الخيار

مراجعة ٢٠:١٦، ٢٨ نوفمبر ٢٠٢١ بواسطة Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''الخيار:''' وهو التسلط علی فسخ العقد کخيار العيب إذا کان الثمن أو المبيع معيوباً، ولتحقق الخي...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

الخيار: وهو التسلط علی فسخ العقد کخيار العيب إذا کان الثمن أو المبيع معيوباً، ولتحقق الخيار أسباب تقسمه إلی أقسام متعددة، وکذا له أحكام وشروط سنذکرها تطبیقاً علی فقه الإمامية و الشافعية و الحنفية.

الخيار

إذا صح العقد فالأصل فيه اللزوم إلا أنه ربما ثبت لكل واحد من المتبايعين الخيار بأحد أسباب خمسة:

أقسام الخيار

خيار المجلس

وهو اجتماعهما في مجلس العقد وهذا هو خيار المجلس. ولا يسقط إلا بأحد أمرين: تفريق وتخاير. فالتفريق: أن يفارق كل واحد منهما صاحبه بخطوة فصاعدا عن إيثار. والتخاير على ضربين: تخاير في نفس العقد، وتخاير بعده، فالأول أن يقول أحدهما أختار بيعك بشرط أن لا يثبت بيننا خيار المجلس، فيقول المشتري: قبلت، والثاني أن يقول أحدهما لصاحبه في المجلس: اختر، فيختار إمضاء العقد. [١]
إعلم أن البيع ينعقد بوجود الإيجاب من البايع، والقبول من المشتري لكنه لا يلزم المتبايعين بنفس العقد، بل يثبت لهما، ولكل واحد منهما خيار الفسخ مادا ما في المجلس، إلى أن يتفرقا أو تراضيا بالتبايع في المجلس. ورووا ذلك في الصحابة عن علي و عبد الله بن عباس وأبي هريرة، وفي الفقهاء الأوزاعي وأحمد والشافعي. وذهبت طائفة إلى أن البيع يلزم بمجرد العقد، ولا يثبت فيه خيار المجلس بحال. وبه قال مالك و أبو حنيفة وأصحابه. [٢]
لنا بعد إجماع الإمامية ما روي من قوله ( عليه السلام ): المتبايعان، بالخيار ما لم يفترقا إلا بيع الخيار، فسماهما متبايعين، وذلك لا يجوز إلا بعد وجود التبايع منهما - لأنه اسم مشتق من فعل كالضارب والقاتل - ثم أثبت لهما الخيار قبل التفرق - وأقل ما يحصل به التخاير ما ذكرناه، ثم استثنى بيع الخيار وهو الذي لم يثبت فيه الخيار بما قدمناه من حصول التخاير، وفي خبر آخر: ما لم يفترقا عن مكانهما، فإذا تفرقا فقد وجب البيع، وفي خبر آخر: ما لم يفترقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر، وحمل لفظ المتبايعين في الخبر الأول على المتساومين غير صحيح بدليل أن من قال لعبده: إن بعتك فأنت حر، ثم ساوم عليه لم يعتق بلا خلاف، وما يتعلق به في نفي خيار المجلس، من قوله ( عليه السلام ): المتبايعان بالخيار: ما لم يفترقا ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله، وقولهم: إنه أثبت الاستقالة في المجلس وذلك، إنما يثبت في عقد لازم، لا دلالة لهم فيه، وهو بأن يكون دلالة عليهم أولى، لأن المراد لا يحل له أن يفارقه خشية أن يفاسخه ما ثبت من خيار المجلس فعبر عن الفسخ بالاستقالة، وقلنا ذلك لأمرين.
أحدهما: أنه ذكر أمرا يفوت بالتفرق، والاستقالة ليست كذلك، وإنما الذي يفوت بالتفرق هو الفسخ بحق خيار المجلس.
والثاني: أنه نهى عن المفارقة خوفا من الاستقالة، والاستقالة غير منهي عنها، لأن الإقالة غير واجبة، وإنما المنهي عنه مفارقة المجلس خوفا من الفسخ بحق الخيار، لأنه مأمور باستئذان صاحبه واعتبار رضاه. [٣]
أقل ما ينقطع به خيار المجلس خطوة فصاعدا لأنه يقع عليه اسم الافتراق، والزائد يحتاج إلى دليل، وقال الشافعي: يرجع في ذلك إلى العادة. [٤]
بيع الخيار عندنا على ثلاثة أضرب: أحدها خيار المجلس. والثاني أن يشترطا حال العقد أن لا يثبت بينهما خيار المجلس بعد انعقاد البيع. والثالث: أن يشترطا في حال العقد مدة معلومة يكون لهما فيها الخيار ما شاءا، ثلاثا أو شهرا أو أكثر، فإنه ينعقد البيع، ويكون لهما الخيار في تلك المدة.
وقال أبو حنيفة ومالك: بيع الخيار هو ما يشترط فيه الخيار فيثبت فيه خيار الشرط، فعند أبي حنيفة ثلاثا، وعند الشافعي بيع الخيار ما قطع فيه الخيار، وأكثر أصحابه على ما اخترناه أولا في القسم الأول، وفي أصحابه من قال بالقسم الثاني أيضا، وأما القسم الثالث فلم يقل به أحد وهو ما زاد على الثلاث. [٥]

خيار الاشتراط

وهو السبب الثاني للخيار أعني اشتراط المدة له، ويجوز أن يكون ثلاثة أيام فما دونها بلا خلاف، ويجوز الزيادة على الثلاثة، ويلزم الوفاء بذلك، ولا يفسد به العقد[٦]، خلافا لأبي حنيفة والشافعي فإنهما قالا: لا يجوز الزيادة على ثلاثة أيام ويجوز أقل من ذلك فإن شرطا أكثر من ذلك كان البيع فاسدا عند الشافعي وعند أبي حنيفة. لنا على صحة البيع ظاهر القرآن ودلالة الأصل وعلى جواز الزيادة على الثلاثة قوله ( عليه السلام ): المؤمنون عند شروطهم وقوله: الشرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب ولا سنة وما روي من قوله: الخيار ثلاث خبر واحد، ثم إذا لم يمنع من النقصان منها لم يمنع من الزيادة عليها. [٧]
مدة خيار الشرط من حين التفرق بالأبدان، لا من حين حصول العقد لأن العقد لا يثبت إلا بعد التفرق وللشافعي فيه وجهان. [٨]
وإذا ثبت أنه من حين التفرق، فمتى شرطا أن يكون من حين الإيجاب والقبول صح، لأن الأصل جوازه والمنع يحتاج إلى دليل. وقال الشافعي - على قوله أنه من حين العقد -: متى شرطا من حين التفرق بطل العقد، وعلى قوله - من حين التفرق - فشرطا من حين العقد على وجهين: أحدهما يصح والآخر لا يصح. [٩]
وإن شرط الخيار ولم يعين مدة كان الخيار ثلاثا، وإذا اختار من له الفسخ كان له ذلك، ولم يفتقر إلى حضور صاحبه. وهكذا فسخه بالعيب لا يفتقر إلى حضور صاحبه، وسواء ذلك قبل القبض أو بعده وبه قال الشافعي وأبو يوسف. وقال أبو حنيفة ومحمد: إذا اختار فسخ البيع مدة خياره، لم يصح إلا بحضور صاحبه. لنا أن الأصل جوازه، ومن ادعى الحاجة إلى حضور صاحبه فعليه الدلالة. [١٠]
ويثبت الخيار الثلاث في الحيوان بإطلاق العقد للمشتري خاصة من غير شرط، وفي الأمة مدة استبرائها[١١] خلافا للفقهاء. [١٢] لنا بعد إجماع الإمامية أن الثلاث هي المدة المعهودة في الشريعة لضرب الخيار، والكلام إذا أطلق حمل على المعهود، ولما كانت العيوب في الحيوان أخفى، والتغابن فيه أقوى فسخ فيه ما لم يفسح في غيره، ولا يمتنع أن يثبت هذا الخيار من غير شرط، كما يثبت خيار المجلس.
ويسقط هذا الضرب من الخيار بأحد ثلاثة أشياء: انقضاء المدة المضروبة له بلا خلاف، أو التخاير في إثباتها أو التصرف في المبيع، وهو من البايع فسخ ومن المشتري إجازة بلا خلاف. وروى أصحابنا أن المشتري إذا لم يقبض المبيع وقال للبايع: أجيئك بالثمن، ومضى، فعلى البايع الصبر عليه ثلاثا، ثم هو بالخيار بين فسخ العقد ومطالبته بالثمن.
إذا كان المبيع مما يصح بقاؤه، فإن لم يكن كذلك كالخضراوات فعليه الصبر يوما واحدا، ثم هو بالخيار على ما بيناه، وهلاك المبيع في هذه المدة من مال المبتاع وبعدها من مال البايع. [١٣] وإذا هلك المبيع في مدة الخيار بعد القبض، لم ينقطع الخيار. وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: ينقطع. لنا أن الأصل ثبوته والانقطاع يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه. [١٤]
وإذا اشترى سلعة من غيره ولم يقبضها، فهلك في يد البايع فإنها يهلك من ضمانه، وينفسخ البيع، ولا يجب على المشتري تسليم ثمنها إليه. إلا أن يكون المبتاع قد أحدث فيها حدثا يدل على الرضا فيكون هلاكه من ماله وفاقا لأبي حنيفة والشافعي إلا أنا نشترط أن يكون البايع لم يمكنه من التسليم. وقال مالك: من ضمان المشتري وعليه تسليم الثمن إلى البايع، ولا شئ على البايع، إلا أن يكون طالبه المشتري بتسليمه إليه، فلم يسلمه حتى تلف، فيجب عليه قيمته للمشتري.[١٥]

خيار الرؤية

وهو السبب الثالث للخيار، أعني الرؤية في بيع الأعيان الغائبة التي لم يتقدم من المتبايعين أو من أحدهما رؤية لها، وينقطع هذا الخيار ويزول حكمه بأحد أمرين. أحدهما: أن يرى المبيع على ما عين ووصف،[١٦] فإن وجد بخلاف ما عيت ووصف فله الخيار. وهذا البيع صحيح عندنا إذا ذكر جنسه وصفته وفاقا للشافعي في أحد قوليه، وفي قوله الثاني وهو الذي يختارونه أنه لا يصح. وقال أبو حنيفة: يصح ذلك، وإن لم يذكر الجنس. مثل أن يقول: بعتك ما في كمي أو صندوقي، فلا يفتقر إلى ذكر الجنس وإنما يفتقر إلى تعيين المبيع من غيره.
لنا قوله تعالى: { وأحل الله البيع وحرم الربا } [١٧] وما روي من قوله ( عليه السلام ): من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه وقال الشافعي - على قوله الأصح - أن له الخيار على كل حال. لنا أن جواز الخيار في ذلك محتاج إلى دلالة، والعقد قد صح، فمن أبطله، أو أجاز الخيار مطلقا، فعليه الدلالة. [١٨] والثاني: أن يرى المبيع بخلاف ما وصف، ويهمل الفسخ، لأنه على الفور.
ويدخل خيار المجلس في ضروب السلم وغيره لإجماع الإمامية على ذلك[١٩] وكذا خيار الشرط وعند الشافعي لا يدخله.
لنا عموم الأخبار الواردة في جواز الشرط في العقود إلا عقد الصرف فإن خيار الشرط لا يدخله بلا خلاف. [٢٠]
ولا يدخل خيار المجلس فيما ليس ببيع من سائر العقود[٢١] في الوجيز: يثبت خيار المجلس في كل معاوضة محضة من بيع وسلم، وصرف، وإجارة، إلا فيما يستعقب عتاقه كشراء القريب وشراء العبد نفسه ولا يثبت فيما لا يسمى بيعا لقوله ( عليه السلام ): المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا[٢٢] فخص بذلك المتبايعين دون غيرهما فمن ادعى دخول ذلك فيما ليس ببيع فعليه الدليل.
ولا مانع من دخول خيار الشرط فيما ليس ببيع[٢٣] و الصلح لا يدخله خيار المجلس ويجوز فيه خيار الشرط وقال الشافعي: الصلح إذا كان معاوضة مثل البيع يدخله خيار الشرط وخيار المجلس. لنا أنه ليس ببيع والأصل أنه لا خيار ومن ادعى دخول الخيار فيه فعليه الدليل.
الوكالة والعارية والجعالة والوديعة لا خيار في المجلس ولا يمتنع دحول خيار الشرط فيها، وقال الشافعي: لا يدخلها الخياران. لنا ما روي أن كل شرط لا يخالف الكتاب والسنة فهو جائز[٢٤] وهذا شرط لا يخالف الكتاب و السنة.
وإذا وطئ المشتري في مدة الخيار لم يكن مأثوما، ويلحق به الولد، ويكون حرا، ويلزم العقد من جهته، ولم ينفسخ خيار البايع ولو شاهده يطؤها فلم ينكر، لأنه لا دليل على ذلك، فإن فسخ البايع العقد لزم قيمة الولد للمشتري وعشر قيمة الأمة، - إن كانت بكرا - ونصف عشر قيمتها إن كانت ثيبا لأجل الوطئ. [٢٥] وقال الشافعي: لا يجوز له وطؤه فإن وطأها فلا حد عليه، وإن علقت، فالنسب لاحق به والولد حر وفي لزوم العقد من جهته وجهان: قال الإصطخري يكون ذلك رضا بالبيع وقطعا للخيار كما قلنا وعليه أكثر أصحابه.
وقال أبو إسحاق: لا يلزم ذلك بل الخيار باق بحاله[٢٦]، ولم يبطل خيار البايع، علم بوطئه، أو لم يعلم. وفاقا لمذهبنا، وعليه أكثر أصحابه وفي أصحابه من قال: إذا وطئ بعلمه، بطل اختاره. [٢٧]
وخيار المجلس والشرط موروث، ويقوم الوارث مقام من مات منهما. وبه قال الشافعي في خيار الشرط وقال في خيار المجلس: إن كان البايع مكاتبا فقد وجب البيع، ولأصحابه فيه ثلاث طرق: منهم من قال: ينقطع الخيار، ويلزم البيع بموت المكاتب، ولا يلزم بموت الحر. لنا بعد إجماع الإمامية أنه إذا كان حقا للميت ورث كسائر حقوقه لـ ظاهر القرآن. [٢٨]
وإذا جن من له الخيار، أو أغمي عليه، انتقل الخيار إلى وليه. وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة: فإنه قال لا ينقطع بالجنون. لنا قوله ( عليه السلام ): رفع القلم عن ثلاث: عن المجنون حتى يفيق، فدل على أن حكم اختياره قد زال. [٢٩]

خيار العيب

وهو السبب الرابع للخيار، أعني ظهور عيب إذا كان في المبيع قبل قبضه بلا خلاف، ولا ينقطع إلا بأمور خمسة:
أحدها: شرط البراءة من العيوب حالة العقد، فإنه يبرأ من كل عيب، ظاهرا كان أو باطنا، معلوما كان أو غير معلوم، حيوانا كان المبيع أو غيره[٣٠]، وفاقا لأبي حنيفة. وللشافعي ثلاثة أقوال أحدها يصح مثل ما قلناه والثاني: لا يبرأ من عيب بحال، علمه أو لم يعلمه والثالث: لا يبرأ إلا من عيب واحد وهو عيب بباطن الحيوان لم يعلمه البايع. [٣١] لنا قوله ( عليه السلام ): الشرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب ولا سنة.
وإذا اشترى رجل من غيره عبدا فقبضه، ثم ظهر به عيب، فإنه يرده بكل عيب يظهر فيه في مدة الثلاثة أيام من حين العقد وما يظهر بعد الثلاث فإنه لا يرده بعد إلا بثلاثة عيوب: الجنون، والجذام، والبرص فإنه يرده بها إلى سنة. وقال الشافعي: لا يجوز له رده بشئ من العيوب التي تحدث بعد القبض. [٣٢]
وثانيها: تأخيره الرد مع العلم بالعيب، لأنه على الفور بلا خلاف.
وثالثها: الرضا بالعيب بلا خلاف أيضا.
ورابعها: حدوث عيب آخر عند المشتري، وليس له هاهنا إلا الأرش. [٣٣] وفاقا لأبي حنيفة والشافعي. [٣٤] وإذا علم بعيب كان في يد البائع فله الرد أو الإمساك وليس له الإمساك مع الأرش عندهما. وعندنا له أخذ الأرش. وهو أن يرجع على البايع من الثمن بقدر ما نقص من قيمة المبيع صحيحا إلا أن يكون حليا، أو نية من ذهب أو فضة قد بيع بجنسه فإن أخذ الأرش لا يجوز لما يؤدي ذلك إليه من الربا، والأولى فسخ العقد واستئنافه بثمن ليس من جنس المبيع ليسلم من ذلك. [٣٥]
وخامسها: التصرف في المبيع الذي لا يجوز مثله إلا بملك أو الإذن الحاصل له بعد العلم بالعيب فإنه يمنع من الرد بشئ من العيوب، ولا يسقط حق المطالبة بالأرش، لأن التصرف دلالة الرضى بالبيع لا بالعيب، وكذلك حكمه إن كان قبل العلم بالعيب، وكان مما يغير المبيع بزيادة فيه مثل الصبغ للثوب، أو نقصان منه كالقطع له، وإن لم يكن كذلك فله الرد بالعيب إذا علمه ما لم يكن المبيع أمة فيطؤها، فإن ذلك يمنع من ردها بشئ من العيوب إلا الحبل، فإنها ترد به ومعها نصف عشر قيمتها لأجل الوطئ. [٣٦]
من اشترى أمة فوطئها، ثم علم بالعيب لم يكن له ردها وله الأرش وفاقا لأبي حنيفة وهو المروي عن علي بن أبي طالب، وقال الشافعي: له ردها ولا يجب عليه مهرها إن كانت ثيبا، وإن كانت بكرا لم يكن له ردها. [٣٧] وإذا حدث بالمبيع عيب في يد البايع، للمشتري الرد والإمساك بغير الأرش ولا يجبر البايع على بذل الأرش بلا خلاف، فإن تراضيا على الأرش كان جائزا. لقوله ( عليه السلام ) الصلح جائز بين المسلمين إلا ما حرم حلالا أو حرم حراما وظاهر مذهب الشافعي أنه لا يجوز. [٣٨]
وإذا اشترى عبدين صفقة واحدة، فوجد بأحدهما عيبا، لم يجز له أن يرد المعيب دون الصحيح، وله أن يردهما وفاقا للشافعي وقال أبو حنيفة: له أن يرد المعيب دون الآخر. [٣٩]
إذا اشترى جارية رأى شعرها جعدا، ثم وجدها سبطا، لم يكن له الخيار. وفاقا لأبي حنيفة وخلافا للشافعي. لنا أنه لا دليل عليه. [٤٠] وكذا إذا ابيض وجهها [ بالطلاء ] ثم أسمر، أو حمر خدها بالدماء ثم اصفر. وعند الشافعي له الخيار. [٤١]
إذا اشترى جارية على أنها بكر فكانت ثيبا، روى أصحابنا أنه ليس له الرد وقال الشافعي: له الرد. [٤٢] وإذا اشترى عبدا أو أمة فوجده زانيا أو زانية، لم يكن له الخيار. لأنه لا دليل عليه خلافا للشافعي وقال أبو حنيفة في الجارية له الخيار، وفي العبد لا خيار له. [٤٣]
وإذا وجد العبد أو الجارية أبخر فلا خيار له. وقال الشافعي: له الخيار وقال أبو حنيفة في الجارية الخيار وفي العبد لا. [٤٤] وكذا إذا وجد العبد يبول في الفراش سواء كان صغيرا أو كبيرا وقال الشافعي: يثبت الخيار في الكبير دون الصغير وقال أبو حنيفة: يثبت في الجارية دون العبد. [٤٥]
إذا اشترى عبدا فقتله، ثم علم بالعيب كان له الرجوع بالأرش وفاقا للشافعي وقال أبو حنيفة: ليس له ذلك. لنا أنه قد ثبت أن له الرد بالعيب، فمن أسقطه فعليه الدليل. [٤٦]
وإذا أراد أن يرد المبيع بالعيب، جاز له فسخ البيع في غيبة البائع وحضرته، قبل القبض وبعده. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: إذا كان قبل القبض يجوز أن يفسخه في غيبة البايع وإن كان بعد القبض فلا يجوز إلا بحضوره ورضاه أو بحكم الحاكم. لنا أن الرد إذا كان حقه فعل أي وقت شاء، ولا يجوز لأحد منعه. [٤٧]
إذا باع ما يكون مأكوله في جوفه وبعد كسره، مثل البيض والجوز واللوز وغير ذلك، فليس للمشتري رده وله الأرش ما بين قيمته صحيحا وفاسدا وعند الحنفية إن لم ينتفع به يرجع بالثمن كله وإن كان ينتفع به مع فساده لم يرده ورجع بنقصان العيب. وللشافعي ثلاثة أقوال: أحدها: لا يرده، والثاني يرده ولا يرد معه شيئا، والثالث: يرده ويرد معه أرش النقص الذي حدث في يده. لنا أنه قد تصرف في المبيع، فليس له رده بعموم الأخبار الواردة في ذلك. [٤٨]
وإذا اشترى عبدين، فوجد بأحدهما عيبا لم يكن له أن يرد المعيب وكان التخاير بين رد الجميع وأخذ أرش المعيب وهو أحد قولي الشافعي، وقال أبو حنيفة: يجوز له رده وفسخ البيع في المعيب. [٤٩] لنا قوله ( عليه السلام ): لا ضرر ولا إضرار وفي رد المعيب خاصة إضرار، بالبايع. [٥٠] وفي البداية: يأخذهما أو يدعهما [٥١]، وفيه أيضا: من اشترى جارية فوجد بها قرحا فداواها أو دابة فركبها في حاجته فهو رضا وإن ركبها ليردها إلى بايعها أو ليسقيها أو يشتري لها علفا فليس برضى. [٥٢] ويرد الشاة المصراة ومعها صاع من تمر أو بر عوض لبن التصرية[٥٣] وفاقا للشافعي وقال أبو حنيفة: لا خيار له. يدل عليه قوله ( صلى الله عليه وآله ): من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر وفي رواية أخرى أو بر.[٥٤]
ولا يمنع من الرد الزوائد المنفصلة الحاصلة من المبيع في ملك المشتري كالثمرة والنتاج، ومتى رد فذلك له دون البايع [٥٥] وفاقا للشافعي وقال أبو حنيفة: يسقط رد الأصل بالعيب. لنا إجماع الإمامية وأنه ( صلى الله عليه وآله ) قضى أن الخراج بالضمان، ولم يفرق بين الكسب وغيره [٥٦]

خيار الغبن

وهو السبب الخامس للخيار، أعني ظهور غبن لم تجر العادة بمثله[٥٧] خلافا لأبي حنيفة والشافعي فإنهما قالا: ليس له الخيار، سواء كان الغبن قليلا أو كثيرا. وقال مالك: إن كان الغبن دون الثلث فلا خيار، وإن كان الثلث فما فوقه كان له الخيار وبه قال أبو يوسف وزفر. لنا مضافا إلى إجماع الإمامية قوله ( عليه السلام ): لا ضرر ولا إضرار، وهذا ضرر، ونهيه ( عليه السلام ) عن تلقي الركبان وقال: فمن تلقاها فصاحبها بالخيار إذا دخل السوق، ومعلوم أنه إنما جعل له الخيار لأجل الغبن. [٥٨]

المصادر

  1. الغنية 217.
  2. الخلاف: 3 / 7 مسألة 6.
  3. الغنية 217 - 218.
  4. الخلاف: 3 / 21 مسألة 26.
  5. الخلاف: 3 / 8 مسألة 7.
  6. الخلاف: 3 / 32 مسألة 43.
  7. الغنية 219.
  8. الخلاف: 3 / 33 مسألة 44.
  9. الخلاف: 3 / 33 مسألة 45.
  10. الخلاف: 3 / 34 مسألة 47.
  11. الغنية 219.
  12. الخلاف: 3 / 12 مسألة 8.
  13. الغنية 219 - 220.
  14. الخلاف: 3 / 39 مسألة 55.
  15. الخلاف: 3 / 66 مسألة 109.
  16. الغنية 220.
  17. البقرة: 275.
  18. الخلاف: 3 / 5 مسألة 1 - 2.
  19. الغنية 220.
  20. الخلاف: 3 / 12 مسألة 9.
  21. الغنية 220.
  22. الوجيز: 1 / 141.
  23. الغنية 220.
  24. الخلاف: 3 / 12 مسألة 10 - 11.
  25. الغنية 221.
  26. الخلاف: 3 / 23 مسألة 31.
  27. الخلاف: 3 / 23 مسألة 31.
  28. الخلاف: 3 / 26 مسألة 34.
  29. الخلاف: 3 / 27 مسألة 37.
  30. الغنية 221.
  31. الخلاف: 3 / 127 مسألة 213.
  32. الخلاف: 3 / 191 مسألة 320.
  33. الغنية 222.
  34. اللباب في شرح الكتاب: 2 / 21، الوجيز: 1 / 144.
  35. الغنية ص 222.
  36. الغنية 222.
  37. الخلاف: 3 / 108 مسألة 177.
  38. الخلاف: 3 / 109 مسألة 178.
  39. الخلاف: 3 / 110 مسألة 180.
  40. الخلاف: 3 / 111 مسألة 182.
  41. الخلاف: 3 / 111 مسألة 183.
  42. الخلاف: 3 / 112 مسألة 184.
  43. الخلاف: 3 / 112 مسألة 186.
  44. الخلاف: 3 / 113 مسألة 187.
  45. الخلاف: 3 / 113 مسألة 188.
  46. الخلاف: 3 / 114 مسألة 191.
  47. الخلاف: 3 / 116 مسألة 195.
  48. الخلاف: 3 / 116 مسألة 196.
  49. الخلاف: 3 / 15 مسألة 193.
  50. الغنية: 223.
  51. الهداية في شرح البداية: 3 / 41.
  52. الهداية في شرح البداية: 3 / 41.
  53. الغنية 223.
  54. الخلاف: 3 / 102 مسألة 167.
  55. الغنية 223.
  56. الخلاف: 107 مسألة 174.
  57. الغنية 224.
  58. الخلاف: 3 / 41 مسألة 60.