ميثاق طهران التقريبي

من ویکي‌وحدت

ميثاق طهران التقريبي هو مشروع ميثاق للوحدة الإسلامية تمّ إعداده في طهران بمناسبة إعلان قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي العام (1386) الهجري الشمسي عاماً للوحدة الوطنية والانسجام الإسلامي. ويتمتّع هذا المشروع باستفادته واستقائه من مختلف المحاولات السابقة، وصراحته في حلّ المشكلات القائمة، وجامعيته، وانسجامه بالطبع مع التعاليم الإسلامية. وهذا هو نصّه:

ميثاق طهران

بسم اللّٰه الرحمن الرحيم
الحمد اللّٰه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّد البشرية ومقتداها محمّد النبي الأمين وآله الطاهرين وصحبه الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
انطلاقاً من الإيمان بأنّ الإسلام أمانة في أعناق المسلمين، وعليهم الدفاع عنه وعن مقدّساته، وملاحظة لتأكيد الإسلام على الالتزام بكلّ ما يؤدّي إلى الوحدة الإسلامية،
ويقيم العلاقات الأخوية بين أبناء الأُمّة، ويشيع المنطق العقلاني ولغة الحوار، ويحقّق التعاون والتضامن والتآلف والمصالح العليا، ونظراً لأبعاد الهجمة الشرسة الواسعة لأعداء الأمّة الإسلامية من قبيل الاستكبار العالمي والصهيونية على ثقافتها وقيمها واستقلالها ومواردها، وضرورة تعبئة كلّ الطاقات المادّية والمعنوية لإيقاف العدوان، فإنّنا نحن العلماء والمفكّرين الموقّعين على هذا الميثاق بعد الاطّلاع على الخطوات الكريمة التي اتّخذها العلماء فيما سبق في مكّة المكرّمة وطهران وعمّان و القاهرة وغيرها، نؤكّد إيماننا والتزامنا العميق بالمبادئ والأُصول والأساليب التالية، كما ندعو الآخرين للالتزام بذلك:

أوّلاً:

الإسلام هو الدين الخاتم والسبيل الوحيد لعلاء الإنسانية، وهو أمانة في أعناق المسلمين، عليهم تطبيقه في كلّ مناحي الحياة والذبّ عنه و عن حرماته ومقدّساته، وعليهم تقديم المصلحة الإسلامية العليا على باقي المصالح.

ثانياً:

إنّ الكتاب الكريم والسنّة النبوية الشريفة هما المصدران الأساسيّان للشريعة و سائر التعاليم الإسلامية، والمذاهب الإسلامية كلّها تشترك في هذين المصدرين، وإنّ اعتبار المصادر الأُخرى رهن بكونها مستمدّة منهما.

ثالثاً:

يُعدّ الإيمان بالأُصول والأركان التالية ضابطاً للصبغة الإسلامية:
- الإيمان بوحدانية اللّٰه تعالى (التوحيد).
- الإيمان بنبوّة وخاتمية الرسول الأكرم محمّد صلى الله عليه و آله، وأنّ سنّته تمثّل أحد مصدري الدين الرئيسين.
- الإيمان بالقرآن الكريم ومفاهيمه وأحكامه باعتباره المصدر الأوّل لدين الإسلام.
- الإيمان بالمعاد.
- عدم إنكار مسلّمات الدين المتّفق عليها، والتسليم بأركان الإسلام، كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، و...

رابعاً:

شرعية الاجتهاد وحرّية البحث. لقد أقرّ الإسلام الحنيف الاختلافات الفكرية عبر إقراره شرعية الاجتهاد في إطار المصادر الإسلامية، ولذا على المسلمين أن يعتبروا الاختلاف في الاجتهادات أمراً طبيعياً ويحترموا الرأي الآخر.

خامساً:

إنّ وحدة الأُمّة الإسلامية والحفاظ على مصالحها العامّة مبدأ يمتلك أهميّة كبرى، وإنّ مبدأ الأُخوّة الإسلامية يشكّل أساساً عامّاً لنوعية التعامل والتضامن بين المسلمين.

سادساً:

على العلماء والمفكّرين:
1 - السعي إلى جعل الوضع الذي يعيشه المجتمع الإسلامي المعاصر أقرب ما يكون إلى عصر الرسالة الأوّل، من حيث الأُخوّة الدينية، والتعاون على البرّ والتقوى، والوقوف صفّاً واحداً أمام التحدّيات، والتواصي بالحقّ والتواصي بالصبر، والابتعاد عن التفرّق والتنازع وعن كلّ ما يؤدّي إلى وهن المسلمين وفشلهم.
2 - اقتداء الأتباع بسلوك أئمّة المذاهب الإسلامية في التعامل بينهم، وتوسيع نطاق العمل به بين أتباع المذاهب اليوم.
3 - توسيع نطاق التضامن القائم حالياً بين بعض المذاهب الإسلامية ليشمل كافّة المسلمين والمذاهب الإسلامية، وتقبّل عامّة المسلمين للخلافات بين المذاهب والمنبثقة عن الاجتهاد المنضبط.

سابعاً:

على العلماء والمفكّرين تعزيز الصحوة الإسلامية وتعميقها وترشيدها وتحقيق التقارب بين أتباع المذاهب الإسلامية بغية تعرف بعضهم على البعض الآخر عن طريق تحقيق التآلف والأُخوّة الدينية على أساس المبادئ الإسلامية المشتركة الثابتة والأكيدة.
ثامناً: تشمل مجالات التقريب الإسلامي بين المذاهب جوانب حياة أتباع هذه المذاهب كافّة (العقائد، والفقه، والأخلاق، والثقافة، والتاريخ).

تاسعاً:

لتحقيق التقارب التقارب والوحدة تجب - وذلك بالإضافة لما سبق - ملاحظة الخطوط العامّة التالية:
1 - ضرورة التعاون الكامل في الموارد التي يتّفق المسلمون عليها.
2 - تعبئة كلّ الطاقات المعنوية والمادّية لإعلاء كلمة اللّٰه وتطبيق الإسلام باعتباره
المنهج الأقوم لسعادة البشرية.
3 - ضرورة اتّخاذ موقف منسّق واحد في مواجهة أعداء الإسلام، وخصوصاً في المسائل التي تهمّ كلّ الأُمّة الإسلامية، كفلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها.
4 - تجنّب تكفير وتفسيق المسلمين الآخرين ورميهم بتهم مثل البدعة، علينا - باعتبارنا مسلمين مؤمنين بمشروعية الاجتهاد في إطار المصادر الإسلامية - أن نقبل مستلزمات هذا المبدأ وتبعاته حتّى لو كان الرأي الاجتهادي خطأً في نظرنا، لذا يجب أن ننقل الاختلافات من مرتبة الكفر والإيمان إلى مرتبة الخطأ والصواب.
كما لا يجوز لأحد أن يكفّر الآخر بسبب لوازم حديث أو رأي له يقود حسب رأينا إلى إنكار أُصول الدين، مع أنّه غير ملتزم بهذه اللوازم.
5 - التعامل باحترام عند الاختلاف باعتباره نتيجة لإقرار التعدّدية الاجتهادية في الإسلام.
6 - عدم الإساءة لمقدّسات الآخرين.. حينما يوصي الإسلام بنحو من التحمّل الديني وعدم الاستفزاز في علاقاته مع باقي الأديان ويطلب من المسلمين أن لا يسيئوا للمقدّسات الفكرية والعقائدية الباطلة للآخرين، فمن الأولى أن يؤكّد في إطار العلاقات بين المسلمين على مبدأ تجنّب الإساءة لمقدّسات أتباع المذاهب الإسلامية، وكذلك احترام أهل بيت رسول اللّٰه الطاهرين وأصحابه الميامين.
7 - لايجوز للمنظّمات والحكومات أن تفرض على أحد مذهباً دون غيره مستغلّة حاجته وضعفه، بل تعترف بالمذاهب الإسلامية المعتبرة التي تقرّ الأُسس السابقة، وتسعى لمنح أتباعها حقوق المواطنة.
8 - حرّية العمل بالأحكام الشخصية فيما يتعلّق بالمسائل الخاصّة بالأُمور الشخصية، فإنّ أتباع المذاهب الإسلامية يتبع كلّ منهم الأحكام الموافقة لمذهبه. أمّا ما كان مرتبطاً بالنظام العامّ فيجب أن تكون كلمة الفصل للقوانين المنصوص عليها في بلادهم.
9 - دعا القرآن الكريم المسلمين إلى اعتماد مبدأ الحوار المنطقي مع الآخر بعيداً عن
التهويل والضوضاء، وذلك من أجل بلوغ الحقيقة. ولذا يجب على المسلمين من باب أولى أن يتمّ حلّ اختلافاتهم عن طريق الحوار السليم، ومراعاة آدابه المنطقية والأخلاقية فيما بينهم، والقيام بخطوات عملية في سبيل ذلك. وكذلك الاهتمام بالجانب العملي للتقريب، وتجسيد هذه القيم في حياتهم.
10 - لا ندعو لإغلاق البحث في الجوانب التاريخية والعقدية والتشريعية المختلف فيها، ولكن يجب أن يُترك البحث فيها للمتخصّصين بروح من الأُخوّة والموضوعية وتحرّي الحقيقة، ولذا ينبغي العمل على إيجاد مراكز للحوار العقدي والفقهي والتاريخي.
11 - تعليم الدارسين في الحوزات والمراكز العلمية والجامعات فقه الوحدة الإسلامية وأدب الخلاف والمناظرة الهادفة والفقه والكلام والتفسير الموضوعي المقارن في جوّ من الاحترام المتبادل وعدم الانتقاص من الآراء الاُخرى.
12 - إحياء المذاهب التربوية الملتزمة بالكتاب والسنّة، باعتبارها وسائل لتخفيف النزعة المادّية المغالية وللحماية من الاغترار بالمناهج السلوكية الطارئة المتجاهلة للمبادئ الإسلامية.
13 - اهتمام علماء المذاهب بنشر منهج الاعتدال والوسطية بشتّىٰ الوسائل العملية من لقاءات بينية وندوات علمية متخصّصة ومؤتمرات عامّة، مع الاستفادة من المؤسّسات المعنية بالتقريب بغرض تصحيح النظرة إلى المذاهب العقدية والفقهية والتربوية باعتبارها مناهج متنوّعة لتطبيق الإسلام، وأنّ الاختلاف بينها هو اختلاف تنوّع وتكامل، وليس اختلاف تضاد، وضرورة تعميم المعرفة بها وبخصائصها ومزاياها والاهتمام بأدبياتها.
14 - التصدّي للمذاهب والاتّجاهات الفكرية المغالية أو المفرّطة التي تتعارض مع الكتاب والسنّة، فكما لايجوز الإفراط لا يسوغ التفريط بقبول أيّة دعوة ولو كانت مريبة، ولابدّ من ملاحظة الضوابط السابقة للحفاظ على استحقاق اسم الإسلام.
15 - التأكيد على عدم مسؤولية المذاهب العقدية والفقهية والتربوية عن أيّ ممارسات خاطئة ترتكب باسمها من قتل للأبرياء وهتك للأعراض وإتلاف للأموال وغير
ذلك، واتّخاذ الإجراءات لمنع إنتاج ما يعمّق الفرقة أو يصف بعض المسلمين بالكفر والضلال دون مسوّغ شرعي متّفق عليه. وكذلك العمل على حذف كلّ السلوكيات المستفزّة والمثيرة للفتنة والبغضاء وتمزيق الأُمّة، فإنّه من الكبائر.
16 - يجب أن تقتصر الفتوى على المتخصّصين العلماء بكتاب اللّٰه وسنّة رسوله وما يتعلّق بهما من علوم، العالمين بالفقه وأُصوله، القادرين على استنباط الأحكام الشرعية من مظانها، العارفين بالموضوعات وأحوال الناس وأوضاع العصر.