الفرق بين المراجعتين لصفحة: «واقعة حرّة»
لا ملخص تعديل |
|||
| سطر ٢٧: | سطر ٢٧: | ||
== وضع أهل البيت (عليهم السلام) في هذه الواقعة == | == وضع أهل البيت (عليهم السلام) في هذه الواقعة == | ||
امتنع الإمام السجاد (عليه السلام) علي بن الحسين، برؤية سياسية عميقة ووعي بنتائج الثورة، عن تأييدها أو المشاركة فيها<ref>الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1403هـ، ج4، ص372.</ref>. | امتنع [[علي بن الحسين (السجاد)|الإمام السجاد]] (عليه السلام) علي بن الحسين، برؤية سياسية عميقة ووعي بنتائج الثورة، عن تأييدها أو المشاركة فيها<ref>الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1403هـ، ج4، ص372.</ref>. | ||
لذلك، كانت دار الإمام (عليه السلام) آمنة ولم يتعرض لها أحد، كما آوى الإمام حوالي أربعمائة امرأة من بني عبد مناف (تعبير عن عدد كبير) في منزله لحمايتهن من اعتداءات جيش مسلم بن عقبة<ref>الزمخشري، جار الله محمود، ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، تحقيق نعيمي، دار الذخائر، قم، 1410هـ، ج1، ص427.</ref>. وقد أكرم مسلم الإمام في لقائه به<ref>الطبري، محمد بن جرير، المصدر نفسه، ج4، ص379.</ref>. وذكرت المصادر دعاءً للإمام قرأه قبل لقاء مسلم، الذي كان قد هدد الإمام سابقاً، فقام بتكريمه<ref>الشيخ المفيد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، مؤسسة آل البيت، قم، 1413هـ، ج2، ص151-152.</ref>. | لذلك، كانت دار الإمام (عليه السلام) آمنة ولم يتعرض لها أحد، كما آوى الإمام حوالي أربعمائة امرأة من بني عبد مناف (تعبير عن عدد كبير) في منزله لحمايتهن من اعتداءات جيش مسلم بن عقبة<ref>الزمخشري، جار الله محمود، ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، تحقيق نعيمي، دار الذخائر، قم، 1410هـ، ج1، ص427.</ref>. وقد أكرم مسلم الإمام في لقائه به<ref>الطبري، محمد بن جرير، المصدر نفسه، ج4، ص379.</ref>. وذكرت المصادر دعاءً للإمام قرأه قبل لقاء مسلم، الذي كان قد هدد الإمام سابقاً، فقام بتكريمه<ref>الشيخ المفيد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، مؤسسة آل البيت، قم، 1413هـ، ج2، ص151-152.</ref>. | ||
ومن المعروف أن الثورات العفوية التي حدثت بعد ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) في مختلف أنحاء العالم الإسلامي كانت غالباً ما تواجه معارضة أو تجاهلاً من الأئمة (عليهم السلام)، لأن كثيراً من هذه الثورات كانت تبدأ بأهداف خاطئة وتفرض أعباء ثقيلة على المجتمع المسلم، ومن هذه الثورات واقعة الحرّة التي تعد من أكثر هذه الثورات مأساوية. | ومن المعروف أن الثورات العفوية التي حدثت بعد ثورة [[حسين بن علي (سيدالشهداء)|الإمام الحسين (عليه السلام)]] في مختلف أنحاء العالم الإسلامي كانت غالباً ما تواجه معارضة أو تجاهلاً من الأئمة (عليهم السلام)، لأن كثيراً من هذه الثورات كانت تبدأ بأهداف خاطئة وتفرض أعباء ثقيلة على المجتمع المسلم، ومن هذه الثورات واقعة الحرّة التي تعد من أكثر هذه الثورات مأساوية. | ||
== مصادر للقراءة == | == مصادر للقراءة == | ||
مراجعة ١٤:١٥، ٢١ أكتوبر ٢٠٢٥
واقعة حرّة هي حادثة قمع ثورة أهل المدينة المنورة على يد جيوش يزيد بقيادة مسلم بن عقبة في عام 63 هـ. وسُميت الواقعة بهذا الاسم لأن جيش يزيد نصب معسكراً في صحراء تُسمى "الحرّة" حول المدينة، وانطلق منها للهجوم على المدينة، ومن هنا أُطلق عليها اسم واقعة الحرّة. في هذه الواقعة، استولى جيش مسلم بن عقبة على المدينة في يوم واحد ولم يرحم أي جريمة ارتكبها. وبحسب الروايات، قتل حوالي ألف وسبعمائة من كبار وأعيان المدينة، وحوالي عشرة آلاف من بقية أهلها. وقعت هذه الواقعة في أواخر شهر ذو الحجة (وفقاً لبعض الروايات في 28 ذو الحجة).
واقعة الحرّة
وقعت فاجعة الحرّة في ذي الحجة عام 63 هـ[١]، وتعرف أيضاً بواقعة "الحرّة"[٢]. بعد حادثة كربلاء الدامية ووعي الناس بطبيعة يزيد وشره وخبثه، وبدعوة للثورة والجهاد من عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة وبعض أصحاب النفوذ، اندلعت ثورة دامية في المدينة.
بدأ أهل المدينة بالبيعة لعبد الله بن حنظلة حتى الموت، ثم أخرجوا عثمان بن محمد بن أبي سفيان، والي المدينة. اجتمع بنو أمية في منزل مروان بن الحكم وحُبسوا جميعاً هناك. خلع أهل المدينة يزيد من الخلافة وسبوه ولعنوه. وعندما علم يزيد بالأمر، جمع جيشاً عظيماً وعين على قيادته رجل دموي يُدعى مسلم بن عقبة[٣]. هذا القائد القاسي، بعد حصار المدينة، حطم مقاومتهم وشرع في قتل ونهب المدينة، وأشعل مجازر واسعة فيها.
يكتب ابن الأثير: سمح مسلم بن عقبة لجيشه بالتصرف في المدينة ثلاثة أيام كما يشاءون، فارتكبوا مجازر واسعة ونهبوا أموال الناس[٤]. ويذكر ابن قتيبة: دخل أحد جنود الشام إلى بيت امرأة لديها طفل رضيع، وطلب منها أموالاً، فأخبرته أن كل ما لديها قد نهب. فقام الجندي القاسي بفصل الطفل عن حضن أمه وضرب رأسه بالحائط حتى تحطم دماغه أمام عينيها[٥]. وعندما سيطر مسلم بن عقبة على الناس، أخذ منهم البيعة كعبيد ليزيد، حيث أصبحت أموالهم وأسرهم تحت تصرف يزيد، وكل من رفض قُتل[٦].
في هذه الفاجعة قُتل ألف وسبعمائة من كبار المهاجرين والأنصار، وعشرة آلاف من بقية المسلمين[٧]. ويكتب ابن أبي الحديد: قام جنود الشام بذبح أهل المدينة كما يذبح الجزار الغنم، حتى سالت الدماء بغزارة، وقتلوا أبناء المهاجرين والأنصار والمجاهدين في بدر، ومن تبقى أخذوا كعبيد ليزيد[٨].
وقد كتب المؤرخون أن مسلم بن عقبة اشتهر بلقب "المسرف" بسبب سفكه دماء الأبرياء بلا حدود[٩]. وفي هذه الفاجعة تم الاعتداء على نساء المسلمين، حيث تعرضت مجموعة منهن للاغتصاب[١٠]. ويكتب ياقوت الحموي في معجم البلدان: في هذه الفاجعة، جعل مسلم بن عقبة النساء مباحات لجنوده[١١]. ويذكر السيوطي (العالم المعروف من أهل السنة والجماعة) أن الحسن البصري تحدث عن هذه الفاجعة وقال: والله ما نجا أحد من تلك الحادثة إلا إما قُتل أو جُرح أو تعرض للأذى والمهانة؛ وقُتل عدد كبير من الصحابة وغيرهم من المسلمين، ونهبت المدينة واغتصبت ألف فتاة!!
ثم قال بحزن وأسف: إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (البقرة/156) ثم أضاف: وهذا في حين قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من أخاف أهل المدينة أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"، (كل من يخيف أهل المدينة، سيخافه الله ويلعنه الله والملائكة والناس كافة!)[١٢][١٣].
وضع أهل البيت (عليهم السلام) في هذه الواقعة
امتنع الإمام السجاد (عليه السلام) علي بن الحسين، برؤية سياسية عميقة ووعي بنتائج الثورة، عن تأييدها أو المشاركة فيها[١٤]. لذلك، كانت دار الإمام (عليه السلام) آمنة ولم يتعرض لها أحد، كما آوى الإمام حوالي أربعمائة امرأة من بني عبد مناف (تعبير عن عدد كبير) في منزله لحمايتهن من اعتداءات جيش مسلم بن عقبة[١٥]. وقد أكرم مسلم الإمام في لقائه به[١٦]. وذكرت المصادر دعاءً للإمام قرأه قبل لقاء مسلم، الذي كان قد هدد الإمام سابقاً، فقام بتكريمه[١٧].
ومن المعروف أن الثورات العفوية التي حدثت بعد ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) في مختلف أنحاء العالم الإسلامي كانت غالباً ما تواجه معارضة أو تجاهلاً من الأئمة (عليهم السلام)، لأن كثيراً من هذه الثورات كانت تبدأ بأهداف خاطئة وتفرض أعباء ثقيلة على المجتمع المسلم، ومن هذه الثورات واقعة الحرّة التي تعد من أكثر هذه الثورات مأساوية.
مصادر للقراءة
- تاريخ المدينة من تأليف ابن شبه
- دولة الأمويين من تأليف تقوش، ترجمة حجة الله جودكي.
الهوامش
- ↑ الكامل في التاريخ لابن الأثير، ج4، ص120 وتاريخ الطبري، ج4، ص374.
- ↑ الحرّة تعني الأرض الصخرية والحجرية، ونظراً لأن جزءاً من المدينة مغطى بصخور بركانية وحجرية، سُميت تلك المنطقة بالحرّة، ولأن هذه الفاجعة وقعت في تلك المنطقة، ومن خلال دخول جيش الشام إلى المدينة عبر "الحرّة والأقم"، عُرفت أيضاً بواقعة الحرّة (لسان العرب، مادة حرّة).
- ↑ كان معاوية قد أوصى يزيد بأنه إذا نقض أهل المدينة البيعة، فعليه أن يكسرهم مع مسلم بن عقبة! (الكامل لابن الأثير، ج4، ص112 والإمامة والسياسة، ج1، ص231).
- ↑ الكامل لابن الأثير، ج4، ص117.
- ↑ الإمامة والسياسة، ج1، ص238.
- ↑ تاريخ الطبري، ج4، ص381؛ الكامل لابن الأثير، ج4، ص118؛ المروج الذهب، ج3، ص70. ومن الجدير بالذكر أنه بسبب تأثير فاجعة كربلاء في الرأي العام، أمر يزيد بعدم التعرض للإمام علي بن الحسين (زين العابدين) وأهل بيته، واستثناهم من هذه البيعة.
- ↑ الإمامة والسياسة، ج1، ص239.
- ↑ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج3، ص259.
- ↑ المروج الذهب، ج3، ص69 والكامل لابن الأثير، ج4، ص120.
- ↑ الإمامة والسياسة، ج2، ص15.
- ↑ معجم البلدان، ج2، ص249 (كلمة حرّة وأقم).
- ↑ تاريخ الخلفاء، ص233. هذه الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وردت في كتب أهل السنة بعبارات مختلفة؛ انظر صحيح مسلم، كتاب الحج، باب فضل المدينة، حديث 10 و16؛ مسند أحمد، ج4، ص55؛ كنز العمال، ج12، ص246-247. للمزيد عن واقعة الحرّة ومجزرة أهلها انظر تاريخ الطبري، ج4، ص370-381؛ الكامل لابن الأثير، ج4، ص111-121؛ وأنساب الأشراف، ج5، ص337-355.
- ↑ مجمّع من كتاب: عاشوراء الأسباب والدوافع والأحداث والنتائج، تحت إشراف آية الله مكارم شيرازي، ص219.
- ↑ الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1403هـ، ج4، ص372.
- ↑ الزمخشري، جار الله محمود، ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، تحقيق نعيمي، دار الذخائر، قم، 1410هـ، ج1، ص427.
- ↑ الطبري، محمد بن جرير، المصدر نفسه، ج4، ص379.
- ↑ الشيخ المفيد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، مؤسسة آل البيت، قم، 1413هـ، ج2، ص151-152.
مصادر
مقتبس من موقع مركز الدراسات والرد على الشبهات في الحوزة العلمية في قم
