الفرق بين القياس والاستحسان

مراجعة ٠٣:١٧، ١٤ مارس ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''الفرق بين القياس والاستحسان:''' اصطلاحان في علم أصول الفقه، وهما من الأدلة التي يتمسک بهما...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

الفرق بين القياس والاستحسان: اصطلاحان في علم أصول الفقه، وهما من الأدلة التي يتمسک بهما الفقهاء في استنباط الأحکام الشرعية بعد الکتاب والسنة والإجماع والعقل. ولکن بينهما فرق جزيي نشير إليه.

الفرق بين القياس والاستحسان

القياس هو إلحاق مسألة غير منصوص على حكمها الشرعي بمسألة منصوص على حكمها؛ للاشتراك بينهما في العلَّة[١]، وعلى العموم يدعى إلحاق جزئيات بقاعدة عامة قياسا. والاستحسان بمثابة الاستثناء لهذه القاعدة العامة وفقا لبعض تعاريفه[٢]، وشأنهما شأن العموم والإطلاق من جهة، و التخصيص والتقييد من جهة اُخرى، فالأخيران استثناء من الأولين.
وقد مثّلوا لذلك بما إذا اختلف المتبايعان في مقدار الثمن قبل أن يقبض المشتري المبيع، فإنَّ موجب القياس الظاهر أنَّ الذي يجب عليه أن يقيم البيّنة هو البائع، وهو مدَّعي الزيادة، إذ هما اتفقا على مقدار، والاختلاف في الزيادة، فهو المدَّعي، والبيّنة على من ادَّعى، واليمين على من أنكر، وإذا لم تكن بيّنة حلف المشتري؛ لأنّه المدّعى عليه، ولكن استحسن أن يحلف البائع والمشتري؛ لأنّ كليهما ينكر شيئا يدَّعيه الآخر، فالبائع يدَّعي الزيادة وينكر استحقاق المشتري للمبيع من غير أدائها، والمشتري يدَّعي استحقاقه للمبيع من غير هذه الزيادة، وينكر وجوبها.[٣]
وقد يعتبر بعض الاستحسان نفس القياس، والاختلاف في أن القياس يعتمد وصفا أو أثرا ظاهرا، بينما الاستحسان قد يعتمد وصفا أو أثرا خفيا أقوى، فيغلّب حكمه على حكم الأثر الظاهر الذي ترتَّب عليه القياس الأصل أو المستثنى منه، فيستثنى من القياس العام هذا المورد.[٤]
ويذكر لهذا مثال كون بدن المرأة عورة وقد أبيح للطبيب النظر للحاجة، فالأثر الأظهر للمسألة هو كون بدنها عورة، والوصف الثاني هو ما قد يؤدي إلى عُسر ومشقة في بعض الأحوال، كالمرض وحاجة الطبيب إلى رؤية البدن للعلاج.[٥]

الاشتراک بين القياس والاستحسان== وأشار السرخسي إلى العلاقة الوثيقة بين الاستحسان و القياس باعتبار الاستحسان متكوّنا من قياسين: أحدهما جلي ضعيف الأثر يسمى قياسا، والآخر خفي قوي الأثر فيسمى استحسانا، أي قياسا مستحسنا، فالترجيح بالأثر لا بالخفاء والوضوح.
ثمّ يعتبر الهدف من تشريع الاستحسان هو التيسير وترك العسر لليسر، وهو أصل في الدين، قال تعالى: «يُرِيدُ اللّهُ بِكُم اليُسْرَ وَلايُرِيدُ بِكُم العُسْرَ».[٦] وقال(ص) : «خير دينكم اليسر».[٧].[٨]
كما يرى علاء الدين البخاري الاستحسان أحد القياسين، ويسمَّى استحسانا لا قياسا للإشارة الى أنَّه الوجه الأولى في العمل به، وأنّ العمل بالآخر جائز، كما جاز العمل بالطرد وإن كان الأثر أولى منه... [٩] وهو بذلك يشير إلى أنّ الاستحسان نوع قياس مرجَّح على القياس الأصل أو العام لدليلٍ ما، وهو تعبير آخر عن التخصيص أو التقييد أو شيء من قبيل هذه المرجّحات، وبذلك تنكشَّف العلاقة بين القياس والاستحسان.

المصادر

  1. نظرية الاستحسان: 42، وانظر: أثر المصلحة في التشريعات: 152.
  2. وهي التعاريف التي اعتبرته قياسا خفيا، أو عدولاً عن دليل لآخر، أو تخصيصا لدليل بدليل غيره.
  3. أصول الفقه أبو زهرة : 248.
  4. المبسوط السرخسي 10 : 145.
  5. أصول الفقه أبو زهرة : 247.
  6. البقرة: 185.
  7. رسائل الشريف المرتضى 2 : 246، وفي بعض المصادر ورد بلفظ : «خير دينكم أيسره». انظر : مجمع الزوائد 1 : 60، 61.
  8. المبسوط السرخسي 10 : 145.
  9. كشف الأسرار 4 : 7 ـ 10.