محمد كمال الدين السنانيري

من ویکي‌وحدت
محمد كمال الدين السنانيري
الاسم محمّد كمال الدين السنانيري‏
الاسم الکامل محمّد كمال الدين بن محمّد علي السنانيري
تاريخ الولادة 1918م / 1336هـ
محل الولادة القاهرة / مصر
تاريخ الوفاة 1981م / 1401هـ
المهنة الداعية، المجاهد
الأساتید ثبت نشده
الآثار ثبت نشده
المذهب سني

محمّد كمال الدين بن محمّد علي السنانيري: الداعية، المجاهد، الصابر، الزاهد، الشهيد.

قضاء العمر في السجن

سجن في مصر أكثر من عشرين عاماً، وانتقل إلى ميدان الجهاد في أفغانستان ضدّ الروس، والذي أعطاه جهده وطاقته، وبذل أقصى ما يستطيع لدعمه ورفده، وإصلاح ذات البين بين قادته الذين أحبّوه جميعاً... وكانت له جولات في البلاد العربية والإسلامية.
وبعد عودته من أفغانستان إلى بلده، اعتُقل وصُبّ عليه العذاب لمعرفة دوره في الجهاد الأفغاني ودور من معه، ولكن استعصى عليهم ذلك، فظلّوا يعذّبونه حتّى لفظ أنفاسه الأخيرة، ولقي ربّه شهيداً في الثامن من شهر كانون الأوّل سنة 1981 م.

الولادة

ولد في الحادي عشر من آذار سنة 1918 م، وفي عام 1934 م حصل على الثانوية العامّة، والتحق بوزارة الصحّة في قسم مكافحة الملاريا.

النشاطات

في عام 1938 م ترك العمل في الصحّة، وأراد الالتحاق بإحدى الجامعات الأميركية لدراسة الصيدلة للعمل في صيدلية الاستقلال التي يملكها والده، إلّاأنّ أحد علماء الدين أقنعه بعدم السفر إلى أمريكا، بعد أن هيّأ حقيبة السفر وباع أثاث بيته واتّجه إلى الإسكندرية لركوب الباخرة المتّجهة إلى هناك.
انضمّ إلى جماعة الإخوان المسلمين في أوائل الأربعينات، وتزوّج قبل اعتقاله، ورزقه اللَّه ببنت. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية عمل في ميناء شبه حربي كانت تنزل فيه معدّات جيوش الحلفاء وتمويناتهم، واسم هذا الميناء «أبو سلطان»، وكان من ضمن‏
المعتقلين في عام 1954 م (اعتُقل في الشهر العاشر)، وحكمت عليه المحكمة التي أنشأها عبدالناصر بالسجن، فتوفّيت ابنته بعد الحكم عليه بشهر، وسعى أهل زوجته ليطلّقها، فطلّقها وهو في السجن الذي أمضى فيه كامل الحكم، حتّى أُفرج عنه في شهر يناير سنة 1973 م.
أُصيبت أُذنه بأذى من شدّة التعذيب، فنقل إلى مستشفى القصر العيني، وكان يحمد اللَّه بعد خروجه من السجن؛ لأنّه صار يسمع بأُذنه المصابة أفضل ممّا يسمع بأُذنه السليمة!
ومن شدّة التعذيب الذي لاقاه في السجن أنّ شقيقاً لزوجته السابقة أُصيب بالذهول من فظائع التعذيب حتّى جُنّ ونقل إلى مستشفى الأمراض العصبية!
في فترة سجنه عقد قرانه على شقيقة المفكر الإسلامي سيّد قطب «أمينة»، وتزوّج بها بعد خروجه من السجن في عام 1973 م، ولم يرزق منها بأطفال.
لم يكن يميل إلى الاستقرار في مكان واحد، وكان حبّه لدعوته يجعله كثير التنقّل والأسفار، ولهذا لم يقتنِ شقّة وأثاث بيت، يقيم أحياناً عند شقيقته الكبرى‏ الأرملة التي قلّما كانت تبقى في بيتها لزياراتها إلى الأهل وأفراد الأُسرة. وكانت شقّة أُخته قريبة من إدارة تحرير مجلّة «الدعوة» في عابدين.
كان بطبعه لا يحبّ المظهرية، ويميل إلى البساطة... يرتدي القميص والبنطال، ويطلق لحيته، ويحبّ البسطاء من الناس... يعظهم ويجمعهم حول عقيدتهم نقية من البدع والشوائب.
حاولت أُمّه أن تقنعه بكتابة رسالة استعطاف للحاكم، فأبى‏ ذلك، وحذّر أهله أن يكتبوا هكذا رسالة، وقال لوالدته: «كيف يكون موقفي بين يدي اللَّه إذا أرسلت هذه الرسالة وقبضت الليلة؟! أأموت على الشرك؟!».
وكانت والدته وشقيقته الكبرى‏ تواظبان على حضور جلسات محاكمته في عام 1954 م، وفي الجلسة الأُولى لم تتعرّف عليه والدته؛ لما أصابه من التعذيب! فسألت ابنتها:
«أين أخوك»؟! فقالت لها: «الذي في القفص»، فردّت عليها الأُمّ: «لا يا بنتي، أنا (عبيطة)
حتّى لا أعرفه»! وكان ظهر وقد نحف جسمه حتّى باتت ثيابه فضفاضة عليه، وحلقوا شعر رأسه، وكسروا فكّه حتّى تغيّر كلامه، وبقيت والدته في تلك الجلسة مصرّة على أنّ هذا ليس ابنها كمالًا!
وكان زاهداً في الحياة، يقوم الليل، ويصوم الأيّام الطويلة (يصوم يوماً ويفطر يوماً) وعاش في السجون لا يلبس إلّاالثياب الخشنة، وحتّى الثياب الداخلية التي كان لكلّ سجين حقّ شرائها من مقصف السجن يرفضها... ليعيش متجرّداً من كلّ ما يعتبره ضابط السجن منّة توهب للسجين ترغيباً، أو يحرم منها ترهيباً... ورجل هذه حياته وهذا زهده لم يكن غريباً أن يأبى ما يطلبه منه ضبّاط السجن وضبّاط المباحث طوال مدّة سجنه من تأييد نظام حكم عبدالناصر... ولم يكن يشكّل صموده في هذا الموقف صراعاً نفسياً يدعوه إلى الحفاظ على زوجته الأُولى حين امتدّت به الأيّام وثقلت بها تبعات الأعوام، فقد كان يرى- مع ذلك- أنّ الإبقاء على ربّه أغلى من الإبقاء على بيته.

أوصاف الآخرين فيه

وكتب في وصفه المستشار عبداللَّه العقيل- وقد عرفه عن قرب- فقال: «هو الأخ الحبيب والخلّ الوفي، والتقي الورع، المسلم الصادق، والداعية المجاهد، والمؤمن الصابر، والرجل الصلب، المعدن النفيس، العامل بصمت، الصوّام القوّام، التالي الذاكر،
الذي ضرب أروع الأمثلة في الثبات على الأمر، والجرأة في الحقّ، والصبر على البلاء، فكان المثل لإخوانه الدعاة داخل السجون. كان السنانيري التلميذ الوفي لمبادئ شيخه وأُستاذه الإمام الشهيد حسن البنّا، والذي وعى الدرس من أوّل مرّة، وأدرك بأنّ طريق الدعوة محفوف بالمخاطر ملي‏ء بالأشواك؛ لأنّه الطريق إلى الجنّة المحفوفة بالمكاره... لقد كان يردّد على ظهر قلب ما كتبه الشيخ لتلاميذه حيث قال: سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام أمامكم، وسيحاربكم العلماء الرسميّون السائرون في ركاب السلطة، وستحاول كلّ حكومة أن تحدّ من نشاطكم وأن تضع العراقيل في طريقكم،
وستستعين بذوي النفوس الضعيفة والقلوب المريضة والأيدي الممتدّة إليها بالسؤال وإليكم بالإساءة والعدوان، فتسجنون وتعتقلون وتشرّدون، وتفتش بيوتكم، وتصادر مصالحكم، ويروّع أطفالكم، وتنهب أموالكم، وتثار
ضدّكم الاتّهامات الظالمة والافتراءات الكاذبة؛ لتشويه سمعتكم، والنيل من أقداركم، وقد يطول بكم مدى هذا الامتحان، وعند ذلك فقط تكونون قد بدأتم تسلكون طريق أصحاب الدعوات.... إلخ. وكان الأُستاذ السنانيري يترجم هذا الكلام إلى واقع حي مشاهد، عاشه هو وإخوانه قرابة ربع قرن في غياهب السجون وظلمات الزنانزين وتحت سياط الجلّادين».
ووصفه حسن الهضيبي بقوله: «تقديري لكمال؛ لأنّه رجل بكلّ ما تعنيه هذه الكلمة من معنى‏».
وكثيراً ما كان يتنقّل من بلد إلى بلد آخر؛ لجمع كلمة المسلمين في أوروبّا، أو لتوحيد صفوف المجاهدين في أفغانستان ضدّ الزحف الأحمر، كما سبق.


وكان أوّل تلك القصائد بعد استشهاده:
ما عدتُ أنتظر الرجوع ولا مواعيد المساء
ما عدتُ أحفلُ بالقطار يعود موفور الرجاء


ما عاد كلب الحي يزعجني بصوت أو عواء
وأخاف أن يلقاك مهتاجاً يزمجر في غباء
ما عدتُ أنتظر المجي‏ء أو الحديث ولا اللقاء
ما عدتُ أرقب وقع خطوك مقبلًا بعد انتهاء
وأُضي‏ءُ نور السلّم المشتاق يسعد بارتقاء
ما عدتُ أهرع حين تقبل باسماً رغم العناء
ويضي‏ء بيتي بالتحيّات المشعّة بالبهاء
ونعيد تعداد الدقائق كيف وافانا المساء
وينامُ جفني مطمئناً لا يؤرّقه بلاء
ما عاد يطرق مسمعي في الصبح صوتك في دعاء
ما عاد يرهف مسمعي صوت المؤذّن في فضاء
وإذا بفجري في غيابك يستحيل إلى بكاء
ما عاد قلبي يستجيب لأُمنيات أو رجاء
ما عادت الأيّام تشرق أو توسوس بالهناء
فقد انطوت في وهدة لرحيل عطف واحتواء
وتركتني أهوي مع الأيّام في صمت الشتاء
وأُسائل الدنيا: ألا من سامع منّي نداء
أتراه ذاك الشوق للجنّات أو حبّ السماء
أتراه ذاك الوعد عند اللَّه هل حان الوفاء
فمضيت كالمشتاق كالولهان حبّاً للنداء
وهل التقيت هناك بالأحباب ما لون اللقاء
في حضرة الديّان في الفردوس في فيض العطاء


أبدار حقّ قد تجمّعتم بأمن واحتماء
إن كان ذاك فمرحباً بالموت مرحى بالدماء
ولسوف ألقاكم هناك وتختفي دار الشقاء
ولسوف ألقاكم أجل، وعد يصدقه الوفاء
ونثاب أيّاماً قضيناها دموعاًوابتلاء
وسنحتمي بالخلد لا نخشى فراقاً أو فناء

الإستشهاد


قبض عليه في أوائل سبتمبر عام 1981 م عقب عودته من واشنطن مباشرة، وسقط شهيداً بيد جلّاديه تحت التعذيب يحاولون انتزاع ما يرضيهم من الطعن في الجماعات الإسلامية، ولكنّه استمرّ يقول: «إنّ السادات قد فتح قبره بيديه بتوقيعه معاهدة الذلّ (كامب ديفيد) التي تقضي بتسليم رقاب الشعب المصري المسلم لإسرائيل وأمريكا، وبافترائه على الإسلام ودعاته».
وقد اشترط قتلته لاستلام جسده أن يدفن بغير عزاء ولا تشييع، وهكذا كان! وإذا كان رثاء الزوجات لأزواجهنّ نادراً في الشعر، فقد رثته زوجته أمينة قطب في أكثر من قصيدة، وكان لها قصيدة حزينة مؤثّرة في ذكرى كلّ سنة بعد استشهاده، وعلى مدى سنوات طويلة نشرت في مجلّة «المجتمع الكويتية»، ولو أنّها جمعت في ديوان لكان حدثاً في دنيا الشعر المعاصر، على حدّ تعبير أحد المؤلّفين.

المراجع

(انظر ترجمته في: عظماء الإسلام: 296، تتمّة الأعلام 2: 211- 212، نثر الجواهر والدرر 2: 2109- 2111).