انتقل إلى المحتوى

الشيعة في نيجيريا

من ویکي‌وحدت
مراجعة ١٦:٢٠، ١٦ أكتوبر ٢٠٢٥ بواسطة Halimi (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب' الشیعة في نیجیریا هم الأقلّیة المذهبیّة الأکبر في قارّة إفریقیا، تُعدّ جمهوریة نیجیریا الاتحادیّة الواقعة في غرب إفریقیا، والبالغ عدد سکانها قرابة 170 ملیون نسمة، البلد الأکثر تعدادًا للسکان في هذه القارّة، ومن أکثر دول العالم ازدحامًا بالسکان، وهي...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)


الشیعة في نیجیریا هم الأقلّیة المذهبیّة الأکبر في قارّة إفریقیا، تُعدّ جمهوریة نیجیریا الاتحادیّة الواقعة في غرب إفریقیا، والبالغ عدد سکانها قرابة 170 ملیون نسمة، البلد الأکثر تعدادًا للسکان في هذه القارّة، ومن أکثر دول العالم ازدحامًا بالسکان، وهي أيضًا أکبر منتج للنفط في قارّتها، وتضمّ ترکیبة سکانیّة تشمل المسلمین في الشمال والمسیحیّین في الجنوب، وغالبیّة مسلمی هذا البلد من أتباع المذهب السنیّ على المذهب المالکی. في حین أن عدد السکان الشیعة في هذا البلد تضاعف عدة مرات خلال سنوات قلیلة، وتُعدّ مدينة زاریا، الواقعة في شمال البلد، والتی هی عاصمة ولایة کادونا، مکانًا لتجمع وتمرکز الشیعة، کما تُعتبر مدینتا لاغوس وکانو من المدن المهمّة للشیعة، وجزءٌ کبیر من هذه الزیادة فی عدد السکان لا یکون بسبب الإنجاب لدى شیعة هذا البلد، بل یشمل أولئک الذین کانوا یتبعون سابقًا مذهبًا أو دینًا آخر، ثمّ اعتنقوا المذهب الشیعيّ فيما بعد، وأصبحوا معروفین بـ "المستبصرین". وقبل عام 2000 میلادی، بالکاد کان یصل عدد الشیعة في هذا البلد إلی بضعة آلاف شخص، في حین أن عدد الشیعة في هذا البلد قدّر في السنوات الأخیرة بحوالي 12 إلی 14 ملیون شخص. وتتولّى قیادة شیعة هذا البلد مکتب الشیخ إبراهیم الزکزاکي، وقد أسّس هو وبالتعاون مع مجموعة قلیلة من الشباب المسلم في المراکز العلمیّة، وبمتابعة أخبار وتطورات الثورة الإسلامیّة وتأثّرًا بانتصار الثورة الإسلامیّة، طیفًا ثوریًا. وأدّى هذا النهج إلی وقوع منازعات بینهم وبین الأجهزة الأمنیّة، نتج عنها سجن قادة هذا التیّار مرّات عدیدة، وعلى مدار هذه السنوات، واجه شیعة نیجیریا التحدّی من اتجاهین: مجموعة المسیحیّین والمسلمین المتطرّفین من جهة، والجیش والمنظمات الأمنیّة النیجیریّة من جهة أخرى.

خلفية تاريخة لنيجيريا

إن الصورة العامة لمجتمع نیجیريا خلال العقود القلیلة الماضیة توضّح أن هذا البلد کان ساحة للحروب المذهبیّة بین الصوفیّة والشیعة والسنیّین والمسیحیّین. في القرن العشرین، وفي مواجهة آثار الصحوة الإسلامیّة في إحیاء الإسلام، تدخّلت الدول الغربیّة واهتمّت بـ "أفربة المسیحیّة" و"توطینها". وقبل ذلک، خلال فترة دخول الإسلام إلی قارّة إفریقیا وتقدّمه حتّى حدود نیجیریا، وأیضًا منذ أن المستعمرون قارّة إفریقیا، کانت نیجیریا دائمًا محلّ تقابل الإسلام والمسیحیّة في إفریقیا. لطالما سعت المسیحیّة، من خلال تقدیم خدمات متنوّعة، إلی جذب انتباه مسلمي دول قارّة إفریقیا، بما فیها نیجیریا. تقریبًا لم یکن هناك في أيّ فترة زمنیّة انسجام واستقرار بین المسلمین والمسیحیّین في نیجیریا، ووقعت دائمًا نزاعات کبیرة بین المسیحیّین والمسلمین حول قضایا ومواضیع متعدّدة، منها تطبیق الشریعة الإسلامیّة خلال السنوات الماضیة، مما أدّی إلی وقوع سلسلة من التوترات. وقد کان النزاع الدامی في شمال نیجیریا من أبرز الأخبار في إفریقیا منذ تسعینیات القرن العشرین. وفي خضمّ هذا، فإن شیعة نیجیریا، والذین لا یمتلکون سابقة وقاعدة تاریخیّة راسخة في هذا البلد، یواجهون تحدّیات من جبهتین: الجبهة الأولى هی جماعات المسیحیّین الذین لا یتقبّلون النهج الدینی للشیعة، والجبهة الثانیة هی الجماعات السلفیّة والتکفیریّة الناشطة في مجتمع نیجیریا، والتی تعتبر الشیعة العدوّ الأوّل لها، وترى النموّ السریع للشیعة خلال العقود الثلاثة الماضیة خطرًا جدیًا على مواقفها [١]. وفي العموم، فإن مسلمي نیجیریا من أتباع المذهب السنیّ المالکی یشکّلون غالبیّة المجتمع المسلم في نیجیریا، ولکن من الضروريّ الانتباه إلی أن الشیعة في نیجیریا هم أکبر مجتمع شیعي في إفریقیا، وأن "المستبصرین" یشکّلون 95% من شیعة نیجیریا. ومدینة کادونا هی أکبر المدن الشیعیّة في نیجیریا. ویمکن في هذه المدینة رؤیة الآثار والمبانی القدیمة التی تعود إلی القرن التاسع عشر میلادی، یعنی فترة دخول الإسلام إلی نیجیریا. وهذه المدینة تحظی باهتمام کثیر من وسائل الإعلام لأنّ کثیرًا من المکاتب الإسلامیّة التابعة لحرکة الشیعة الإسلامیّة في نیجیریا تقع في هذه المدینة. في الماضي، کانت هذه الحرکة صغیرة ومحدودة، ولکنّها الآن انتشرت وانضمّ إلیها کثیر من الأشخاص، وتحوّلت إلی حرکة کبیرة.

لا یتمتّع شیعة نیجیریا بظروف اقتصادیّة وسیاسیّة واجتماعیّة مناسبة. ومع أن قیادة هذا التیّار تتمتّع بنوع من النفوذ والکاریزما، إلا أن عدم امتلاک قاعدة في هیکل السلطة في هذا البلد أحدث مشکلات وعقبات في طریق أنشطة الشیعة. ومن ناحیة أخرى، فإنّ انشغال جزءٍ کبیر من طاقة الشیعة ووقتهم بالمنازعات والخلافیات العقائدیّة مع المسیحیّین وجماعات أهل السنّة المتطرّفة، یضیق علیهم المجال أکثر من أيّ وقتٍ مضى.

==العوامل المهيئة لنمو التشيّع

حسب الإحصاءات الرسمية، خلال السنوات 1955 إلى 1975 ميلادية، لم يكن هناك وجود للشيعة في نيجيريا، لكن بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، تم تعريف مدرسة أهل البيت بأسلوب مدهش في نيجيريا، ووجدت الكثير من الأتباع. يوجد الآن العديد من الأشخاص الذين كانوا سابقًا من أهل السنة ثم مالوا لاحقًا إلى مدرسة أهل البيت. [2]

كان الشباب النيجيري يمتلكون القدرة للارتواء من معين الثورة الإسلامية وفكرها المناهض للاستكبار، كما أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت لديها الاستعداد لنقل التعاليم الثورية إلى هؤلاء الشباب، من أجل تصدير الثورة. أدت هذه الظروف من جهة إلى تقريب الجانبين، ومن جهة أخرى أثارت مخاوف المعارضين العالميين والمنافسين الإقليميين لإيران، فشرعوا في شن حرب نفسية لعرقة تأثير الثورة الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك نيجيريا.

بشكل عام، يمكن تلخيص العوامل المهيئة لمذهب أهل البيت في نيجيريا في النقاط التالية:

سابقة اهتمام الناس بموضوع المهدوية في شمال وغرب أفريقيا.

انتصار ثورة عثمان دان فوديو واستمرارها.

انتصار الثورة الإسلامية في إيران.

نمو وعي المسلمين في نيجيريا.

الأنشطة المنظمة في نشر مذهب أهل البيت من قبل محبي هذه المدرسة.

عودة الطلاب الدارسين للعلوم الإسلامية من الدول الإسلامية، خاصة إيران. [3]

لم تبقَ الحملات الدعائية المكثفة التي نظمتها الولايات المتحدة ضد الثورة وقادتها بفترة قصيرة بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، حبيسة إيران وقادتها فقط، بل طالت أيضًا كل المؤيدين لهذه الجمهورية الإسلامية الجديدة. وسرعان ما تعرض هؤلاء الشباب المؤيدون للثورة الإسلامية لحملة دعائية مضللة. أطلقت الوهابية على أنصار الثورة الإسلامية صفة "الشيعة". ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم، عرفت الوهابية لنفسها مهمة تقديم الشيعة بين المسلمين الآخرين كمذهب من مذاهب اليهود لا علاقة له بالإسلام. وقد حظيت في هذا الإجراء بدعم من بعض الحكومات العربية والمنظمات السلفية المتطرفة الموجودة في هذه الدول. وكان نتيجة هذا المسار أن الحملة الدعائية المضللة ضد التشيع وكل ما يرتبط به، بدأت نشاطها على الساحة السياسية في وقت سبق وجود الشيعة كمعتقد ودين في نيجيريا أصلاً.

الحقيقة أن أنصار الثورة الإسلامية في هذا الوقت وحتى أواخر تسعينيات القرن العشرين كانوا لا يزالون ضمن مسلمي أهل السنة. في الواقع، قبل أن يجذبهم مذهب التشيع، كانوا معجبين بشدة بالقيادة وتعاليم الثورة الإسلامية في إيران حول مكافحة الاستكبار والطاغوت والاستعمار والظلم، وقد تأثروا بأساسيات الفكر الثوري لما حدث في إيران أكثر من تأثرهم بالجانب الديني للثورة الإسلامية. خاصة أن فكرة تصدير الثورة الإسلامية من قبل قادة الثورة، كانت تتيح للشباب الثوري النيجيري فرصة الاستفادة من الدعم المعنوي والفكري للثورة الإسلامية. [4]

من الجدير بالذكر أنه بعد الحرب الأهلية في لبنان، دخل عدد من شيعة لبنان تدريجيًا إلى منطقة غرب أفريقيا، خاصة سيراليون ونيجيريا، واستقر جزء منهم في شمال هذا البلد في مدينة كانو، وشكلوا بعد فترة أقلية ملحوظة تبلغ حوالي 10 آلاف شخص. [5]

من بين 55% من المسلمين، هناك حوالي 7 ملايين نسمة من الشيعة الإمامية. [6] أيضًا، وفقًا لإحصاءات أخرى، فإن حوالي 5% من سكان نيجيريا، الذين يضمون بين 8 إلى 10 ملايين نسمة، يتبعون المذهب الشيعي، ويُعتبرون أكبر مجموعة شيعية في أفريقيا. ويشكل المستبصرون حوالي 95% من شيعة هذا البلد. دعاية الشيخ إبراهيم الزكزاكي، القائد البارز للشيعة في غرب ووسط أفريقا معروفة جيدًا، وهو يتمتع بشعبية نسبية في المجتمع الإسلامي في هذه المنطقة. اعتنق إبراهيم الزكزاكي المذهب الشيعي في السنوات الأولى للثورة الإسلامية، بعد أن قام برحلة إلى إيران. بعد السكان الأصليين، هناك عدد من المهاجرين اللبنانيين الشيعة يعيشون أيضًا في نيجيريا. [7] ويوجد حوالي 10 آلاف من الشيعة اللبنانيين المهاجرين في شمال نيجيريا. [8]

3 - أوضاع الشيعة

لا يتمتع شيعة نيجيريا بوضع اقتصادي وثقافي جيد؛ [9] وهذا الأمر جذوره في المشكلات الهيكلية لنيجيريا، وكذلك في عدم ارتباط المجتمع الشيعي بالمؤسسات والهياكل الاقتصادية والحكومية.

يواجه أتباع أهل البيت في الدول التي يعتبر فيها الشيعة أقلية، تهديدات من المنافسين والمعاندين من جهة، ومن الضعف والقصور الداخلي من جهة أخرى. عند دراسة الفرص والتهديدات التي تواجه الشيعة، هناك عدة نقاط تُؤخذ في الاعتبار كمسلّمات:

النقطة الأولى: بناءً على الدراسات الميدانية وفحص الوثائق والمقابلات والكتب المتعددة، هي أن الشيعة في جميع دول غرب أفريقيا وخاصة نيجيريا هم أقلية. أقلية يشكل المستبصرون غالبية كبيرة منها.

النقطة الثانية: فيما يتعلق بالشيعة، هي أنه باستثناء المجتمع الشيعي غير الأصلي مثل اللبنانيين، فإن معظم أتباع مدرسة أهل البيت في غرب أفريقيا، وتحديدًا نيجيريا، يعيشون في ظل أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية صعبة، ويواجهون في الأساس ضغوطًا وتهديدات من تيارين؛ التيار الأول هو الحكومات العلمانية الحاكمة وأتباعها المسيحيين، والتيار الآخر هو بقية المسلمين، أي أهل السنة الذين يشكلون أغلبية المجتمع المسلم في هذه الدول.

النقطة الثالثة: النشاط الواسع للوهابية وجهاز الدعوة التابع لآل سعود في المنطقة، الذي يسعى بفضل رأس المال المالي الضخم إلى جذب المجتمعات غير المسلمة السنية وحتى الشيعية نحوها. هذا الفضاء الدعائي الوهابي يضيق الخناق على الشيعة أكثر فأكثر.

هذه الظروف أدت في المقام الأول إلى صراع بين المسلمين. الصراع الرئيسي هو بين حركتي الشيعة والوهابية. هذان التياران يدعيان إحياء وتصحيح الدين في غرب أفريقيا. أسلوب الإصلاح لدى هذين التيارين متناقض بعمق. الوهابيون جامدون جدًا وغير مرنين ويقاومون العادات والتقاليد الأفريقية، التي تتميز بعمق بالتوسل والضراعة إلى العوامل الوسيطة؛ في المقابل، جوهر المذهب الشيعي ممزوج بالتوسل والتوسل، وهذا الجوهر يتناغم بعمق مع أسلوب حياة السكان الأصليين. تسعى الوهابية بجدية إلى دفع الدعوة الشيعية إلى اتخاذ موقف معاد للوهابية، لكي تسلب من الشيعة الفرص الجيدة. والنتيجة الخطيرة لهذه الصراعات هي منح فرصة للمسيحيين.

يجب الاعتراف أنه في فضاء مثل غرب أفريقيا، حيث تبذل السعودية كل جهدها لإثارة صراعات مذهبية، فإن إبعاد الشيعة عن الوقوع في شرك الصراع أمر صعب، ولكن لا ينبغي نسيان أن نجاح الشيعة في غرب أفريقيا رهين بالابتعاد والوقاية من الصراع الطائفي وتقديم التشيع في قالب أفريقي.

في المرتبة التالية، وجود الجماعات التكفيرية التي تنظر بعينها المتطرفة والرجعية إلى الشيعة كمشركين خرجوا عن الدين ولا أمل في إصلاحهم. ومن الواضح أن هذه الجماعة الأخيرة تستهدف أكثر من أي شيء آخر حياة ووجود الشيعة في هذه المنطقة. جماعة "بوكو حرام" التكفيرية السلفية هي مثال واضح على مثل هذه التيارات، التي اعتدى مرات عديدة على شيعة نيجيريا، مما تسبب في أذاهم وإزعاجهم وعدم أمنهم.

في المقابل، فإن وجود عدد كبير من المستبصرين، وتوفر ظروف نشر مذهب التشيع، ووجود الشيخ الزكزاكي كقائد كاريزمي، وتأثر الشيعة بالثورة الإسلامية، هي من النقاط الملحوظة في المجتمع الشيعي النيجيري.

==

  1. مصاحبه با حجت‌الاسلام‌والمسلمین فلاح زرومی، نماینده المصطفی در‌ نیجریه‌.