مسودة:حسن ابن علي (المجتبى)

حسن ابن علي هو الابن الأكبر للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) والسيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، وهو الإمام الثاني عند الشيعة، عاش سبع سنوات في كنف النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، وبعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) قضى حوالي ثلاثين سنة إلى جانب أبيه الإمام علي، بعد استشهاد أبيه في سنة 40 هجري، بايعه الناس كخليفة للإمام علي، إلا أنه بسبب عدم حصوله على الدعم الكافي لمواجهة معاوية، اضطر إلى قبول الصلح مع معاوية في سنة 41 هجري، استمرت إمامته عشر سنوات، وفي سنة 50 هجري، وعمره 48 سنة، تعرض للسمّ بمؤامرة من معاوية واستشهد.

نسبه وولادة الإمام حسن

ينتهي نسبه من جهة الأب والام الى هاشم بن عبد مناف، وامّه سيدة النساء ام الأئمة فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول اللَّه محمد بن عبد اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم. وهو السبط الأكبر لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، وكان يدعوه وأخاه الحسين بالبنوّة فيقول صلى الله عليه وآله وسلم لابنته فاطمة عليها السلام: ادعي لي ابني [١][٢].وقد نطق القرآن بذلك في آية المباهلة فقال عزّ من قائل: «فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ[٣] حيث عناهما عليهما السلام [٤] ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم في الحسن عليه السلام «اللّهم إنّي احبّه، فأحبّ من يحبّه» [٥] [٦] [٧] [٨] [٩]. وُلد الإمام حسن (عليه السلام) في المدينة المنورة، وفقًا للمشهور، تاريخ ولادته هو 15 رمضان في السنة الثالثة للهجرة. ومع ذلك، تذكر بعض الروايات والمصادر التاريخية أن ولادته كانت في السنة الثانية للهجرة، بعد ولادته، أذّن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) في أذنه، وفي اليوم السابع من ولادته، قام النبي بذبح شاة كعقيقة له.

تسمية الإمام حسن

قد اختار النبي هذا الاسم للإمام، تُنسب بعض الأحاديث هذه التسمية إلى إلهام إلهي، وفقًا لبعض الأقوال، فإن اسمي "حسن" و"حسين" يقابلهما "شبر" و"شبير"، وهما اسمان لأبناء هارون (عليه السلام). وتجدر الإشارة إلى أن هذين الاسمين من الأسماء السماوية التي لم تكن معروفة لدى العرب قبل الإسلام، تذكر بعض المصادر السنية أن الإمام علي (عليه السلام) كان قد اختار اسم "حمزة" أو "حرب" لابنه قبل أن يسميه النبي "حسن"، لكنه أعلن أنه لن يسبق النبي في تسمية ابنه.

كنى وألقاب الإمام حسن

تذكر معظم المصادر أن كنية الإمام حسن هي "أبو محمد". كما يذكر الخصيبي أن من ألقابه أيضًا "أبو القاسم". أما ألقابه المشتركة مع أخيه الحسين (عليه السلام)، وفقًا لكتاب "ألقاب الرسول وعترته"، فهي: سبط رسول الله، ريحانة نبي الله، سيد شباب أهل الجنة، قرة عين البتول، عالم، مُلهَم الحق، وقائد الخلق. ويذكر ابن أبي الثلج ألقابًا خاصة به مثل: أمير، حجة، كفي، سبط، وولي. كما يذكر ابن شهر آشوب ألقابًا أخرى مثل: سبط أول، إمام ثاني، مقتدي ثالث، ذكر رابع، ومباهل خامس. من الألقاب المشهورة للإمام حسن عند الشيعة: المجتبى، الزكي، التقي، وكريم أهل البيت. ويذكر ابن طلحة الشافعي أن أشهر ألقابه هو "التقي"، وأعلاها هو "السيد"، وذلك استنادًا إلى قول النبي (صلى الله عليه وآله): "إن ابني هذا سيد"

عمره الشريف

المشهور انّه سبع واربعون عاماً، اقام مع جدّه رسول اللَّه ص وسلم سبع سنین، واقام مع امیر المؤمنین 37 سنة.[١٠]

امامته الشريفة

کانت وصیة ابیه امیرالمؤمنین الیه من بعده، فتصدّی للامامة وکان عمره آنذاک (37) سنة. وتمتدّ امامته الشرعیة عشر سنوات. وقد ورد النص علیه بالخصوص فی عدّة روایات [١١].منها: ما رواه الکلینی عن علی بن ابراهیم، عن ابیه، عن حماد بن عیسی، عن ابراهیم بن عمر الیمانی وعمر بن اذینة، عن ابان، عن سلیم بن قیس قال: شهدت وصیّة امیرالمؤمنین حین اوصی الی ابنه الحسن علیه السلام، واشهدَ علی وصیّته الحسین (علیه‌السّلام) ومحمّداً وجمیع ولده ورؤساء شیعته واهل بیته، ثمّ دفع الیه الکتاب والسلاح وقال لابنه الحسن علیه السلام: «یا بنی، امرنی رسول اللَّه ان اوصی الیک وان ادفع الیک کتبه وسلاحه، وامرنی ان آمرک اذا حضرک الموت ان تدفعها الی اخیک الحسین. ثمّ اقبل علی ابنه الحسین فقال: وامرک رسول اللَّه ان تدفعها الی ابنک هذا. ثمّ اخذ بید علی بن الحسین وقال: وامرک رسول اللَّه ان تدفعها الی ابنک محمّد بن علی، واقراه من رسول اللَّه ومنی السلام».[١٢].

مدة امامته

تولّی الامام السبط الاكبر الخلافة بعد ابیه یوم الجمعة (21) رمضان سنة 40 للهجرة، وبایعه اهل الحلّ والعقد، فقام بالامر خیر قیام حتی اضطرّ الی عقد الصلح مع معاویة (فی جمادی الاولی من سنة 41 ه) بعد ان دسّ معاویة فی جیشه الرجال وفرّق عنه اصحابه. وعلیه فتکون مدة حکومته سبعة اشهر واربعاً وعشرین یوماً، او ستة اشهر وایّاماً بناءً علی کونها فی اواخر ربیع الاوّل او الآخر.[١٣] وقد اقام (علیه‌ السّلام) فی الکوفة بعد ذلک ایّاماً وبعد ان نقض معاویة الصلح[١٤] تجهّز (علیه‌ السّلام) للشخوص الی المدینة مع اخیه الحسین واهل بیته.[١٥]. ولنورد طرفاً من صفته: لم یکن احد من الناس اشبه برسول اللَّه (صلی‌ الله‌علیه‌‌ و‌آله‌ وسلّم) وسلم منه علیه السلام، فقد کان اشبه الناس به خلقاً وهیئة وهدیاً وسؤدداً [١٦]. ووصفه الامام زین العابدین (علیه‌السّلام) فقال: انّ الحسن بن علی بن ابی طالب کان اعبد الناس فی زمانه وازهدهم وافضلهم، وکان اذا حج حج ماشیاً وربما مشی حافیاً، ولا یمر فی شی‌ء من احواله الّا ذکر اللَّه سبحانه، وکان اصدق الناس لهجة وافصحهم منطقاً وروی محمد بن اسحاق: ما بلغ احد من الشرف بعد رسول اللَّه (صلی‌الله‌علیه‌‌و‌آله‌وسلّم) وسلم ما بلغ الحسن بن علی، کان یبسط له علی باب داره، فاذا خرج وجلس انقطع الطریق، فما مرّ احد من خلق اللَّه اجلالًا له، فاذا علم قام‌ ودخل بیته فمرّ الناس [١٧]. قال الراوی: ولقد رایته فی طریق مکة نزل عن راحلته فمشی فما من خلق اللَّه احد الّا نزل ومشی حتی رایت سعد بن ابی وقاص قد نزل ومشی الی جنبه [١٨].

اشَّبَهُ الناس بِرَسُولِ اللَّهِ فی الخلق

كَانَ الإِمَامُ الحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشْبَهَ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي الخُلُقِ وَالسِّيرَةِ وَالسِّيَادَةِ« وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَنَّهُ قَالَ: "يَا حَسَنُ، إِنَّكَ مِنْ حَيْثُ الخَلْقِ وَالخُلُقِ أَشْبَهُ النَّاسِ بِي" وَكَانَ لَهُ قَامَةٌ مُعْتَدِلَةٌ وَلِحْيَةٌ كَثِيفَةٌ، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: "لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِرَسُولِ اللَّهِ مِنَ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ". وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "كَانَ الحَسَنُ أَشْبَهَ بِرَسُولِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ، وَالحُسَيْنُ أَشْبَهُ فِيمَا كَانَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ"[١٩].

شباهته بِخَدِيجَةَ الكُبْرَى

رَوَى ابْنُ شَهْرِ آشُوبَ أَنَّ الإِمَامَ الحَسَنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: "أَنَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِخَدِيجَةَ الكُبْرَى عَلَيْهَا السَّلَامُ". وَقَالَ فِي تَفْسِيرِ الآيَةِ: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي صُلْبِ أَبِي طَالِبٍ عَلَى صُورَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ، وَالحُسَيْنُ أَشْبَهُ النَّاسِ بِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، وَأَنَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِخَدِيجَةَ الكُبْرَى عَلَيْهَا السَّلَامُ"[٢٠].

الإِمَامُ الحَسَنُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ص

كَانَ الإِمَامُ الحَسَنُ المُجْتَبَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السَّابِعَةِ مِنْ عُمُرِهِ عِنْدَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ. وَكَانَ النَّبِيُّ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُهُ عَلَى كَتِفِهِ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ"[٢١] . وَقَدْ أَكَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَلَى إِمَامَتِهِ وَإِمَامَةِ أَخِيهِ الحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فِي حَدِيثٍ: "الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ إِمَامَانِ، قَامَا أَوْ قَعَدَا". وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: "الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ".وَقَدْ شَهدَ الإِمَامُ الحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَائِعَ مُهِمَّةً فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، مِنْهَا: حَضُورُهُ فِي مُبَاهَلَةِ النَّبِيِّ مَعَ النَّصَارَى: حَيْثُ كَانَ هُوَ وَأَخُوهُ الحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مَعَ أُمِّهِمَا فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ وَأَبِيهِمَا عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانُوا مَصْدَاقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَبْنَاءَنَا﴾ وَ﴿نِسَاءَنَا﴾ وَ﴿أَنْفُسَنَا﴾. بمَصْدَاقُ أَهْلِ البَيْتِ فِي آيَةِ التَّطْهِيرِ: حَيْثُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا. حَضُورُهُ فِي نُزُولِ سُورَةِ الإِنْسَانِ: الَّتِي نَزَلَتْ فِي شَأْنِ أَهْلِ البَيْتِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وَكَانَتْ عَظَمَةُ شَخْصِيَّةِ الإِمَامِ الحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسُمُوُّ رُوحِهِ مِمَّا جَعَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَأْخُذُهُ شَاهِدًا فِي بَعْضِ العُهُودِ وَالمُعَاهَدَاتِ، كَمَا رَوَى الوَاقِدِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَاهَدَ ثَقِيفًا، وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ العَهْدَ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ [٢٢]. وَقَدْ عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ النَّاسَ كَثِيرًا مِنْ آدَابِ التَّرْبِيَةِ وَالسُّلُوكِ مِنْ خِلَالِ تَعَامُلِهِ مَعَ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَكَانَ ذَلِكَ نَمُوذَجًا لِتَرْبِيَةِ الأَبْنَاءِ وَتَعْلِيمِهِمُ القِيَمَ الإِلَهِيَّةِ [٢٣]

صلح الإمام الحسن مع معاوية

بعد وفاة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، تولى الإمام الحسن ع الخلافة في ظل ظروف بالغة التعقيد، حيث وصلت حالة الاضطراب والشك التي سادت أواخر حياة أبيه إلى ذروتها. في هذه الأثناء، كان معاوية بن أبي سفيان، الذي كان يطمع في الخلافة، يحاول استغلال هذه الأوضاع لصالحه. عندما أعلن أهل العراق مبايعة الإمام الحسن (عليه السلام) للخلافة، وتأييد ذلك من قبل أهل الحجاز واليمن وفارس، استنكر معاوية هذا الاختيار وأعلن في خطاباته ورسائله عزمه على التمرد وعدم الاعتراف بالإمام الحسن (عليه السلام) كخليفة للمسلمين.

كما أرسل معاوية جاسوسين إلى مدينتي الكوفة والبصرة لإضعاف حكم الإمام الحسن (عليه السلام)، ولكن الإمام اكتشف أمرهما فقام باعتقالهما وإعدامهما، وكتب رسالة إلى معاوية جاء فيها: "إنك ترسل رجالًا للمكر والخداع، وتُرسل جواسيس، وكأنك تحب الحرب وأنا أراها قريبة، فانتظرها إن شاء الله تعالى". فرد معاوية على رسالة الإمام الحسن (عليه السلام) مؤكدًا فضائل أهل البيت (عليهم السلام)، ولكنه اعتبر أن الحكم يحتاج إلى خبرة، وفضل نفسه على الإمام وطلب منه التسليم [٢٤]. وبعد فترة، تحرك معاوية بجيشه نحو العراق، وفي المقابل أعلن الإمام الحسن (عليه السلام) التعبئة العامة بين الناس ودعا المقاتلين من الكوفة وغيرها من المدن للدفاع ضد الهجوم المعادي. وعندما اصطفت الجيوش مقابل بعضها البعض ووقعت اشتباكات متفرقة، انشق بعض قادة جيش الإمام الحسن (عليه السلام)، وعلى رأسهم "عبيد الله بن عباس" الذي كان قائد الجيش، وانضموا إلى جيش معاوية، مما أضعف الروح المعنوية والقوة العسكرية لجيش الإمام [٢٥][٢٦].

وقام عملاء معاوية بنشر الشائعات والأكاذيب بين صفوف جيش الإمام الحسن (عليه السلام) وبين عامة الناس في المدن، مما أدى إلى إثارة الشكوك والاضطرابات في صفوف المجتمع الإسلامي والمقاتلين. حتى أن بعض الجنود هربوا ليلًا من المعسكرات، وقام بعض المغرر بهم من الخوارج بإثارة الفوضى في المدن الواقعة خلف خطوط الجبهة، وهاجموا معسكر الإمام الحسن (عليه السلام) في ساباط المدائن، ونهبوا وأحدثوا الفوضى، بل وحاولوا اغتيال الإمام الحسن (عليه السلام) مما أدى إلى إصابته بجروح بالغة.

كما أرسل بعض وجهاء العراق والحجاز وبعض قادة جيش الإمام الحسن (عليه السلام) رسائل سرية إلى معاوية يعلنون فيها طاعتهم وولاءهم، بل وعرضوا تسليم الإمام الحسن (عليه السلام) أو حتى قتله. وقد حاول الإمام الحسن (عليه السلام) أن يعيد الروح القتالية والرجولة إلى جنوده من خلال خطبته التي كشف فيها عن مؤامرات الأعداء، لكن النفاق والخيانة كانا قد استشرا في جيشه، مما أدى إلى تغيير ميزان القوة العسكرية بشكل كامل. في النهاية، اضطر الإمام الحسن (عليه السلام) إلى قبول صلح غير مرغوب فيه، حيث تنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان في 25 ربيع الأول أو في منتصف جمادى الأولى سنة 41 هـ، وفق شروط معينة، وانسحب من المشهد السياسي [٢٧].

شهادة الإمام حسن

الإمام الحسن وفقًا للقول المشهور، تم تسميمه في 28 صفر سنة 50 هجرية [٢٨] ترجمه الامام الحسن(علیه السلام) واستشهد، وقد ذكر بعض المؤرخين سنوات أخرى مثل 47و49 وكذلك 7 صفر كتواريخ محتملة لشهادته، وفقًا للرواية المشهورة، جعدة زوجة الإمام الحسن، وبتحريض من معاوية، قامت بتسميمه [٢٩]. معاوية، الذي كان يرى في الإمام عائقًا أمام تحقيق أهدافه في جعل الخلافة وراثية، أقنع جعدة بوعدها بالزواج من يزيد وإعطائها أموالًا طائلة مقابل قيامها بهذا الفعل [٣٠].

أراد أهل البيت (عليهم السلام) بناءً على وصية الإمام الحسن (ادفنوني عند أبي) أن يدفنوه بجوار قبر جده الرسول (صلى الله عليه وآله)، ولكن بني أمية بقيادة مروان بن الحكم حاكم المدينة[51]، وبمساعدة بعض زوجات النبي، منعوا ذلك [٣١]. كان بنو أمية يحملون في قلوبهم حقدًا بسبب دفن عثمان في حش كوكب (مقبرة اليهود)، فأقسموا على منع دفن الإمام الحسن بجوار النبي (صلى الله عليه وآله). استعد بنو هاشم لمواجهة بني أمية، ولكن الإمام الحسين (عليه السلام) بناءً على وصية أخيه الإمام الحسن منع المواجهة، وتم دفن الإمام الحسن في مقبرة البقيع. ورد في بعض الروايات أن سعيد بن العاص الأموي صلى على الإمام الحسن [٣٢].

بعض المؤرخين مثل ابن عربي (ت. 543 هـ) وابن تيمية (ت. 728 هـ)، وتأثرًا بهما ابن الجوزي والذهبي شككوا في أن معاوية كان وراء شهادة الإمام الحسن، أو أنكروا استشهاده على يد معاوية، قائلين إن الإمام الحسن تنازل عن الخلافة لمعاوية طواعية، وبالتالي لا داعي لتسميمه. بالإضافة إلى ذلك، فإن التسميم عمل سري، وإذا حدث فلا ينبغي أن يعلم به أحد. كما أن هناك شخصين، وتأثرًا بهما ابن خلدون، أنكروا شهادة الإمام دون أي دليل، فقط بدافع التعصب. في حين أن هناك إجماعًا على استشهاد الإمام الحسن بفعل معاوية [٣٣] وقد أكد العديد من المؤرخين تورط معاوية في شهادته [٣٤]. تم دفن الإمام الحسن ع في مقبرة البقيع بجوار قبر جدته فاطمة بنت أسد وعمه العباس (رضي الله عنهما). ووصف الخوارزمي قبة ومرقد الإمام الحسن بأنهما كانا أعلى وأفخم مبنى في المدينة. كان قبر الإمام الحسن ع وقبر عمه العباس، وكذلك قبرا الإمام زين العابدين والإمام الباقر (عليهما السلام)، تحت قبة واحدة. وقال الديار بكري عن شرف هذا المكان والقبة:"فلله دره من قبر ما أكرمه وأشرفه وأعلى قدره عند الله"[٣٥]. كما قال الفاسي عن مرقد الإمام الحسن: "كان للإمام الحسن (عليه السلام) مرقد وقبة عالية، بحيث لم يكن في المدينة مبنى أعلى منه" العقد الثمین، ج ۳، ص ۳۹۶. في سنة 95 هـ، أرسل مجد الملك البلاساني معماريًا من قم لبناء قبة فوق مرقد الإمام الحسن في المدينة. تم تدمير القبة فوق مرقد الإمام الحسن في 8 شوال سنة 1343 هـ على يد الوهابيين السعوديين [٣٦].

وصلات خارجیة

الهوامش

  1. نظم درر السمطين: 210
  2. سنن الترمذي: 508، ح 788.
  3. آل عمران/سوره3، آیه61.
  4. فضائل الصحابة: 776، ح 1374.
  5. فضائل الصحابة: 789، ح 1407.
  6. مسند أحمد 2: 634، ح 8180.
  7. مسند أحمد 2: 493، ح 7350.
  8. مسند أحمد 3: 349، ح 10510.
  9. مسند أحمد 5: 372، ح 18105
  10. تاریخ اهل البیت علیهم السلام، ص74 و75.
  11. اثبات الهداة، 2، 543- 554
  12. الکافی، ج1، ص297، ح 1
  13. اعیان الشیعة، ج1، ص571.
  14. مقاتل الطالبیین، ص45. الارشاد للمفید، ج2، ص14.
  15. شرح ابن ابی الحدید، ج16، ص16.
  16. الارشاد للمفید 2: 6،
  17. مناقب آل ابی طالب 4: 10
  18. امین، محسن، اعیان الشیعة 1: 563
  19. الحنبلی، احمد بن محمد، مسند احمد، ج۱، ص۵۰۱
  20. الحویزی، عبدعلی بن جمعه، تفسیر نور الثقلین، ج۵، ص۵۲۲
  21. المناقب آل أبی‌طالب علیهم‌السلام، ابن شهرآشوب، ج‌3، ص394
  22. المناقب آل أبی‌طالب علیهم‌السلام، ابن شهرآشوب، ج‌3، ص394
  23. محمد تقی المدرسی، هاديان طريق نور ج 4، ص10
  24. التشیع في مسیر تاریخ، حسین محمد جعفری، ص 162
  25. الشیخ مفید، الارشاد، ۱۴۱۳ق، ج۲، ص۱۱؛
  26. ابن اعثم، الفتوح، ۱۴۱۱ق، ج۴، ص۲۸۶
  27. جعفریان، حیات الفکری و السیاسی للائمه، ۱۳۸۱ش، ص۱۴۸-۱۵۵
  28. کشف الغمه، ج ۱، ص ۵۱۶؛
  29. کمال الدین، المقصد الاقصی فی ترجمه المستقصی، ص ۵۹۶
  30. حبیب السیره، ج ۲، ص ۳۱
  31. تذکره الخواص، ج ۲، ص ۶۵
  32. تاریخ الخمیس، ج ۲، ص ۲۹۳
  33. البدء و التاریخ، ج ۶، ص ۵،
  34. البدء و التاریخ، ج ۵، ص ۲۳۶
  35. تاریخ الخمیس فی أحوال أنفس النفیس، ج ۲، ص ۲۸۷
  36. تاریخ حرم ائمه البقیع(علیه السلام) و آثار اخرى في مدینه منوره، ص ۹۳