الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حکم التخطئة والتصويب»
Mohsenmadani (نقاش | مساهمات) |
Wikivahdat (نقاش | مساهمات) ط (استبدال النص - '=المصادر=↵{{الهوامش|2}}' ب'== الهوامش == {{الهوامش}}') |
||
سطر ٨١: | سطر ٨١: | ||
وأمّا العقل: فلعدم وجود مشكلة يتحتم على [[الشارع]] حلّها؛ لأنّ [[المجتهد]] إن أخطأ في اجتهاده فهو إنّما يعمل بوظيفته الظاهرية بعد جهله بـ [[الحكم الواقعي]]<ref>. أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1101.</ref>، وإن أصاب فهو يعمل بالواقع الذي أصابه من دون إشكال. | وأمّا العقل: فلعدم وجود مشكلة يتحتم على [[الشارع]] حلّها؛ لأنّ [[المجتهد]] إن أخطأ في اجتهاده فهو إنّما يعمل بوظيفته الظاهرية بعد جهله بـ [[الحكم الواقعي]]<ref>. أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1101.</ref>، وإن أصاب فهو يعمل بالواقع الذي أصابه من دون إشكال. | ||
= | == الهوامش == | ||
{{الهوامش | {{الهوامش}} | ||
<references /> | <references /> | ||
</div> | </div> | ||
[[تصنيف: اصطلاحات الأصول]] | [[تصنيف: اصطلاحات الأصول]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ١٨:٢٥، ٥ أبريل ٢٠٢٣
حکم التخطئة والتصويب: وهما اصطلاحان أصوليان يراد بالأول إمکان الخطأ في حق المجتهد، أي يمکن أن يخطأ المجتهد في الاستنباط و الاجتهاد؛ والمراد بالثاني عدم إمکانه. ولکلّ من التخطئة والتصويب قائل يقول به، وفي هذا المقال نقدّم لکم آراء الفقهاء والأصوليين حول هذه المسألة.
حکم التخطئة والتصويب
لا خلاف بين علماء الإسلام في وقوع الخطأ في أحكام العقل النظري[١] ـ إلاّ عند عبيد اللّه بن الحسن العنبري[٢] ـ سواء لم يكن لها ارتباط بـ الأحكام الشرعية كالاعتقاد بإمكان إعادة المعدوم وعدم إمكان إعادته، أو كان لها ارتباط كالاعتقاد بإمكان اجتماع الأمر والنهي وعدم إمكانه؛ لعدم معقولية إمكان شيء وعدمه معا في آن واحد، لاستلزامه اجتماع الإمكان والامتناع في مورد واحد، وهو غير معقول[٣].
وأمّا عبيداللّه العنبري وقوله بالتصويب في أحكام العقل النظري فقد ردّ عليه الآمدي بأنّه: «إنْ أراد بالإصابة موافقة الاعتقاد للمعتقد فقد أحال وخرج عن المعقول... ، وإن أراد بالاصابة أنّه أتى بما كلّف به ممّا هو داخل تحت وسعه وقدرته من الاجتهاد وأنّه غير آثم، فهو ما ذهب إليه الجاحظ، وهو أبعد عن الأوّل في القبح، ولا شكّ أنّه غير محال عقلاً، وإنّما النزاع في إحالة ذلك وجوازه شرعا»[٤].
وأمّا أحكام العقل العملي فالظاهر من إطلاق بعضهم وقوع الخطأ فيها أيضا، إلاّ أنّ هناك من نفى وقوعه فيها، لاعتقاده بنشوء التحسين والتقبيح من ارتياح النفس ونفرتها، ولا معنى لخطأ الإنسان فيما يحس به من ارتياح أو نفرة.
وهذا يعني إمكان الخطأ في حكم العقل، بناءً على ارتكاز التحسين والتقبيح على واقع محفوظ لا علاقة له بارتياح النفس أو نفرتها؛ إذ قد يخطئه أحيانا ويصيبه اُخرى[٥].
هذا في الأحكام العقلية، وأمّا الأحكام الشرعية فقد وقع الكلام في إصابة المجتهد وخطئه لها إذا كانت من الأحكام الفرعية الظنّية لا من ضروريات الدين وبديهياته كوجوب الصلاة والزكاة والصوم والحجّ وحرمة الزنا والقتل والسرقة وشرب الخمر ونحوها من أحكام ضرورية لا مجال للقول بإصابة المجتهد في مخالفته لها[٦].
القائلون بالتخطئة من الإمامية وبعض أهل السنّة
قد اختلف علماء الإسلام في التخطئة والتصويب في الأحكام الفرعية الفقهية، حيث ذهب الشيعة الإمامية[٧] وبعض علماء الجمهور[٨] كأحمد[٩] ومالك[١٠] والشافعي[١١] إلى إمكان الخطأ في الاجتهاد والمعذورية فيه إلى حين انكشاف الحكم الواقعي ووجوب العمل به، وإن نفى بعضهم المعذورية في هذه الصورة[١٢].
الدليل الأول: القرآن
وقد استدلّوا للتخطئة بـ الكتاب والسنّة و الإجماع والعقل[١٣]:
أمّا الكتاب: فبقوله تعالى: «وَدَاوُودَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْما وَعِلْما»[١٤]، حيث تدلّ الآية على أنّ اللّه سبحانه خصّ سليمان بتفهيمه حكم هذه الواقعة، ممّا يعني خطأ داوود في الحكم، وعدم إصابته فيه[١٥].
ونوقش فيه: بأنّها إنّما تدلّ على ذلك بالمفهوم من قوله تعالى: «فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمانَ» وهو ليس بحجّة[١٦].
وأمّا السنّة: فقد استدلّوا بما رواه الجمهور عن النبي(ص) من أنّه: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر»[١٧]. فإنّ فيه دلالة على وقوع الخطأ في الاجتهاد.
الدليل الثاني: السنّة
ومن السنّة أيضا، أخبار متواترة دالة على أنّ للّه تعالى أحكاما يشترك فيها العالم والجاهل[١٨]، كالروايات الدالّة على الوقوف عند الشبهة، كقول النبي(ص) لعلي وخديجة عليهماالسلام لمّا أسلما: «إنّ للإسلام شروطا: أنْ تقولا: نشهد أنّ لا إله إلاّ اللّه ـ إلى أن قال ـ : والوقوف عند الشبهة...»[١٩].
وكذا ما روي عن الإمام الصادق(ع) في حديث قال: «فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات»[٢٠].
وغيرها من أخبار دالّة على وجود أحكام ثابتة في حقّ الجميع موجودة في اللوح المحفوظ لابدّ من رعايتها والوقوف عند الشبهة والجهل بها.
الدليل الثالث: الإجماع
وأمّا الإجماع: فقد صوَّره بعض علماء الجمهور باعتراف الصحابة صرّحوا بوقوع الخطأ في الاجتهاد، كقول أبي بكر في الكلالة: أقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن اللّه، وإن كان خطأ فمنّي ومن الشيطان، واللّه ورسوله منه بريئان[٢١].
وقول عمر لكاتبه: اكتب، هذا ما رأى عمر، فإن كان صوابا فمن اللّه، وإن كان خطأ فمن عمر[٢٢].
وقال في المرأة التي ردّت عليه النهي عن المبالغة في المهر: أصابت امرأة وأخطأ عمر[٢٣].
وغيرها من نصوص منقولة عن الصحابة دالّة على وقوع الخطأ في الاجتهاد[٢٤].
الدليل الرابع: العقل
وأمّا العقل: فبوجوه متعددة:
منها: إنّ اختلاف المجتهدين بالنفي والإثبات والحلّية والحرمة والصحّة والفساد في مسألة واحدة وزمان واحد، والحكم بصحّة وصواب كلّ ما توصلوا إليه يعني اجتماع النقيضين ونسبة التناقض إلى حكم اللّه، وهو محال عليه تعالى.
وأورد عليه: بأنّ التناقض إنّما يحصل إذا اجتمع النقيضان في حقّ شخص واحد، وأمّا في شخصين فلا تناقض[٢٥].
القائلون بالتصويب من الأشاعرة والمعتزلة
وفي مقابل المخطئة، ذهب الأشاعرة و المعتزلة إلى التصويب، وإن اختلفوا في وجود حكم واقعي بغض النظر عمّا توصل إليه المجتهد في اجتهاده، فذهب الأشاعرة إلى عدم وجوده[٢٦]، وذهب المعتزلة إلى وجوده وإن كان المجتهد غير مكلّف بالعمل به[٢٧]؛ لكون الدليل الذي استند إليه المجتهد بمثابة عنوان ثانوي يوجب حدوث مصلحة في مؤداه أقوى من مصلحة الواقع، فيتبدّل بسببها الحرام إلى واجب، والواجب إلى حرام، فإذا انكشف أنّ ما توصّل إليه المجتهد خلاف الواقع كان ذلك بمثابة تبدل الحكم بتبدل موضوعه[٢٨].
و التصويب المعتزلي وإن كان ممكنا في حدّ ذاته إلاّ أنّ الأدلّة المتقدّمة قامت على خلافه[٢٩].
الدليل الأول: الکتاب
قد استدلّ المصوبة على مذهبهم بالأدلّة الأربعة، وهي: الكتاب والسنّة والإجماع والعقل[٣٠]:
أمّا الكتاب: فبقوله تعالى: «وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْما وَعِلْما»[٣١]، وقوله تعالى: «مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ»'[٣٢].
الدليل الثاني: السنّة
وأمّا السنّة: فبما روي عن النبي(ص) أنّه قال: «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم»[٣٣]، حيث اعتبر(ص)الاقتداء بأيّ واحد منهم هدى رغم اختلافهم في الأحكام.
كما قد يستدلّ لذلك أيضا بحديث الرفع[٣٤]، حيث ورد عن النبي(ص) أنّه رفع عن اُمته تسعة أشياء وذكر منها «ما لا يعلمون»[٣٥].
الدليل الثالث: الإجماع
وأمّا الإجماع: فباتفاق الصحابة على تسويغ مخالفة بعضهم لبعض من غير إنكار منهم على أحد، ولو تصوّر الخطأ في الاجتهاد لما ساغ إقرار الخلاف بينهم[٣٦].
الدليل الرابع: العقل
وأمّا العقل: فبوجوه أهمّها ما قيل: من أنّه لو كان الحقّ متعينا في باب الاجتهاد في كلّ مسألة، لنصب اللّه تعالى عليه دليلاً قطعيا دفعا للإشكال، كما هو المألوف من طريقة الشارع[٣٧].
المناقشة في أدلة المصوبة
ونوقش في جميع هذه الأدلّة، أمّا الكتاب فلأنّ الآية الاُولى تصلح للاستدلال على التخطئة أكثر من صلاحيتها للاستدلال على التصويب، وقد تقدّم استدلال المخطئة بها على مذهبهم.
وأمّا الآية الثانية فلا تدلّ على أكثر من أنّ ما يقوم به الناس ليس بخارج عن إرادة اللّه تعالى وقدرته، بل كلّ ما يفعلونه بإذنه تعالى وتمكينه لهم، فهي من قبيل قوله تعالى: «وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ»[٣٨].
وأمّا السنّة: فلعدم ثبوت حديث النجوم المستدلّ به على التصويب[٣٩]، بل اعتبره ابن القيم من الأحاديث الموضوعة[٤٠]، مضافا إلى معارضته للأحاديث المتقدّمة الدالّة على التخطئة في الأحكام.
وأمّا حديث الرفع: فقد اُجيب عنه بأنّه ناظر إلى الرفع في مرحلة الظاهر دون الواقع؛ لكون ما لا يعلمون كاشفا عن وجود واقعي للأحكام قابل لتعلّق العلم به، ولوكان المرفوع نفس الأحكام الواقعية لكان الجهل بها مساوقا للعلم بعدمها، مع أنّ الجهل بها فرع وجودها[٤١].
وأمّا الإجماع، فهو لا يصلح للاستدلال على التصويب؛ لأنّ عدم اعتراض الصحابة بعضهم على بعض قد يكون لعدم تمييز المخطئ عن المصيب.
وأمّا العقل: فلعدم وجود مشكلة يتحتم على الشارع حلّها؛ لأنّ المجتهد إن أخطأ في اجتهاده فهو إنّما يعمل بوظيفته الظاهرية بعد جهله بـ الحكم الواقعي[٤٢]، وإن أصاب فهو يعمل بالواقع الذي أصابه من دون إشكال.
الهوامش
- ↑ . المستصفى: 2، كشف الأسرار البخاري 4: 30 ـ 31، كفاية الأصول (الخراساني): 468، مصباح الأصول 3: 444.
- ↑ . نسبه إليه الغزالي في المستصفى 2: 209، والآمدي في الإحكام 3 ـ 4: 409.
- ↑ . مصباح الأصول 3: 444.
- ↑ . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 409 ـ 410.
- ↑ . المحكم فيأصول الفقه 6: 302.
- ↑ . أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1095.
- ↑ . نهاية الوصول العلاّمة الحلي 5: 197 ـ 198، معالم الدين: 242، المحكم في أصول الفقه 2: 205.
- ↑ . المستصفى 2: 108، التحبير في شرح التحرير 8: 3932.
- ↑ . المسودة: 442 ـ 448.
- ↑ . أحكام الفصول: 707.
- ↑ . قواطع الأدلّة السمعاني 2: 310، المحصول (الرازي) 2: 503.
- ↑ . نقل ذلك عن المربسي في المستصفى 2: 207، المحصول الرازي 2: 504، الإحكام (الآمدي) 3 ـ 4: 412.
- ↑ . أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1095.
- ↑ . الأنبياء: 78 ـ 79.
- ↑ . أنظر: المصادر المتقدمة.
- ↑ . نقل المناقشة في أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1102.
- ↑ . صحيح البخاري 7 ـ 9: 767 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة باب 1186 ح 2155.
- ↑ . فرائد الأصول 1: 113، مصباح الأصول 2: 96، أصول الفقه 1 ـ 2: 308.
- ↑ . لقد أشار السيّد الخوئي في الاجتهاد والتقليد: 40 إلى احتمال إرادة هذا النوع من الروايات. أنظر: الوسائل 1: 400، ب 15 من أبواب الوضوء، ح 25.
- ↑ . تهذيب الأحكام 6: 301، ح 52، وسائلالشيعة 27: 107 كتاب القضاء، ح 1.
- ↑ . نصب الراية 4: 64، الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 416.
- ↑ . كنز العمال 5: 805 ـ 806، ح 14441.
- ↑ . مختصر تفسير القرطبي 1: 419.
- ↑ . أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1103 ـ 1104.
- ↑ . أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1102 ـ 1105.
- ↑ . كشف الأسرار البخاري 4: 32 ـ 33.
- ↑ . شرح مختصر المنتهى العضدي 3: 598، أصول الفقه الإسلامي (الزحيلي): 1099.
- ↑ . قرّب ذلك عن الأشاعرة و المعتزلة في مصباح الأصول 2: 95 و 3: 371 ـ 372، المحكم في أصول الفقه 3: 127.
- ↑ . مصباح الأصول 3: 444 ـ 445.
- ↑ . أنظر: الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 412 ـ 418، شرح الأسنوي 2: 202، إرشاد الفحول: 2: 312.
- ↑ . الأنبياء: 79.
- ↑ . الحشر: 5.
- ↑ . ميزان الاعتدال 2: 413.
- ↑ . احتمل الاستدلال به في مصباح الأصول 2: 257.
- ↑ . الوسائل 15: 369 باب 56، باب جملة ممّا عفي عنه، ح 1.
- ↑ . أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1102 ـ 1105.
- ↑ . أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1102 ـ 1105.
- ↑ . التكوير: 29.
- ↑ . أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1101.
- ↑ . أعلام الموقعين 2: 242 ـ 243.
- ↑ . تهذيب الأصول الإمام الخميني 1: 177، مصباح الأصول 2: 257.
- ↑ . أصول الفقه الإسلامي الزحيلي 2: 1101.