الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الدلالة»
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''الدلالة:''' المراد بالدلالة ما يلزم من فهمه فهم شيء آخر، أو كون الشيء بحيث يلزم من العلم به ال...') |
(لا فرق)
|
مراجعة ١٦:٣٨، ٢٥ يوليو ٢٠٢١
الدلالة: المراد بالدلالة ما يلزم من فهمه فهم شيء آخر، أو كون الشيء بحيث يلزم من العلم به العلم بشيء آخر، وللدلالة تعاريف اُخری وأقسام کثيرة نذکرها فيما يلي:
تعريف الدلالة لغةً
تقول: دللتُ فلانا على الطريق دَلالة ودِلالة، والدليل في الشيء: الأمارة، وهذا شيء بيِّن الدلالة [١].
ابن السكيت عن الفرّاء: دليل من الدلالة، والدلالة بالكسر والفتح. وقال أبو عبيد: الدليلي من الدلالة.
وقال شمر: دللتُ بهذا الطريق دلالة، أي عرفته، ودَللْتُ به أدُلُّ دلالة، وقال أبو زيد: أدلَلْتُ بالطريق إدلالاً [٢].
دللتُ على الشيء وإليه من باب قتل و (دللتُ) بالألف لغة والمصدر «دُلولة» والاسم «الدلالة» بكسر الدال وفتحها، وهو ما يقتضيه اللفظ عند إطلاقه، واسم الفاعل «دال» و«دليل» وهو المرشد والكاشف [٣].
تعريف الدلالة اصطلاحاً
وردت عدّة تعاريف للدلالة عن الأصوليين:
بعض التعاريف نظرت إلى مطلق الدلالة دون النظر إلى كونها ناشئة من اللفظ أو العقل، بحيث تكون شاملة لكليهما، من قبيل التعاريف التالية:
ما أمكن الاستدلال به على ما هي دالّة عليه، إلاّ أنَّها لا تسمّى بذلك إلاّ إذا قصد فاعلها الاستدلال [٤].
ما يلزم من فهمه فهم شيء آخر [٥].
كون الشيء بحيث يلزم من العلم به العلم بشيء آخر [٦].
وبعض التعاريف عرّفت الدلالة في إطار الألفاظ فقط، أي كان نظرها إلى خصوص الدلالة اللفظية من قبيل:
كون اللفظ بحيث إذا أطلق فهم منه المعنى من كان عالما بوضعه [٧].
ويبدو من البعض مساواته بين الدليل والدلالة، حيث قال: فالدليل هو كلّ أمر صحّ أن يتوصَّل صحيح النظر فيه إلى علم ما لا يعلم بالاضطرار، وكذلك الدلالة [٨].
وهذه التعاريف وردت بمجملها عن المناطقة والمدوّنات في علم المنطق كذلك [٩]، ما يعنى تساوي المعنى المراد من الدلالة لدى المناطقة والأصوليين.
لكن يذهب البعض إلى أنّ اختلاف المناطقة مع الأصوليين في تقسيمات الدلالة يكشف عن وجود فارق بينهما، من قبيل: عدم اعتداد المناطقة بالدلالة اللفظية الوضعية بجميع أنواعها؛ لأنّ المهمّ عندهم هو اللزوم الذهني البيّن بالمعنى الأخصّ، بينما يعتد الأصوليون بجميع أنواع اللزوم سواء كان ذهنيا أم خارجيا، بينا بالمعنى الأخصّ أم بالمعنى الأعم، شأنهم في ذلك شأن أهل العربية[١٠].
أقسام الدلالة
للدلالة أقسام وأصناف عديدة، من قبيل:
دلالة الإشارة و دلالة الاقتران و دلالة الاقتضاء و دلالة الإلهام و دلالة الإيماء و دلالة السياق و دلالة المفهوم و دلالة النص والدلالة التصورية والتصديقية والوضعية والطبعية واللفظية والعقلية وكثير غيرها.
لكن ما وقع موضع دراسة واهتمام الأصوليين أكثر من غيره، هي الدلالات التالية:
دلالة الإشارة
وقد تسمّى إشارة النص، ويُراد منها ما يدلّ عليه الكلام بالإشارة المستفادة من الكلام لا بالتصريح، من قبيل قوله تعالى: «وَحملهُ وفِصالهُ ثلاثُونَ شَهْرا» [١١] بالقياس إلى قوله تعالى: «وَفِصالُهُ فِي عَامَيْنِ» [١٢] فإنَّه يستفاد من مجموعهما كون أقلّ مدّة الحمل ستَّة أشهر وإن لم يكن ذلك مقصودا من اللفظ [١٣].
دلالة الاقتران
دلالة الاقتران هي استفادة حكم واحد لعدّة اُمور عطفت على بعضها الآخر، من قبيل قوله تعالى: «وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ» [١٤] فيمكن استفادة حكم واحد للحجّ والعمرة؛ باعتبار قرن بعضها بالبعض الآخر [١٥].
دلالة الاقتضاء
اختلفت العناوين التي اُدرجت تحتها، فبعضهم أدرجها تحت عنوان: دلالة الاقتضاء، [١٦] وبعضهم الآخر تحت عنوان: اقتضاء النصّ، [١٧] والبعض الآخر تحت عنوان الاقتضاء فحسب، [١٨] وأحيانا استخدموا أكثر من عنوان من العناوين المزبورة لهذا البحث.
ومن التعاريف الواردة لها هو: أن تكون الدلالة مقصودة للمتكلّم بحسب العرف، ويتوقّف صدق الكلام أو صحّته عقلاً أو شرعا أو لغة أو عادة عليها. [١٩]
ومن الأمثلة التي تذكر لها قوله(ص): «لا صلاة لجار المسجد إلاَّ في مسجده» [٢٠]، فالذي ينبغي تقديره هنا هو «كاملة» ليكون المنفي الصلاة الكاملة لا مطلقها، وذلك ليصحَّ الكلام من وجهة نظر شرعية، فإنّ الصلاة في المسجد ليست شرطا من شروط صحّة الصلاة.
ومن الأمثلة كذلك قوله تعالى: «وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ» [٢١] فإنَّ العقل لا يقبل هذا الكلام دون تقدير «أهل» لكي يكون المراد : واسأل أهل القرية ؛ لأنّ القرية ليست أهلاً للسؤال .
دلالة الإلهام
وقد ذكرت لها تعاريف مختلفة منها: هو ما يلقى في القلب بطريق الفيض فلا يجب إسناده واستناده إلى المعرفة بالنظر في الأدلة [٢٢].
ولا يشكّ في كون إلهام النبي حجّة لدى جميع المسلمين [٢٣]، و إلهام الإمام لدى الشيعة [٢٤]. والاختلاف في إلهامات غيرهما من الأولياء والصالحين، والأكثر على عدم كون إلهامات الأخيرين حجّة، وإذا كانت حجّة فلأنفسهم فقط. [٢٥]
دلالة الإيماء (التنبيه)
وردت هذه الدلالة بمعنيين:
أحدهما: هو ما دلّ عليه اللفظ لاقترانه بما يستبعد معه عدم إرادته [٢٦]. وهذا من قبيل قول البعض: «دقّت الساعة» حيث يريد الإشارة والتنبيه على الموعد المضروب مع شخص آخر. أو من قبيل: سؤال شخص المعصوم عن الشكّ في بطلان الصلاة في حالة خاصّة فيجيب المعصوم «لا تعيد» وهو يريد بذلك أنّ الشكّ المزبور لا يبطل الصلاة [٢٧].
ثانيهما: أن يقترن اللفظ بحكم لو لم يكن للتعليل لكان المعنى بعيدا. [٢٨] أو هو: ما يقترن بحكم على وجهٍ، يُفهم منه أنّه علّة لذلك الحكم، فيلزمه جريان هذا الحكم في غير هذا المورد، ممّا اقترنت به [٢٩].
والمعنى الثاني يبحث عن الاقتران كأحد مسالك العلّة في القياس، بينما يبحث المعنى الثاني كأحد الدلالات اللفظية، التي تفيد معانيها بالالتزام.
دلالة السياق
لم يرد تعريفها عن أكثر الأصوليين برغم كثرة استنادهم إلى هذه الدلالة في استدلالاتهم واستفاداتهم من نصوص الكتاب والسنّة، لكن البعض القليل جدّا مثل الشهيد الصدر عرّفها بقوله: «ونريد بـ السياق كلّ ما يكتنف اللفظ الذي نريد فهمه، من دوالّ اُخرى سواء كانت لفظية التي تشكّل مع اللفظ الذي نريد فهمه كلاما واحدا مترابطا، أو حالية كالظروف والملابسات التي تحيط بالكلام وتكون ذات دلالة في الموضوع» [٣٠]. لكن تعرّض له البعض في بحوثهم القرآنية، بل وعرّفه كذلك، بقوله: «ونقصد بالسياق الجوّ العام الذي يحيط بالكلمة وما يكتنفها من قرائن وعلامات» [٣١].
وعليه فيكون المراد من السياق جميع القرائن العقلية واللفظية التي تساعد في تبلور انطباع خاصّ عن المراد الجدي للمتكلّم.
دلالة المفهوم
وقد عرّفت هذه الدلالة بعدّة تعاريف:
منها: ما فهم من اللفظ في غير محلّ النطق [٣٢].
ومنها: دلالة الكلام على ثبوت الحكم المذكور فيه لموضوع غير مذكور أو نفيه عنه أو ثبوته على تقدير غير مذكور أو نفيه كذلك [٣٣].
وهذه الدلالة لها أقسام عديدة، كـ مفهوم الشرط والوصف والغاية واللقب، وكانت ولا زالت محلّ نقاش مطوّل بين الأصوليين لتحديد الحجّة من هذه المفاهيم المتصوّرة في الكلام [٣٤].
دلالة النصّ والظاهر
يراد من النصّ ما لا يحتمل إلاّ معنى واحدا ولو بمساعدة القرائن، والظاهر عكسه [٣٥].
وقد ناقش الاُصوليون دلالة الظاهر من زوايا متعدّدة، منها: حجّية هذا الظهور في مطلق النصوص الدينية، ومنها: حجّية ظاهر الكتاب؛ باعتبار ما يرى الأخبارية من عدم حجّية ظواهر القرآن إلاّ من خلال الروايات، وكثير من هذه الاُمور ذات الصلة بموضوع الظاهر والنصّ [٣٦].
كما أنّ هناك دلالات موضع اهتمام الأصوليين تعرف بالقرائن الحالية، وهي قرائن غير لفظية، من قبيل سكوت المتكلّم عن بعض الاُمور، فتسمّى دلالة السكوت، أو ملاحظة صنف السائل أو ما شابه.
أمّا الدلالات الاُخرى من قبيل: الوضعية والعقلية واللفظية والمطابقة والالتزامية والتضمّنية وما شابه ذلك فقد رحّلت في دراسات أكثر المتأخّرين والمعاصرين إلى علم المنطق برغم أنّ متقدّمي الاُصوليين كانوا يتعرّضون إليها ويبحثونها في علم الاُصول [٣٧]. فهي مثل الكثير من البحوث الكلامية والحديثية التي رحّلت إلى علومها الخاصّة.
المصادر
- ↑ . كتاب مجمل اللغة: 236 مادّة «دلل».
- ↑ . تهذيب اللغة 14: 48 مادّة «دلل».
- ↑ . المصباح المنير: 199 مادّة «دلل».
- ↑ . العدّة الطوسي 1: 18.
- ↑ . التحبير شرح التحرير 1: 316.
- ↑ . هداية المسترشدين 2: 406.
- ↑ . البحر المحيط 2: 36.
- ↑ . كتاب التلخيص 1: 115.
- ↑ . المنطق المظفر 1: 33، طرق الاستدلال ومقدماتها: 57.
- ↑ . الصلة بين اُصول الفقه الإسلامي وعلم المنطق: 77 ـ 80 و106 ـ 114.
- ↑ . الأحقاف: 15.
- ↑ . لقمان: 14.
- ↑ . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 62، ميزان الاُصول 1: 567، فوائد الاُصول 1ـ2: 477، زبدة الاُصول الروحاني 2: 237 اُصول الفقه (أبو زهرة): 130.
- ↑ . البقرة: 196.
- ↑ . اُنظر: العدّة في اُصول الفقه أبو يعلى 2: 349، البحر المحيط 6: 99.
- ↑ . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 61، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 2: 514، البحر المحيط 3: 160.
- ↑ . ميزان الاُصول 1: 572، كشف الأسرار البخاري 1: 188، اُصول الفقه (الخضري بك): 121، علم اُصول الفقه (خلاّف): 133.
- ↑ . قواعد الاُصول ومعاقد الفصول: 27.
- ↑ . اُصول الفقه المظفر 1 ـ 2: 184، الاُصول العامة للفقه المقارن: 303، واُنظر: هداية المسترشدين 2: 416.
- ↑ . تهذيب الأحكام 1: 92 كتاب الطهارة، باب 4 صفة الوضوء ح93، وسائل الشيعة 5: 194 كتاب الصلاة، باب (2) من أبواب أحكام المساجد، ح1. وورد بلفظ «لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد» اُنظر: سنن الدارقطني 1: 420 كتاب الصلاة، باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلاّ من عذر ح2، السنن الكبرى (البيهقي) 3: 111، كتاب الصلاة، باب المأموم يصلّي خارج المسجد بصلاة الإمام في المسجد، من حديث علي بن أبي طالب (عليهالسلام)، وغيرهما من المصادر الأخرى.
- ↑ . يوسف: 82.
- ↑ . رياض السالكين 1: 318.
- ↑ . اُنظر: اُصول السرخسي 2: 95، التقرير والتحبير 3: 393.
- ↑ . اُنظر: وسيلة الوصول 1: 468، اُصول الفقه المظفر 3ـ4: 65، دروس في اُصول فقه الإمامية 1: 198، رياض السالكين 1: 318.
- ↑ . الإحكام ابن حزم 1ـ4: 20، اُصول السرخسي 2: 185، كشف الاسرار 3: 385، البحر المحيط 6: 103.
- ↑ . الفصول الغروية: 146.
- ↑ . اُنظر: هداية المسترشدين 2: 417، اُصول الفقه المظفر 1 ـ 2: 186 ـ 187.
- ↑ . كتاب التقرير والتحبير 1: 146.
- ↑ . الوافية: 228.
- ↑ . المعالم الجديدة للأصول: 175.
- ↑ . كيف نفهم القرآن محمّد رضا الحسيني: 125.
- ↑ . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 63.
- ↑ . هداية المسترشدين 2: 411.
- ↑ . لمحات الاُصول: 263 ـ 299، حقائق الاُصول 1: 445 ـ 481، اُصول الفقه الخضري بك: 122 ـ 129.
- ↑ . الفصول الغروية: 189.
- ↑ . مقالات الاُصول 2: 59 ـ 63، اُصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 162 ـ 166، المحكم في اُصول الفقه 3: 164 ـ 180.
- ↑ . البحر المحيط 2: 36 ـ 46، التحرير شرح التحبير 1: 321 ـ 330،