کيفية الصلاة

من ویکي‌وحدت

کيفية الصلاة: الصلاة اليومية تتشکل من الواجبات والمسنونات کما أنها تتشکل من الأرکان وغير الأرکان. ونريد في هذا المقال أن نبين کيفية الصلاة تفصيلاً من وجهة نظر الإمامية أولاً ونظر الشافعية و الحنفية ثانياً.

کيفية فعل الصلاة

أفعال الصلاة اليومية واجبة ومسنونة، فالواجب ثمانية: النية، وتكبيرة الإحرام، والقيام مع القدرة، والقراءة، والركوع، والسجود، والتشهد، والتسليم، على الأصح. هذا في كتاب الشرايع. [١]
وفي الوجيز: أركانها إحدى عشر، التكبير، والقراءة، والقيام، والركوع، والاعتدال عنه، والسجود، والقعدة بين السجدتين مع الطمأنية في الجميع، والتشهد الأخير، والقعود فيه، والصلاة على النبي، والسلام، والنية بالشرط أشبه. [٢]
وفي النافع للحنفية: فرائض الصلاة ستة التحريمة لقوله: «وربك فكبر»[٣] والقيام لقوله تعالى: «وقوموا لله قانتين»[٤] والقراءة لقوله تعالى: «فاقرؤا ما تيسر من القرآن»[٥]، والركوع والسجود لقوله تعالى: «اركعوا واسجدوا»[٦] والقعدة آخر الصلاة مقدار التشهد لقوله (عليه السلام): إذا رفعت رأسك من آخر السجدة وقعدت قدر التشهد فقد تمت صلاتك.
أما القيام واستقبال القبلة فلا خلاف فيهما.
وأما النية فهي عندنا وعند الشافعي واجبة خلافا لأبي حنيفة، لنا ما تقدم ذكره في نية الوضوء من القرآن و السنة والمتلقاة بالقبول فلا نعيد وحقيقتها استحضار صفة الصلاة في الذهن والقصد بها إلى أمور أربعة الوجوب أو الندب، والقربة، والتعيين، وكونها أداء أو قضاء.
" ومحلها القلب دون اللسان، وفاقا لأكثر أصحاب الشافعي إلا أنهم قالوا يستحب أن يضاف إلى ذلك اللفظ خلافا لنا لأن عندنا لا عبرة للفظ.
لنا أن النية هي الإرادة التي تؤثر في وقوع الفعل على وجه دون وجه، وبها يقع الفعل عبادة، وإنما سميت نية لمقارنتها الفعل وحلولها في القلب، فمن أوجب التلفظ بها، أو استحب ذلك كان عليه الدليل والشرع خال من ذلك[٧]، وقوله تعالى: «وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين»[٨] والإخلاص لا يكون إلا بالقلب.
ووقتها عند أول جزء من التكبير ليكون مقارنة له ويجب استمرار حكمها إلى آخر الصلاة وهو أن لا ينقض النية.
وتكبيرة الإحرام لا خلاف في وجوبها وصورتها أن يقول: (الله أكبر) مقارنا للنية ولا يجزئ غيرها ولا ترجمتها وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة، لنا الإجماع على أن من عقد الصلاة بها انعقدت وبرئت ذمته بيقين ولا يقين في سقوطها عن الذمة إلا بما ذكرناه وقوله (صلى الله عليه وآله): لا يقبل الله تعالى صلاة امرئ حتى يضع الطهور مواضعه، ثم يستقبل القبلة ويقول الله أكبر[٩]
فمن قال: الله أجل أو الله أعظم أو الرحمن أكبر أو الأكبر الله لا يجزيه عندنا وعند الشافعي ويجزئه عند أبي حنيفة قال: لأن التكبيرة تعظيم لله وقد حصل.
لنا أنه مأمور بالتكبير على هذه الصورة المعينة فخلافها لا يجوز وكذا لو قال: الله الجليل أكبر لأنه غير النظم والتركيب ولو كبر ونوى الافتتاح ثم كبر ونوى الافتتاح بطلت صلاته وإن كبر ثالثة ونوى الافتتاح انعقدت صلاته.
والمسنون فيها أربع أن يأتي بلفظ الجلالة من غير مد بين حروفها وبلفظ الله أكبر على وزن أفعل وأن يسمع الإمام من خلفه تلفظه بها وأن يرفع المصلي يديه بها إلى أذنيه وعند [[الشافعية[[ إلى منكبيه في قول، وإلى أن تحاذي رؤوس أصابعه إلى أذنيه في قول وعند الحنفية يرفع يديه مع التكبير حتى يحاذي بإبهاميه شحمتي أذنيه[١٠]، [ و ] يستحب أن يكون مضموم الأصابع إذا رفع يديه بالتكبير. وقال الشافعي يستحب أن ينشرها. [١١]
ويجب عليه إذا كبر قراءة الحمد وسورة معها في الركعتين الأوليين من كل رباعية ومن المغرب وفي صلاة الغداة والسفر، وإن كان هناك عذر أجزأت الحمد وحدها.
وهو مخير في الركعتين الأخريين وثالثة المغرب بين الحمد وحدها وبين عشر تسبيحات، وهي: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر، يقولها ثلاث مرات وفي الثالثة يقول والله أكبر. [١٢] ولا يضع اليمين على الشمال بل يرسلهما خلافا للشافعي وأبي حنيفة فإنهما قالا وضع اليمن على الشمال مسنون مستحب، و الشافعي يضع فوق السرة و أبو حنيفة تحت السرة. [١٣]
لنا أن وضع اليمين على الشمال عمل كثير ليس من أعمال الصلاة المشروعة فيها من القراءة والركوع والسجود وغيرها فلا يجوز فعله وما تعول عليه في كونه مشروعا من أخبار الآحاد لا يجوز أن يكون دليلا في الشرع. [١٤]
ويستحب أن يتعوذ قبل القراءة وبه قالا[١٥] وكيفيته أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وكذلك قولهما لأنه لفظ القرآن. قال الله تعالى: «وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم»[١٦]، [١٧] والتعوذ في أول ركعة دون ما عداها وفاقا للشافعي في أحد قوليه والثاني في كل ركعة.
لنا أن ما قلناه مجمع عليه وتكراره في كل ركعة يحتاج إلى دليل. [١٨]
ويسر به في جميع الصلوات ويجهر به في أحد قولي الشافعي. [١٩]
قراءة فاتحة الكتاب واجبة في الصلاة وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: يجب مقدار آية وقال أبو يوسف ومحمد[٢٠]: مقدار ثلاث آيات. [٢١]
لنا قوله تعالى «فاقرأوا ما تيسر من القرآن»[٢٢] لأن الظاهر يقتضي عموم الأحوال التي من جملتها أحوال الصلاة، وما روي من قوله (صلى الله عليه وآله) للذي علمه كيف يصلي: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ فاتحة الكتاب، ثم اركع وارفع حتى تطمئن قائما، وهكذا فاصنع في كل ركعة، وقوله (صلى الله عليه وآله): لا صلاة لمن لم يقرأ فيها فاتحة الكتاب. [٢٣]
وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها ومن كل سورة وقال الشافعي: إنها آية من أول الحمد وفي غيرها له قولان: أحدهما: أنه آية والآخر أنها تتم مع ما بعدها فتصير آية.
وقال أبو حنيفة: ليست منها ولا من سائر السور.
لنا ما روي عن أم سلمة (رضي الله عنه) [٢٤] أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قرأ في الصلاة «بسم الله الرحمن الرحيم» فعدها آية «الحمد لله رب العالمين» آيتين «الرحمن الرحيم» ثلاث آيات «مالك يوم الدين» أربع آيات وقال: هكذا «إياك نعبد وإياك نستعين» وجمع خمس أصابعه ذكره أبو بكر بن المنذر[٢٥] في كتابه. [٢٦]
وأيضا إجماع المسلمين على كتابتها في المصاحف فلا يخلو إما أن تكون من أول السور أو من آخر السور، أو كتبت حيث نزلت وحيث لم تنزل لم تكتب ولو كانت من أول كل سورة لوجب أن يكون في أول براءة ولو كانت من آخرها لكانت في آخر سورة الناس وإذا لم يكن لا في أولها ولا في آخرها علم أنها حيث نزلت كتبت وحيث لم تنزل لم تكتب وإذا نزلت علم أنها آية من السورة التي نزلت معها. ويجب الجهر بها فيما يجهر فيه وفيما يخافت فيه، ولا يصح الصلاة مع الإخلال بها ولو بحرف واحد عمدا حتى التشهد، ويجب ترتيب كلماتها وآيها على الوجه المنقول، ومن لا يحسنها يجب عليه التعلم، فإن ضاق الوقت قرأ ما تيسر منها وإن تعذر قرأ ما تيسر من غيرها أو سبح الله وهلله وكبره بقدر القراءة ثم يجب عليه التعلم، والأخرس يحرك لسانه بالقراءة ويعقد بها قلبه، وذهب أبو حنيفة إلى أنه يسر بالبسملة، والشافعي إلى أنه يجب الجهر بها في الجهرية ولم يذكر استحباب الجهر فيما يسر فيه بالقراءة ".[٢٧]
ولا يجوز قراءة الفاتحة بغير العربية خلافا لأبي حنيفة. [٢٨] لنا قوله تعالى: «إنا أنزلنا قرآنا عربيا»[٢٩] وقوله: «بلسان عربي مبين»[٣٠] ومن عبر عن معنى القرآن بغير العربية فليس بقارئ على الحقيقة، وأيضا فلا خلاف أن القرآن معجز، والقول بأن العبارة عن معنى القرآن بغير العربية قرآن يبطل كونه معجزا. [٣١]
ويجب قراءة سورة مع فاتحة الكتاب بتمامها اختيارا ويجوز الاقتصار عليها ضرورة خلافا للشافعي وأكثر أصحابه فإنهم قالوا: سنة، وقال بعضهم بالوجوب إلا أنه جوز بدل ذلك قدر ما يكون من آيها من القرآن.
لنا أن طريقة الاحتياط تقتضي ذلك لأن من قرأها بتمامها برئت ذمته عن الصلاة بيقين وليس كذلك إذا لم يقرأها أو بعضها. [٣٢]
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه واظب على قراءة الفاتحة وسورة في الأوليين وذلك يدل أنه (صلى الله عليه وآله) قرأها على الوجوب إلا أن يدل دليل على غيره.
" ويجوز في الركعتين الأخيرتين أن يسبح بدلا من القراءة، فإن قرأ [ فليقتصر على الحمد و ] لا يزيد على الحمد شيئا، وقال الشافعي في الأم: يجب أن يقرأ مع أم القرآن في الركعتين الأوليين قدر أقصر سورة مثل إنا أعطيناك وفي الأخريين أن يقرأ معها آية والعمل على أن قراءة السورة معها مسنونة وقال أبو حنيفة: تجب القراءة في الأوليين ولا تجب في الأخريين ".[٣٣]
ولا يقرأ المأموم خلف الإمام أصلا، وفاقا لأبي حنيفة، وفي بعض الروايات إنه يقرأ فيما لم يجهر ولا يقرأ فيما يجهر وفاقا للشافعي في القديم وعليه عامة أصحابه. [٣٤] لنا قوله (عليه السلام) " الإمام ضامن ".[٣٥] وإذا كان ضامنا برئت ذمة المضمون عنه.
من يحسن الفاتحة لا يجوز أن يقرأ غيرها، فإن لم يحسن وجب أن يتعلمها، وإن ضاق الوقت وأحسن غيرها قرأها فإن لم يحسنها[٣٦] أصلا ذكر الله وكبره، ولا يقرأ معنى القرآن بغير العربية فإن فعل كانت صلاته باطلة وفاقا للشافعي.
قال أبو حنيفة: القراءة شرط لكنها غير معينة بالفاتحة فمن أي موضع قرأ أجزأه مقدار ما يقع عليه اسم القرآن وإن كان بعض آية.
لنا قوله (عليه السلام): (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)، وقوله: (لا يجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب)، وقوله تعالى: «إنا أنزلناه قرآنا عربيا»[٣٧] وغير العربية لا يكون قرآنا فلا يجزئ، وروي أن رجلا سأل النبي (عليه السلام) فقال: إني لا أستطيع أن أحفظ شيئا من القرآن فما أصنع؟ فقال له: (قل سبحان الله والحمد لله)، ولو كان معنى القرآن قرآنا لقال (عليه السلام): فاحفظه بأي لغة سهلت عليك. [٣٨]
ويجب أن لا يقول (آمين) في آخر الحمد، فإن قال بطلت صلاته خلافا للشافعي وأبي حنيفة، فإنهما قالا: مسنون للإمام والمأموم يسران به قال الشافعي: في الجديد يسمع نفسه وقال في القديم يجهر به. [٣٩]
لنا طريقة الاحتياط يقتضي ما ذكرنا لأن من لم يقل آمين في آخر الحمد تكون صلاته صحيحة مجزية بـ الإجماع برئت ذمته بيقين ولا كذلك إذا قالها، وقولهم لفظة (آمين) وإن لم يكن من جملة القرآن فهي تأمين على دعاء تقدم عليها وقوله تعالى: «اهدنا الصراط المستقيم» قلنا إنما يكون ذلك دعاء بالقصد والقارئ إنما يقصد التلاوة لا الدعاء ولو قصد الدعاء يكون داعيا، لا قارئا، فلا يصح صلاته ولو قصد التلاوة والدعاء معا جاز أن لا يقصد الدعاء وإذا لم يقصده لم يجز أن يقول آمين، وعندهم أنها مسنونة من غير أن يعتبر قصده للدعاء وإذا ثبت أن قولها لا يجوز لمن لم يقصده ثبت أنه لا يجوز لمن قصده لأن أحدا لم يفرق بين الأمرين.
" ولا يجوز أن يقرأ في فروضه سورة فيها سجود واجب وهي أربع: ألم تنزيل، وحم السجدة، والنجم، واقرأ باسم ربك "[٤٠]، خلافا لهم. [٤١]
لنا أن في هذه السور سجود واجب فإن فعله بطلت الصلاة للزيادة فيها وإن لم يفعل أخل بالواجب وإن اقتصر على قراءة ما عدا مواضع السجود فقد بعض وذلك عندنا لا يجوز على ما قدمناه. [٤٢]
إذا كبر للركوع جاز أن يكبر ثم يركع وفاقا لأبي حنيفة ويجوز أيضا أن يهوي في التكبير إلى الركوع، فيكون انتهاء التكبير مع انتهاء الركوع وفاقا للشافعي. [٤٣]
ويجب الركوع والواجب فيه خمسة أشياء أن ينحني بقدر ما يكن وضع يديه على ركبتيه، والطمأنينة فيه بقدر ما يؤدي واجب الركوع مع القدرة، ورفع الرأس منه، والطمأنينة في الانتصاب وهو أن يعتدل قائما ويسكن ولو يسيرا، والتسبيح فيه.
" أما الطمأنينة في الركوع فقد وافقنا الشافعي فيها وقال أبو حنيفة: أنها غير واجبة ".[٤٤]
وأما التسبيح فيه فقد خالفنا عامة الفقهاء في وجوبه وقالوا غير واجب. [٤٥]
وأما رفع الرأس عن الركوع والطمأنينة فيه فقد وافقنا الشافعي في وجوبه. وقال أبو حنيفة: ليس الرفع من الركوع واجبا أصلا. [٤٦]
لنا في هذه المسائل دليل الاحتياط و اليقين لبراءة الذمة وأن النبي (صلى الله عليه وآله) فعل ذلك وقال (صلى الله عليه وآله): (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وظاهر الأمر في الشرع يدل على الوجوب وما روي أنه (صلى الله عليه وآله) أمر للمسئ صلاته بالطمأنينة في الركوع والسجود، وفي رفع الرأس منها. [٤٧]
ودليل وجوب التسبيح [ هو ] كل آية في القرآن تقتضي بظاهرها الأمر بالتسبيح، لأن عموم الظاهر يقتضي دخول أحوال الركوع والسجود فيه، ومن أخرج ذلك عنه يحتاج إلى دليل، وأقله تسبيحة واحدة ولفظه الأفضل (سبحان ربي العظيم وبحمده) في الركوع وفي السجود (سبحان ربي الأعلى وبحمده) ويدل على استحباب هذا اللفظ ما رووه من قوله لما نزل «فسبح باسم ربك العظيم»[٤٨] (اجعلوها في ركوعكم) وقوله لما نزل «سبح اسم ربك الأعلى»[٤٩] (اجعلوها في سجودكم) والأمر يحمل على الاستحباب بدليل. [٥٠]
والزيادة على تسبيحة واحدة في الركوع والسجود إلى ثلاث وإلى خمس وإلى سبع سنة " وعند الشافعية لا يزيد الإمام على ثلاث ".[٥١] وإذا رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده، الحمد لله رب العالمين، أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود، إماما كان أو مأموما.
وقال الشافعي: يقول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، إماما كان أو مأموما.
وقال أبو حنيفة: لا يزيد الإمام على قول سمع الله لمن حمده، والمأموم لا يزيد على ربنا لك الحمد. [٥٢]
إذا رفع رأسه من الركوع قبل الإمام عاد إلى ركوعه، ويرفع مع الإمام. وفاقا للشافعي إلا أنه قال: سقط فرضه بالأول. [٥٣]
وإذا كبر للسجود جاز أن يكبر وهو قائم، ثم يهوي إلى السجود، ويجوز أن يهوي بالتكبير فيكون انتهاؤه حين السجود، وهكذا مذهب الشافعي. [٥٤] ويتلقى الأرض بيديه أولا ثم ركبتيه، خلافا لهما فإنهما قالا: يتلقى الأرض بركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه. [٥٥]
وضع الجبهة على الأرض في حال السجود فرض ووضع الأنف سنة، وفاقا للشافعي. وأبو حنيفة بالخيار بين أن يقتصر على أنفه أو جبهته فأيهما فعل أجزأ. وكذا وضع اليدين والركبتين وأصابع الرجلين على الأرض في حال السجود فرض وافقنا الشافعي في أحد قوليه وفي قوله الآخر أنه مستحب وفاقا لأبي حنيفة. [٥٦]
لنا أن من سجد على ما ذكرنا برئت ذمته بيقين وليس كذلك إذا لم يسجد، وقوله (عليه السلام): (أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء، الجبهة واليدين، والركبتين وأصابع الرجلين) [٥٧]، وفي رواية (والقدمين). [٥٨] وكشف اليدين في حال السجود [ أفضل ]، وفي أحد قولي الشافعي أنه يجب وفي الآخر يستحب. [٥٩]
ولا يجوز السجود إلا على الأرض أو ما أنبتته مما لا يؤكل ولا يلبس خلافا لجيمع الفقهاء في ذلك. [٦٠] وقد مر ذكره قبل.
" ولا يجوز السجود على شئ هو حامل له ككور العمامة وطرف الرداء وكُمّ القميص. وفاقا للشافعي إلا إذا كان الكم طويلا لا يتحرك بحركته فيجوز عنده السجود عليه.
وقال أبو حنيفة: يجوز على ما هو حامل وأما إن سجد على ما ينفصل منه كاليد فيجوز لكنه مكروه. [٦١]
لنا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سجد على سبعة أعضاء وقال: (أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء)،
ومن سجد على غير هذه الأعضاء لم يسجد السجدة المأمور بها فلم تكن مجزية صحيحة.
" والتسبيح فيه واجب كما قلنا في الركوع خلافا للفقهاء فإنه مستحب عندهم ".[٦٢]
والطمأنينة فيه واجبة وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة وكذا رفع الرأس منه والاعتدال جالسا ولا يتم الصلاة إلا بهما، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: القدر الذي يجب أن يرفع ما يقع عليه اسم الرفع ولو بمقدار ما يدخل السيف بين وجهه والأرض وربما قالوا لا يجب أصلا. [٦٣]
لنا أن السجدتين واجبتان إجماعا ومن لم يرفع رأسه أصلا لم يقع منه السجدة الثانية وإذا رفع رأسه ولم يطمئن جالسا لم يقع منه أيضا لأن السجود عبارة عن الهوي إلى الأرض والهوي إما من القيام كالسجدة الأولى أو من القعود كالسجدة الثانية وإذا لم يكن جالسا مطمئنا لم يقع منه الهوي إلى الأرض من القعود فلم يكن ساجدا.
واجبات السجود ستة: السجود على سبعة أعضاء مذكورة، ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، وأن ينحني حتى يساوي موضع جبهته موقفه إلا أن يكون علوا يسيرا مقدار لبنة فإن عرض مانع فاقتصر على ما يتمكن منه وإن افتقر إلى رفع ما يسجد عليه رفعه وإن عجز أومأ للسجود، والذكر فيه أو التسبيح، والطمأنينة فيه، ورفع الرأس من السجدة الأولى حتى يعتدل مطمئنا.
" والاقعاء بين السجدتين مكروه لا خلاف فيه بين الفقهاء.
وإذا رفع رأسه من السجدة الثانية يستحب أن يجلس ثم يقوم وفاقا للشافعي.
وقال أبو حنيفة: ينهض على صدور قدميه ولا يجلس ولا يعتمد على يديه ".[٦٤]
والتشهد الأول واجب، ولو أخل به عامدا بطلت صلاته والواجب فيه خمسة أشياء: الجلوس بقدر التشهد، والشهادتان، والصلاة على النبي وعلى آله. قال أهل العراق والشافعي: هو سنة. [٦٥]
والتورك في الجلوس للتشهد سنة، وصفته أن يخرج رجليه من تحته، ويقعد على مقعدته ويضع رجله اليسرى على الأرض ويضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن اليسرى. وقال الشافعي: يجلس مفترشا في التشهد الأول وصفته أن يثني قدمه اليسرى فيفترشها ويجعل ظهرها على الأرض ويجلس عليها، وينصب قدمه اليمنى ويكون بطون أصابعها على الأرض ليستقبل بأطراف أصابعه القبلة، وفي التشهد الأخير متوركا وصفته أن يخرج رجليه من تحت وركه الأيمن ويفضي بمقعدته إلى الأرض وينصب قدمه اليمنى ويجعل باطن أصابعهما على الأرض ويستقبل بأطرافها القبلة، وهو سنة. وقال أبو حنيفة: يجلس فيهما مفترشا. [٦٦] ثم وضع اليد اليسرى على ظهر الركبة مفرجا أصابعه قليلا واليمنى كذلك لكن يقبض الخنصر والبنصر والوسطى ويرسل المسبحة والإبهام وقيل يرسلها وقيل يحلق الإبهام والوسطى وقيل يضمها إلى الوسطى المقبوضة ثم يرفع في الشهادة عند قوله إلا الله هذا عند الشافعية[٦٧] وعند الحنفية يضع يديه على فخذيه بعد ما جلس مفترشا قالوا: وما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه تورك كان ذلك بعد ما كبر وأسن صلوات الله عليه. [٦٨]
الصلاة على النبي واجب في التشهد خلافا للشافعي. [٦٩] وغيره من الفقهاء.
لنا قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما»[٧٠] وظاهر الأمر
يقتضي تناول جميع الأوقات والأحوال ومن جملتها حال التشهد ولا يخرج منها إلا [ ما ] أخرجه دليل قاطع وهو الإجماع على أن الصلاة عليه في غير حال التشهد ليست بواجبة " وللشافعي في كونها سنة قولان أحدهما مسنون والآخر ليس بمسنون ".[٧١]
وإذا قام من التشهد إلى الثالثة يقوم بتكبير ويرفع يديه وبه قال الفقهاء، وخالفوا في رفع اليدين، ومن أصحابنا من قال: يقوم ويقول: بحول الله وقوته أقوم وأقعد ولا يكبر. [٧٢] والتشهد الأخير والجلوس فيه واجبان وفاقا للشافعي.
وقال أبو حنيفة: الجلوس واجب بقدر التشهد، والتشهد غير واجب.
لنا أن النبي (صلى الله عليه وآله) جلس وتشهد وقال: صلوا كما رأيتموني. [٧٣]
والصلاة على النبي وعلى آله في التشهد الأخير واجبتان كما في الأول وفاقا للشافعي في الصلاة على النبي. [٧٤]. وفي وجوبها على آله قولان: سنة عند أكثر أصحابه وعند بعضهم واجب. [٧٥]
ويجب التسليم على خلاف بين أصحابنا واستدلوا على وجوبه بأن قالوا: لا خلاف في وجوب الخروج من الصلاة ولا يجوز الخروج منها بأفعال منافية لها، كالحدث وغيره على ما يقوله أبو حنيفة، بلا خلاف بين الأصحاب وإذا ثبت هذا، ثبت وجوب السلام وقوله (عليه السلام) مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم يدل على أن غير التسليم لا يكون تحليلا. [٧٦]
وقال الشافعي لا يخرج من الصلاة إلا بشئ معين وهو السلام لا غير وهو ركن، وفي مسائل الخلاف الأظهر بين أصحابنا أنه مسنون، والدليل عليه ما رواه أبو بصير[٧٧] عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كنت إماما فإنما التسليم أن تسلم على النبي (صلى الله عليه وآله) وتقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة، ثم تؤذن القوم وأنت تقول مستقبل القبلة، السلام عليكم.
وقال أبو حنيفة: الذي يخرج به منها غير معين، بل يخرج بأمر يحدثه وهو ينافيها من كلام أو سلام أو حدث من ريح أو بول، لكن السنة أن تسلم لأن النبي (عليه السلام) كان يخرج منها. [٧٨]
ويسلم الإمام والمنفرد والمأموم تسليمة واحدة يميل إلى شقه الأيمن قليلا إلا أن يكون على يسار المأموم غيره فإنه يسلم يمينا وشمالا.
وقال الشافعي في الجديد وأبو حنيفة: أن الأفضل تسليمتان.
لنا ما روي عن عائشة إنها قالت كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسلم تسليمة واحدة يميل إلى الشق الأيمن قليلا. وعن سهل بن سعد الساعدي[٧٩] أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسلم تسليمة واحدة ولا يزيد عليها. [٨٠]

الهوامش

  1. الشرايع : 1 / 95 .
  2. الوجيز : 1 / 40 .
  3. المدثر : 3 .
  4. المدثر : 3 .
  5. البقرة : 238 .
  6. الحج : 77 .
  7. الخلاف : 1 / 308 مسألة 56 .
  8. البينة : 5 .
  9. الغنية 77 .
  10. الخلاف : 1 / 320 مسألة 72 ، الوجيز : 1 / 41 ، الهداية في شرح البداية : 1 / 48 .
  11. الخلاف : 1 / 321 مسألة 73 .
  12. الغنية 77 .
  13. الخلاف : 1 / 321 مسألة 74 .
  14. الغنية 81 .
  15. الخلاف : 1 / 324 مسألة 76 .
  16. النحل : 98 .
  17. الخلاف : 1 / 325 مسألة 77 .
  18. الخلاف : 1 / 326 مسألة 78 .
  19. الخلاف : 1 / 326 مسألة 79 .
  20. محمد بن الحسن بن فرقد الدمشقي ، الشيباني الفقيه الحنفي مات سنة ( 189 ه‍ ) بالري . وفيات الأعيان : 4 / 184 رقم 567 .
  21. الخلاف : 1 / 327 مسألة 81 .
  22. المزمل : 20 .
  23. الغنية : 77 .
  24. بنت أبي أمية بن المغيرة القرشية المخزومية ، اسمها هند ، واسم أبيها حذيفة واسم أمها عاتكة كانت زوج ابن عمها أبي سلمة فمات عنها فتزوجها النبي ( صلى الله عليه وآله ) وماتت سنة ( 59 ) . الإصابة : 8 / 221 رقم 12016 .
  25. محمد بن إبراهيم بن المنذر ، أبو بكر النيسابوري الفقيه له الإشراف على مذاهب الأشراف وغيره ، توفي سنة
  26. الخلاف : 1 / 328 مسألة 82 .
  27. الخلاف : 1 / 331 مسألة 83 .
  28. الخلاف : 1 / 343 مسألة 94 .
  29. يوسف : 2 .
  30. الشعراء : 195 .
  31. الغنية 78 .
  32. الخلاف : 1 / 335 مسألة 86 .
  33. الخلاف : 1 / 337 مسألة 88 .
  34. الخلاف : 1 / 339 مسألة 90 .
  35. الغنية : 87 .
  36. كذا ولا يخفى ما في العبارة من إشكال ، وفي الخلاف مسألة 94 : فإن ضاق عليه الوقت وأحسن غيرها قرأ ما يحسن فإن لم يحسن شيئا أصلا .
  37. يوسف : 2 .
  38. الخلاف : 1 / 343 مسألة 94 .
  39. الخلاف : 1 / 332 مسألة 84 .
  40. الغنية 78 .
  41. الخلاف : 1 / 426 مسألة 174 .
  42. الغنية 78 .
  43. الخلاف : 1 / 353 مسألة 107 .
  44. الخلاف : 1 / 348 مسألة 98 .
  45. الخلاف : 1 / 348 مسألة 99 .
  46. الخلاف : 1 / 351 مسألة 102 .
  47. الغنية 79 .
  48. الواقعة : 96 .
  49. الأعلى : 1 .
  50. الغنية 80 .
  51. الوجيز : 1 / 43 .
  52. الخلاف : 1 / 350 مسألة 101 .
  53. الخلاف : 1 / 352 مسألة 103 .
  54. الخلاف : 1 / 303 مسألة 107 .
  55. الخلاف : 1 / 354 مسألة 108 .
  56. الخلاف : 1 / 355 مسألة 109 .
  57. الغنية 80 ، وعوالي اللئالي : 2 / 219 حديث 16 .
  58. أنظر سنن البيهقي : 2 / 431 حديث 2696 .
  59. الخلاف : 1 / 356 مسألة 111 وما بين المعقوفين منه .
  60. الخلاف : 1 / 357 مسألة 113 .
  61. الخلاف : 1 / 357 مسألة 113 .
  62. الخلاف : 1 / 358 مسألة 114 .
  63. الخلاف : 1 / 359 مسألة 116 - 117 .
  64. الخلاف : 1 / 360 مسألة 118 - 119 .
  65. الخلاف : 1 / 364 مسألة 121 .
  66. الخلاف : 1 / 363 مسألة 120 .
  67. الوجيز : 1 / 45 .
  68. الهداية في شرح البداية : 1 / 53 .
  69. الخلاف : 1 / 365 مسألة 122 .
  70. الأحزاب : 56 .
  71. الخلاف : 1 / 365 مسألة 122 .
  72. 1 / 366 مسألة 125 .
  73. الخلاف : 1 / 367 مسألة 126 .
  74. الخلاف : 1 / 369 مسألة 128 .
  75. الخلاف : 1 / 373 مسألة 132 .
  76. الغنية 81 .
  77. يحيى بن القاسم ، أبو بصير الأسدي ، أبو محمد ثقة ، وجيه أنظر ترجمته في معجم رجال الحديث : 20 / 74 رقم 13570 .
  78. الخلاف : 1 / 376 مسألة 134 .
  79. الأنصاري ، أبو العباس ، روى عن : النبي ( صلى الله عليه وآله ) توفي سنة ( 88 ) وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة . تهذيب الكمال : 12 / 188 رقم 2612 .
  80. الخلاف : 1 / 377 مسألة 135 .