1403، إيران والمقاومة في موقع متفوق (ملاحظة)

    من ویکي‌وحدت
    Iran-power-560x300.jpg

    1403، إيران والمقاومة في موقع متفوق، عنوان ملاحظة تتعلق بالاجتماع السنوي للإمام خامنئي مع "الطلاب"[١]. القائد المعظم للثورة الإسلامية، في 22 من شهر إسفند، خلال اللقاء السنوي مع "الطلاب"، أشار إلى فقدان بعض الشخصيات المهمة في محور المقاومة هذا العام، قائلاً: "النظرة الناقصة والغير مدعومة من قبل الأعداء والمعارضين والمنافسين للجمهورية الإسلامية، تعطي انطباعاً خاطئاً عن هذه الحادثة. أود أن أقول لكم بثقة كاملة، نعم، هؤلاء الإخوة كانوا قيمين جداً وغيابهم خسارة لنا، لا شك في ذلك، لكن هذا العام، رغم عدم وجودهم، نحن أقوى في بعض القضايا مقارنةً بنفس اليوم من العام الماضي، وفي بعض القضايا لسنا أضعف، إن لم نكن أقوى. هذا العام، بحمد الله، لدينا من القوة والقدرات ما لم يكن لدينا في العام الماضي. نعم، غياب هؤلاء الأعزاء خسارة، والأحداث التي وقعت في منطقة غرب آسيا كانت مؤلمة وصعبة، لكن الجمهورية الإسلامية، بحمد الله، لا تزال تنمو وتتقدم وتزيد من قوتها".

    توضيح كلام الإمام خامنئي

    فيما يتعلق بهذا البيان الذي يستند إلى معلومات وحقائق دقيقة وتحليل واقعي ومؤيد، يمكن الإشارة إلى النقاط التسع التالية:

    النقطة الأولى: استشهاد إبراهيم رئیسی

    الجمهورية الإسلامية هذا العام، رغم الضربة الثقيلة التي تلقتها من استشهاد رئيس الجمهورية، دون أن يحدث أي اهتزاز في الفضاء السياسي والتنفيذي للبلاد، أجرت الانتخابات الرئاسية في أجواء حرة ودون الحاجة إلى تصميم خاص أو اتخاذ "حالة الطوارئ"، وأخرجت السلطة التنفيذية من تلك الانتخابات الشعبية ومن خلال المنافسة الانتخابية العالية، ورغم أن مجلس الشورى الإسلامي كانت أغلبية أعضائه في جهة لم تدعم الرئيس المنتخب، إلا أنه صوت لكل الأفراد الذين تم تقديمهم لتشكيل الحكومة الجديدة. هذا يظهر صلابة نظام الجمهورية الإسلامية في مواجهة الأحداث العنيفة. البلاد في عام 1403، رغم أنها أُديرت من قبل حكومتين مختلفتين، لم تواجه أي اضطراب أو صراع. هذه القدرة العالية لم تظهر في العقود الماضية.

    النقطة الثانية: أمن البلاد

    تشهد الجهود التي بُذلت هذا العام في شمال غرب وجنوب شرق البلاد، لإحداث اضطراب في أمن إيران، حيث حاول العدو الصهيوني أيضاً من خلال عمل عسكري إكمال هذه الدورة، لكن هذا العام، ونحن نشهد أيامه الأخيرة، كان أمن البلاد أقوى من أي وقت مضى. تم التعرف على فرق الشغب والتخريب والترهيب وتدميرها، مما يدل على القوة العالية للقوات الأمنية للنظام. بالإضافة إلى ذلك، قامت إيران في عمليتين غير مسبوقتين - عملية وعد صادق 1 وعملية وعد صادق 2 - بإطلاق 346 صاروخاً باليستياً، وصواريخ كروز وهايبرسونيك و185 طائرة مسيرة، مما وجه ضربات قاسية لأقوى شبكة أمنية للنظام الغاصب (قاعدة 8200) وأهم قواعده العسكرية، وأظهرت قوتها وردعها أمام الأعداء الخارجيين.

    النقطة الثالثة: توسيع التفاعلات

    إيران في هذا العام وسعت تفاعلاتها على المستوى الدولي، وعززت علاقاتها مع جميع الدول المحيطة بها، ودخلت الاتفاقيات الاقتصادية الكبيرة مع الصين وروسيا حيز التنفيذ، وانضمت إيران إلى مجموعة البريكس، وحافظت صادرات النفط الإيرانية وصادرات السلع غير النفطية على اتجاهها التصاعدي. لذلك، لم يؤثر تغيير الحكومة في إيران وتصريحات فريق ترامب بشأن إعادة سياسة "الضغط الأقصى" على تحسن الوضع الاقتصادي الإيراني.

    النقطة الرابعة: صمود الشعب الإيراني

    المواقف الثابتة للزعيم المعظم للثورة الإسلامية في مواجهة وساوس الأعداء وصمود الشعب الإيراني أمام هذه المواقف، جعلت من عام 1403 عاماً معيارياً. الضغوط المتزايدة من الأعداء لتغيير مسار الجمهورية الإسلامية مع هذا الظن الخاطئ بأن الجروح التي أُلحقت بجسد المقاومة قد أضعفت إيران، واجهت مقاومة شديدة من الشعب والقيادة والمسؤولين في البلاد. رفض التفاوض مع العدو الماكر الذي ثبت حجمه، وتوحيد موقف البلاد، أي موقف الشعب والقيادة والسلطات والأطراف السياسية، في عام 1403 أصبح بارزاً جداً ولم يسمح بتمرير سياسات العدو المخادعة. في هذا العام، كانت البلاد في حالة ممتازة من حيث توحيد الموقف أمام العدو، في حين كان العدو يأمل في تغيير مسار الجمهورية الإسلامية وكسر حراستها بعد 46 عاماً من المقاومة.

    النقطة الخامسة: إقامة أربع تجمعات كبيرة

    من الأبعاد الروحية، شهدنا في عام 1403 إقامة أربع تجمعات كبيرة وملهمة ومؤثرة، كانت الأولى تشييع آية الله الشهيد رئیسی بشكل مهيب كأحد كبار مسؤولي الجمهورية الإسلامية، والثانية كانت إقامة صلاة الجمعة النصر بشكل مهيب بعد عملية وعد صادق 2، رغم تهديدات العدو، حيث شهدت حضور ما لا يقل عن مليوني مواطن من طهران، الذين سجلوا حضوراً "جهادياً" و"استشهادياً". والثالثة كانت إقامة مراسم الذكرى السادسة والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية، والتي شهدت زيادة في الحضور الشعبي بنسبة 20%. والرابعة كانت تشييع مهيب للعلامة المجاهد سيد حسن نصرالله في بيروت، رغم مرور خمسة أشهر على استشهاده، وتمت إقامته تحت تهديدات العدو. في هذه المراسم، حضر حوالي 1.4 مليون مواطن لبناني، مما جعلها واحدة من أضخم التشييعات في التاريخ، حيث أعلن المعارضون لحزب الله أن لبنان لم يشهد مثل هذه التشييعات في المئة عام الماضية. مجموع هذه الأحداث الروحية أظهر قوة الروح وعزم أتباع الثورة الإسلامية على مواصلة الطريق والانتصار على الأعداء.

    النقطة السادسة: ضربات قاسية على النظام الصهيوني

    النظام الصهيوني، الذي يُعتبر "عدو المنطقة" لإيران، تكبد هذا العام ضربات قاسية من المقاومة. الإحصائيات التي نشرها النظام الصهيوني، والتي من المفترض أن تُنشر مع مراعاة الاعتبارات، تشير إلى أن 16 ألفاً من قواته العسكرية قُتلوا أو أصيبوا خلال الحرب التي بدأت في 16 مهر 1402. دراسات أخرى، ذات دقة عالية، تشير إلى مقتل وإصابة حوالي 30 ألف عنصر من قوات النظام على يد المقاومة. هذا يعد رقماً كبيراً مقارنةً بالأربعين عاماً الماضية. الزلزال الذي أحدثه الحدث في 15 مهر، والذي يوافق 7 أكتوبر (عملية طوفان الأقصى)، أجبر إسرائيل على الدخول في حرب طويلة ودموية مع غزة. اعتقد النظام الغاصب أنه يمكنه من خلال ذلك، من جهة، تغطية الفضيحة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية في 15 مهر، ومن جهة أخرى، استعادة ردعه أمام الفلسطينيين، فبدأ الحرب العنيفة على غزة، لكنه اضطر إلى قبول وقف إطلاق النار مرتين. تم الإعلان عن وقف إطلاق النار الأول بعد شهرين من الحرب، ووقف إطلاق النار الثاني بعد حوالي 15 شهراً من القتال. في وقف إطلاق النار الثاني، اضطر النظام إلى القبول بشروط حماس بشأن كيفية ومقدار ومقابل الإفراج عن الأسرى. ورغم جميع الجرائم التي ارتكبها بدعم من الولايات المتحدة وبعض الحكومات الأوروبية، لم يتمكن النظام من تحقيق نتائج عبر جيشه.

    النقطة السابعة: فشل إسرائيل في الحرب مع حزب الله

    النظام الغاصب أيضاً لم يتمكن من تحقيق أهدافه في الحرب مع حزب الله. فقد دعم حزب الله في هذه الحرب الشعب المظلوم ومقاومة غزة، وهذه هي المرة الثانية بعد سوريا التي يدخل فيها حزب الله الحرب بينما لا يكون هو المعني. في هذه الأثناء، اعتقد النظام الإسرائيلي أن مفتاح الانتصار على مقاومة الشعب في غزة وتحقيق نتائج في الحرب معهم يكمن في وقف دعم حزب الله العسكري، فجرّ الحرب إلى الحدود الشمالية مع لبنان. أرسل الجيش الإسرائيلي خمسة ألوية، تتكون من حوالي 70 ألف جندي، ونفذ عمليات اغتيال متتالية ضد قادة المقاومة في لبنان، معتقداً أنه يمكنه إغلاق ملف حزب الله في وقت قصير، وكان واثقاً لدرجة أنه نشر الخطة العسكرية للعملية ضد لبنان على الموقع الرسمي للجيش؛ لكن العمليات البرية الإسرائيلية ضد لبنان، في ظل غياب سيد حسن نصرالله وقادة وحدة رضوان، لم تتمكن من تحقيق أهدافها، وأجبرت العمليات الثقيلة لحزب الله يوم الثلاثاء على إعلان وقف إطلاق النار، والتعهد بالانسحاب من المناطق المحدودة التي احتلتها. قبول وقف إطلاق النار في الحرب مع حزب الله يُعتبر سنداً لفشل إسرائيل في هذه الحرب. ضع هذا بجانب التقدم الذي حققه الجيش الإسرائيلي في سوريا، الذي مر عليه ثلاثة أشهر ونصف، حيث لا تتحدث إسرائيل عن وقف إطلاق النار أو الانسحاب، بل مشغولة بإنشاء قواعد عسكرية دائمة في أراضي هذا البلد.

    النقطة الثامنة: دعم مقاومة اليمن لمقاومة غزة

    دعم مقاومة اليمن لمقاومة غزة له قصة مشابهة لقصة لبنان وغزة. أنصار الله بدأوا، بعد حوالي ثلاثة أشهر من بدء حرب غزة، وبعد تصعيدها، الدعم العسكري لغزة بقوة، والذي شمل قصف المناطق الجنوبية للنظام، وإغلاق الميناء التجاري المهم "إيلات"، وكذلك إغلاق الممرات المائية المهمة في البحر الأحمر أمام السفن التابعة للنظام والسفن الأجنبية الناقلة للبضائع إلى النظام، بالإضافة إلى السفن والطرادات التابعة للدول الغربية الداعمة للنظام الغاصب. لجأ الأمريكيون إلى طرق مختلفة لإيقاف إجراءات اليمنيين، من تقديم الرشوة إلى الهجمات العسكرية على مناطق من هذا البلد، لكنهم لم يتمكنوا من إيقاف قصف مقاومة اليمن. بعد تنفيذ وقف إطلاق النار، أوقفت المقاومة هجماتها، لكن مع انتهاء المرحلة الأولى وعدم امتثال النظام للمرحلة الثانية، استأنفت هجماتها في البحر الأحمر. مقاومة اليمن لم تضعف، بل في الآونة الأخيرة، أظهرت قوتها المتزايدة بإطلاق صواريخ باليستية تصل مداهما إلى 1500 كيلومتر.

    النقطة التاسعة: دعم العراق لفلسطين ولبنان

    العراق، كقوة مقاومة إقليمية، أبدى دعماً غير مسبوق لفلسطين ولبنان في الحرب ضد النظام الغاصب. بيانات آية الله العظمى السيستاني تدل على الدعم المتواصل من حكومة العراق للشعب في غزة وإدانة جرائم النظام الغاصب، وكذلك القصف المستمر للمقاومة متعددة الطبقات في العراق ضد النظام وضد القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، أثبتت أن هذا البلد، رغم أنه تحت سيطرة وزارة الخزانة الأمريكية من الناحية الاقتصادية، فإن عواقب الإجراءات ضد النظام الصهيوني مرتفعة جداً، لم يتردد في مواقفه وظل ملتزماً بها حتى النهاية. مع صعود ترامب في الولايات المتحدة، هُدد العراق بالعقوبات، وأصبحت استمرارية عقوده مع إيران في صناعة الكهرباء في حالة من الغموض. ومع ذلك، ورغم التهديدات، واصلت حكومة العراق شراء الغاز من إيران، لأنه في الواقع لا يوجد بديل لذلك. لذلك، يمكن القول إن إيران، العراق، اليمن، لبنان وفلسطين خلال هذه الحرب لم تتردد في دعم غزة، ولم تتراجع رغم التهديدات وعواقبها، ولم تسمح بتغيير مسار المنطقة وفقاً لرغبات أمريكا. في الواقع، من خلال دراسة دقيقة لمسار هذه الحرب، يمكن القول بحزم إن المقاومة في المنطقة لم تتلون بسياسات الاستسلام، لكن في هذه الحرب، البلدان التي كانت معروفة بالاستسلام، أصبحت تتلون بلون المقاومة. حتى وإن لم يكن هذا اللون دائماً، فإنه يدل على تغلب خطاب المقاومة في المنطقة.

    مواضيع ذات صلة

    الهوامش

    1. بقلم: سعدالله زارعی.

    المصادر