محمد البشير الإبراهيمي
الاسم | محمّد البشير الإبراهيمي |
---|---|
الاسم الکامل | محمّد بشير عمر الإبراهيمي |
تاريخ الولادة | 1889م/1306ق |
محل الولادة | اولاد ابراهیم (الجزائر) |
تاريخ الوفاة | 1965م /1384ق |
المهنة | کاتب،ادیب،شاعر |
الأساتید | |
الآثار | شعب الإيمان، التسمية بالمصدر، أسرار الضمائر العربية، كاهنة أوراس، حكمة مشروعية الزكاة في الإسلام،الاطراد والشذوذ في العربية،النقايات والنفايات في لغة العرب و... |
المذهب | مالکی |
محمّد بشير عمر الإبراهيمي: عالم جزائري شهير، ورجل من رجال الإصلاح الإسلامي.
الولادة
ولد سنة 1889 م بريف الجزائر (القسنطينة)، ودرس العلوم الإسلامية، وأصبح شيخاً وهو في سنّ الصبا، وزار عدّة بلدان إسلامية كالمدينة ودمشق لغرض التفقّه والاطّلاع على أُمور المسلمين وإصلاح شؤونهم.
النشاطات
أسّس بالاشتراك مع رفيق دربه الشيخ عبدالحميد بن باديس جمعية العلماء المسلمين الجزائريّين سنة 1931 م لمناهضة الاستعمار الفرنسي الذي كان جاثماً على صدر الجزائر آنذاك، وغدا نائباً لها، فاعتقل في سجن آفلو بصحراء وهران سنة 1940 م، وأُطلق سراحه عام 1943 م بعد وفاة ابن باديس، فانتخبه رجال الجمعية رئيساً لها.
وبهدف نشر اللغة العربية أنشأ في عام واحد 73 مدرسة ومكتبة، فزجّ به في السجن العسكري سنة 1945 م وعذّب، ثمّ أُفرج عنه، فزار مصر واستقرّ بها سنة 1952 م، ثمّ عاد إلى بلاده بعد استقلالها.
كان من أعضاء المجامع العلمية العربية في القاهرة ودمشق وبغداد، وله ملحمة شعرية في 36 ألف بيت بعنوان «تاريخ الإسلام والمجتمع الجزائري والانتماء».
من كتبه: شعب الإيمان، التسمية بالمصدر، أسرار الضمائر العربية، كاهنة أوراس، نشر الطي من أعمال عبد الحي.
رَأَسَ تحرير جريدة «البصائر»، وتوفّي سنة 1965 م.
يعدّ من روّاد التقريب ورجالات الإصلاح في العالم الإسلامي، وقد كانت له مراسلات مع الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء رحمه الله.
هذا، والإصلاح أمر فطري تسعى إليه النفوس جاهدة من أجل تحقيقه في حياتها الفردية والاجتماعية؛ للوصول إلى سعادة دنيوية وأُخروية باستخدام كلّ السبل الإنسانية المشروعة.
النشاطات التقريبية
لكن شعار الإصلاح سيف ذو حدّين، فهو شعار القادة المصلحين الواعين، والناشرين شرعة الحقّ، والمبلّغين لرسالات اللَّه، والأُمناء الأخيار أو الأولياء الصلحاء والعلماء الأبرار الذين بذلوا الجهد والمهج من أجل تغيير النفوس ثمّ المجتمعات لإقامة العدل والإنصاف
ونبذ الظلم والإجحاف وبثّ الوعي في عقول أبناء أُمّتهم والإيمان في قلوبهم. والإصلاح أيضاً كان شعار المستعمرين الغزاة الذين قتلوا العباد وخرّبوا البلاد ونشروا الفساد ونهبوا الثورات وزرعوا الفرقة والشتات باسم الإصلاح وأسقطوا الدولة الإسلامية وحوّلوا الوطن الإسلامي إلى دويلات والأُمّة الاسلامية إلى شعوب، تُفتَرَس كلّ يوم من سبع استعماري ضارّ، تحت عناوين مختلفة كالقومية تارةً والشيوعية أُخرى والديمقراطية... وما إلى ذلك من وجوه وصور مبرّزة لما يسمّونه الطغاة والغاصبون بالإصلاح الذي ليس هو إلّاالإفساد الاجتماعي والثقافي والحضاري بكلّ ما تحمل الكلمات من معانيها.
فما زالت الصرخة الإصلاحية للإمام البشير الابراهيمي تدوّي في سماء الأحرار والمصلحين من بعده: «يا ويح الجهلة، أيريدون من كلمة الإصلاح أن نقول للمسلم قل: لا إله إلّااللَّه مذعناً طائعاً، وصلّ لربّك أوّاهاً خاشعاً، وصم له مبتهلًا ضارعاً، وحجّ بيت اللَّه أوّاباً راجعاً، ثمّ كن ما شئت نهبة للناهب، وغنيمة للغاصب، ومطية ذلولًا للراكب؟! إن كان هذا ما يريدون كلّا، ولا قرّة عين! وإنّما نقول للمسلم إذا فصّلنا: كن رجلًا عزيزاً، قوياً، عالماً، هادياً، محسناً، كسوباً، معطياً من نفسك، آخذاً لها، عارفاً بالحياة، سبّاقاً في ميادينها، صادقاً، صاراً، هيّناً إذا أُريد منك الخير، صلباً إذا أُريد منك الشرّ. ونقول به إذا أجملنا: كن مسلماً كما يريد من القرآن، وكفى».
وعن دوره الإصلاحي في المجتمع الجزائري يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
«وكان هدف الشيخ الإبراهيمي من عمله الإصلاحي الكبير الذي بدأه مع ابن باديس ورفقائه في الدرب، هو إعداد الشعب الجزائري المسلم ليوم لاريب فيه، وهو يوم التحرّر من الاستعمار الفرنسي الاستيطاني المتغطرس الذي طال ليله وطمّ سيله. ولن يحرّر الوطن الجزائري من نير الاستعمار إلّاالشعب الجزائري، ولن يتمّ ذلك إلّاإذا حرّرنا نفسية الشعب من الخنوع للمستعمر، ومن التبعية لثقافته، ومن اليأس من مقاومته. وحينئذٍ سيتحوّل هذا الشعب كلّه إلى جنود للكفاح، بل إلى أبطال تنشد الجهاد والاستشهاد، حين تحلّ العقدة، وتتحكّم العقيدة، وتتضّح الغاية، وتستبين الطريق، وتستحكم العزيمة، ويسود قبل ذلك
كلّه: الإيمان باللَّه، والثقة بنصره، والإيمان بأنّ الحقّ مع الشعب المجاهد، وأنّ الباطن مع العدوّ والمستعمر، وأنّ الحقّ لا بدّ أن ينتصر على الباطل «بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ» (سورة الأنبياء: 18)، كان لا بدّ من غرس العزّة في الأنفس، واليقين في السرائر، والأمل في القلوب، والبغض للذلّ والخنوع، والشعور بالسيادة، والتوق إلى الحرّية».
ويرى الشيخ مختار السلامي رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في تونس سابقاً أنّ آراء الإصلاح كانت إحدى ركائز شخصية الإمام الإبراهيمي، وجد فيها صدى نفسه، ومتنفّس، وصورة أمينة لما بلغته مداركه، فامتزج بها، ودافع عنها، وجعلها إحدى ركائز في الجهاد، يقول: «لا نزاع في أنّ أوّل صيحة ارتفعت في العالم الإسلامي بلزوم الإصلاح الديني والعلمي في الجيل السابق لجيلنا هي صيحة إمام المصلحين الأُستاذ الإمام الشيخ محمّد عبده، وأنّه أندى الأئمّة المصلحين صوتاً، وأبعدهم صيتاً في عالم الإصلاح... كانت تلك الصيحة الداوية في فم ذلك المصلح العظيم صاخّة لآذان المتربّصين بالإسلام، ولآذان المبطلين، ولآذان الجامدين من العلماء».
وفي الحديث عن الدور الإصلاحي للإمام البشير الإبراهيمي يستطرق المفكّر الإسلامي الدكتور محمّد عمارة قائلّا: «إنّ الإصلاح الديني بواسطة العلماء المخلصين هو الذي يجعل لصولة العلماء الأولوية والغلبة على صولة الملك... وهو الذي يجعل للعلم سلطنته وسلاطين يغالبون ويغلبون سلاطين الجور والفساد... وهو الذي يجعل تجديد الدين السبيل إلى تجديد الدنيا، وهو الذي يهيّئ النفوس ومن ثمّ المجتمعات لتقبّل السياسات والقوانين والنظم وبرامج الأحزاب والحكومات؛ لأنّها جميعاً آليات لإشاعة الأُصول وترسيخها في المجتمعات، وما البدء بعكس هذا المنهاج- أي: تقديم الفروع على الأُصول والاكتفاء بسياسات الفروع في تجديد الثوابت وتأكيد الهويات- إلّاحرث في البحر، ونقش على الماء، وبناء في الهواء، مهما حسنت نوايا الذين ينحرفون إلى هذا السبيل».
هذا، ويشيد الإمام البشير بالعلماء الحقيقيّين الذين هزّوا النفوس الجامدة، وحرّكوا العقول الراكدة، قوّالون للحقّ لا يخافون في اللَّه لومة لائم. ويكتب بمناسبة الاحتفال بذكر الإمام جمال الدين الأفغاني الأسد آبادي عام 1957 م قائلًا: «إنّ البرّ بأنفسنا أن نذكر مع كلّ شارقة عظماءنا ومصلحينا الذين كان لهم أثر مشرق في تاريخنا، وأن نحيي ذكرياتهم؛ لنحيا بها، ونأخذ العبر منها، وندعلها دليلنا إذا اظلمّت علينا السبل، وقدوتنا إذا أعوزنا الإمام القائد...».
يقول أحد المفكّرين: «كان الإسلام هو المرجعية الأُولى بل المرجعية الوحيدة للإبراهيمي وجماعته، وهو أمر طبيعي لا غرابة فيه ولا دهشة منه، بل الغريب أن تكون له مرجعية أُخرى غير الإسلام! فالرجل عالم مسلم، حفظ القرآن منذ صباه، وقرأ الحديث ودرس التوحيد والفقه والأُصول وسائر علوم الإسلام، ونبغ فيها، وأمسى معلّماً لها وداعياً، فلا يتصوّر منه أن يتّخذ مرجعاً غير الإسلام. ولكن ما مفهوم الإسلام الذي يؤمن به الشيخ ويدعو إليه ويذود عن شبهات المرتابين وأكاذيب المفترين؟ إنّه ليس الإسلام الذي شابته شوائب الأزمنة والأمكنة والأعراق المتباينة، فكدّرت صفاءه وغبّشت ضياءه... إنّه ليس للإسلام مذهب من المذاهب، ولا طائفة من الطوائف، ولا قطر من الأقطار، ولا عصر من الأعصار... إنّه «الإسلام الأوّل» إسلام القرآن الكريم والسنّة الصحيحة، إسلام الرسول الكريم وصحابته الميامين وتلاميذهم الأخيار من التابعين... إنّه إسلام القوّة لا الضعف، وإسلام التجديد لا الجمود، وإسلام الحرّية لا القيود، وإسلام القوّة والكرامة لا الذلّة والمهانة. لقد حرص الإبراهيمي أن يبيّن باستمرار رسوخ الإسلام في الجزائر رسوخ الجبال الشمّ، وأنّه أصل أُصول حياتها، وأنّه منها بمثابة الروح من الجسد، إذا انفصل أحدهما عن الآخر فمعناه الموت. يقول في مقالة له: «إنّ الاسلام في الجزائر ثابت ثبوت الرواسي، متين القواعد والأواسي، قد جلى الإصلاح حقائقه فكان له منه كفيل مؤتمن، واستنار بصائر المصلحين بنوره فكان له منهم حارس يقظ، وأعاد كتابه «القرآن» إلى منزلته في الإمامة فكان له منه الحمى الذي لا يطرق والسياج الذي لا يخرق»....».
ويقول الشيخ مختار السلامي- وذلك بعد ذكره لأهمّ ركائز شخصية الإمام الإبراهيمي-: «تكاملت شخصية الإمام محمّد البشير الفكرية والعلمية بكلّ ما قدّمناه، وقد بدأ يخرج من محيط التلقّي إلى يفاع الإفادة منذ بواكير شبابه في الجزائر قبل أن يرحل إلى المدينة، وكذلك في المدينة المنوّرة، فقد كان يجلس إلى الشيوخ للأخذ عنهم، ويقوم بالتدريس، ويأخذ عنه طلبة العلم. وقد تتبّعت كثيراً ممّا جاد به قلمه وجرى على لسانه، فتبيّن لي أنّه رحمه الله يصدر عن ثوابت لا تكاد تخفى فيما كتبه ونشره وحاضر به وقرّره، لا تكاد تتمثّل هذه الثوابت في:
أوّلًا: القرآن الكريم، لقد ألِفَ القرآن الكريم وألَفَهُ القرآن، وامتزجت روحه ومداركه بحقائقه، وصقل ذوقه وفكره بأُسلوبه وبيانه، وأثرت لغة القرآن زاده اللغوي، فالكلمات القرآنية المشحونة المدوّية المزلزلة تتأتّى له أنيسة طبعه وكلامه، والحجج القرآنية تسرع إليه تتنزّل في منزلتها غير نابية ولا مفتعلة، فإذا هي قوّته المؤيّدة في الدعوة والبيان، وسلاحه الماضي في إفحام خصومه، وسريان سلطان الحقّ الداحض للباطل والشبه والظلم والتعسّف، والقرآن يحلّي بيانه بما يقتبسه من كلام ربّ العزّة، فيدخله في النسيج العامّ بقوي إشعاعه وبديع جماله.
ثانياً: التمسّك بالدين مصفّى ممّا امتزج به من البدع عبر العصور، فهو ملتزم بالمنهج الإسلامي المستند إلى السنّة النبوية، يدافع عنه ويعلنه إعلاناً واضحاً، ويرجع دوماً إلى تلكم الطريقة في فهم الدين والدعوة إليه.
ثالثاً: إيمانه بالعربية لغة وجامعة وحمّالة دقيق المعاني وأعمق ما يجري في باطن الإنسان من مشاعر وأحاسيس وتفكير.
رابعاً: إيمانه بالأُخوّة الإسلامية مع تجذّره في المنبت الجزائري، فقد كانت قضية الجزائر ومقاومة الظلم الاستعماري وافتكاك الحقّ الجزائري من براثن التسلّط الفرنسي وعمله على أن تبقى الجزائر حرّة مسلمة عربية، قد استقرّ ذلك في نفسه استقراراً لازمه ولا يكاد يغفل عنه، ودافع عنه دفاعاً هو هالة من شرف الجهاد يبقى حيّاً وإن تقلّبت الظروف
وتحوّلت الأحوال.
خامساً: إيمانه بأنّه يتحمّل مسؤولية إصلاح أوضاع العالم الاسلامي بصفة عامّة والجزائر بصفة خاصّة، فهو لا يرقب الأحداث من الخارج، وإنّما يقدّر دوره أنّه أحد عمد التأثير فيها
سادساً: إيمانه بأنّ سنن الكون هي سنن ثابتة تقتضي ممّن يتحمّل المسؤولية أن يتأمّل في الطريقة التي تجري عليها الأحداث، فلا يخدع بما يضلّل الناظر من الفقاقيع التي تتعجّل بالبروز إلى السطح».
المراجع
(انظر ترجمته في: الأعلام للزركلي 6: 54، موسوعة السياسة 6: 77، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين 1: 251- 268، عظماء الإسلام: 322، من أعلام الإحياء الإسلامي: 121- 158، معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة 3: 983- 984، نثر الجواهر والدرر 2: 1085- 1086، معجم الشعراء للجبوري 4: 343- 344، رجالات التقريب: 106- 125، موسوعة الأعلام 1: 8- 9، المعجم الوسيط فيما يخصّ الوحدة والتقريب 2: 87).