سلمان العودة
الاسم | سلمان العودة |
---|---|
الاسم الکامل | سلمان بن فهد بن عبد اللَّه العودة الدخيل |
تاريخ الولادة | 1957م/1376 ه |
محل الولادة | بلدة البصر /سعودي |
تاريخ الوفاة | |
المهنة | مفكّر إسلامي سعودي، وداعية تقريب |
الأساتید | محمّد بن صالح العثيمين، وعبد اللَّه بن جبرين، والشيخ صالح البليهي، وعلي الضالع |
الآثار | العزلة والخلطة: أحكام وأحوال، صفة الغرباء، من وسائل دفع الغربة، من أخلاق الداعية، أدب الحوار، من يملك حقّ الاجتهاد، رسالة إلى الأب، بناء الفرد، دلّوني على سوق المدينة، نداء الفطرة، عشرون طريقة للرياء، جلسة على الرصيف، هكذا علم الأنبياء، جزيرة الإسلام، رسائل إلى الحجيج، إمام أهل السنّة، آخر لحظات الفاروق، دعاة في البيوت، ضوابط للدراسات الفقهية، مزالق في طريق الطلب، مقولات في فقه الموقف، المعركة الفاصلة مع اليهود، الصحوة في نظر الغربيّين، معركة الإسلام والعلمانية، لماذا يخافون من الإسلام، رسالة الشباب المسلم في الحياة، مقالات في المنهج، الإغراق في الجزئيات، المزاح، وقفات مع السبع المثاني، نهاية التاريخ، ولكن كونوا ربّانيّين، تحية للشعب المقاوم، مجالس رمضانية، افعل ولا حرج، نحو ثقافة شرعية، مع المصطفى، مع العلم، الأُمّة الواحدة، أطفال في حجر الرسول، لماذا نخاف من النقد، الفيلسوف الربّاني، التفسير النبوي للقرآن الكريم، سلطان العلماء، الغرباء الأوّلون، هموم فتاة ملتزمة، مع اللَّه، بناتي، شكراً أيّها الأعداء، الأئمّة الأربعة، ولا يزالون مختلفين. |
المذهب | مسلمان/سنی |
سلمان بن فهد بن عبد اللَّه العودة الدخيل: مفكّر إسلامي سعودي، وداعية تقريب.
ولد في شهر جمادى الأُولى عام 1376 ه في بلدة البصر في منطقة القصيم، وحصل على ماجستير في السنّة في موضوع «الغربة وأحكامها» سنة 1408 ه، ودكتوراه في «السنّة في شرح بلوغ المرام/ كتاب الطهارة. كان من أبرز ما كان يطلق عليهم مشائخ الصحوة في الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم.
نشأ في البصر، وهي إحدى القرى الهادئة في الضواحي الغربية لمدينة بريدة بمنطقة القصيم، وانتقل إلى الدراسة في بريدة، ثمّ التحق بالمعهد العلمي في بريدة، وقضى فيه ستّ سنوات دراسية، وتتلمذ على بعض العلماء، كمحمّد بن صالح العثيمين، وعبد اللَّه بن جبرين، والشيخ صالح البليهي، وعلي الضالع.
حفظ القرآن الكريم، ثمّ الأُصول الثلاثة، القواعد الأربع، كتاب التوحيد، العقيدة الواسطية، متن الأجرومية، متن الرحبية، وقرأ شرحه على عدد من المشايخ، منهم: الشيخ صالح البليهي، الشيخ محمّد المنصور. كما حفظ نخبة الفكر للحافظ ابن حجر وشرحه نزهة النظر، وحفظ بلوغ المرام في أدلّة الأحكام، ومختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري.
وحفظ في صباه مئات القصائد الشعرية المطوّلة من شعر الجاهلية والإسلام وشعراء العصر الحديث.
تخرّج من كلّية الشريعة وأُصول الدين بالقصيم، ثمّ عاد مدرّساً في المعهد العلمي في بريدة لفترة من الزمن، ثمّ معيداً إلى الكلّية، ثمّ محاضراً. وعمل أُستاذاً في كلّية الشريعة وأُصول الدين بالقصيم لبضع سنوات قبل أن يُعفى من مهامه التدريسية في جامعة الإمام محمّد بن سعود، وذلك في 15/ 4/ 1414 ه بعد أن تمّ إيقافه عن العمل الجامعي بعد أن صرّح أكثر من مرّة من خلال محاضراته سواء بالجامعة أو خارج الجامعة بأُمور سياسية بحتة تمّ إيقافه على أثرها وحبسه فترة من الزمن بأحد السجون السياسية بمدينة الرياض قبل أن يتمّ الإفراج عنه والسماح له بإقامة المحاضرات الدعوية الهادفة والمليئة بالوسطية والبعيدة عن التطرّف.
يعتبر الشيخ من أهمّ الأمثلة الناجحة من الدعاة الجدد الذي نجح مزج الدعوة إلى اللَّه بالبساطة والسلاسة وتقريبها أكثر للناس وللعوام سواء للمسلمين أو حتّى لغير المسلمين في أحيان كثيرة. ولعلّ هذا تجلّى بإعلان عدد كثير من غير المسلمين باعتناق الإسلام بعد استماعهم لحديثه وتوجيهاته من خلال برامجه الكثيرة بالقنوات الفضائية.
من مؤلّفاته: العزلة والخلطة: أحكام وأحوال، صفة الغرباء، من وسائل دفع الغربة، من أخلاق الداعية، أدب الحوار، من يملك حقّ الاجتهاد، رسالة إلى الأب، بناء الفرد، دلّوني على سوق المدينة، نداء الفطرة، عشرون طريقة للرياء، جلسة على الرصيف، هكذا علم الأنبياء، جزيرة الإسلام، رسائل إلى الحجيج، إمام أهل السنّة، آخر لحظات الفاروق، دعاة في البيوت، ضوابط للدراسات الفقهية، مزالق في طريق الطلب، مقولات في فقه الموقف، المعركة الفاصلة مع اليهود، الصحوة في نظر الغربيّين، معركة الإسلام والعلمانية، لماذا يخافون من الإسلام، رسالة الشباب المسلم في الحياة، مقالات في المنهج، الإغراق في الجزئيات، المزاح، وقفات مع السبع المثاني، نهاية التاريخ، ولكن كونوا ربّانيّين، تحية للشعب المقاوم، مجالس رمضانية، افعل ولا حرج، نحو ثقافة شرعية، مع المصطفى، مع العلم، الأُمّة الواحدة، أطفال في حجر الرسول، لماذا نخاف من النقد، الفيلسوف الربّاني، التفسير النبوي للقرآن الكريم، سلطان العلماء، الغرباء الأوّلون، هموم فتاة ملتزمة، مع اللَّه، بناتي، شكراً أيّها الأعداء، الأئمّة الأربعة، ولا يزالون مختلفين.
تمّت استضافته في أكثر من قناة فضائية مختلفة النطاق، منها: قناة الجزيرة الأخبارية، وقناة الأقصى الفضائية، وقناة العربية الأخبارية، وقناة اقرأ، وقناةmbc ، وقناة المجد، وقناة دليل، والعديد من القنوات العربية. بالإضافة إلى مشاركاته المختلفة في قنوات تلفزيونية متنوّعة والبرامج المسجّلة المتعدّدة، ومشاركاته في العديد من المؤتمرات الدولية والمهرجانات.
وهو المشرف العامّ على مجموعة مؤسّسات الإسلام اليوم(Islam today Group Est) ، وعضو الاتّحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو مجلس أُمنائه، والأمين العامّ للهيئة العالمية لنصرة المصطفى صلى الله عليه و آله، وعضو مجلس الإفتاء الأوربّي.
يقول: «إنّ بناء الوحدة الأخوية الإيمانية بين المسلمين بعامّة والدعاة وطلبة العلم بخاصّة على هذه العصم الكبار من أُصول الشريعة ومحكمات الدين ضمان لديمومتها واستمرارها وحماية لها من التصدّع والانشقاق والانهيار، فلا يمكن بعد أن تمضي علينا سنوات ونقطع جزءاً من الطريق أن نعود أدراجنا لنجادل في هذه المحكمات مثلًا أو في هذه الثوابت أو في هذه القواعد المستقرّة، فينشقّ منها مجموعة تخالف في أصل أو ثابت، فهذا يعدّ نوعاً من الضلال. ولذلك إذا كانت الوحدة مبنية على هذه الأُصول الكبار العظيمة ووفق الفهم الشرعي السليم البعيد عن الانحياز فإنّها تكون وحدة راسخة ثابتة مستقرّة لا تتغيّر بالمتغيّرات، والمتّفقون عليها بمأمن من الخلاف الذي يحدث الفرقة والانشقاق، بينما بناء الوحدة على غير هذه الأُسس أو عليها ولكن مضافاً إليها شروط وفروع وتفاصيل واجتهادات ومفردات أُخرى يجعل هذه الوحدة عرضة للخلاف، كلّما مرّ جزء من الوقت، وكلّما تنوّعت الاجتهادات، وكلّما كثر الناس وكبرت عقولهم واتّسع علمهم وبحثوا وحقّقوا.
ولذلك تجد الطلبة مثلًا حينما يتلقّون عن شيخهم أوّل الأمر فإنّهم يأخذون اجتهاداته وترجيحاته مأخذ التسليم؛ لأنّه ليس عندهم تأهّل علمي للبحث والتحرّي والمراجعة
والتصحيح والتحقيق، لكن عندما يكبرون وتتّسع علومهم ومداركهم ويتحوّلون إلى نوع من الاجتهاد والبحث في الكتب والنظر في أقوال أهل العلم يبدأون بمخالفة شيوخهم في الاجتهادات أحياناً، وقد يختارون من الأقوال غير ما اختار شيوخهم، وقد يوافقونهم على بعض الأُمور، وقد يوافقونهم على جزء من القول ويخالفونهم على جزء آخر منه، فهنا لم تكن الوحدة، ولم يكن الولاء مبنياً على هذه المفردات، أو على هذه الفروع، أو على هذه الاجتهادات القابلة للمراجعة وللنظر وللتصحيح. فلو كانت الوحدة مبنية على قواعد راسخة وصلبة من البناء القوي المتين المحكم فإنّه يكونون بمنجاة من التعرّض للخلل أو الاهتزاز يوماً من الأيّام.
فإذا كانت الوحدة وكان الولاء مبنياً على اختيار قول فقهي خلافي ومنابذة من خالف هذا القول سواء كان في مسائل العبادات أو المعاملات أو غيرها، أو بنيت الوحدة على فرع ينتج من تطبيق مبدأ على محلّه، فقد يكون المبدأ متّفقاً عليه، لكن تطبيقه على المحلّ موضع اختلاف بين النظّار والفقهاء، كذلك إذا بنيت على رأي خاصّ في بعض النوازل وبعض المسائل الاجتهادية الطارئة.
فمثلًا: قوم اجتمعوا وتحالفوا على التزام جلسة الاستراحة في الصلاة واعتبار أنّ من الشروط الإيمان بأنّ هذه الجلسة مطلوبة، بل يبالغ بعضهم ويقول: إنّ هذه الجلسة وإن كانت مستحبّة إلّاأنّها أصبحت شعاراً لنا يميّزنا عن غيرنا من الناس من المسلمين، مع أنّ التميّز عن عامّة المسلمين ليس مطلوباً في الأصل إلّاأن يكون تميّزاً بحقّ لا بدّ للإنسان منه من غير أن يتقصّد أو يتعمّد التميّز أو الشهرة عن جماعة المسلمين. وإذا كان الاتّفاق والولاء والوحدة مبنية على الجهر بالبسملة في الصلاة، أو الإسرار بها، أو على وضع اليدين على الصدر أو أسفل من ذلك، أو على القنوت في الصلاة، أو ترك القنوت، أو على القول بإبطال الحجامة للصيام، أو على الحكم بتكفير شخص أو جماعة أو فئة أو طائفة أو بدعية هؤلاء، ممّا ليس أمراً قطعياً ولا ظاهراً، وإنّما قد يكون على أحسن الأحوال محلّ نظر وتردّد واجتهاد، وقد يكون خطأ من قائله، فإذا كان الاجتماع مبنياً على مثل هذه المعاني فإنّ
معنى ذلك أنّ الوحدة عرضة للتغيّر بعد حين، وهو اجتماع لا محالة آيل إلى الفراق؛ لأنّ هذه الأُمور مع تقدّم الوقت وسماع الإنسان أدلّة أُخرى ووجهات نظر أُخرى تتغيّر قناعته، ويبدأ التحرير والبحث والتحقيق، خصوصاً إذا كان عنده قدر من الولاء للحقّ والرغبة في الوصول إليه، فيؤول الأمر إلى انشقاق طويل عريض.
والاجتماع لا يكون إلّاعلى قبول الاختلاف، فقد اختلف الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام) في حالات متعدّدة والوحي يتنزّل عليهم صباح مساء. ومن ذلك قصّة موسى (عليه الصلاة والسلام) لما ذهب إلى ربّه وترك أخاه هارون مع قومه وقال له: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (سورة الأعراف: 142)، وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ (سورة الأعراف: 148)، فنهاهم هارون (عليه الصلاة والسلام) عن ذلك وقال: «إنّما هذا من الشيطان وإنّما فتنتم به»، وأمرهم باتّباع موسى (عليه الصلاة والسلام)، ولكنّه بقي معهم، فلمّا جاء موسى (عليه الصلاة والسلام) ورأى ما رأى غضب وَ أَلْقَى الْأَلْواحَ وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ (سورة الأعراف: 150)، وعاتبه موسى على ذلك: قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا* أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي (سورة طه: 92- 93)، فكان موسى يعتب على هارون ويطالبه بموقف آخر مختلف غير الذي فعل، فيقول له هارون: قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (سورة طه: 94)، أي: أنا نظرت إلى الموضوع من زاوية ثانية، رأيت ألّاأُفرّق هؤلاء، وأن أبقى معهم حتّى تعود وترى فيهم رأيك وأمرك. ولهذا قال قتادة عند هذه الآية: «قد كره الصالحون الفرقة قبلكم». فهارون (عليه الصلاة والسلام) كان مأخذه الحرص على بقائهم واجتماعهم حتّى يأتي موسى (عليه الصلاة والسلام) فيعالج الأمر بما يراه، مع أنّه بذل لهم النصيحة والوسع. فهذا نموذج للاختلاف في معالجة بعض المواقف الطارئة أو المستجدّة، أو ما يسمّى لدى الفقهاء بالنوازل، حتّى بين الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام).
وذلك أنّه اختلاف اجتهادي إجرائي مبناه على تحصيل مصلحة الإسلام العليا، وليس
توحيد اللَّه تعالى محلّ خلاف، بل هو دعوة الأنبياء جميعاً، ولا رفض الشرك وأهله محلّ خلاف، بل هو جزء من شهادة أن لا إله إلّااللَّه، وإنّما الاختلاف جرى في طريقة تحصيل أعلى المصلحتين، ودفع أعلى المفسدتين، ونعوذ باللَّه أن يبلغ الجهل بأحد أن يصنّف هذا التفاوت على أنّه خلاف في الأُصول والثوابت، فهذا تنقيص من مقام الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام).
ومن هذا الباب قصّة موسى والخضر التي حكاها اللَّه تعالى في كتابه في سورة الكهف، وقد اعترض موسى على الخضر ثلاثاً، فقال: أَ خَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها (سورة الكهف: 71)، أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ (سورة الكهف: 74)، لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً (سورة الكهف: 77)، وبيّن له الخضر بعدُ سرّ ما رآه محتجّاً بالوحي: وَ ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي (سورة الكهف: 82)، وهذا درس عظيم رفيع في فقه الصحبة والتعامل مع الخلاف والتراجع، ودرس رديف في الصبر وطول النفس؛ لأنّ كثيراً من الناس لا يصبر على ما لم يحط به خبراً.
والخلاف يكون في الفروع وليس في الأُصول، فالسلف متّفقون مثلًا على أنّ الصلاة ركن من أركان الإسلام وأنّ مَن جحد وجوبها فهو كافر، لكنّهم مختلفون في صفة الصلاة، وتفاصيلها، وفي بعض شروطها، وفي بعض واجباتها، وفي حكم تاركها.
وكذلك نجد أنّ السلف متّفقون على ربّانية القرآن الكريم، وأنّه من عند اللَّه سبحانه وتعالى، وأنّه منزّل غير مخلوق، ومتّفقون على مرجعية القرآن، ولكنّهم قد يختلفون في تفسير آية من القرآن الكريم، هل الآية محكمة أو منسوخة؟ وقد يختلفون في بعض الحروف والقراءات الواردة في القرآن الكريم.
وكذلك هم متّفقون على مرجعية السنّة النبوية: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (سورة الحشر: 7)، ولكنّهم قد يختلفون في فهم بعض النصوص. ولهذا جرى الخُلْف بينهم (رضي اللَّه عنهم) حتّى في بعض الأشياء الظاهرة التي قد يستغرب البعض كيف اختلفوا فيها؟! فقد اختلفوا في الأذان، وهو يردّد كلّ يوم وليلة خمس مرّات منذ عهد
النبي صلى الله عليه و آله، ومع ذلك اختلف النقل في صفة الأذان، وفي صفة الإقامة، وفي القنوت، وفي الجهر بالبسملة، وفي مواقيت الصلاة، وفي حروف القراءات، وفي أنواع التشهّد، وفي صفة الحجّ، وغيرها من أحكام الأنساك، وفي مقادير الزكاة، والأموال الزكوية وغير الزكوية، واختلفوا من ذلك في شيء عظيم، كما هو معروف في مظانه من كتب الفقه. ووجود هذا الاختلاف لا يعني أنّ الإنسان ينتقي حسب ما يشتهي، بل يدع هذا لطلبة العلم الذين يرجّحون وفق ضوابط وقواعد مقرّرة معتبرة.
ويكون الخلاف في الوسائل وليس في المقاصد، فالمقاصد شرع متّفق عليه كما ذكرنا، ممّا هو في حفظ الضروريات الخمس، والدعوة إلى اللَّه تعالى كمثال هي من المقاصد الشرعية المتّفق عليها، وأجمع المسلمون على وجوب الدعوة إلى اللَّه تعالى وأنّها فرض إمّا عيناً أو كفاية: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ (سورة النحل: 125)، لكنّ وسائل الدعوة تختلف من زمان إلى زمان ومن بلد إلى بلد؛ لأنّ الأصل في هذه الوسائل الإباحة، وقد يَجد للناس وسائل جديدة، وتنتقل بعض وسائل الإعلام اليوم أو وسائل الاتّصال من الاختلاف السائغ الذي لا يوجب الاجتهاد فيه نوعاً من المغاضبة ولا التفرّق، بل يجب أن ندرك أنّ الهدف والمقصد هو نشر الدعوة إلى اللَّه سبحانه وتعالى، وإيصالها إلى الناس وإلى المحتاجين وإلى مَن يجهلونها، ومخاطبة شرائح عريضة بمثل هذا الأمر دون حجر أو تثريب أو تشغيب.
ويكون الاختلاف في أُمور ممّا يسمّيه العلماء «اختلاف التنوّع»، فهناك مثلًا فروض الكفايات، هناك من يقوم بأمر الدعوة إلى اللَّه وتبليغ الدين، وهناك من يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنّ اللَّه سبحانه وتعالى يقول: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (سورة آل عمران:
104)، أي: أُمّة من مجموعكم، فينبري لهذا العمل طائفة من الناس، وهناك فروض يقوم بها أقوام آخرون، والجهاد أيضاً هو من الفروض التي ينبري لها أقوام سخّرهم اللَّه سبحانه وتعالى واستعملهم في ذلك ممّن يجودون بأرواحهم إذا ظنّ الناس وأحجموا، وهناك العلم والتعلّم تقوم به طوائف من العلماء والمتفقّهين والمعلّمين الشرعيّين وغيرهم، وهكذا جميع متطلّبات الحياة، بل إنّ الذين يقومون على معاش الناس وعلى مصالحهم وصحّتهم وعلاجهم وسفرهم وإقامتهم وحمايتهم، كلّ هؤلاء يقومون بفروض كفايات تحتاجها الأُمّة، ولا بدّ لها منها، سواء عرفوا هذا أم لم يعرفوه، احتسبوا فيه أم لم يحتسبوا، إلّا أنّهم في الجملة يقومون بأشياء من فروض الكفايات. ولا يلزم لمن فتح اللَّه تعالى له باب خير أن يزدري ما لدى الآخرين؛ لأنّ هذا يدخل في قول اللَّه تعالى: وَ نَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ (سورة المائدة: 13)، فالشريعة والملّة لا يستطيع أن يحيط بها فرد واحد، وإنّما لا بدّ فيها للأُمّة كلّها، فيقوم أقوام بجانب، ويقوم آخرون بجانب، ونسيان حظّ ممّا ذكّرنا به هو من أسباب العداوة والبغضاء».