انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مسودة:فلسفة الأحكام لدى المدرستين»

ط
لا يوجد ملخص تحرير
طلا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
'''فلسفة الأحكام الشرعية لدى المدرستين''' من المسائل المهمّة الخلافية بين فقهاء [[الإسلام]] ويترتب عليها آثار فقهية في مختلف المجالات هي عبارة عن مسئلة القوانین الدینیة والاوامر والنواهی الالهیة هل هي تاخذ بنظر الاعتبار المصالح والمفاسد للانسان والمجتمع البشریّ، أم ليس كذلك؟ علماء الاسلام الاكثرية منهم ذهبوا الى القول بفلسفة الاحكام وهدفية افعال الله، ومنهم مدرسة أهل البيت بجميع شرائحها من الفقهاء والمتكلمين و العلماء متفقين على انّ جمیع افعال اللَّه معلّلة بالاغراض والاهداف، إتباعاً لأئمة أهل البيت عليهم السلام، حيث يقول جمیل بن درّاج : سالت [[الامام الصادق]] (علیه‌السّلام) عن علّة وجوب وحرمة بعض الافعال، فقال: «انَّه لمْ‌یُجْعَلْ شَی‌ءٌ الّالِشَیْ‌ءٍ». ویقول «العلّامة المجلسی» فی تعلیقه علی هذا الحدیث: ای لم یُشَرِّع اللَّه تعالی حُکْماً من الاحکام الّا لحِکمةً من الحِکَم، ولم یُحَلِّلِ الحَلالَ الّالِحُسْنِه، ولم یُحَرِّمِ الحَرامَ الّالِقُبْحِه». ثمّ یعمم دائرة الحدیث علی موارد عالم التکوین ایضاً ویقول: «ویمکن ان یَعُمّ بحیث یشمل الخَلق والتَّقدیر ایضاً، فانّه تعالی لم یخلق شیئاً الّالحکمةٍ کاملةٍ وعِلّةٍ باعثةٍ». وذلك «انّ [[القوانین الاسلامیة]] فی عین کونها سماویة، فهی ارضیة ایضاً، ‌ای تقوم علی اساس المصالح والمفاسد الموجودة فی حیاة البشر. بمعنی انّ هذه القوانین والاحکام لا تملک بعداً خفیّاً وسرّیاً مائة بالمائة بحیث یقول الانسان: انّ حکم اللَّه لا یرتبط بهذه الاسباب والمصالح، وانّ اللَّه قد وضع قانوناً هو الذی یعرف اسراره فقط» لانّ [[الاسلام]] قام اساساً ببیان انّ کلّ قانون وحکم ورد فی الشریعة السماویة انّما یقوم علی اساس مصالح معیّنة تتّصل امّا بجسم الانسان او بروحه وباخلاقه وعلاقاته الاجتماعیة، وأمّا [[الأشاعرة]]  [[الظاهرييون]] أمثال«ابن حزم الاندلسی» وایضاً من لا یری القیاس حجّة، فانّ هؤلاء ینکرون وجود فلسفة وحکمة فی الاحکام الشرعیة، بينما [[المعتزلة]] و[[الماتريدية]] يعتقدون بهدفية أفعال الله تعالى وبالتالي يقرون بوجود غاية  للأحكام الشريعية.
'''فلسفة الأحكام الشرعية لدى المدرستين''' من المسائل المهمّة الخلافية بين فقهاء [[الإسلام]] ويترتب عليها آثار فقهية في مختلف المجالات هي عبارة عن مسئلة القوانین الدینیة والاوامر والنواهی الالهیة هل هي تاخذ بنظر الاعتبار المصالح والمفاسد للانسان والمجتمع البشریّ، أم ليس كذلك؟ علماء الاسلام الاكثرية منهم ذهبوا الى القول بفلسفة الاحكام وهدفية افعال الله، ومنهم مدرسة أهل البيت بجميع شرائحها من الفقهاء والمتكلمين و العلماء متفقين على انّ جمیع افعال اللَّه معلّلة بالاغراض والاهداف، إتباعاً لأئمة أهل البيت عليهم السلام، حيث يقول جمیل بن درّاج : سالت [[الامام الصادق]] (علیه‌السّلام) عن علّة وجوب وحرمة بعض الافعال، فقال: «انَّه لمْ‌یُجْعَلْ شَی‌ءٌ الّالِشَیْ‌ءٍ». ویقول «العلّامة المجلسی» فی تعلیقه علی هذا الحدیث: ای لم یُشَرِّع اللَّه تعالی حُکْماً من الاحکام الّا لحِکمةً من الحِکَم، ولم یُحَلِّلِ الحَلالَ الّالِحُسْنِه، ولم یُحَرِّمِ الحَرامَ الّالِقُبْحِه». ثمّ یعمم دائرة الحدیث علی موارد عالم التکوین ایضاً ویقول: «ویمکن ان یَعُمّ بحیث یشمل الخَلق والتَّقدیر ایضاً، فانّه تعالی لم یخلق شیئاً الّالحکمةٍ کاملةٍ وعِلّةٍ باعثةٍ». وذلك «انّ [[القوانین الاسلامیة]] فی عین کونها سماویة، فهی ارضیة ایضاً، ‌ای تقوم علی اساس المصالح والمفاسد الموجودة فی حیاة البشر. بمعنی انّ هذه القوانین والاحکام لا تملک بعداً خفیّاً وسرّیاً مائة بالمائة بحیث یقول الانسان: انّ حکم اللَّه لا یرتبط بهذه الاسباب والمصالح، وانّ اللَّه قد وضع قانوناً هو الذی یعرف اسراره فقط» لانّ [[الاسلام]] قام اساساً ببیان انّ کلّ قانون وحکم ورد فی الشریعة السماویة انّما یقوم علی اساس مصالح معیّنة تتّصل امّا بجسم الانسان او بروحه وباخلاقه وعلاقاته الاجتماعیة، وأمّا [[الأشاعرة]]  [[الظاهرييون]] أمثال«ابن حزم الاندلسی» وایضاً من لا یری القیاس حجّة، فانّ هؤلاء ینکرون وجود فلسفة وحکمة فی الاحکام الشرعیة، بينما [[المعتزلة]] و[[الماتريدية]] يعتقدون بهدفية أفعال الله تعالى وبالتالي يقرون بوجود غاية  للأحكام الشريعية.


==فلسفة الأحكام الشرعية لدى المدرستين==
==فلسفة الأحكام الشرعية لدى المدرستين==
سطر ٨٦: سطر ٨٦:
انّ «ابن حزم» یتحدّث فی استدلاله هذا بلغة المغالطة، وقد تورّط فی تفسیر معنی الآیة المذکورة والآیات المشابهة لها فی عملیة تحریف معنویّ وخلط بین السؤال الموضوعی عن اسرار وعلل الاحکام الشرعیة من اجل فهمها واستیعابها من موقع الفحص عن الحقیقة، مع السؤال عن فعل من افعال [[اللَّه]] او قول من اقواله وحکم من احکامه من موقع الاعتراض والسخریة والاستهزاء (نظیر ما ورد فی سؤال الکافرین فی الآیة 31 من سورة المدّثر) «مَاذَآ اَرَادَ اللَّهُ بِهذَا مَثَلً.
انّ «ابن حزم» یتحدّث فی استدلاله هذا بلغة المغالطة، وقد تورّط فی تفسیر معنی الآیة المذکورة والآیات المشابهة لها فی عملیة تحریف معنویّ وخلط بین السؤال الموضوعی عن اسرار وعلل الاحکام الشرعیة من اجل فهمها واستیعابها من موقع الفحص عن الحقیقة، مع السؤال عن فعل من افعال [[اللَّه]] او قول من اقواله وحکم من احکامه من موقع الاعتراض والسخریة والاستهزاء (نظیر ما ورد فی سؤال الکافرین فی الآیة 31 من سورة المدّثر) «مَاذَآ اَرَادَ اللَّهُ بِهذَا مَثَلً.
فی حین یوجد فرق واضح بینهما، لانّ السؤال‌ الاول انّما یصدر عن ایمان کامل باللَّه تعالی وصفاته الکمالیة وعدله وحکمته، والباعث علی هذا السؤال هو الرغبة فی الاطّلاع علی الحقیقة وتقویة البصیرة والتعرّف علی الحکمة الالهیّة فی عالم التکوین والتشریع والتدبیر الالهیّ، وهو سؤال مشروع ولا شکّ فیه، ومثل هذا السؤال یصدر عادة من الاخیار والصالحین والاولیاء الالهیین، وقد ورد فی القرآن الکریم نماذج کثیرة من هذا القبیل من علامات الاستفهام فی دائرة الاغراض الالهیة. مثلًا یتحدّث القرآن الکریم عن سؤال ابراهیم الخلیل (علیه‌السّلام) من اللَّه تعالی: «رَبِّ ارِنی کَیْفَ تُحیی الْمَوتَی‌<ref>  بقرة/سوره2، آیه260. </ref>. وینطلق فی سؤاله هذا من موقع الرغبة فی تقویة وتحصیل الاطمئنان بحقیقة الفعل الالهیّ، یقول:«لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی». ونقرا ایضاً عن النبیّ [[زکریا]] (علیه‌السّلام) قوله:«قال رَبِّ انّی‌ یَکُونُ لی غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِی الکِبَرُ وَامْرَاَتی عاقِرٌ»<ref> آل عمران/سوره3، آیه40. </ref>.ونقرا کذلک عن مریم (علیهاالسّلام)«قالَتْ رَبِّ انَّی‌ یَکُونُ لی وَلَدٌ وَلَمْ یَمْسَسْنی بَشَرٌ»<ref> آل عمران/سوره3، آیه47. </ref>.وبدیهیّ انّ هذه الاسئلة لا تنطلق من موقع الاعتراض علی افعال اللَّه تعالی، بل من موقع فهم الحکمة والغرض الالهیّ فی واقع هذه الافعال.وعلیه فانّ ما هو مذموم ومرفوض فی دائرة المعارف الدینیة هو السؤال الذی ینطلق من موقع الاعتراض والانکار او الاستهزاء، والآیة الشریفة: «لا یُسْئَلُ عَمَّا یَفْعَلُ» ناظرة الی نوعٍ من الاسئلة اللامسؤولة.
فی حین یوجد فرق واضح بینهما، لانّ السؤال‌ الاول انّما یصدر عن ایمان کامل باللَّه تعالی وصفاته الکمالیة وعدله وحکمته، والباعث علی هذا السؤال هو الرغبة فی الاطّلاع علی الحقیقة وتقویة البصیرة والتعرّف علی الحکمة الالهیّة فی عالم التکوین والتشریع والتدبیر الالهیّ، وهو سؤال مشروع ولا شکّ فیه، ومثل هذا السؤال یصدر عادة من الاخیار والصالحین والاولیاء الالهیین، وقد ورد فی القرآن الکریم نماذج کثیرة من هذا القبیل من علامات الاستفهام فی دائرة الاغراض الالهیة. مثلًا یتحدّث القرآن الکریم عن سؤال ابراهیم الخلیل (علیه‌السّلام) من اللَّه تعالی: «رَبِّ ارِنی کَیْفَ تُحیی الْمَوتَی‌<ref>  بقرة/سوره2، آیه260. </ref>. وینطلق فی سؤاله هذا من موقع الرغبة فی تقویة وتحصیل الاطمئنان بحقیقة الفعل الالهیّ، یقول:«لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی». ونقرا ایضاً عن النبیّ [[زکریا]] (علیه‌السّلام) قوله:«قال رَبِّ انّی‌ یَکُونُ لی غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِی الکِبَرُ وَامْرَاَتی عاقِرٌ»<ref> آل عمران/سوره3، آیه40. </ref>.ونقرا کذلک عن مریم (علیهاالسّلام)«قالَتْ رَبِّ انَّی‌ یَکُونُ لی وَلَدٌ وَلَمْ یَمْسَسْنی بَشَرٌ»<ref> آل عمران/سوره3، آیه47. </ref>.وبدیهیّ انّ هذه الاسئلة لا تنطلق من موقع الاعتراض علی افعال اللَّه تعالی، بل من موقع فهم الحکمة والغرض الالهیّ فی واقع هذه الافعال.وعلیه فانّ ما هو مذموم ومرفوض فی دائرة المعارف الدینیة هو السؤال الذی ینطلق من موقع الاعتراض والانکار او الاستهزاء، والآیة الشریفة: «لا یُسْئَلُ عَمَّا یَفْعَلُ» ناظرة الی نوعٍ من الاسئلة اللامسؤولة.
[[المصادر]]


==الهوامش==
{{الهوامش}}
== المصادر ==
* القرآن الكريم.
* القرآن الكريم.
* نهج البلاغة، تحقيق الدكتور صبحي الصالح.
* نهج البلاغة، تحقيق الدكتور صبحي الصالح.
سطر ١١٣: سطر ١١٧:
* أعلام الموقّعين عن ربّ العالمين، ابن القيم، دارالكتاب العربي، بيروت، الطبعة الاولى، 1416 ق.
* أعلام الموقّعين عن ربّ العالمين، ابن القيم، دارالكتاب العربي، بيروت، الطبعة الاولى، 1416 ق.


==الهوامش==
[[تصنيف:الموضوعات الفقهية]]
[[تصنيف: الموضوعات الفقهية]]
[[تصنيف:الموضوعات القرآنية]]
[[تصنيف: الموضوعات القرآنية]]