السيد ابن طاوس مشكوراً، ووثّقه المجلسي. وفي قبال ذلك فقد ضعّفه أكثر علماء أهل السنة، قال البخاري: «يتكلّمون في رُشَيد». وقال النسائي: «ليس بالقوي». وقال ابن حبان: «كان يؤمن بالرجعة».

رُشَيْد الهَجَري (... ــ قبل 53ق)

من الرواة المشتركين.[١]
لقبه: الهَجَري، الكوفي.[٢]
طبقته: الثانية.[٣]
ولد في مدينة هجَر باليمن، وعاش في الكوفة.[٤] كان كثير العبادة، تقول ابنته «قنواء»: قلت لأبي: ما أشدّ اجتهادك! قال: «يا بنيّة، يأتي قوم بعدنا بصائرهم في دينهم أفضل من اجتهادنا».[٥]

موقف الرجاليّين منه


اختلف أصحاب التراجم والرجال بشأن منزلته في الرواية، فقد عدّه الشيخ الطوسي في أصحاب ورواة أمير المؤمنين والحسن والحسين والسجاد عليهم السلام[٦]، واعتبره العلامة الحلي و السيد ابن طاوس مشكوراً[٧]، ووثّقه المجلسي.[٨]
قال المامقاني: «لاشبهة في جلالة الرجل، وكونه من أهل العلم بالبلايا والمنايا، ولايعقل أن ينال هذه المرتبة العظمى إلّا عدل ثقة، امتحن اللَّه قلبه للإيمان».[٩] وقال السيد محسن الأمين: «ماروي في حقّه هو فوق التوثيق».[١٠]
وفي قبال ذلك فقد ضعّفه أكثر علماء أهل السنة، كلٌّ منهم بنحوٍ من التضعيف، قال البخاري: «يتكلّمون في رُشَيد».[١١] وقال النسائي: «ليس بالقوي». وقال ابن حبان: «كان يؤمن بالرجعة».[١٢] ويحكي عباس عن ابن معين أنّه قال: «قد رأى الشعبي رُشَيد الهَجَري وحبّة العَرَني و الأصبغ بن نباته، ليس يساوي هؤلاء شيئاً».[١٣] وأمّا الجوزجاني فقال: «كذّاب، غير ثقة».[١٤]

رُشَيد وأهل البيت ‏عليهم السلام

عدّه البرقي في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، ومن شرطة الخميس.[١٥] وكان علي عليه السلام قد ألقى‏ إليه علم البلايا والمنايا، وكان يقول له: «أنت رُشَيْد البلايا»، أي: تُقتل بهذه القتلة، فكان كما قال أميرالمؤمنين عليه السلام.[١٦]
يقول زياد بن نصر: «كنت عند زياد أمير الكوفة وقد أُتي برُشَيد الهَجَري، وكان من خواصّ أصحاب علي عليه السلام، فقال له زياد: ماقال خليلك لك أنّا فاعلون بك؟ قال: تقطعون يديّ ورجليّ وتصلبونني، فقال زياد: أما واللَّه لأُكذِّبَنَّ حديثه، خلّوا سبيله، فلّما أراد أن يخرج قال: رُدّوه، لانجد شيئاً أصلح ممّا قال لك صاحبك، إنّك لاتزال تبغي لنا سوءاً إن بقيت، اقطعوا يديه ورجليه ؛ فقطعوا يديه ورجليه، وهو يتكلّم، فقال: اصلبوه خنقاً في عنقه، فقال رُشَيد: قد بقي لي عندكم شي‏ء ما أراكم فعلتموه، فقال زياد: اقطعوا لسانه، فلّما أخرجوا لسانه ليقطع قال: نَفِّسوا عنّي أتكلّم كلمةً واحدةً، فنفَّسوا عنه، فقال: هذا واللَّه تصديق خبر أميرالمؤمنين، أخبرني بقطع لساني، فقطعوا لسانه وصلبوه».[١٧]
وقالت قنواء بنت رُشَيد الهجري: «سمعت من أبي يقول: حدّثني أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا رُشَيْد، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعيّ بني أُمية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ فقلت: يا أميرالمؤمنين، آخر ذلك الجنّة؟ قال: بلى‏ يا رُشَيْد، أنت معي في الدنيا والآخرة...».[١٨]

من رواياته

روى‏ البخاري: رُشَيد الهجري، عن أبيه، عن عبداللَّه بن عمرو: سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».[١٩]
وروى‏ عن علي عليه السلام قال: كنت أسير مع مولاي علي بن أبي طالب عليه السلام، فالتفت إليَّ وقال: «أنا واللَّه يا رشيد صالح المؤمنين».[٢٠]

وفاته

استشهد على‏ يد والي الكوفة زياد بن أبيه، وكان ذلك قبل سنة 53 هـ، حيث كان موت زياد سنة 53 هـ.[٢١]

المصادر

  1. لسان الميزان 2: 460، قاموس الرجال 4: 368.
  2. ميزان الاعتدال 2: 50، رجال ابن داود: 95، الأنساب 5: 627.
  3. أنظر: رجال الطوسي: 41، 67، 73، رجال البرقي: 4.
  4. الأنساب 5: 627.
  5. الاختصاص: 78.
  6. رجال الطوسي: 41، 67، 73، 89.
  7. خلاصة الأقوال: 146، التحريرالطاوسي: 208.
  8. الوجيزة: 80.
  9. تنقيح المقال 1: 431.
  10. أعيان الشيعة 7: 7.
  11. كتاب التاريخ الكبير 3: 334.
  12. لسان الميزان 2: 460 - 461.
  13. ميزان الاعتدال 2: 51 - 52. والشعبي هو الذي قال للحارث الهمداني: «حبّه - أي علي ‏عليه السلام - لاينفعك، وبغضه لايضرّك» رجال الكشّي: رقم (142). وهو عجيب، أتراه لم يسمع قول النبي‏صلى الله عليه وآله لعلي‏عليه السلام: «لايحبّك إلّا مؤمن، ولايبغضك إلّا منافق»؟ (سنن الترمذي 5: 643 حديث 3736).
  14. لسان الميزان 2: 460. والجوزجاني هو ابراهيم بن يعقوب الجوزجاني، نزيل دمشق، كان تلميذ أحمد في الفقه، وكان يقرأ كتاباته من على‏ المنبر أحياناً، وكان يهاجم علياًعليه السلام دائماً، اذ كان مائلاً عنه، وكانت وفاته بين 256 - 259 ه في دمشق. (تذكرة الحفّاظ للذهبي 2: 549، البداية والنهاية 11: 31).
  15. رجال البرقي: 4.
  16. رجال الكشّي: رقم (131)، جامع الرواة 1: 319.
  17. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2: 294، الإرشاد للمفيد: 171، إعلام الورى‏: 174.
  18. الاختصاص: 77.
  19. كتاب التاريخ الكبير 3: 334.
  20. تفسير فرات الكوفي: 491.
  21. أنظر: معجم رجال الحديث 8: 197، تاريخ الإسلام 4: 155.