مالك بن أنس بن مالك

الاسم	مالك بن أنس بن مالك
تاريخ الولادة	93 هجري قمري
تاريخ الوفاة	179 هجري قمري
كنيته	أبوعبداللَّه .
نسبه	الحِمْيري، الأَصبحي .
لقبه	المدني، إمام دار الهجرة، صاحب المذهب، الفقيه .
طبقته	السابعة .

مالك بن أنس بن مالك هو يُنسب إلى‏ «أصبح» واسمه: الحارث بن عوف بن مالك، من يعرب بن قحطان، وقد صارت «أصبح» قبيلة .

ترجمته

ولد مالك في بداية عهد الوليد بن عبدالملك ، وفي سنة وفاة أنس خادم الرسول صلى الله عليه وآله . وكان أبو عامر جدّه حليف عثمان بن عبيداللَّه التيمي ، وذكر البعض: أنّ جدّه أبا عامر كان صحابياً، وعن القاضي بكر بن العلاء القشيري: أنّه شهد المغازي كلّها مع النبي صلى الله عليه وآله خلا بدر. وقال غيره: أبو عامر جدّ مالك الأعلى‏، كان في زمان النبي صلى الله عليه وآله ولم يلقه، فهو تابعي مخضرم .

وعن محمد بن الضحّاك: «حملت أُم مالك بمالك ثلاث سنين». وعن الواقدي: «حملت به سنتين» . وولد في المدينة وعاش فيها، ولم يفارقها إلّا لأداء فريضة الحج .

وعُرف عن مالك أنّه كان لايحفي شاربه ويراه مُثْلةً ، ونقل أنّه كان طوالاً، جسيماً، عظيم الهامة، أشقر أبيض، عظيم اللحية . وعن أشهب: «كان مالك إذا اعتمّ جعل منها تحت ذقنه، ويسدل طرفها بين كتفيه» . وكان في بداية حياته فقيراً معدماً، حتّى‏ إنّ ابنته كانت تبكي من شدّة الجوع ، إلّا أنّ الدنيا واتته بعد ذلك فعاش في صون ورفاهية وتجمّل، وكان محصوله الزراعي فقط يصل إلى‏ مائة دينار ذهب .

ومن شمائله أنّه كان يمتنع من ركوب الدابّة في المدينة؛ تقديساً لهذه البلدة المشرّفة. وعن محمد بن عمر قال: «كان مالك يأتي المسجد، فيشهد الصلوات والجمعة والجنائز، ويعود المرضى‏، ويجلس في المسجد فيجتمع إليه أصحابه، ثم ترك الجلوس فكان يصلّي وينصرف، وترك شهود الجنائز، ثم ترك ذلك كلّه والجمعة، واحتمل الناس ذلك كلّه، وكانوا أرغب ما كانوا فيه، وربّما كُلِّم في ذلك فيقول: ليس كلّ أحد يقدر أن يتكلّم بعذره» .

ويروى‏ أنّه كان إذا أراد أن يحدّث توضّأ وجلس على‏ فراشه وسرّح لحيته، وتمكّن من الجلوس بوقار وهيبة ثم حدّث، فقيل له في ذلك، فقال: «أحبّ أن أُعظِّم حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، ولا أُحدّث به إلّا على‏ طهارة متمكّناً» . ولشدّة احترامه لحديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كان لايأخذ الحديث من عمرو بن دينار، ولمّا سُئل عن ذلك، قال: «أتيته، فوجدته يأخذون عنه قياماً، فأجللت حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن آخذه قائماً» . وكان أيضاً يحتاط في نقل الحديث، فعن الشافعي قال: «كان مالك إذا شكّ في حديثٍ طرحه كلّه» . وعن سعيد بن سليمان قال: قلّما سمعت مالكاً يفتي بشي‏ءٍ إلّا تلا هذه الآية «إِن نَّظُنُّ إِلّا ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ» .

ويُذكر أنّه كان مصاحباً لعبداللَّه بن يزيد بن هُرمُز، ومتأثّراً بأفكاره، فقد تعلّم منه أدباً رفيعاً، وهو كثرة قول: «لا أدري». وقد سمع مالك منه مراراً أنّه كان يقول: «ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول: لا أدري، حتّى‏ يكون ذلك أصلاً يفزعون إليه» . وقال له عمرو بن يزيد مرةً: يا أبا عبداللَّه، يأتيك الناس من بلدان شتّى‏، قد أنضوا مطاياهم، وأنفقوا نفقاتهم، يسألونك عمّا جعل اللَّه عندك من العلم، وتقول: لاأدري! فقال: «يا عبداللَّه! يأتيني الشامي من شامه، والعراقي من عراقه، والمصري من مصره، فيسألونني عن الشي‏ء لعلّي أن يبدو لي فيه غير ما أُجيب به، فأين أجدهم؟» .

ومع ما عُرف عنه أنّه صاحب حديث فقد نُقل عنه أيضاً خلاف ذلك، حتّى‏ قال ابن معين: «إنّ مالكاً لم يكن صاحب حديث، بل كان صاحب رأي» . وقال الليث بن سعد: «أحصيت على‏ مالك سبعين مسألةً، وكلّها مخالفة لسنّة الرسول» .

وكانت مدرسته الفقهية تعتمد على‏ ثلاثة أُسس : عمل أهل المدينة ، المصالح المرسلة ، سدّ الذرائع .

وكان مالك يعتقد بقدم القرآن، ويرى‏ أنّ من يخالف هذا الاعتقاد زنديق يجب قتله! وكان يعتقد أنّ اللَّه تعالى‏ يمكن أن يُرى‏ بالعين يوم القيامة مع أنّه غير ممكن في الدنيا . كما كان مخالفاً للقدرية بشدّة، وكان يعتبر من لايتوب ويرجع عن هذه العقيدة فهو مهدور الدم، بل كان يعدّهم أحياناً من المشركين ، وكان يقول: «القدرية، لاتناكحوهم، ولا تصلّوا خلفهم» ، ويقول: «لا يُستتاب من سبّ النبي صلى الله عليه وآله من الكفّار والمسلمين» .

ويروى‏ أنّه جاءه رجل فقال: يا أبا عبداللَّه «الرَّحْمَنُ عَلَى‏الْعَرْشِ اسْتَوَى» كيف استوى‏؟ فما وجد مالك من شي‏ءٍ ما وجد من مسألته، فنظر إلى‏ الأرض، وجعل ينكت بعودٍ في يده حتّى‏ علاه الرفضاء - يعني العرق - ثم رفع رأسه ورمى‏ بالعود وقال: الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأظنّك صاحب بدعة، وأمر به فأُخرج .

وعن يحيى ‏بن بُكَير قال: قلت لمالك: إنّي سمعت الليث يقول: إن رأيت صاحب كلام يمشي على‏ الماء فلا تثقنّ به، فقال مالك: «إن رأيته يمشي على‏ الهواء فلا تأمننّ ناحيته، ولا تثقنّ به» .

وينحدر مالك من أُسرة علمية ، وقد طلب العلم هو ابن بضع عشرة سنة، وتأهّل للفتيا وجلس للإفادة وله إحدى‏ وعشرون سنة، وكان ذلك بعد وفاة القاسم بن محمدابن أبي بكر وسالم بن عبداللَّه بن عمر من فقهاء المدينة السبعة . وكان قد أخذ القراءة عرْضاً عن نافع بن أبي نعيم، وسمع الزُهري ونافعاً مولى‏ ابن عمر .

ومن أقواله: «إنّ هذا العلم دين، فانظروا عمّن تأخذون دينكم، لقد أدركت سبعين ممّن يقولون: قال رسول اللَّه عند هذه الأساطين، فما أخذت عنهم شيئاً، وإنّ أحدهم لو اؤتُمن على‏ بيت مال لكان أميناً» . وطلب مالك العلم وهو شاب يافع، وحدّث عنه جماعة وهو شاب طري، وقصده طلبة العلم من الآفاق في آخر دولة أبي جعفر المنصور وما بعد ذلك، وازدحموا عليه في خلافة الرشيد إلى‏ أن مات ، وقيل: إنّ الناس كانوا يزدحمون على‏ بابه حتّى‏ يصل الأمر بهم أحياناً إلى‏ التنازع . يقول شُعبة بن الحجّاج: «دخلت المدينة ونافع حيّ، ولمالك حلقة» .

وكان قد أخذ العلم عن ربيعة الرأي، ثم أفتى‏ معه عند السلطان . كما كان مالك - فضلاً عن نقله للحديث - يفتي الناس.

وروي عنه أنّه قال: «ما أفتيت حتّى‏ شهد لي سبعون أنّي أهلٌ لذلك» . وعن ابن وَهْب قال: «حججت سنة ثمان وأربعين ومائة وصائح يصيح: لايفتي الناس إلّا مالك ابن أنس وابن الماجشون» .

وروي أنّه لم يكن بالمدينة أعلم بمذهب تابعيهم من مالك بن أنس، وعن سفيان ابن عُيَيْنَة قال: «ما كان أشدّ انتقاد مالك للرجال، وأعلمه بشأنهم». وعن عبد الرحمان ابن مهدي: «ما أُقدِّم على‏ مالك في صحّة الحديث أحداً» .

وعنه أنّه قال: «لم أُخرّج في هذا الكتاب - كتاب الموطّأ - إلّا صحيحاً» . وقد روى‏ أبو نُعَيم عنه أنّه قال: «لو كان لي سلطان على‏ من يفسّر القرآن لضربت رأسه!» . إلّا أنّ ابن أبي حاتم روى عنه ما يبيّن رفضه لتفسير قتادة فحسب ، كما اعتبر الذهبي معارضته للتفسير إنّما تخصّ التفسير بالرأي . ويؤيّد ذلك: أنّ الذهبي ذكر أنّ مكي بن أبي طالب القيس صنّف كتاباً فيما روي عن مالك في التفسير ومعاني القرآن . وقد حضر في حلقة تدريس مالك تلاميذ كانوا من الشخصيات العلمية المشهورة في عالم الإسلام ، وهو ما يدلّ على منزلته العلمية، قال الشافعي: «لولا مالك وابن عُيَيْنَة لذهب علم الحجاز» . وقال أيضاً: «مالك معلّمي، وعنه أخذنا العلم» وقال حرملة: «لم يكن الشافعي يقدّم على‏ مالك أحداً في الحديث» . وقال الشافعي أيضاً: «ليس أحد أمنّ عليَّ في دين اللَّه من مالك» . ومع أنّ أبا حنيفة أكبر من مالك ثلاث عشرة سنة، فإنّه كان أمامه كالصبي بين يدي أبيه على ما يرويه الذهبي . وقال محمد ابن الحسن: «أقمت على‏ مالك بن أنس ثلاث سنين وكسراً، وكان يقول: إنّه سمع منه لفظاً أكثر من سبعمائة حديث» . كما كان الليث بن سعد من أصحاب مالك وعلى‏ مذهبه، ثم اختار لنفسه، وكان يكاتب مالكاً ويسأله . وأمّا عبداللَّه بن مَسْلَمة القَعْنَبي فقد كان من رواة مالك، وقد عرض عليه سنة 161 ه الأحاديث التي سمعها منه وكتبها .

وذكر البعض أنّ أول من عمل كتاباً بالمدينة على‏ معنى‏ الموطّأ - من ذكر ما أجمع عليه أهل المدينة - عبدالعزيز بن عبداللَّه بن سَلَمة الماجشون المتوفّى‏ سنة 164 ه، ونظر فيه مالك قبل أن يضع موطّأه .

ويذكر أنّه لم يُعتنَ بكتابٍ من كتب الحديث والعلم اعتناء الناس بالموطّأ، فعدّ نحو تسعين رجلاً تكلّموا عليه شروحاً . كما يذكر البعض أنّ الحكومات في ذلك الوقت كان لها دور في كتابة هذا الكتاب، والذي كان يمثّل خلاصة جهود بذلها مالك خلال أربعين أو ستين سنة . يقول ابن أبي حاتم: إنّ المنصور العباسي بعث إلى‏ مالك حين قدم، فقال له: إنّ الناس قد اختلفوا بالعراق، فضع للناس كتاباً تجمعهم عليه، فوضع الموطّأ . وأنّ مالكاً رفض إجبار الخليفة للمسلمين على‏ الأخذ بالموطّأ.

كما نُسب إلى‏ المهدي العباسي وهارون الرشيد والمأمون أنّهم كان لهم دور في حثّ مالك على‏ أن يضع كتاباً تحمل الأُمة عليه، إلّا أنّ رأي مالك كان أنّ أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله اختلفوا في الفروع وتفرّقوا في الآفاق، وكلٌّ عند نفسه مصيب، والناس تأخذ عنهم، فإذا منعهم الخليفة وأجبرهم على‏ الأخذ ممّا لايعرفون رأوا ذلك كفراً، ولكن أقرّ كلّ بلدةٍ على‏ ما فيها من العلم .

ونقل عن الشافعي قوله: «ما على‏ ظهر الأرض من كتاب بعد كتاب اللَّه أصحّ من كتاب مالك» . وفي المدارك: «إنّه لم يعتنَ بكتابٍ من كتب الحديث والعلم اعتناء الناس بالموطّأ» . ويذكر أنّه قد روى‏ هذا الكتاب عدد كثير من الرواة ، والمستعمل من نسخ الموطّأ أربعة: موطّأ يحيى‏ بن يحيى‏، موطّأ ابن بكر، موطّأ ابن مصعب، موطّأ ابن وَهْب. وضعف استعمال الآخرين، لما بين الروايات من اختلاف كبير، من تقديم وتأخير، وزيادة ونقص .

وقد جمع مالك في هذا الكتاب الروايات القوية للحجازيّين بعد نقدها والبحث فيها، وخلطها بأقوال الصحابة وفتاوى‏ التابعين، ونظّم الكتاب بحسب أبواب الفقه، بل اعتبره البعض أول جمع في ميدان الحديث والفقه . لذا فقد شُرح الكتاب شروحاً عديدة؛ وحُظي به من اهتمام كبير من قبل علماء أهل السنّة، وقد أشار الذهبي إلى‏ هذه الشروح في بعض آثاره . وذكر أنّه امتنع عن نقل الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام أيام بني أُمية، فعن الدراوردي: لم يرو مالك عن جعفر حتّى‏ ظهر أمر بني العباس .

وعندما نهض محمد ذو النفس الزكية سنة 145 ه في المدينة، كان يأتيه أهل المدينة يستفتونه في الخروج مع محمد، ويقولون: إنّ في أعناقهم بيعة لأبي جعفر، فيقول: إنّما بايعتم مُكرَهين، وليس على‏ مكره يمين، ووصل الخبر إلى‏ العباسيين، ولم ينج من نقمتهم فجلدوه ، وصار ذلك الجلد سبباً في ازدياد مكانته الاجتماعية، فكأ نّ تلك السياط حلىً حُلِّي به .

مالك وأهل البيت عليهم السلام

كانت هناك علاقة حبّ واحترام تربط مالك بزعيم أهل البيت عليهم السلام الإمام الصادق عليه السلام في زمانه، يقول مالك : « كنت أدخل على‏ الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فيقدّم لي مخدّةً، ويعرف لي قدراً، ويقول: يا مالك! إنّي أحبّك، فكنت أسرُّ بذلك، وأحمداللَّه عليه» . وكان يصف الإمام الصادق‏عليه السلام فيقول: «لايخلو من إحدى‏ ثلاث خصال: إمّا صائماً، وإمّا قائماً، وإمّا ذاكراً. وكان من عظماء العبّاد وأكابر الزهّاد الذين يخشون اللَّه عزّوجلّ، وكان كثير الحديث، طيّب المجالسة، كثير الفوائد، فإذا قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، اخضرّ مرةً واصفرّ أخرى‏، حتّى‏ ينكره من يعرفه» .

موقف الرجاليّين منه

اكتفى‏ رجاليو الشيعة؛ كالشيخ الطوسي وغيره بالإشارة إلى‏ أنّه كان من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ، ونقلوا عنه كلامه في الثناء على‏ الإمام ‏عليه السلام . وأمّا أهل السنّة فقد أجمعت طوائف علمائهم على‏ إمامته وجلالته، وعِظَم سيادته .

من روى‏ عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن الإمام الصادق‏عليه السلام. وروى‏ أيضاً عن جماعة كثيرة ، منهم: ربيعة الرأي، زيد بن أَسلَم، سعيد بن أبي سعيد، سَلَمة بن دينار، صالح بن كَيْسان، أبو الزِناد عبداللَّه بن ذَكْوان، عطاء بن أبي رباح، الزَهْري، محمد بن المُنكَدر، نافع مولى ‏ابن عمر، يحيى‏ بن سعيد الأنصاري، عائشة بنت سعد. وروى‏ عنه جماعة، منهم: الثوري، سُفيان بن عُيَيْنَة، شُعبة بن الحجّاج، عبد الرحمان ابن مهدي، ابن جريج، أبو نعيم الفضل بن دكين، الشافعي، وكيع، يحيى‏ بن سعيد الأنصاري، يحيى‏ بن سعيد القطّان، أبو إسحاق الفَزاري، أبو داود الطيالسي.

من رواياته

روى‏ مالك عن أنس خادم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أنّه قال: بعثتني أُمّ سليم إلى‏ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بطيرٍ مشوي ومعه أرغفة من شعير، فأتيته به فوضعته بين يديه، فقال: «يا أنس، ادع لنا من يأكل معنا من هذا الطير، اللّهم آتنا بخير خلقك» فخرجت فلم تكن لي همّة إلّا رجل من أهلي آتيه فأدعوه، فإذا أنا بعلي بن أبي طالب، فدخلت، فقال: «أما وجدت أحداً؟» قلت: لا، قال: «انظر»، فنظرت فلم أجد أحداً إلّا علياً، ففعلت ذلك ثلاث مرّات، ثم خرجت فرجعت فقلت: هذا علي بن أبي طالب يا رسول اللَّه، فقال: «إئذن له، اللّهم والِ، اللّهم والِ» وجعل يقول ذلك بيده، وأشار بيده اليمنى‏ يحرّكها .

وفاته

عن القَعْنَبي: دخلت على‏ مالك في مرضه الذي مات فيه، فسلّمت عليه، ثم جلست فرأيته يبكي، فقلت: يا أباعبداللَّه، ما الذي يبكيك؟ قال: فقال لي: يابن قَعْنَب، ومالي لا أبكي؟ ومن أحقّ بالبكاء منّي؟ واللَّه لوددتُّ أنّي ضُربتُ لكلّ مسألةٍ أفتيتُ فيها برأيي بسوط سوط، وقد كانت لي السعة فيما سبقت إليه، وليتني لم أُفتِ بالرأي، أو كما قال. وعند وفاته تشهّد الشهادتين، وقرأ قوله تعالى‏: «للَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ» وفي فجر الرابع عشر من شهر صفر - أو ربيع الأول - سنة 179 ه ، في أيام هارون الرشيد توفّي مالك ، وصلّى‏ عليه والي المدينة عبد اللَّه بن محمد أخو المنصور، ودفن في البقيع بجانب إبراهيم بن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله .