الفرق بين المراجعتين لصفحة: «عبد العزيز جاويش»
(عبد_العزيز_جاويش ایجاد شد) |
لا ملخص تعديل |
||
(مراجعة متوسطة واحدة بواسطة مستخدم واحد آخر غير معروضة) | |||
سطر ١: | سطر ١: | ||
<div class="wikiInfo"> | <div class="wikiInfo"> | ||
[[ملف:عبد العزيز جاويش.jpeg|250px|تصغير|مركز|عبد العزيز جاويش]] | |||
{| class="wikitable aboutAuthorTable" style="text-align:Right" |+ | | {| class="wikitable aboutAuthorTable" style="text-align:Right" |+ | | ||
!الاسم!! data-type="AuthorName" |عبد العزيز جاويش | !الاسم!! data-type="AuthorName" |عبد العزيز جاويش | ||
سطر ٢٨: | سطر ٢٩: | ||
|} | |} | ||
</div> | </div> | ||
عبد العزيز جاويش: من روّاد التربية والصحافة والاجتماع في مصر. | '''عبد العزيز جاويش''': من روّاد التربية والصحافة والاجتماع في [[مصر]]. | ||
<br>ولد في الإسكندرية بتاريخ 21/ 10/ 1876 م، وأتمّ حفظ القرآن وهو في السادسة عشرة من عمره سنة 1892 م، وكان لمّاحاً ذكياً، له نفس مشرقة ووجه سمح. | <br>ولد في [[الإسكندرية]] بتاريخ 21/ 10/ 1876 م، وأتمّ حفظ القرآن وهو في السادسة عشرة من عمره سنة 1892 م، وكان لمّاحاً ذكياً، له نفس مشرقة ووجه سمح. | ||
<br>في سنة 1892 م سافر إلى القاهرة للالتحاق | <br>في سنة 1892 م سافر إلى [[القاهرة]] للالتحاق ب[[الأزهر]]، وفي القاهرة وجد مجالًا لتطلّعاته الثقافية والوطنية، وجدها في [[جريدة المؤيّد|جريدة «المؤيّد»]] عند الشيخ [[علي يوسف]]، وعند الشيخ [[محمّد عبده]] في الرواق العبّاسي بالأزهر وفي بيته. | ||
<br>لم يطل مكثه بالأزهر، بل سارع إلى الالتحاق | <br>لم يطل مكثه بالأزهر، بل سارع إلى الالتحاق ب[[دار العلوم]]، وتخرّج فيها سنة 1897 م بدرجة عالية من التقدير أهلّته للبعثة إلى الخارج. | ||
<br>كان رائداً فكرياً بين أترابه يتصدّرهم في مجالات الأدب والشعر والقول في المحافل. | <br>كان رائداً فكرياً بين أترابه يتصدّرهم في مجالات الأدب والشعر والقول في المحافل. | ||
<br>بعث إلى بريطانيا حيث بقى بها ثماني سنوات أفاد لأُمّته علماً وتجربة في حياته الفكرية والسياسية والتربوية. وأمضى ثلاث سنوات في جامعة | <br>بعث إلى [[بريطانيا]] حيث بقى بها ثماني سنوات أفاد لأُمّته علماً وتجربة في حياته الفكرية والسياسية والتربوية. وأمضى ثلاث سنوات في [[جامعة برورود]]، انتهت سنة 1901 م، كما أمضى خمس سنوات في [[جامعة أُكسفورد]] أُستاذاً للعربية بها بعد عودته إلى بريطانيا من سنة 1902 م إلى سنة 1906 م. | ||
<br>وقد خاصم الإنجليز خصومة حادّة عنيفة ارتفعت- على ما قيل- إلى درجة خصومة موقظ الشرق جمال الدين الأفغاني. | <br>وقد خاصم الإنجليز خصومة حادّة عنيفة ارتفعت- على ما قيل- إلى درجة خصومة موقظ الشرق [[جمال الدين الأفغاني]]. | ||
<br>وقع عليه الاختيار في مؤتمر المستشرقين الذي عقد في الجزائر سنة 1905 م، وبهر<br>الحاضرين ببلاغته وقوّة حجّته. وفي سنة 1906 م عاد إلى مصر ليشغل منصب مفتش بوزارة المعارف لمدّة عام وبعض العام، وفي سنة 1908 م استقال ليرأس تحرير جريدة «اللواء» لسان حال الحزب الوطني. | <br>وقع عليه الاختيار في مؤتمر المستشرقين الذي عقد في [[الجزائر]] سنة 1905 م، وبهر<br>الحاضرين ببلاغته وقوّة حجّته. وفي سنة 1906 م عاد إلى مصر ليشغل منصب مفتش بوزارة المعارف لمدّة عام وبعض العام، وفي سنة 1908 م استقال ليرأس تحرير [[جريدة اللواء|جريدة «اللواء»]] لسان حال الحزب الوطني. | ||
<br>اتّخذ من منبر جريدة «اللواء» حصناً يحمل منه على المستعمر ويحاربه بالكلمة الحرّة التي يقولها بكلّ حرارة وبكلّ قوّة، كما حاربه بالعمل الإيجابي في ميدان التعليم والتربية والإصلاح الاجتماعي، فحقّق معه أربع مرّات، وسجن مرّتين، وأُنذرت جريدة «اللواء» وأُغلق «العلم» بسبب حملاته القاسية على المستعمر والحاكم والموالي للاستعمار. | <br>اتّخذ من منبر جريدة «اللواء» حصناً يحمل منه على المستعمر ويحاربه بالكلمة الحرّة التي يقولها بكلّ حرارة وبكلّ قوّة، كما حاربه بالعمل الإيجابي في ميدان التعليم والتربية والإصلاح الاجتماعي، فحقّق معه أربع مرّات، وسجن مرّتين، وأُنذرت جريدة «اللواء» وأُغلق «العلم» بسبب حملاته القاسية على المستعمر والحاكم والموالي للاستعمار. | ||
<br>نادى في كتاباته المتلاحقة القوية داعياً لحقّ الأُمّة المصرية في الحرّية والدستور والجلاء، كما نادى بحقّ العالم الإسلامي في كلّ ذلك، ونادى | <br>نادى في كتاباته المتلاحقة القوية داعياً لحقّ الأُمّة المصرية في الحرّية والدستور والجلاء، كما نادى بحقّ [[العالم الإسلامي]] في كلّ ذلك، ونادى ب[[وحدة العالم الإسلامي]]؛ لأنّه يرى في الوحدة عزّة العرب والمسلمين وتجنّبهم التمزّق وسيطرة النفوذ الأجنبي. | ||
<br>كان في ذكرى حادث دنشواي (الذي وقع عام 1906 م وراح ضحيته مصريّون بسبب ظلم الاحتلال الإنجليزي وافتئاته) يلتهب ثورةً وعنفاً وحماساً، يهاجم الإنجليز ويندّد بهم وبخسّتهم وبمن أسهموا معهم في محاكمة المصريّين الفلّاحين وشنقهم ظلماً، كان يندّد بهؤلاء جميعاً. وقد تعرّض للمحاكمة والحبس، فاستقبل الرأي العامّ ذلك بالسخط والاستهجان. استقبل عبد العزيز جاويش عند خروجه من السجن استقبال بطل وطني كريم، كما استقبله في المرّات التي تعرّض فيها للسجن والاضطهاد استقبال المكافح المسلم الجريء... لمّا أحسّ بتعقّب الاحتلال البريطاني له ومحاولة نفيه أو محاكمته محاكمة ظالمة هاجر إلى تركيا سنة 1912 م، ومضى في حملته على الإنجليز والدعوة لمقاومة نفوذهم في العالم الإسلامي كلّه، وفي 9 سبتمبر سنة 1917 م أُعيد إلى مصر مقبوضاً عليه بتهمة توزيع منشورات للحضّ على ثورة دموية ضدّ حكومة مصر، ولمّا حفظ التحقيق عاد إلى تركيا يوم 18 من أُكتوبر سنة 1917 م. | <br>كان في ذكرى حادث دنشواي (الذي وقع عام 1906 م وراح ضحيته مصريّون بسبب ظلم الاحتلال الإنجليزي وافتئاته) يلتهب ثورةً وعنفاً وحماساً، يهاجم الإنجليز ويندّد بهم وبخسّتهم وبمن أسهموا معهم في محاكمة المصريّين الفلّاحين وشنقهم ظلماً، كان يندّد بهؤلاء جميعاً. وقد تعرّض للمحاكمة والحبس، فاستقبل الرأي العامّ ذلك بالسخط والاستهجان. استقبل عبد العزيز جاويش عند خروجه من السجن استقبال بطل وطني كريم، كما استقبله في المرّات التي تعرّض فيها للسجن والاضطهاد استقبال المكافح المسلم الجريء... لمّا أحسّ بتعقّب الاحتلال البريطاني له ومحاولة نفيه أو محاكمته محاكمة ظالمة هاجر إلى [[تركيا]] سنة 1912 م، ومضى في حملته على الإنجليز والدعوة لمقاومة نفوذهم في العالم الإسلامي كلّه، وفي 9 سبتمبر سنة 1917 م أُعيد إلى مصر مقبوضاً عليه بتهمة توزيع منشورات للحضّ على ثورة دموية ضدّ حكومة مصر، ولمّا حفظ التحقيق عاد إلى تركيا يوم 18 من أُكتوبر سنة 1917 م. | ||
<br>لمّا هزمت تركيا في الحرب العالمية الأُولى هاجر إلى ألمانيا خفيةً سنة 1918 م، ثمّ<br>دعي سنة 1922 م إلى تركيا، وعرض عليه رئيس الوزراء منصباً ثقافياً كبيراً نظراً لخدماته الإسلامية العالمية، كدعوة أحد أغنياء الهنود لإنشاء أُسطول إسلامي، ومرافقته للجيش التركي لتخليص مصر من الاحتلال الإنجليزي، ومساهمته في إنشاء الجامعة الإسلامية | <br>لمّا هزمت تركيا في [[الحرب العالمية الأُولى]] هاجر إلى [[ألمانيا]] خفيةً سنة 1918 م، ثمّ<br>دعي سنة 1922 م إلى تركيا، وعرض عليه رئيس الوزراء منصباً ثقافياً كبيراً نظراً لخدماته الإسلامية العالمية، كدعوة أحد أغنياء الهنود لإنشاء أُسطول إسلامي، ومرافقته للجيش التركي لتخليص مصر من الاحتلال الإنجليزي، ومساهمته في إنشاء الجامعة الإسلامية ب[[المدينة المنوّرة]]. | ||
<br>ظلّ في تركيا من 23/ 10/ 1922 م إلى 25/ 11/ 1923 م، ثمّ عاد إلى مصر متخفّياً؛ لأنّ آراءه بشأن بقاء الخلافة الإسلامية لم ترق في نظر الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك... وفي مصر اتّجه إلى مجال التعليم والتربية والإصلاح الاجتماعي، وكرّس له السنوات الباقية من حياته، وشغل منصب «مدير التعليم الأوّلي» منذ سنة 1925 م إلى يوم 25 من يناير سنة 1929 م، حيث وافاه الأجل المحتوم بعد أن قدّم لبلاده ما يقدّمه المخلصون من جهاد وتضحية وبذل، وبعد أن ترك آثاراً خالدة في مجالات الأدب والسياسة والخطابة والإصلاح الاجتماعي، وفي مجال الخير والإحسان والبرّ بالمعوزين من أُسر المجاهدين. ومن جملة مؤلّفاته: أثر القرآن في تحرير الفكر البشري، خواطر في التربية والسياسة، أبحاث عن المرأة والشؤون العامّة. | <br>ظلّ في تركيا من 23/ 10/ 1922 م إلى 25/ 11/ 1923 م، ثمّ عاد إلى مصر متخفّياً؛ لأنّ آراءه بشأن بقاء الخلافة الإسلامية لم ترق في نظر الزعيم التركي [[مصطفى كمال أتاتورك]]... وفي مصر اتّجه إلى مجال التعليم والتربية والإصلاح الاجتماعي، وكرّس له السنوات الباقية من حياته، وشغل منصب «مدير التعليم الأوّلي» منذ سنة 1925 م إلى يوم 25 من يناير سنة 1929 م، حيث وافاه الأجل المحتوم بعد أن قدّم لبلاده ما يقدّمه المخلصون من جهاد وتضحية وبذل، وبعد أن ترك آثاراً خالدة في مجالات الأدب والسياسة والخطابة والإصلاح الاجتماعي، وفي مجال الخير والإحسان والبرّ بالمعوزين من أُسر المجاهدين. ومن جملة مؤلّفاته: أثر القرآن في تحرير الفكر البشري، خواطر في التربية والسياسة، أبحاث عن المرأة والشؤون العامّة. | ||
<br>وقد رثاه الشاعر أحمد شوقي بأبيات، يقول فيها:<br>لقد نسي القوم أمس القريب<br>فهل لأحاديثه من معيد<br>يقولون ما لأبي ناصر<br>وللتُرك ما شأنه والهنود<br>وفيم تَحمّل همّ القريب<br>من المسلمين وهمّ البعيد<br>فقلتُ وما ضرّكم أن يقوم<br>من المسلمين إمام رشيد<br>أتستكثرون لهم واحداً<br>وليّ القديم نصير الجديد<br>يشدّ عرا الدين في داره<br>ويدعو إلى | <br>وقد رثاه الشاعر [[أحمد شوقي]] بأبيات، يقول فيها:<br>لقد نسي القوم أمس القريب<br>فهل لأحاديثه من معيد<br>يقولون ما لأبي ناصر<br>وللتُرك ما شأنه والهنود<br>وفيم تَحمّل همّ القريب<br>من المسلمين وهمّ البعيد<br>فقلتُ وما ضرّكم أن يقوم<br>من المسلمين إمام رشيد<br>أتستكثرون لهم واحداً<br>وليّ القديم نصير الجديد<br>يشدّ عرا الدين في داره<br>ويدعو إلى اللَّه أهل الجحود<br><br><br>وللقوم حتّى وراء القفار<br>دعاة تغني ورسل تشيد<br><br> | ||
== المراجع == | == المراجع == | ||
(انظر ترجمته في: موسوعة السياسة 3: 837- 838، موسوعة ألف شخصية مصرية: 380، عمالقة وروّاد: 176- 178، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين 1: 67- 80، موسوعة الأعلام 2: 75). | (انظر ترجمته في: موسوعة السياسة 3: 837- 838، موسوعة ألف شخصية مصرية: 380، عمالقة وروّاد: 176- 178، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين 1: 67- 80، موسوعة الأعلام 2: 75). | ||
<br> | <br> | ||
[[تصنيف:روّاد التقريب]] | |||
[[تصنيف:علماء مصر]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ٠٤:٣٩، ٢١ سبتمبر ٢٠٢١
الاسم | عبد العزيز جاويش |
---|---|
الاسم الکامل | عبد العزيز جاويش |
تاريخ الولادة | 1293 ه / 1876 م |
محل الولادة | مصر |
تاريخ الوفاة | 1348 هـ / 1929 م |
المهنة | سیاسی |
الأساتید | |
الآثار | الإسلام دين الفطرة و الحرية |
المذهب |
عبد العزيز جاويش: من روّاد التربية والصحافة والاجتماع في مصر.
ولد في الإسكندرية بتاريخ 21/ 10/ 1876 م، وأتمّ حفظ القرآن وهو في السادسة عشرة من عمره سنة 1892 م، وكان لمّاحاً ذكياً، له نفس مشرقة ووجه سمح.
في سنة 1892 م سافر إلى القاهرة للالتحاق بالأزهر، وفي القاهرة وجد مجالًا لتطلّعاته الثقافية والوطنية، وجدها في جريدة «المؤيّد» عند الشيخ علي يوسف، وعند الشيخ محمّد عبده في الرواق العبّاسي بالأزهر وفي بيته.
لم يطل مكثه بالأزهر، بل سارع إلى الالتحاق بدار العلوم، وتخرّج فيها سنة 1897 م بدرجة عالية من التقدير أهلّته للبعثة إلى الخارج.
كان رائداً فكرياً بين أترابه يتصدّرهم في مجالات الأدب والشعر والقول في المحافل.
بعث إلى بريطانيا حيث بقى بها ثماني سنوات أفاد لأُمّته علماً وتجربة في حياته الفكرية والسياسية والتربوية. وأمضى ثلاث سنوات في جامعة برورود، انتهت سنة 1901 م، كما أمضى خمس سنوات في جامعة أُكسفورد أُستاذاً للعربية بها بعد عودته إلى بريطانيا من سنة 1902 م إلى سنة 1906 م.
وقد خاصم الإنجليز خصومة حادّة عنيفة ارتفعت- على ما قيل- إلى درجة خصومة موقظ الشرق جمال الدين الأفغاني.
وقع عليه الاختيار في مؤتمر المستشرقين الذي عقد في الجزائر سنة 1905 م، وبهر
الحاضرين ببلاغته وقوّة حجّته. وفي سنة 1906 م عاد إلى مصر ليشغل منصب مفتش بوزارة المعارف لمدّة عام وبعض العام، وفي سنة 1908 م استقال ليرأس تحرير جريدة «اللواء» لسان حال الحزب الوطني.
اتّخذ من منبر جريدة «اللواء» حصناً يحمل منه على المستعمر ويحاربه بالكلمة الحرّة التي يقولها بكلّ حرارة وبكلّ قوّة، كما حاربه بالعمل الإيجابي في ميدان التعليم والتربية والإصلاح الاجتماعي، فحقّق معه أربع مرّات، وسجن مرّتين، وأُنذرت جريدة «اللواء» وأُغلق «العلم» بسبب حملاته القاسية على المستعمر والحاكم والموالي للاستعمار.
نادى في كتاباته المتلاحقة القوية داعياً لحقّ الأُمّة المصرية في الحرّية والدستور والجلاء، كما نادى بحقّ العالم الإسلامي في كلّ ذلك، ونادى بوحدة العالم الإسلامي؛ لأنّه يرى في الوحدة عزّة العرب والمسلمين وتجنّبهم التمزّق وسيطرة النفوذ الأجنبي.
كان في ذكرى حادث دنشواي (الذي وقع عام 1906 م وراح ضحيته مصريّون بسبب ظلم الاحتلال الإنجليزي وافتئاته) يلتهب ثورةً وعنفاً وحماساً، يهاجم الإنجليز ويندّد بهم وبخسّتهم وبمن أسهموا معهم في محاكمة المصريّين الفلّاحين وشنقهم ظلماً، كان يندّد بهؤلاء جميعاً. وقد تعرّض للمحاكمة والحبس، فاستقبل الرأي العامّ ذلك بالسخط والاستهجان. استقبل عبد العزيز جاويش عند خروجه من السجن استقبال بطل وطني كريم، كما استقبله في المرّات التي تعرّض فيها للسجن والاضطهاد استقبال المكافح المسلم الجريء... لمّا أحسّ بتعقّب الاحتلال البريطاني له ومحاولة نفيه أو محاكمته محاكمة ظالمة هاجر إلى تركيا سنة 1912 م، ومضى في حملته على الإنجليز والدعوة لمقاومة نفوذهم في العالم الإسلامي كلّه، وفي 9 سبتمبر سنة 1917 م أُعيد إلى مصر مقبوضاً عليه بتهمة توزيع منشورات للحضّ على ثورة دموية ضدّ حكومة مصر، ولمّا حفظ التحقيق عاد إلى تركيا يوم 18 من أُكتوبر سنة 1917 م.
لمّا هزمت تركيا في الحرب العالمية الأُولى هاجر إلى ألمانيا خفيةً سنة 1918 م، ثمّ
دعي سنة 1922 م إلى تركيا، وعرض عليه رئيس الوزراء منصباً ثقافياً كبيراً نظراً لخدماته الإسلامية العالمية، كدعوة أحد أغنياء الهنود لإنشاء أُسطول إسلامي، ومرافقته للجيش التركي لتخليص مصر من الاحتلال الإنجليزي، ومساهمته في إنشاء الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة.
ظلّ في تركيا من 23/ 10/ 1922 م إلى 25/ 11/ 1923 م، ثمّ عاد إلى مصر متخفّياً؛ لأنّ آراءه بشأن بقاء الخلافة الإسلامية لم ترق في نظر الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك... وفي مصر اتّجه إلى مجال التعليم والتربية والإصلاح الاجتماعي، وكرّس له السنوات الباقية من حياته، وشغل منصب «مدير التعليم الأوّلي» منذ سنة 1925 م إلى يوم 25 من يناير سنة 1929 م، حيث وافاه الأجل المحتوم بعد أن قدّم لبلاده ما يقدّمه المخلصون من جهاد وتضحية وبذل، وبعد أن ترك آثاراً خالدة في مجالات الأدب والسياسة والخطابة والإصلاح الاجتماعي، وفي مجال الخير والإحسان والبرّ بالمعوزين من أُسر المجاهدين. ومن جملة مؤلّفاته: أثر القرآن في تحرير الفكر البشري، خواطر في التربية والسياسة، أبحاث عن المرأة والشؤون العامّة.
وقد رثاه الشاعر أحمد شوقي بأبيات، يقول فيها:
لقد نسي القوم أمس القريب
فهل لأحاديثه من معيد
يقولون ما لأبي ناصر
وللتُرك ما شأنه والهنود
وفيم تَحمّل همّ القريب
من المسلمين وهمّ البعيد
فقلتُ وما ضرّكم أن يقوم
من المسلمين إمام رشيد
أتستكثرون لهم واحداً
وليّ القديم نصير الجديد
يشدّ عرا الدين في داره
ويدعو إلى اللَّه أهل الجحود
وللقوم حتّى وراء القفار
دعاة تغني ورسل تشيد
المراجع
(انظر ترجمته في: موسوعة السياسة 3: 837- 838، موسوعة ألف شخصية مصرية: 380، عمالقة وروّاد: 176- 178، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين 1: 67- 80، موسوعة الأعلام 2: 75).