مراحل الإفتاء

من ویکي‌وحدت

مراحل الإفتاء: والمقصود بـ الإفتاء بيان الأحكام الشرعية فيما يتعلّق بأمور دنياهم وآخرتهم، وله مرحلتان نقدمها للقارئ الکريم.

مراحل الافتاء

الإفتاء ذو مرحلتين: [١]

المرحلة الأولى: مرحلة النقل

كان الإفتاء في هذه المرحلة يعتمد اُسلوب النقل والسماع من المعصوم، فيقوم الرواة بنقل ما سمعوه منه مشافهة أو بالواسطة من دون حاجة إلى إعمال نظر واستنباط، و المفتي في هذه المرحلة هو مجرّد ناقل للفتوى، ويقبل قوله بشرائط قبول الرواية.
فلم تكن هناك حاجة إلى بذل جهد أو إعمال فكر في تحصيل الحكم والفتوى الشرعية، بل كان شأنهم آنذاك هو الاستماع والاستفتاء منه(ص) مباشرة. [٢]
بل حتّى بعد وفاة النبي(ص) ظلّ الفقهاء يعتمدون في فتواهم على الاستلهام مباشرة من ظاهر الكتاب والسنّة من دون حاجة إلى إعمال أي نوع من أنواع الجهد العقلي. [٣]
حتّى إنّ علماء الشيعة في أثناء الغيبة الصغرى، وحتّى بدايات الغيبة الكبرى اتبعوا هذا المنحى في تأليف كتبهم، فأخذوا يفتون الناس بطريقة نقل الروايات وتدوينها مع مراعاة بعض الشروط في نقل الرواية وتمييز الصحيح والضعيف منها، فأخذ شكل نقل الرواية طريقا للإفتاء بها. [٤]
وأوّل من اتّبع هذا الأسلوب في الإفتاء هو علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (ت329هـ ) فألف كتاب «الشرائع» وتبعه ولده محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه (ت381هـ ) في كتابيه «المقنع» و«الهداية»، والشيخ المفيد (ت413هـ ) في «المقنعة» والشيخ الطوسي (ت460هـ ) في «النهاية» وعوملت تلك الكتب معاملة الأصول الحديثية، باعتبار أنّها مأخوذة من الروايات.

المرحلة الثانية: مرحلة الاجتهاد

الإفتاء في هذه المرحلة يعتمد على جملة من المقدّمات النظرية التي تدخل في عملية الاستنباط ولم يكن بوسع الفقيه أن يقوم بدور الإفتاء إلاّ بعد إعمال النظر والتدقيق في النصوص الشرعية وإعمال القواعد العامّة في الاستنباط. ومن هنا برزت الحاجة إلى سائر العلوم التي يحتاج إليها الفقيه في عملية الاستنباط كعلم اللغة والحديث والمنطق إضافة إلى علم الأصول، هذا مضافا إلى أنّ بروز حوادث مستجدّة ووقائع جديدة دعا إلى التفتيش عن حكمها بين عدد من نصوص الشارع وأصبح الاجتهاد هو الطريق الضروري لاستكشاف تلك الحوادث، والمفتي في هذه المرحلة هو من يستنبط الحكم الشرعي من أدلّته ولذلك تجد أصوليي الشيعة وفقهاءهم لايتطرّقون إلى المباحث المتعلّقة بالإفتاء إلاّ في ضمن مباحث الاجتهاد.
والسبب في تعقيد هذه المرحلة هو الابتعاد الزماني عن عصر النصّ ممّا يؤدي إلى اكتناف النصوص بجملة من الإشكالات ووقوع التعارض فيما بينها «حتّى أضحت الهوّة عميقة بين من تصدّى للإفتاء في العصور الأولى ومن تصدّى له في العصور المتأخّرة، لايجمعها سوى لفظ الإفتاء مع اختلافهم في سعة التفكير وضيقه، وقلّة القواعد المستفادة وكثرتها».[٥]
والكلام في «الإفتاء» إنّما يتناول هذه المرحلة.

الهوامش

  1. أنظر: تاريخ التشريع الإسلامي الخضري: 82، المدخل الفقهي العام 1: 156، التنقيح في شرح العروة الوثقى 1: 87 ـ 88، المعالم الجديدة للأصول: 63 وما بعدها.
  2. أنظر: المدخل الفقهي العام 1: 156.
  3. أنظر: تاريخ التشريع الإسلامي: 83.
  4. أنظر: الحدائق الناضرة 17: 82 و23: 583.
  5. تاريخ الفقه الإسلامي وادواره: 26.