Write، confirmed، steward، إداريون
٣٬٣٠٦
تعديل
Mohsenmadani (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
سطر ٤٩: | سطر ٤٩: | ||
<br>والاحتلال الأجنبي لم يفهم- ولن يفهم- أنّ الاختلافات بين المذاهب موجودة منذ مئات السنين بين طوائف السنّة وبين طوائف الشيعة، وهذه الاختلافات تدور داخل اتّفاق يجمع المسلمين جميعاً على أركان ومبادئ لا يختلف أحد عليها، فالإسلام مظلّة تنطوي تحتها الفرق و[[المذاهب الإسلامية]]. | <br>والاحتلال الأجنبي لم يفهم- ولن يفهم- أنّ الاختلافات بين المذاهب موجودة منذ مئات السنين بين طوائف السنّة وبين طوائف الشيعة، وهذه الاختلافات تدور داخل اتّفاق يجمع المسلمين جميعاً على أركان ومبادئ لا يختلف أحد عليها، فالإسلام مظلّة تنطوي تحتها الفرق و[[المذاهب الإسلامية]]. | ||
<br>وبعض الكتّاب مع الأسف يستغلّون جهل كثير من المسلمين بحقيقة الاختلاف والاتّفاق بين السنّة والشيعة، فيعملون على زيادة الفجوة بين الطائفتين، ويردّدون أفكار وكتابات غلاة الشيعة من جانب والمتشدّدين القدامى والمحدثين على الجانب الآخر لغرس بذور الفتنة... وعلى امتداد التاريخ هناك كتابات مدسوسة، وكتابات مسمومة، وكتابات نابعة من سوء الفهم أو سوء القصد أو المصالح الشخصية أو الدوافع السياسية. | <br>وبعض الكتّاب مع الأسف يستغلّون جهل كثير من المسلمين بحقيقة الاختلاف والاتّفاق بين السنّة والشيعة، فيعملون على زيادة الفجوة بين الطائفتين، ويردّدون أفكار وكتابات غلاة الشيعة من جانب والمتشدّدين القدامى والمحدثين على الجانب الآخر لغرس بذور الفتنة... وعلى امتداد التاريخ هناك كتابات مدسوسة، وكتابات مسمومة، وكتابات نابعة من سوء الفهم أو سوء القصد أو المصالح الشخصية أو الدوافع السياسية. | ||
<br>وكان من حسن حظّي أن تعرّفت في السبعينات على واحد من [[أئمّة الشيعة]] هو الإمام<br>[[محمّد القمّي]]، وهو إيراني يجيد اللغة العربية وعاش في مصر سنوات طويلة، وكان المؤسّس لجماعة [[التقريب بين المذاهب]]، ومقرّها في [[الزمالك]] في [[القاهرة]]، وعندما استقرّ في [[إيران]] كان يزور القاهرة كلّ سنة لقضاء عدّة أسابيع، يلتقي فيها بشيخ [[الأزهر]] ووزير الأوقاف، ويدلي بأحاديث صحفية عن ضرورة تقريب الفجوة المصطنعة بين السنّة والشيعة. ولأنّي كنت قريباً من وزير الأوقاف في ذلك الوقت الدكتور [[عبد العزيز كامل]] (يرحمه اللَّه)، وكان أُستاذاً كبيراً ومفكّراً عظيماً ووطنياً مخلصاً شديد الإخلاص لدينه ووطنه، فقد عرّفني على الإمام القمّي، وأجريت معه عدّة أحاديث صحفية للأهرام، كما حضرت لقاءاته مع [[شيوخ الأزهر]] ووزراء الأوقاف المتعاقبين بعد ذلك، وكان من بينهم الإمام الشيخ [[متولّي الشعراوي]] حين كان وزيراً للأوقاف والشيخ [[عبد العزيز عيسى]] حين كان أيضاً وزيراً للأوقاف، وكان لجماعة التقريب بين المذاهب نشاط ملحوظ في مصر وإيران، وقد أسّس الإمام القمّي فرعاً لها في [[طهران]] جذب عدداً من القيادات الدينية الشيعية هناك. | <br>وكان من حسن حظّي أن تعرّفت في السبعينات على واحد من [[أئمّة الشيعة]] هو الإمام<br>[[محمّد القمّي]]، وهو إيراني يجيد اللغة العربية وعاش في مصر سنوات طويلة، وكان المؤسّس لجماعة [[التقريب بين المذاهب]]، ومقرّها في [[الزمالك]] في [[القاهرة]]، <br> | ||
<br>كان الإمام القمّي يؤمن بدعوته وبأنّه يقوم بمهمّة مقدّسة تلبية لدعوة ذوو النفوس المريضة وأصحاب الأهواء والنزعات الخاصّة، هؤلاء وأُولئك ممّن يؤجّرون أقلامهم لسياسات تدعو إلى التفرقة بأساليب مباشرة أو غير مباشرة، وتحارب كلّ حركة إصلاحية، وتقف ضدّ كلّ عمل يجمع شمل المسلمين ويوحّد كلمتهم!<br>ويقول الشيخ [[محمود شلتوت|شلتوت]]: «إنّ دار التقريب ظلّت تصدر بانتظام مجلّة باسم «[[رسالة الإسلام]]» تنشر أبحاثاً لأئمّة السنّة والشيعة حول أوجه الاتّفاق في الأُصول والخلاف في الفروع». | وعندما استقرّ في [[إيران]] كان يزور القاهرة كلّ سنة لقضاء عدّة أسابيع، يلتقي فيها بشيخ [[الأزهر]] ووزير الأوقاف، ويدلي بأحاديث صحفية عن ضرورة تقريب الفجوة المصطنعة بين السنّة والشيعة. ولأنّي كنت قريباً من وزير الأوقاف في ذلك الوقت الدكتور [[عبد العزيز كامل]] (يرحمه اللَّه)، وكان أُستاذاً كبيراً ومفكّراً عظيماً ووطنياً مخلصاً شديد الإخلاص لدينه ووطنه، فقد عرّفني على الإمام القمّي، وأجريت معه عدّة أحاديث صحفية للأهرام، كما حضرت لقاءاته مع [[شيوخ الأزهر]] ووزراء الأوقاف المتعاقبين بعد ذلك، وكان من بينهم الإمام الشيخ [[متولّي الشعراوي]] حين كان وزيراً للأوقاف والشيخ [[عبد العزيز عيسى]] حين كان أيضاً وزيراً للأوقاف، وكان لجماعة التقريب بين المذاهب نشاط ملحوظ في مصر وإيران، وقد أسّس الإمام القمّي فرعاً لها في [[طهران]] جذب عدداً من القيادات الدينية الشيعية هناك. | ||
<br>كان الإمام القمّي يؤمن بدعوته وبأنّه يقوم بمهمّة مقدّسة تلبية لدعوة ذوو النفوس المريضة وأصحاب الأهواء والنزعات الخاصّة، هؤلاء وأُولئك ممّن يؤجّرون أقلامهم لسياسات تدعو إلى التفرقة بأساليب مباشرة أو غير مباشرة، وتحارب كلّ حركة إصلاحية، <br> | |||
وتقف ضدّ كلّ عمل يجمع شمل المسلمين ويوحّد كلمتهم!<br>ويقول الشيخ [[محمود شلتوت|شلتوت]]: «إنّ دار التقريب ظلّت تصدر بانتظام مجلّة باسم «[[رسالة الإسلام]]» تنشر أبحاثاً لأئمّة السنّة والشيعة حول أوجه الاتّفاق في الأُصول والخلاف في الفروع». | |||
<br>وأخيراً يقول الشيخ شلتوت: «أصبحت فكرة التقريب نقطة تحوّل في تاريخ الفكر الإصلاحي الإسلامي القديم والحديث، ويحقّ للمسلمين أن يفخروا بأنّهم كانوا أسبق من غيرهم تفكيراً وعملًا في تقريب مذاهبهم وجمع كلمتهم، وقد نجحوا في ذلك بفضل إخلاص القائمين على أمر هذه الدعوة وسلامة تفكير المسلمين: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا<br>إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي (سورة يوسف: 108)، كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (سورة آل عمران: 110). | <br>وأخيراً يقول الشيخ شلتوت: «أصبحت فكرة التقريب نقطة تحوّل في تاريخ الفكر الإصلاحي الإسلامي القديم والحديث، ويحقّ للمسلمين أن يفخروا بأنّهم كانوا أسبق من غيرهم تفكيراً وعملًا في تقريب مذاهبهم وجمع كلمتهم، وقد نجحوا في ذلك بفضل إخلاص القائمين على أمر هذه الدعوة وسلامة تفكير المسلمين: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا<br>إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي (سورة يوسف: 108)، كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (سورة آل عمران: 110). | ||
<br>نستخلص من ذلك أنّ السنّة | <br>نستخلص من ذلك أنّ [[السنّة]] و[[الشيعة]] يجمعها الإسلام، وما يجمعه اللَّه لا يفرّقه إنسان... والخلافات بين المذاهب ترجع إلى طبيعة التفكير الإنساني، وليس مرجعها الدين الإسلامي ذاته... ولذلك فهي خلافات في التفسير، وليست خلافات حول النصّ المقدّس في القرآن، أو حول أركان الإسلام، أو حول الإيمان باللَّه وبالرسول. | ||
<br>ولكنّ المشكلة أنّ هناك متشدّدين من [[أهل السنّة]]، وهناك غلاة بين الشيعة، هم السبب في اشتداد الخلاف، وتبادل الاتّهامات بالحقّ وبالباطل. وقد عمل كلّ جانب من المتشدّدين والمتزمتين على تشويه الجانب الآخر وإلصاق التهم به واختلاق الأكاذيب والأساطير حوله. | <br>ولكنّ المشكلة أنّ هناك متشدّدين من [[أهل السنّة]]، وهناك غلاة بين الشيعة، هم السبب في اشتداد الخلاف، وتبادل الاتّهامات بالحقّ وبالباطل. وقد عمل كلّ جانب من المتشدّدين والمتزمتين على تشويه الجانب الآخر وإلصاق التهم به واختلاق الأكاذيب والأساطير حوله. | ||
<br>هناك اختلافات ... نعم، ولكن هل في الجانبين من ينكر مَن هو معلوم من الدين بالضرورة؟... لا، إذاً فهل يرضى اللَّه أن يكون المسلمون متفرّقين؟! هذا هو السؤال. | <br>هناك اختلافات ... نعم، ولكن هل في الجانبين من ينكر مَن هو معلوم من الدين بالضرورة؟... لا، إذاً فهل يرضى اللَّه أن يكون المسلمون متفرّقين؟! هذا هو السؤال. |