Write، بيروقراطيون، إداريون
٤٬٩٤١
تعديل
لا ملخص تعديل |
Mohsenmadani (نقاش | مساهمات) |
||
سطر ٤٨: | سطر ٤٨: | ||
وليس من خلال ثقافة العامّة من كلّ الفُرقاء، حيث يظهر بشكل واضح أنّ ثقافة الناس وممارساتهم وتأثير (الدهماء) من الناس هو في كثير من الأحيان أقوى من أثر العلماء العاملين والحقيقيّين، بل إنّنا نؤكّد أنّ كثيراً من العلماء من كافّة الجهات يمتنعون عن الإعراب عن قناعاتهم العميقة خوفاً من ردّات فعل (شعبية) تحاصرهم وتقتصّ منهم، ولنا في ذلك الكثير من الأمثال. ولا بدّ أن ننتبه إلى أُمور قد لا تؤخذ في حجمها الحقيقي فتفاجئ العامل المخلص للتقارب وتحاصره<br>أيضاً... أوّلًا: هل نعتبر التقارب قُربى إلى اللَّه تعالى؟<br>سؤال هامّ ورئيسي: كيف يمكن اعتبار التقارب بين المسلمين عملًا نتقرّب به إلى اللَّه تعالى؟ والسؤال مشروع وواقعي، ولقد وجدنا طبقة واسعة من علماء الدين والعاملين في المجال الإسلامي يعتبرون أنّ تعميق الخلاف الفقهي والتأكيد على أنّ الحقّ تحتكره فئة واحدة بين المسلمين هو العمل الأرجى للتقرّب إلى اللَّه تعالى، <br> | وليس من خلال ثقافة العامّة من كلّ الفُرقاء، حيث يظهر بشكل واضح أنّ ثقافة الناس وممارساتهم وتأثير (الدهماء) من الناس هو في كثير من الأحيان أقوى من أثر العلماء العاملين والحقيقيّين، بل إنّنا نؤكّد أنّ كثيراً من العلماء من كافّة الجهات يمتنعون عن الإعراب عن قناعاتهم العميقة خوفاً من ردّات فعل (شعبية) تحاصرهم وتقتصّ منهم، ولنا في ذلك الكثير من الأمثال. ولا بدّ أن ننتبه إلى أُمور قد لا تؤخذ في حجمها الحقيقي فتفاجئ العامل المخلص للتقارب وتحاصره<br>أيضاً... أوّلًا: هل نعتبر التقارب قُربى إلى اللَّه تعالى؟<br>سؤال هامّ ورئيسي: كيف يمكن اعتبار التقارب بين المسلمين عملًا نتقرّب به إلى اللَّه تعالى؟ والسؤال مشروع وواقعي، ولقد وجدنا طبقة واسعة من علماء الدين والعاملين في المجال الإسلامي يعتبرون أنّ تعميق الخلاف الفقهي والتأكيد على أنّ الحقّ تحتكره فئة واحدة بين المسلمين هو العمل الأرجى للتقرّب إلى اللَّه تعالى، <br> | ||
وبالتالي فإنّ الجهد كلّه ينصبّ عند هؤلاء على إدانة الآخر وتجريده من كلّ مكرمة أو شُبهة حقّ، وصولًا إلى التكفير المؤدّي إلى سفك الدماء والفتنة المتواصلة. | وبالتالي فإنّ الجهد كلّه ينصبّ عند هؤلاء على إدانة الآخر وتجريده من كلّ مكرمة أو شُبهة حقّ، وصولًا إلى التكفير المؤدّي إلى سفك الدماء والفتنة المتواصلة. | ||
<br>سؤالٌ نطرحه بجدّ: هل نعتبر التقريب أمراً شرعياً أم أنّنا ننافق ونكذب، فنطرح ذلك في المناسبات العامّة ووسائل الإعلام، ثمّ عندما يخلو كلّ منّا إلى فريقه يحرّضه على الآخر ويبيّن عوراته ويعمّق الخلاف ويضخّمه ويُقلّل من نقاط التقارب والتوافق؟<br>هذه نقطة أساسية، وحتّى لا نكون فعلًا من الذين يريدون التقارب والتوافق نبتغي به وجه اللَّه لا بدّ من إعادة ترتيب الأولويات والتأكيد على أنّ الانتساب إلى الإسلام يشكّل ما يمكن أن نسمّيه «دستور وحدة المسلمين» أو ميثاق يوقّعه ويلتزم به الجميع يكون منطلقاً لوحدة المسلمين... هذه النقاط ينبغي أن تكون مختصرة وجامعة في آن واحد، ونقترحها فيما يلي:<br>1- الإيمان باللَّه الذي ليس كمثله شيء وهو السميع العليم. | <br>سؤالٌ نطرحه بجدّ: هل نعتبر التقريب أمراً شرعياً أم أنّنا ننافق ونكذب، فنطرح ذلك في المناسبات العامّة ووسائل الإعلام، ثمّ عندما يخلو كلّ منّا إلى فريقه يحرّضه على الآخر ويبيّن عوراته ويعمّق الخلاف ويضخّمه ويُقلّل من نقاط التقارب والتوافق؟<br>هذه نقطة أساسية، | ||
== بنود دستور وحدة المسلمين== | |||
وحتّى لا نكون فعلًا من الذين يريدون التقارب والتوافق نبتغي به وجه اللَّه لا بدّ من إعادة ترتيب الأولويات والتأكيد على أنّ الانتساب إلى الإسلام يشكّل ما يمكن أن نسمّيه «دستور وحدة المسلمين» أو ميثاق يوقّعه ويلتزم به الجميع يكون منطلقاً لوحدة المسلمين... هذه النقاط ينبغي أن تكون مختصرة وجامعة في آن واحد، ونقترحها فيما يلي:<br>1- الإيمان باللَّه الذي ليس كمثله شيء وهو السميع العليم. | |||
<br>2- الإيمان بمحمّد آخر الأنبياء وخاتم الرسل. | <br>2- الإيمان بمحمّد آخر الأنبياء وخاتم الرسل. | ||
<br>3- الإيمان باليوم الآخر: البعث والنشور والحشر والميزان والصراط والجنّة والنار. | <br>3- الإيمان باليوم الآخر: البعث والنشور والحشر والميزان والصراط والجنّة والنار. | ||
سطر ٦٠: | سطر ٦٣: | ||
<br>هذا أقلّ من الحدّ الأدنى، ولكن هذا هو المتاح حالياً، وللأسف حتّى هذا القدر للأسف نجد أنّنا نفتقده أحياناً! ونرى جهات تزعم انتماءها إلى الصحوة الإسلامية لا تجد مانعاً من الاستعانة بالغربي أو أعوان الغربي وزبانيته ليحقّق «نصراً» على الآخر، وهذه صورة تكرّرت في الحروب الصليبية والاجتياح المغولي والتتري لبلاد المسلمين، وكانوا سبباً رئيسياً في إطالة أمد الاحتلال الصليبي ثمّ المغولي والتتري... واحتراماً للتاريخ الفقهي للمسلمين جميعاً بفرقهم ومذاهبهم واجتهادهم وحتّى يأتي يوم قريب- إن شاء اللَّه- نكسر فيه الجمود ونجدّد حيوية الفقه ونحطّم الخطوط الحمراء العريضة والحقيقية والموهومة التي صنعناها بأيدينا وقلنا: هي من عند اللَّه والأُخرى التي هي نتاج فقهي «سليم» الخ... حتّى يأتي ذلك اليوم نقترح الخطّة التالية:<br>أوّلًا: إلغاء الحديث مطلقاً عند الضربة القاضية واستبدالها بالنقاط، بمعنى: لا يجوز لأيّ فريق إسلامي يؤمن بالنقاط التي سمّيناها «دستور وحدة المسلمين» أو بأكثرها ويريد وحدة المسلمين أو التقارب بينهم بالحدّ الأدنى، لا يجوز له الحديث عن إقصاء الآخر<br>بالمطلق عن الإسلام، واعتبار الخلاف اجتهادي... فمثلًا لا يجوز للشيعي أن يقول مستنداً إلى حديث الغدير المتّفق عليه روايةً بين المسلمين: إنّ من لا يفسّره مثلنا فهو ليس بمسلم؛ لأنّ الآخرين لهم تفسيرهم لهذا الحديث. ومثله لا يجوز لسنّي أن يقول بكلمة واحدة:<br>الشيعة خارج الإسلام؛ لأنّ لهم موقفاً من الصحابة الكرام. قد يكون هذا المثل هو الأقصى والأقسى... فإذا استطعنا تأكيد هذا المنطلق فتحنا صفحة جديدة، وهذه الصفحة الجديدة تتلخّص في قولنا: ليس هنالك فريق يلغي آخر وينتصر عليه بالضربة القاضية، ولكن لكلّ فريق أن يعدّ للفريق الآخر النقاط القوية والأُخرى الضعيفة.... ومنعاً لأيّ التباس، إنّ كاتب هذه السطور له موقف، وليس هو محايداً بالمعنى السلبي للكلمة، بل هو مسلم سنّي، يرى طريقة الإمام الشافعي في الاستدلال أجدى، ويأخذ من كلّ المذاهب، ويرى بشكل عامّ ودون تفصيل أنّ ما عليه الأشاعرة في العقيدة هو أقرب للسنّة وللفطرة البشرية من المذاهب الأُخرى في العقيدة. | <br>هذا أقلّ من الحدّ الأدنى، ولكن هذا هو المتاح حالياً، وللأسف حتّى هذا القدر للأسف نجد أنّنا نفتقده أحياناً! ونرى جهات تزعم انتماءها إلى الصحوة الإسلامية لا تجد مانعاً من الاستعانة بالغربي أو أعوان الغربي وزبانيته ليحقّق «نصراً» على الآخر، وهذه صورة تكرّرت في الحروب الصليبية والاجتياح المغولي والتتري لبلاد المسلمين، وكانوا سبباً رئيسياً في إطالة أمد الاحتلال الصليبي ثمّ المغولي والتتري... واحتراماً للتاريخ الفقهي للمسلمين جميعاً بفرقهم ومذاهبهم واجتهادهم وحتّى يأتي يوم قريب- إن شاء اللَّه- نكسر فيه الجمود ونجدّد حيوية الفقه ونحطّم الخطوط الحمراء العريضة والحقيقية والموهومة التي صنعناها بأيدينا وقلنا: هي من عند اللَّه والأُخرى التي هي نتاج فقهي «سليم» الخ... حتّى يأتي ذلك اليوم نقترح الخطّة التالية:<br>أوّلًا: إلغاء الحديث مطلقاً عند الضربة القاضية واستبدالها بالنقاط، بمعنى: لا يجوز لأيّ فريق إسلامي يؤمن بالنقاط التي سمّيناها «دستور وحدة المسلمين» أو بأكثرها ويريد وحدة المسلمين أو التقارب بينهم بالحدّ الأدنى، لا يجوز له الحديث عن إقصاء الآخر<br>بالمطلق عن الإسلام، واعتبار الخلاف اجتهادي... فمثلًا لا يجوز للشيعي أن يقول مستنداً إلى حديث الغدير المتّفق عليه روايةً بين المسلمين: إنّ من لا يفسّره مثلنا فهو ليس بمسلم؛ لأنّ الآخرين لهم تفسيرهم لهذا الحديث. ومثله لا يجوز لسنّي أن يقول بكلمة واحدة:<br>الشيعة خارج الإسلام؛ لأنّ لهم موقفاً من الصحابة الكرام. قد يكون هذا المثل هو الأقصى والأقسى... فإذا استطعنا تأكيد هذا المنطلق فتحنا صفحة جديدة، وهذه الصفحة الجديدة تتلخّص في قولنا: ليس هنالك فريق يلغي آخر وينتصر عليه بالضربة القاضية، ولكن لكلّ فريق أن يعدّ للفريق الآخر النقاط القوية والأُخرى الضعيفة.... ومنعاً لأيّ التباس، إنّ كاتب هذه السطور له موقف، وليس هو محايداً بالمعنى السلبي للكلمة، بل هو مسلم سنّي، يرى طريقة الإمام الشافعي في الاستدلال أجدى، ويأخذ من كلّ المذاهب، ويرى بشكل عامّ ودون تفصيل أنّ ما عليه الأشاعرة في العقيدة هو أقرب للسنّة وللفطرة البشرية من المذاهب الأُخرى في العقيدة. | ||
<br>ومع ذلك سيرى القارئ أنّ فقرات طويلة من هذا الكتاب ستجعله يظنّ أنّه شيعي أو أنّه شيعي متشدّد، فيما سيرى في فقرات أُخرى وكأنّه خصم شرس للشيعة... وليس هذا صحيحاً ولا ذاك، ولكنّ الصحيح أنّ على المسلم أن يتقبّل المسلم الآخر طالما أنّه سيشترك معه بأساس الإيمان وضرورات العقيدة الإسلامية. | <br>ومع ذلك سيرى القارئ أنّ فقرات طويلة من هذا الكتاب ستجعله يظنّ أنّه شيعي أو أنّه شيعي متشدّد، فيما سيرى في فقرات أُخرى وكأنّه خصم شرس للشيعة... وليس هذا صحيحاً ولا ذاك، ولكنّ الصحيح أنّ على المسلم أن يتقبّل المسلم الآخر طالما أنّه سيشترك معه بأساس الإيمان وضرورات العقيدة الإسلامية. | ||
==الهذف الرئيسي للكتاب== | |||
ومن هنا يظهر الهدف الرئيسي من هذا الكتاب أن يرى المتعصّبون من كلّ الفرقاء أنّ خصمه- إذا جاز التعبير- على شيء من الحقّ قد يوازيه أو يقلّ عنه بقليل، وليس مجرّداً بالمطلق من المنطق والدليل والبرهان، ولعلّ حجّة اللَّه عليه قائمة، وبالتالي سيقبله اللَّه- واللَّه أعلم- على خطئه؛ لأنّ عنده اجتهاداً يستند عليه ولأنّ الدليل يصله بشكل معيّن، وأعطاه المبرّر الكافي ليسلك المسلك الذي هو فيه. وبالتالي إذا حصل اختلاف حول قال خصمك في الآخرة، <br> | |||
وهل هو في النار أم لا؟ وهل تحتكر أنت وجماعتك الجنّة ورضوان اللَّه أم لا؟<br>إذا حصل هذا النقاش فسيكون الجواب محصوراً في الحديث عن الدرجة في الجنّة وليس عن أصل الدخول إليها، وعن السابق واللاحق وليس عمّن سيدخل ويغلق الباب وراءه. | وهل هو في النار أم لا؟ وهل تحتكر أنت وجماعتك الجنّة ورضوان اللَّه أم لا؟<br>إذا حصل هذا النقاش فسيكون الجواب محصوراً في الحديث عن الدرجة في الجنّة وليس عن أصل الدخول إليها، وعن السابق واللاحق وليس عمّن سيدخل ويغلق الباب وراءه. | ||
<br>وهكذا نكون بذلك قد أنزلنا الخلاف الفقهي إلى المستوى الذي يتمكّن فيه المخالف من قبول الآخر والعيش معه والتواصل بكلّ ما لهذه الكلمة من معنى. | <br>وهكذا نكون بذلك قد أنزلنا الخلاف الفقهي إلى المستوى الذي يتمكّن فيه المخالف من قبول الآخر والعيش معه والتواصل بكلّ ما لهذه الكلمة من معنى. |