الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المحصور والمصدود»

من ویکي‌وحدت
(أنشأ الصفحة ب''''المحصور والمصدود:''' إذا صد الحاجّ بعدوّ أو أحصر لمرض فلم يستطع النفوذ لأداء المناسك فهناك أ...')
(لا فرق)

مراجعة ٠٤:١٨، ٢٥ نوفمبر ٢٠٢١

المحصور والمصدود: إذا صد الحاجّ بعدوّ أو أحصر لمرض فلم يستطع النفوذ لأداء المناسك فهناك أحکام له نذکرها في هذا المقال تطبیقاً علی الفقه الإمامية و الشافعية و الحنفية.

المحصور والمصدود

إذا صد بعدوّ أو أحصر لمرض فلم يستطع النفوذ لأداء المناسك ، فإن كان قارنا نفذ هديه، وإن كان متمتعا أو مفردا نفذ ما يبتاع به الهدي، فإذا بلغ محله، وهو يوم النحر، فليحلق رأسه، ويحل إن كان مصدودا بعدو من كل شئ أحرم منه ، وإن كان محصورا بمرض تحلل من كل شئ إلا النساء حتى يطوف طواف النساء من قابل أو يطاف عنه . [١] لا يجوز للمحصور أن يتحلل إلا بهدي . وقال مالك : لا هدي عليه ، لنا قوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } . [٢] وما روي عن جابر قال : أحصرنا مع رسول الله بـ الحديبية ، فنحرنا البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة[٣]، وذلك عام في المرض والعدو معا . وليس لأحد أن يقول الآية خاصة في الإحصار بالعدو ، لأنها نزلت حين صد المشركون عام الحديبية النبي والمسلمين عن البيت ، لأن الكلام إذا خرج على سبب لم يجز قصره عليه ، بل يجب حمله على عمومه ، وإدخال السبب فيه ، ولو أراد الإحصار بالعدو خاصة ، لقال : { فإن حصرتم } لأنه مختص بالعدو ولم يقل { أحصرتم } من الإحصار المشترك بين العدو والمرض .
قال الكسائي[٤] والفراء[٥] وثعلب[٦] وأكثر أهل اللغة : يقال : حصره المرض وأحصره العدو والمرض ، وليس لأحد أن يقول : قوله تعالى في سياق الآية { فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة } دليل على أنه الإحصار بالعدو ، لأن الأمن قد يكون من المرض ، وهو أن يأمن زيادته ، على أن لفظ الإحصار إذا كان حقيقة في المرض والعدو ، كان قوله تعالى : { فإذا أمنتم } راجعا إلى بعض ما تناوله العموم ، وهذا يمنع من دخول غير ما تعلق به التخصيص في الخطاب.
ولا يجوز ذبح هدي الإحصار إلا بمحله من البيت أو منى مع الاختيار ، ومع الضرورة يجوز بحيث هو بعد أن ينتظر بلوغ محله ، وهو يوم النحر. [٧]
وفي الخلاف : إذا أحصره العدو ، جاز أن يذبح هديه مكانه ، والأفضل أن ينفذ به إلى منى أو مكة . وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة لا يجوز أن ينحر إلا في الحرم ، سواء أحصر في الحل أو في الحرم ، فإن أحصر في الحرم نحر مكانه ، وإن أحصر في الحل أنفذ بهديه ، ويقدر له مدة يغلب على ظنه أنه يصل فيها وينحر ، فإذا مضت تلك المدة تحلل ثم نظر ، فإن وافق تحلله بعد نحر هديه لم يصح تحلله ، وإن كان تحلل قبل أن يذبح هديه لم يصح تحلله إلى أن ينحر هديه ، فإن كان تطيب أو لبس لزمه بذلك دم.
لنا أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) فعل ذلك بالحديبية ، و الحديبية من الحل[٨]، وقوله تعالى : { ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله } [٩] لا شبهة أنه تعالى كلف ذلك مع التمكن منه ، فإذا فقد التمكن سقط تكليفه .
وإذا لم يكن لمن ذكرنا حاله هدي ولا قدرة على شرائه ، لم يجز له التحلل ، ويبقى الهدي في ذمته ، ويبقى محرما إلى أن يذبحه من قابل ، أو يذبح عنه ، ولم ينتقل إلى الإطعام ولا إلى الصوم [١٠]، وللشافعي فيه قولان : أحدهما : مثل ما قلناه ، والثاني : وهو الصحيح عندهم ، أنه ينتقل إلى البدل ، قال : ينتقل إلى الصيام وفي قول آخر، إلى الإطعام ، وقول ثالث أنه مخير بين الإطعام والصيام . لنا قوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } والتقدير فإن أحصرتم وأردتم التحلل { فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله } فإذا بلغ فاحلقوا ، ولم يذكر لذلك بدلا ، ولو كان له بدل لذكره ، كما ذكر بدل نسك حلق الرأس من الأذى. [١١]
ويجب على من ذكرنا حاله القضاء إن كان حجا واجبا ولا قضاء عليه إن كان تطوعا. [١٢]
وقال الشافعي : لا قضاء عليه بالتحلل ، فإن كانت حجة تطوع أو عمرة تطوع لم يلزمه قضاؤها بحال ، وإن كانت حجة الإسلام أو عمرة الإسلام وكانت قد استقرت في ذمته قبل هذه السنة ، فكأنه لم يفعلها ، فيكون باقيا في ذمته ، وإن كانت وجبت عليه في هذه السنة سقط وجوبها ولم يستقر في ذمته .
وقال أبو حنيفة : إذا تحلل المحصر لزمه القضاء ، فإن كان أحرم بعمرة تطوع قضاها ، وإن أحرم بحجة تطوع قضاها ، وإن أحرم بحجة تطوع وأحصر تحلل عنه وعليه أن يأتي بحج وعمرة . وإن كان قرن بينهما فأحصر تحلل ولزمته حجة وعمرتان ، عمرة لأجل العمرة ، وحجة وعمرة لأجل الحج.
لنا أنه لا دليل على لزوم القضاء عليه إذا كان حجه تطوعا ، والأصل براءة الذمة ، وما روي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) خرج عام الحديبية في ألف وأربع مئة من أصحابه محرمين بعمرة ، فحصره العدو ، فتحللوا ، فلما كان في السنة الآتية عاد في نفر معدودين ، فلو كان القضاء واجبا على جماعتهم لأخبرهم بذلك ولفعلوا ، ولو فعلوا لنقل نقلا عاما أو خاصا. [١٣]
والمحصر بالمرض يجوز له التحلل ، غير أنه لا يحل له النساء حتى يطوف في القابل ، أو يأمر من يطوف عنه . وفاقا لأبي حنيفة غير أنه لم يعتبر طواف النساء . وذهب قوم إلى أنه لا يجوز له التحلل ، بل يبقى على إحرامه أبدا إلى أن يأتي به ، وبه قال الشافعي .
لنا بعد إجماع الإمامية قوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } وذلك عام في المنع بالعدو المنع بالمرض[١٤] كما ذكرنا قبل.

المصدر

  1. الغنية : 195 .
  2. البقرة : 196 .
  3. الخلاف : 2 / 423 مسألة 315 .
  4. اسمه علي بن حمزة بن عبد الله ، الأسدي بالولاء ، أبو الحسن ، الكوفي المعروف بالكسائي ، أحد القراء السبعة . روى عن : أبي بكر بن عياش ، وحمزة الزيات ، وابن عيينة ، وروى عنه الفراء ، وأبو عبيد ، القاسم بن سلام وتوفي سنة ( 189 ) بالري . وفيات الأعيان : 3 / 295 الرقم 433 .
  5. اسمه يحيى بن زياد بن عبد الله الأسلمي المعروف بالفراء ، أبو زكريا ، الديلمي الكوفي ، أبرع الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب ، أخذ النحو عن أبي الحسن الكسائي وتوفي سنة ( 207 ) في طريق مكة وعمره ( 63 ) سنة . وفيات الأعيان : 6 / 176 رقم 798 .
  6. اسمه أحمد بن يحيى ، أبو العباس ، النحوي اللغوي ، ولد سنة ( 200 ) ومات سنة ( 291 ) يراجع ترجمته في معجم الأدباء : 5 / 102 رقم 27 .
  7. الغنية : 195 .
  8. الخلاف : 2 / 424 مسألة 316 .
  9. البقرة : 196 .
  10. الغنية : 196 .
  11. الغنية : 196 .
  12. الغنية 196 .
  13. الخلاف : 2 / 425 مسألة 319 .
  14. الخلاف : 2 / 428 مسألة 322 .