صلاة الجمعة

مراجعة ٠٣:٤١، ١٦ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

صلاة الجمعة: وهي إقامة الصلاة في يوم الجمعة بکيفية مخصوصة ذات خطبتين. وهي معروفة عند المسلمين ولهذه الصلاة شرائط وأحکام عند فقهاء الإمامية نستعرضها في هذا المقال. وأيضاً نطرح آراء فقهاء أهل السنة خصوصاً الشافعية و الحنفية.

صلاة الجمعة

الاجتماع في صلاة الجمعة واجب بلا خلاف، إلا أن وجوبه يقف على شروط، وهي: الذكورة، والحرية، والبلوغ، وكمال العقل، وزوال السفر والمرض والعمى والعرج والكبر الذي يمنع من الحركة، وتخلية السرب، وحضور الإمام العادل أو من نصبه، وحضور ستة نفر معه، والتمكن من الخطبتين، وأن يكون بين مكان الجمعة وبين المكلف بها فرسخان فما دونهما، ويسقط فرض حضورها عمن عدا من ذكرناه، وإن حضرها وكان مكلفا بها لزمه الدخول فيها جمعة وأجزأته عن الظهر. [١]
إذا كان العدد الذين بهم ينعقد الجمعة في قرية وهم سبعة أحدهم الإمام - أو خمسة على اختلاف بيننا - وجب عليهم الجمعة، وانعقدت بهم خلافا للشافعي فإنه قال: لا تنعقد بأقل من أربعين ذكورا مكلفين أحرارا مقيمين لا يظعنون شتاء ولا صيفا إلا لحاجة والإمام هو الحادي والأربعون، وقال أبو حنيفة لا جمعة على أهل السواد[٢]، ولا يصح إلا في مصر جامع، له قوله ( عليه السلام ): ( لا جمعة ولا تشريق ولا فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع).[٣]
لنا قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع»[٤]، والخطاب عام لجميع المؤمنين سواء كانوا في الأمصار أو في القرى ولا يخرج من هذا العموم إلا ما أخرجه دليل قاطع، ولا يجوز تخصيص هذا العموم بالخبر المذكور وهو ( لا جمعة ولا تشريق ) لأنه من أخبار الآحاد التي يوجب الظن لا العلم، فيجب عليهم السعي إلى صلاة الجمعة بموجب الأمر الذي هو ( فاسعوا )، والخطاب إذا تناول الأربعين فما دونهم فتخصيصه بالأربعين يحتاج إلى دليل ولا دليل يدل عليه فيجب على العدد الذي ذكرنا بمجرد الخطاب.
" وعند أبي حنيفة تنعقد بثلاثة سوى الإمام وعند أبي يوسف اثنان سوى الإمام لأن أقل الجمع ثلاثة ".[٥] ويطلق على الاثنين.
لنا أن ما قلنا من العدد مجمع عليه لأنهم يوافقوننا ولا نوافقهم في ثلاثة واثنين فعليهم الدليل، فإن قالوا أقل الجمع ثلاثة فيكون اجتماع، قلنا ضم واحد إلي واحد اجتماع بدليل انعقاد صلاة الجماعة بواحد مع الإمام ولا خلاف في أنه لا تنعقد به صلاة الجمعة، وإذا كان كذلك لا أثر لاجتماع اثنين مع الإمام ولا لاجتماع ثلاثة معه.
حضور الإمام العادل شرط عندنا وعند الحنفية حضور السلطان العادل[٦] ولا خلاف بيننا وبينه إلا في لفظ الإمام والسلطان، وأما العادل فعندنا من كان عدلا ظاهرا وباطنا، ومن كان كذلك لا يكون إلا معصوما ولا يعرفه إلا الله سبحانه لأنه العالم بالسرائر والخبير بالضمائر " خلافا للشافعي لأن حضوره ليس بشرط عنده ولا إذنه ولا نائبه ".[٧]
لنا أن منصب الإمامة منصب مرغوب فيه فلو تقدم أحد أو قدم أحدا لوقع الخلاف فيؤدي إلى اهتياج الفتنة المبطلة للجمعة وبحضور الإمام أو نائبه يندفع هذا فيجب أن يكون شرطا.
" وأما الخطبة، فلا خلاف بيننا وبينهما في أنها شرط لصحة الجمعة ".[٨]
ويجب على الإمام أن يخطب قائما إلا من عذر وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: يستحب، فإن خطب جالسا جاز. [٩]
لنا طريقة الاحتياط واليقين لبراءة الذمة ولا خلاف أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) خطب قائما لقوله تعالى «وتركوك قائما»[١٠] وفعله يدل على الوجوب إلا أن يدل دليل على الندب والاستحباب.
" وإذا أخذ في الخطبة حرم الكلام على المستمعين حتى يفرغ من الخطبتين وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: إذا خرج الإمام حرم الكلام حتى يفرغ من خطبته "[١١]، لقوله ( صلى الله عليه وآله ): إذا خرج الإمام يوم الجمعة فلا صلاة ولا كلام. [١٢] وعند الشافعي يستحب تحية المسجد في أثناء الخطبة. [١٣]
لنا هذا خبر واحد و الأصل براءة الذمة من وجوب وندب إلا أن يدل دليل وقد دل الدليل على ما ذهبنا إليه وهو الإجماع منا ومنه عليه.
" وأقل ما يكون الخطبة حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على محمد وآله والوعظ وقراءة شئ من القرآن فإن أخل بشئ من هذه لم يجزه، وما زاد عليه مستحب وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يجزئ من الخطبة كلمة واحدة ( الحمد لله )، أو ( سبحان الله ) أو ( لا إله إلا الله ) ".[١٤]
لنا لا خلاف أن ما اشتمل عليه ما ذكرناه يسمى خطبة وما لا يشتمل عليه ففيه خلاف و الإجماع حق وخلافه باطل وقوله ( عليه السلام ) للأعرابي حين قال: من أطاع الله ورسوله فقد رشد ومن عصاهما فقد غوي ( بئس خطيب القوم أنت ) [١٥] لا يدل على أن كلمة أو كلمتين خطبة لأنه يحتمل أن يدعا خطيبا وإن لم يخطب كما يقال للخطباء خطيب في غير حال خطابتهم، وإنما رد عليه كلامه لأنه جمع بين اسم الله وبين اسمه في قوله: ( ومن عصاهما ).
" ومن كان بينه وبين الموضع الذي يصلى فيه الجمعة أكثر من فرسخين لا يجب عليه حضور الجمعة وقال أبو حنيفة: لا يجب قال محمد: قلت لأبي حنيفة تجب الجمعة على أهل زبارا بأهل الكوفة؟ قال: لا، وزبارا قرية بقرب الكوفة بينها وبين الكوفة الخندق.
وقال الشافعي: إذا كانوا بحيث يبلغهم النداء من طرف البلد إلى الذي يليهم، والمؤذن صيت والمستمع ليس بأصم يجب عليهم الحضور وإلا لم يجب ولو حضروها جاز ".[١٦]
وينعقد بحضور من لم تجب عليه الجمعة إلا النساء وبه قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: لا تنعقد إذا انفردوا أو تم بهم العدد.
لنا أن اعتبار العدد عام ليس فيه تخصيص وليس إذا لم تجب عليهم لا تنعقد بهم فإن المريض لا تجب عليه بلا خلاف ولو حضر انعقدت به. [١٧]
وإذا دخل المسجد والإمام يخطب لا يصلي نافلة ولا تحية المسجد بل يستمع للخطبة وفاقا لأبي حنيفة وخلافا للشافعي فإنه قال: يصلي ركعتين تحية المسجد ثم يجلس يستمع للخطبة. [١٨]
لنا ما روي عن عائشة ( رض ) أنها قالت: إنما قصرت الصلاة لمكان الخطبة[١٩]، وكما لا يجوز خلال الركعتين فعل آخر كذا في خلال الخطبتين.
ويستحب الغسل ليوم الجمعة، وقص الشارب، والأظفار، والتجمل باللباس، ومس شئ من الطيب.
ويستحب للإمام التحنك والارتداء وتقديم دخول المسجد ليقتدي الناس به، فإذا زالت الشمس وأذن المؤذن صعد المنبر يخطب خطبتين مقصورتين على حمد الله والثناء عليه والصلاة على محمد وآله والوعظ والزجر يفصل بينهما بجلسة ويقرأ سورة خفيفة من القرآن، والمأمومون ينصتون ولا يتكلمون بما لا يجوز مثله في الصلاة، فإذا فرغ من الخطبة أقيمت الصلاة، فنزل وصلى بالناس ركعتين يقرأ في الأولى منها الحمد ويستحب أن يصلي بهم العصر عقيب الجمعة بإقامة من غير أذان. [٢٠] خلافا لهم إلا إذا كان آخر وقت الظهر وأول العصر. [٢١]
والجلسة بين الخطبتين من شرائطها.
" ويكره الكلام للسامع وليس بمفسد للصلاة عندنا على رواية.
وللشافعي قولان: أحدهما يحرم وبه قال أبو حنيفة، والثاني أنه مستحب وليس بواجب قاله في ألام ".[٢٢]
و الاحتياط يقتضي الوجوب " وإذا زالت الشمس وتكاملت الشرائط لا يجوز إنشاء السفر حتى يصلي الجمعة "[٢٣]، وفاقا للشافعي وأبي حنيفة وخلافا لبعض أصحابه. [٢٤]
ويكره إذا طلع الفجر وهو مقيم وللشافعي قولان: أحدهما: لا يجوز، والآخر: يجوز. [٢٥]
ولا يجمع في مصر واحد وإن عظم وكثرت مساجده إلا في مسجد واحد، إلا أن يكون البلد أكثر من ثلاثة أميال فيكون بين الجمعتين ثلاثة أميال فيصح الجمعتان. وفاقا للشافعي وهو الظاهر من قول أبي حنيفة، وحكى الساجي[٢٦] عن أبي حنيفة أنه يجوز في موضعين استحسانا. [٢٧]
وإذا فات الجمعة بأن يمضي من الزوال مقدار الأذان والخطبة و صلاة الجمعة لم يجب قضاؤها ووجب أن يؤدى ظهرا. [٢٨]
ومن أدرك مع الإمام ركعة مشاهدة أو حكما فقد أدرك الجمعة، فالمشاهدة أن يدركها معه من أول الركعة الثانية، والحكم أن يدركه راكعا فكبر وركع مع الإمام. وبه قال الشافعي وقال قوم إن لم يدرك الخطبتين والركعتين صلى ظهرا.
وقال قوم: إن أدرك اليسير منها فقد أدرك وذهب إليه أبو حنيفة، وقال: إن أدركه في سجود السهو بعد السلام كان مدركا لها، لأنه إذا سجد للسهو عاد إلى حكم الصلاة. [٢٩]

المصادر

  1. الغنية 90 .
  2. الخلاف : 1 / 594 مسألة 356 .
  3. الهداية في شرح البداية : 1 / 62 .
  4. الجمعة : 9 .
  5. الخلاف : 1 / 598 مسألة 359 .
  6. الهداية في شرح البداية : 1 / 82 ولفظ ( العادل ) ليس فيه ولا في غيره من كتب الحنفية بل في فتاوى الهندية : 1 / 145 طبع دار الفكر ( عادلا كان أو جائرا هكذا في التتارخانية ناقلا عن النصاب ) .
  7. الوجيز : 1 / 62 ، الخلاف : 1 / 626 مسألة 397 .
  8. الخلاف : 1 / 614 مسألة 381 .
  9. الخلاف : 1 / 615 مسألة 382 .
  10. الجمعة : 11 .
  11. الخلاف : 1 / 615 مسألة 383 .
  12. نصب الراية : 2 / 243 .
  13. الخلاف : 1 / 612 مسألة 379 .
  14. الخلاف : 1 / 616 مسألة 384 .
  15. سنن أبي داود : 4 / 295 حديث 4981 .
  16. الخلاف : 1 / 594 مسألة 357 .
  17. الخلاف : 1 / 610 مسألة 375 .
  18. الخلاف : 1 / 612 مسألة 379 .
  19. المبسوط للسرخسي : 2 / 24 .
  20. الغنية : 90 - 91 .
  21. بداية المجتهد : 1 / 313 .
  22. الخلاف : 1 / 625 مسألة 396 .
  23. الغنية 91 .
  24. الخلاف : 1 / 609 مسألة 371 .
  25. الخلاف : 1 / 609 مسألة 372 .
  26. اسمه زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن بن بحر ، أبو يحيى البصري الحافظ ، أخذ عن المزني ، والربيع ، أخذ عنه الشيخ أبو الحسن الأشعري مات بالبصرة سنة ( 307 ) وله كتاب اختلاف الفقهاء . طبقات الشافعية : 1 / 94 رقم 40 .
  27. الخلاف : 1 / 628 مسألة 401 .
  28. الغنية 91 .
  29. الخلاف : 1 / 622 مسألة 392 .