الفرق بين المراجعتين لصفحة: «فاطمة بنت موسی (المعصومة)»
أنشأ الصفحة ب' السيدة فَاطِمَةُ المعصومة بِنْتُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ(عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) كَانَتْ سَيِّدَةً فَاضِلَةً مِنْ بَيْتِ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ). يُعَظِّمُ الشِّيعَةُ فَاطِمَةَ المَعْصُومَةَ (سَلَامُ الل...' |
لا ملخص تعديل |
||
| سطر ٨: | سطر ٨: | ||
==سيرة حياة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)== | ==سيرة حياة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)== | ||
وُلِدَتْ السَّيِّدَةُ فَاطِمَةُ المَعْصُومَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فِي اليَوْمِ الأَوَّلِ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ 173 هـ فِي [[المدينة المنورة|المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ]]. وَكَانَ أَبُوهَا الإِمَامُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، الإِمَامُ السَّابِعُ عِنْدَ الشِّيعَةِ، وَأُمُّهَا السَّيِّدَةُ نَجْمَةُ وَهِيَ أُمُّ [[علي بن موسى (الرضا)|الإِمَامِ الرِّضَا]] (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَيْضًا، كَانَتْ نَجْمَةُ مِنَ النِّسَاءِ الفَاضِلَاتِ، قُدْوَةً فِي التَّقْوَى وَالشَّرَفِ، وَمِنْ أَعْظَمِ نِسَاءِ البَشَرِيَّةِ، اخْتُلِفَ المورخون فِي عَدَدِ أَوْلَادِ الإِمَامِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَكَمْ مِنْهُمُ اسْمُهُمْ فَاطِمَةُ. ذَكَرَ الشَّيْخُ المُفِيدُ أَنَّهُمْ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَلَدًا: تِسْعَةَ عَشَرَ ذَكَرًا وَثَمَانِيَ عَشَرَ أُنْثَى، مِنْهُمُ اثْنَتَانِ تُسَمَّيَانِ فَاطِمَةَ: فَاطِمَةُ الكُبْرَى وَفَاطِمَةُ الصُّغْرَى. وَكَانَتْ فَاطِمَةُ المَعْصُومَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) بَعْدَ أَخِيهَا الإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَفْضَلَ وَلَدِ الإِمَامِ الكَاظِمِ(عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَأَعْلَاهُمْ | وُلِدَتْ السَّيِّدَةُ فَاطِمَةُ المَعْصُومَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فِي اليَوْمِ الأَوَّلِ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ 173 هـ فِي [[المدينة المنورة|المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ]]. وَكَانَ أَبُوهَا الإِمَامُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، الإِمَامُ السَّابِعُ عِنْدَ الشِّيعَةِ، وَأُمُّهَا السَّيِّدَةُ نَجْمَةُ وَهِيَ أُمُّ [[علي بن موسى (الرضا)|الإِمَامِ الرِّضَا]] (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَيْضًا، كَانَتْ نَجْمَةُ مِنَ النِّسَاءِ الفَاضِلَاتِ، قُدْوَةً فِي التَّقْوَى وَالشَّرَفِ، وَمِنْ أَعْظَمِ نِسَاءِ البَشَرِيَّةِ، اخْتُلِفَ المورخون فِي عَدَدِ أَوْلَادِ الإِمَامِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَكَمْ مِنْهُمُ اسْمُهُمْ فَاطِمَةُ. ذَكَرَ الشَّيْخُ المُفِيدُ أَنَّهُمْ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَلَدًا: تِسْعَةَ عَشَرَ ذَكَرًا وَثَمَانِيَ عَشَرَ أُنْثَى، مِنْهُمُ اثْنَتَانِ تُسَمَّيَانِ فَاطِمَةَ: فَاطِمَةُ الكُبْرَى وَفَاطِمَةُ الصُّغْرَى. وَكَانَتْ فَاطِمَةُ المَعْصُومَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) بَعْدَ أَخِيهَا الإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَفْضَلَ وَلَدِ الإِمَامِ الكَاظِمِ(عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَأَعْلَاهُمْ مَقَامً<ref>حياة السيدة المعصومه (سلامالله علیها)، مختار اصلانیا</ref>. | ||
نَشَأَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فِي بَيْتٍ زَاخِرٍ بِالعِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ، وَلَكِنْ قَبْلَ أَنْ تَتَجَاوَزَ العَاشِرَةَ مِنْ عُمُرِهَا، اسْتُشْهِدَ أَبُوهَا بِالسَّمِّ فِي سِجْنِ هَارُونَ الرَّشِيدِ، فَغَمَرَ الحُزْنُ قَلْبَهَا. كَانَ الإِمَامُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هُوَ مَلَاذُهَا فِي تِلْكَ الفَتْرَةِ، إِلَى أَنْ نَفَى المَأْمُونُ الإِمَامَ إِلَى خُرَاسَانَ بِالإِكْرَاهِ. احْتَمَلَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فِرَاقَ أَخِيهَا لِمُدَّةِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ. | نَشَأَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فِي بَيْتٍ زَاخِرٍ بِالعِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ، وَلَكِنْ قَبْلَ أَنْ تَتَجَاوَزَ العَاشِرَةَ مِنْ عُمُرِهَا، اسْتُشْهِدَ أَبُوهَا بِالسَّمِّ فِي سِجْنِ هَارُونَ الرَّشِيدِ، فَغَمَرَ الحُزْنُ قَلْبَهَا. كَانَ الإِمَامُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هُوَ مَلَاذُهَا فِي تِلْكَ الفَتْرَةِ، إِلَى أَنْ نَفَى المَأْمُونُ الإِمَامَ إِلَى خُرَاسَانَ بِالإِكْرَاهِ. احْتَمَلَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فِرَاقَ أَخِيهَا لِمُدَّةِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ. | ||
فِي سَنَةِ 201 هـ، بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ وُصُولِ الإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى مَرْوَ، خَرَجَتْ لِزِيَارَتِهِ. وَلَكِنَّهَا أُصِيبَتْ بِمَرَضٍ شَدِيدٍ فِي مَدِينَةِ سَاوَةَ. فَسَأَلَتْ: كَمْ بَيْنَ سَاوَةَ وَقُمَّ؟ فَقِيلَ لَهَا: عَشَرَةُ فَرَاسِخَ. فَأَمَرَتْ خَادِمَهَا بِحَمْلِهَا إِلَى قُمَّ، حَيْثُ نَزَلَتْ فِي دَارِ مُوسَى بْنِ خَزْرَجٍ الأَشْعَرِيِّ. | فِي سَنَةِ 201 هـ، بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ وُصُولِ الإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى مَرْوَ، خَرَجَتْ لِزِيَارَتِهِ. وَلَكِنَّهَا أُصِيبَتْ بِمَرَضٍ شَدِيدٍ فِي مَدِينَةِ سَاوَةَ. فَسَأَلَتْ: كَمْ بَيْنَ سَاوَةَ وَقُمَّ؟ فَقِيلَ لَهَا: عَشَرَةُ فَرَاسِخَ. فَأَمَرَتْ خَادِمَهَا بِحَمْلِهَا إِلَى قُمَّ، حَيْثُ نَزَلَتْ فِي دَارِ مُوسَى بْنِ خَزْرَجٍ الأَشْعَرِيِّ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، نَقَلَ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ القُمِّيُّ فِي «تَارِيخِ قُمَّ» أَنَّ مُوسَى بْنَ خَزْرَجٍ خَرَجَ لَيْلًا لِاسْتِقْبَالِهَا وَاسْتَضَافَهَا فِي مَنْزِلِهِ. بَقِيَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تُوُفِّيَتْ. دُفِنَتْ فِي بُسْتَانِ «بَابِلَانَ» (المَوْقِعِ الحَالِيِّ) بَعْدَ أَنْ صَلَّى عَلَيْهَا مُوسَى بْنُ خَزْرَجٍ.اخْتُلِفَ فِي عُمْرِهَا: فَبَيْنَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا وَمَنْ ذَكَرَ أَكْثَرَ. وَبِحَسَبِ بَعْضِ التَّقْدِيرَاتِ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عُمْرُهَا أَقَلَّ مِنْ 22 سَنَةً، لِأَنَّ أَبَاهَا اسْتُشْهِدَ سَنَةَ 179 هـ وَهِيَ تُوُفِّيَتْ سَنَةَ 201 هـ. وَقِيلَ إِنَّ وِلَادَتَهَا كَانَتْ فِي 1 ذِي القَعْدَةِ 173 هـ وَوَفَاتُهَا فِي 10 رَبِيعِ الثَّانِي 201 هـ <ref>نورالآفاق، جواد شاهعبدالعظیمی</ref>. | ||
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، نَقَلَ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ القُمِّيُّ فِي «تَارِيخِ قُمَّ» أَنَّ مُوسَى بْنَ خَزْرَجٍ خَرَجَ لَيْلًا لِاسْتِقْبَالِهَا وَاسْتَضَافَهَا فِي مَنْزِلِهِ. بَقِيَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تُوُفِّيَتْ. دُفِنَتْ فِي بُسْتَانِ «بَابِلَانَ» (المَوْقِعِ الحَالِيِّ) بَعْدَ أَنْ صَلَّى عَلَيْهَا مُوسَى بْنُ خَزْرَجٍ. | |||
اخْتُلِفَ فِي عُمْرِهَا: فَبَيْنَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا وَمَنْ ذَكَرَ أَكْثَرَ. وَبِحَسَبِ بَعْضِ التَّقْدِيرَاتِ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عُمْرُهَا أَقَلَّ مِنْ 22 سَنَةً، لِأَنَّ أَبَاهَا اسْتُشْهِدَ سَنَةَ 179 هـ وَهِيَ تُوُفِّيَتْ سَنَةَ 201 هـ. وَقِيلَ إِنَّ وِلَادَتَهَا كَانَتْ فِي 1 ذِي القَعْدَةِ 173 هـ وَوَفَاتُهَا فِي 10 رَبِيعِ الثَّانِي 201 هـ. | |||
== مُحَدِّثَةٌ وَرَاوِيَةٌ لِلحَدِيثِ == | == مُحَدِّثَةٌ وَرَاوِيَةٌ لِلحَدِيثِ == | ||
مِنْ خَصَائِصِهَا (عَلَيْهَا السَّلَامُ) عِلْمُهَا بِالفِقْهِ وَالحَدِيثِ، حَيْثُ رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيثَ. ذَكَرَ العَلَّامَةُ الأَمِينِيُّ فِي كِتَابِ «الغَدِيرِ» بَعْضَهَا، مِثْلَ: | مِنْ خَصَائِصِهَا (عَلَيْهَا السَّلَامُ) عِلْمُهَا بِالفِقْهِ وَالحَدِيثِ، حَيْثُ رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيثَ. ذَكَرَ العَلَّامَةُ الأَمِينِيُّ فِي كِتَابِ «الغَدِيرِ» بَعْضَهَا، مِثْلَ: «عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا حَدَّثَتْنِي... مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» <ref>علامه امینی، الغدیر، ج 1، ص 196</ref>.وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى مَكَانَتِهَا العِلْمِيَّةِ الرَّفِيعَةِ. | ||
«عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا حَدَّثَتْنِي... مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» | |||
وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى مَكَانَتِهَا العِلْمِيَّةِ الرَّفِيعَةِ. | ==مقام العصمة للسيدة المعصومة (عليها السلام)== | ||
مقام العصمة - وهو أعلى درجات الطهارة والمعنوية - له مراتب، وينقسم أولاً إلى نوعين: | |||
معصوم من الخطأ (في التبليغ والفهم). | |||
معصوم من الذنب (السيئات والمعاصي). | |||
وفي هذا الصدد، روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) قوله:«مَنْ زَارَ الْمَعْصُومَةَ بِقُمَّ كَمَنْ زَارَنِي»<ref>ریاحین الشریعه، ج 5، ص 35</ref>. (أي: من زار السيدة المعصومة في قم فكأنما زارني أنا). | |||
هذا الحديث قد يشير إلى أن للسيدة المعصومة (عليها السلام) مقاماً عصمياً، خاصةً أن الإمام الرضا (عليه السلام) هو من أطلق عليها لقب "المعصومة"، بينما اسمها الأصلي هو فاطمة. | |||
وإن كانت عصمتها (عليها السلام) لا تصل إلى درجة الأربعة عشر معصوماً (الأنبياء والأئمة)، إلا أنها - كالسيدة زينب (عليها السلام) - في مراتب عالية من الطهارة والعصمة النسبية. | |||
== الزيارة المخصوصة للسيدة المعصومة == | |||
من الأدلة على مكانتها الفريدة الزيارة التي نُقلت عن الإمام الرضا (عليه السلام) في حقها، وهي - بعد السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) - الزيارة الوحيدة التي ثبتت عن المعصوم لامرأة، مما يميزها عن سائر نساء أهل البيت (عليهم السلام). | |||
كما وردت روايات عن الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الجواد (عليهم السلام) تُشير إلى أن: | |||
«الجنة هي ثواب من زار فاطمة بنت موسى الكاظم (عليها السلام)». | |||
وفاتها (عليها السلام) | |||
في العاشر من ربيع الثاني تحلّ ذكرى رحيل السيدة المعصومة (عليها السلام)، والتي قدمت إلى إيران بعد عامٍ من وصول أخيها الإمام الرضا (عليه السلام) إليها، برفقة مجموعة من الإخوة والأخوات وأقارب آخرين. | |||
يذكر جعفر مرتضى العاملي أن القافلة تألفت من 22 شخصاً من العلويين وإخوة الإمام، بينما يرى بعض الباحثين أن العدد كان حوالي 400 شخص، وأن 23 منهم استُشهدوا في ساوة. | |||
عند وصول القافلة إلى ساوة، هاجمهم عملاء السلطة، فاستشهد الكثيرون، وأصيبت السيدة المعصومة (عليها السلام) بمرضٍ شديد. فسألت خادمها: كم بين هنا وقم؟ فأجاب: 10 فراسخ (حوالي 60 كم). فأمرته بحملها إلى قم، وهناك استقبلها موسى بن خزرج الأشعري (من وجهاء الشيعة في قم) وأدخلها إلى منزله، حيث توفيت بعد أيام. | |||
مراجعة ١٦:٠٩، ٢٤ مايو ٢٠٢٥
السيدة فَاطِمَةُ المعصومة بِنْتُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ(عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) كَانَتْ سَيِّدَةً فَاضِلَةً مِنْ بَيْتِ أَهْلِ البَيْتِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ). يُعَظِّمُ الشِّيعَةُ فَاطِمَةَ المَعْصُومَةَ (سَلَامُ اللهِ عَلَيهَا) جِدًّا، وَيُولُونَ زِيَارَتَهَا فِي مَدِينَةِ قُمَّ أَهَمِّيَّةً كُبْرَى. وَقَدْ وَرَدَتْ رِوَايَاتٌ عَنْهَا (عَلَيْهَا السَّلَامُ) تُشِيرُ إِلَى شَفَاعَتِهَا لِشِيعَتِهَا، وَأَنَّ الجَنَّةَ هِيَ جَزَاءُ زَائِرِهَا، وكَانَ أَبُوهَا الإِمَامُ السَّابِعُ عِنْدَ الشِّيعَةِ، مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وَأُمُّهَا السَّيِّدَةُ نَجْمَةُ الَّتِي كَانَتْ تُلَقَّبُ بِـ"الطَّاهِرَةِ" لِطُهْرِهَا وَنَقَاءِ سَرِيرَتِهَا. وَفَارَقَتِ الحَيَاةَ فِي سِنِّ الـ28، فِي اليَوْمِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعِ الثَّانِي سَنَةَ 201 هـ، وَدُفِنَتْ فِي قُمَّ. وَاليَوْمَ، ضَرِيحُهَا المُقَدَّسُ يَشِعُّ كَالشَّمْسِ فِي قَلْبِ المَدِينَةِ، مُنِيرًا القُلُوبَ وَالأَرْوَاحَ العَطْشَى لِمَعَارِفِ الحَقِّ. لَقَدْ كَانَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) "بَتُولَ الثَّانِيَةَ" وَمَظْهَرًا مِنْ مَظَاهِرِ السَّيِّدَةِ الزَّهْرَاءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ). وَكَانَتْ تَتَمَتَّعُ بِطَهَارَةِ النَّفْسِ وَمَقَامٍ رَفِيعٍ، حَتَّى أَطْلَقَ عَلَيْهَا أَخُوهَا الإِمَامُ الثَّامِنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَقَبَ "المَعْصُومَةِ"، وَقَالَ:«مَنْ زَارَ المَعْصُومَةَ بِقُمَّ كَمَنْ زَارَنِي»(أَيْ: مَنْ زَارَ الحَرَمَ المَعْصُومِيَّ فَكَأَنَّمَا زَارَنِي).وَقَدْ بَلَغَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) مَرَاتِبَ عَالِيَةً فِي العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ، حَيْثُ نَقْرَأُ فِي زِيَارَتِهَا الغَيْرِ المَشْهُورَةِ:«السَّلَامُ عَلَيكِ يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَحُجَّتَهُ وَأَمِينَتَهُ» وَفِي نَصٍّ آخَرَ:«السَّلَامُ عَلَيكِ أَيَّتُهَا الطَّاهِرَةُ الحَمِيدَةُ البَرَّةُ الرَّشِيدَةُ التَّقِيَّةُ الرَّضِيَّةُ المَرْضِيَّةُ»وَلِهَذَا المَقَامِ الرَّفِيعِ، عَلَّمَنَا الإِمَامُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنْ نَقُولَ عِنْدَ قَبْرِهَا:«يَا فَاطِمَةُ، اشْفَعِي لِي فِي الجَنَّةِ، فَإِنَّ لَكِ عِنْدَ اللهِ شَأْنًا مِنَ الشَّأْنِ» وَيُحْتَفَلُ فِي إِيرَانَ بِـ"يَوْمِ البِنْتِ" تَزْمِينًا بِمِيلَادِ السَّيِّدَةِ المَعْصُومَةِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ).
سيرة حياة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام)
وُلِدَتْ السَّيِّدَةُ فَاطِمَةُ المَعْصُومَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فِي اليَوْمِ الأَوَّلِ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ 173 هـ فِي المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ. وَكَانَ أَبُوهَا الإِمَامُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، الإِمَامُ السَّابِعُ عِنْدَ الشِّيعَةِ، وَأُمُّهَا السَّيِّدَةُ نَجْمَةُ وَهِيَ أُمُّ الإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَيْضًا، كَانَتْ نَجْمَةُ مِنَ النِّسَاءِ الفَاضِلَاتِ، قُدْوَةً فِي التَّقْوَى وَالشَّرَفِ، وَمِنْ أَعْظَمِ نِسَاءِ البَشَرِيَّةِ، اخْتُلِفَ المورخون فِي عَدَدِ أَوْلَادِ الإِمَامِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَكَمْ مِنْهُمُ اسْمُهُمْ فَاطِمَةُ. ذَكَرَ الشَّيْخُ المُفِيدُ أَنَّهُمْ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَلَدًا: تِسْعَةَ عَشَرَ ذَكَرًا وَثَمَانِيَ عَشَرَ أُنْثَى، مِنْهُمُ اثْنَتَانِ تُسَمَّيَانِ فَاطِمَةَ: فَاطِمَةُ الكُبْرَى وَفَاطِمَةُ الصُّغْرَى. وَكَانَتْ فَاطِمَةُ المَعْصُومَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) بَعْدَ أَخِيهَا الإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَفْضَلَ وَلَدِ الإِمَامِ الكَاظِمِ(عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَأَعْلَاهُمْ مَقَامً[١]. نَشَأَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فِي بَيْتٍ زَاخِرٍ بِالعِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ، وَلَكِنْ قَبْلَ أَنْ تَتَجَاوَزَ العَاشِرَةَ مِنْ عُمُرِهَا، اسْتُشْهِدَ أَبُوهَا بِالسَّمِّ فِي سِجْنِ هَارُونَ الرَّشِيدِ، فَغَمَرَ الحُزْنُ قَلْبَهَا. كَانَ الإِمَامُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) هُوَ مَلَاذُهَا فِي تِلْكَ الفَتْرَةِ، إِلَى أَنْ نَفَى المَأْمُونُ الإِمَامَ إِلَى خُرَاسَانَ بِالإِكْرَاهِ. احْتَمَلَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فِرَاقَ أَخِيهَا لِمُدَّةِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ. فِي سَنَةِ 201 هـ، بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ وُصُولِ الإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى مَرْوَ، خَرَجَتْ لِزِيَارَتِهِ. وَلَكِنَّهَا أُصِيبَتْ بِمَرَضٍ شَدِيدٍ فِي مَدِينَةِ سَاوَةَ. فَسَأَلَتْ: كَمْ بَيْنَ سَاوَةَ وَقُمَّ؟ فَقِيلَ لَهَا: عَشَرَةُ فَرَاسِخَ. فَأَمَرَتْ خَادِمَهَا بِحَمْلِهَا إِلَى قُمَّ، حَيْثُ نَزَلَتْ فِي دَارِ مُوسَى بْنِ خَزْرَجٍ الأَشْعَرِيِّ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، نَقَلَ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ القُمِّيُّ فِي «تَارِيخِ قُمَّ» أَنَّ مُوسَى بْنَ خَزْرَجٍ خَرَجَ لَيْلًا لِاسْتِقْبَالِهَا وَاسْتَضَافَهَا فِي مَنْزِلِهِ. بَقِيَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تُوُفِّيَتْ. دُفِنَتْ فِي بُسْتَانِ «بَابِلَانَ» (المَوْقِعِ الحَالِيِّ) بَعْدَ أَنْ صَلَّى عَلَيْهَا مُوسَى بْنُ خَزْرَجٍ.اخْتُلِفَ فِي عُمْرِهَا: فَبَيْنَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا وَمَنْ ذَكَرَ أَكْثَرَ. وَبِحَسَبِ بَعْضِ التَّقْدِيرَاتِ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عُمْرُهَا أَقَلَّ مِنْ 22 سَنَةً، لِأَنَّ أَبَاهَا اسْتُشْهِدَ سَنَةَ 179 هـ وَهِيَ تُوُفِّيَتْ سَنَةَ 201 هـ. وَقِيلَ إِنَّ وِلَادَتَهَا كَانَتْ فِي 1 ذِي القَعْدَةِ 173 هـ وَوَفَاتُهَا فِي 10 رَبِيعِ الثَّانِي 201 هـ [٢].
مُحَدِّثَةٌ وَرَاوِيَةٌ لِلحَدِيثِ
مِنْ خَصَائِصِهَا (عَلَيْهَا السَّلَامُ) عِلْمُهَا بِالفِقْهِ وَالحَدِيثِ، حَيْثُ رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيثَ. ذَكَرَ العَلَّامَةُ الأَمِينِيُّ فِي كِتَابِ «الغَدِيرِ» بَعْضَهَا، مِثْلَ: «عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا حَدَّثَتْنِي... مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» [٣].وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى مَكَانَتِهَا العِلْمِيَّةِ الرَّفِيعَةِ.
مقام العصمة للسيدة المعصومة (عليها السلام)
مقام العصمة - وهو أعلى درجات الطهارة والمعنوية - له مراتب، وينقسم أولاً إلى نوعين: معصوم من الخطأ (في التبليغ والفهم). معصوم من الذنب (السيئات والمعاصي). وفي هذا الصدد، روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) قوله:«مَنْ زَارَ الْمَعْصُومَةَ بِقُمَّ كَمَنْ زَارَنِي»[٤]. (أي: من زار السيدة المعصومة في قم فكأنما زارني أنا). هذا الحديث قد يشير إلى أن للسيدة المعصومة (عليها السلام) مقاماً عصمياً، خاصةً أن الإمام الرضا (عليه السلام) هو من أطلق عليها لقب "المعصومة"، بينما اسمها الأصلي هو فاطمة. وإن كانت عصمتها (عليها السلام) لا تصل إلى درجة الأربعة عشر معصوماً (الأنبياء والأئمة)، إلا أنها - كالسيدة زينب (عليها السلام) - في مراتب عالية من الطهارة والعصمة النسبية.
الزيارة المخصوصة للسيدة المعصومة
من الأدلة على مكانتها الفريدة الزيارة التي نُقلت عن الإمام الرضا (عليه السلام) في حقها، وهي - بعد السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) - الزيارة الوحيدة التي ثبتت عن المعصوم لامرأة، مما يميزها عن سائر نساء أهل البيت (عليهم السلام).
كما وردت روايات عن الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الجواد (عليهم السلام) تُشير إلى أن: «الجنة هي ثواب من زار فاطمة بنت موسى الكاظم (عليها السلام)».
وفاتها (عليها السلام) في العاشر من ربيع الثاني تحلّ ذكرى رحيل السيدة المعصومة (عليها السلام)، والتي قدمت إلى إيران بعد عامٍ من وصول أخيها الإمام الرضا (عليه السلام) إليها، برفقة مجموعة من الإخوة والأخوات وأقارب آخرين.
يذكر جعفر مرتضى العاملي أن القافلة تألفت من 22 شخصاً من العلويين وإخوة الإمام، بينما يرى بعض الباحثين أن العدد كان حوالي 400 شخص، وأن 23 منهم استُشهدوا في ساوة.
عند وصول القافلة إلى ساوة، هاجمهم عملاء السلطة، فاستشهد الكثيرون، وأصيبت السيدة المعصومة (عليها السلام) بمرضٍ شديد. فسألت خادمها: كم بين هنا وقم؟ فأجاب: 10 فراسخ (حوالي 60 كم). فأمرته بحملها إلى قم، وهناك استقبلها موسى بن خزرج الأشعري (من وجهاء الشيعة في قم) وأدخلها إلى منزله، حيث توفيت بعد أيام.