الضمان: وهو الكفالة والمسؤولية والتأمين والالتزام بمعنی التزام رد مثل الهالك إن كان مثليا، أو قيمته إن كان قيميا. فالضمان هو التعهد بمال ثابت في ذمة شخص لآخر. وهو عقد شرعي للتعهد بنفس، أو مال. وله شروط و أحكام سنذکرها تطبیقاً علی فقه الإمامية و الشافعية و الحنفية.

الضمان

ومن شرط صحته أن يكون الضامن مختارا ، غير مولى عليه ، مليا في حال الضمان إلا أن يرضى المضمون له بعدم ملاءته ، فيسقط هنا هذا الشرط . وأن يكون إلى أجل معلوم . وأن يقبل المضمون له ذلك . وأن يكون المضمون به حقا لازما في الذمة كمال القرض والأجرة وما أشبه ذلك أو مصيره إلى اللزوم ، كالثمن في مدة الخيار ، لقوله ( عليه السلام ) : الزعيم غارم ، ولم يفصل. [١]
ويصح ضمان مال الجعالة بشرط أن يفعل ما يستحق به ، للخبر المتقدم ، وقوله تعالى : { ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } [٢]، [٣] وللشافعي فيه وجهان : أحدهما ما قلناه ، والآخر لا يصح ضمانه. [٤]
وليس من شرط صحته أن يكون المضمون به معلوما ، بل لو قال : كل حق يثبت على فلان فأنا ضامنه ، صح ولزمه ما يثبت بالبينة أو الإقرار [٥]، وقال الشيخ في الخلاف : لا يصح ضمان المجهول ، سواء كان واجبا أو غير واجب ، ولا يصح ضمان ما لم يجب ، سواء كان معلوما أو مجهولا ، بدلالة ما روي عن النبي ( عليه السلام ) : أنه نهى عن الغرر ، وضمان المجهول غرر ، ولأنه لا دلالة على صحته وهو قول الشافعي ، وأحمد . وقال أبو حنيفة ومالك : يصح ضمان ذلك. [٦]
وليس من شرط صحته أيضا رضا المضمون عنه ، ولا معرفته ولا معرفة المضمون له[٧]، وللشافعي فيه ثلاثة أوجه ، أحدها ما قلناه ، والثاني : أن من شرطه معرفتها ، الثالث : أن من شرطه معرفة المضمون له دون عنه .
لنا أنه لا دليل على ذلك ، وما رووه أن عليا ( عليه السلام ) وأبا قتادة لما ضمنا الدين عن الميت ، أجازه النبي ( عليه السلام ) ولم يحصل رضاه لموته ، ولا سألهما عن معرفته ولا معرفة صاحب الدين ، فدل على أن ذلك ليس من شرط صحة الضمان. [٨]
وإذا صح الضمان انتقل الحق إلى ذمة الضامن ، وبرئ المضمون عنه منه ومن المطالبة به[٩]، وهو مذهب أبي ثور ، و ابن أبي ليلى وداود . وقال الشافعي وباقي الفقهاء : إن المضمون له مخير في أن يطالب أيهما شاء ، والضمان لا ينقل الدين من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن .
لنا بعد إجماع الإمامية ، قول النبي ( عليه السلام ) : لعلي لما ضمن الدرهمين عن الميت : جزاك الله عن الإسلام خيرا ، وفك رهانك كما فككت رهان أخيك وقال لأبي قتادة لما ضمن الدينارين : هما عليك والميت برئ منهما ؟ قال : نعم ، فدل على أن المضمون عنه يبرأ بالضمان عنه. [١٠]
ولا يرجع الضامن على المضمون عنه بما ضمنه إذا ضمن بغير إذنه وأدى بغير إذنه ، وبه قال الشافعي . وقال مالك وأحمد : يرجع به إليه .
لنا الخبر المذكور في ضمان علي وأبي قتادة. [١١]
فإن كان أذن له في الضمان رجع سواء أذن في الأداء أو لم يأذن لأنا قد بينا أنه ينقل المال إلى ذمته بنفس الضمان فلا اعتبار باستئذانه في القضاء[١٢] وبه قال أبو علي بن أبي هريرة و الطبري من أصحاب الشافعي ، وقال أبو إسحاق : إن أدى عنه مع إمكان الوصول إليه واستئذانه لم يرجع وإن أدى مع تعذر ذلك رجع. [١٣]
ويصح ضمان الدين عن الميت المفلس وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأبو يوسف ، ومحمد .
وقال أبو حنيفة : لا يصح الضمان عن الميت إذا لم يخلف وفاء بمال ، أو ضمان ضامن .
لنا أنه ضمن علي ( عليه السلام ) و أبو قتادة عن الميت وأجاز النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذلك مطلقا ولم يفصل ، وأيضا ما روي عن أنس بن مالك أنه قال : من استطاع منكم أن يموت وليس عليه دين فليفعل ، فإني رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقد أتي بجنازة ليصلي عليها ، فقال : هل عليه دين ؟ فقالوا : نعم ، فقال : ما تنفعه صلاتي وهو مرتهن بدينه ، فلو قام أحدكم فضمن عنه وصليت عليه ، كانت تنفعه صلاتي ، وهذا صريح في جواز ابتداء الضمان بعد موت المضمون عنه. [١٤]

المصادر

  1. الغنية : 260 .
  2. يوسف : 72 .
  3. الغنية : 260 .
  4. الخلاف : 3 / 316 مسألة 7 .
  5. الغنية : 260 .
  6. الخلاف : 3 / 319 مسألة 13 والغنية : 260 .
  7. الغنية : 261 .
  8. الخلاف 3 / 313 مسألة 1 .
  9. الغنية : 261 .
  10. الخلاف : 3 / 314 مسألة 3 .
  11. الخلاف : 3 / 315 مسألة 5 ، والغنية : 261 .
  12. الغنية : 261 .
  13. الخلاف : 3 / 316 مسألة 6 .
  14. الخلاف : 3 / 320 مسألة 14 .