محمد عبده

من ویکي‌وحدت
محمد عبده
الاسم محمّد عبده‏
الاسم الکامل محمّد عبده‏
تاريخ الولادة 1849م/1266ق
محل الولادة محلة نصر (مصر)
تاريخ الوفاة 1905م/1323ق
المهنة عالم دین، مفتی ،متفکر و مصلح اجتماعی
الأساتید شیخ حسن الطویل ، سید جمال الدین اسدآبادی
الآثار تفسير القرآن الكريم، شرح نهج البلاغة، الإسلام والردّ على منتقديه، الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية، مقتبس السياسة، التربية، رسالة التوحيد، علم الاجتماع والعمران، إصلاح المحاكم الشرعية، شرح مقامات البديع الهمذاني
المذهب سنی

محمد عبده عالم شهير، ومفتي الديار المصرية، وأحد كبار رجال الإصلاح والوحدة والتجديد.

الولادة

ولد الإمام الشيخ محمّد بن عبدُه بن حسن خير اللَّه المصري في قرية «محلّة نصر» من توابع محافظة البحيرة سنة 1266 ه، ونشأ في تلك المحلّة.

الدراسة

تعلّم بالجامع الأحمدي بطنطا، والتحق بالأزهر عام 1282 ه، فأخذ من علمائه، وأكبّ على المطالعة والتحصيل بنفسه، واتّصل بالمصلح الكبير السيّد جمال الدين الأفغاني الذي ورد مصر سنة 1288 ه، فحضر عليه في الكلام والفلسفة والمنطق، وتأثّر بآرائه في السياسة والاجتماع.

النشاطات

انخرط في سلك المدرّسين بالمدارس الأميرية، فعزلته الحكومة مخافة انتشار أفكاره وآرائه بين التلاميذ. وتولّى تحرير جريدة «الوقائع المصرية»، وسعى إلى بثّ الوعي وإلهاب العواطف بقلمه ولسانه ضدّ طغيان الحكّام وفساد أجهزتهم، وناصر الحركة الوطنية على عهد أحمد عرابي، فسجن ثلاثة أشهر، ثمّ حكم عليه بالنفي عام 1299 ه، فاختار الإقامة في سوريا، ثمّ سافر إلى باريس، فأصدر مع أُستاذه وصديقه السيّد الأفغاني صحيفة «العروة الوثقى».
رجع إلى مصر سنة 1306 ه، فتولّى منصب القضاء، ثمّ عيّن مستشاراً في محكمة الاستئناف الأهلية سنة 1891 م، وعضواً في مجلس الأزهر الأعلى، ثمّ أُسندت إليه رئاسة
الإفتاء في الديار المصرية عام 1317 ه، كما كان عضواً في مجلس شورى‏ القوانين سنة 1317 ه، وعضواً مؤسّساً في «الجمعية الخيرية الإسلامية» سنة 1310 ه، ورئيساً لها سنة 1318 ه، ومؤسّساً لجمعية «إحياء الكتب العربية» سنة 1318 ه.
كان يلقي المحاضرات في التفسير والمنطق والفلسفة، ولا يكفّ عن الدعوة إلى تحرير الأفكار من نير التقليد وإلى تحرير الشعب فكرياً ووطنياً من قيود الاستعمار والجهل والاستبداد والجمود، وذلك من خلال إحداث نهضة علمية ودينية في الأزهر. وقد لاقى‏ في سبيل نشر أفكاره هنتاً وكيداً من المتزمّتين والجامدين، الأمر الذي اضطرّه إلى الاستقالة من منصبه في الأزهر عام 1323 ه، وووافاه أجله في العام المتقدّم نفسه.

التأليفات

وقد ترك الإمام عبده مجموعة من المصنّفات، منها: تفسير القرآن الكريم، شرح نهج البلاغة، الإسلام والردّ على منتقديه، الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية، مقتبس السياسة، التربية، رسالة التوحيد، علم الاجتماع والعمران، إصلاح المحاكم الشرعية، شرح مقامات البديع الهمذاني.
وقد كانت آراء الشيخ الفقهية تتميّز بالحرّية في اختيار الأقوال، فلم تكن تتميّز بالتعصّب لطائفة دون أُخرى، فقد سعى إلى التقريب بين المذاهب نابذاً الحسّاسية، وكان يدعو إلى وحدة الأديان فضلًا عن وحدة المذاهب، ومن هنا أسّس في بيروت مركزاً تحت عنوان «جمعية التقريب بين الأديان والمذاهب»، فاستقطب شخصيات كبيرة من علماء وأُدباء ومثقّفين من شتّى المذاهب والأديان.
وكان عبده رجل تثقيف واعتدال في العمل، ويرى أنّ السبيل لحرّية المسلمين يتمّ من خلال التربية الأخلاقية والدينية، وكان يؤمن بضرورة العودة إلى المنابع الأصلية للفكر الديني وتنسيق الأحكام مع متطلّبات العصر، والابتعاد عن التكتّل الطائفي، والتأكيد على إحياء الاجتهاد.

سيرته الوحدوية

لقد اتّبع الشيخ عبده في حياته الفكرية أُسلوباً وسطاً ومحافظاً في طريق الوحدة، فهو الفقيه البنّاء الذي يُؤثر تربية العقول على تجييش الغضب، لكن في فكرة عمله المشترك مع‏
أُستاذه السيّد جمال الدين تأثّر بأُسلوبه. ومع ما يقال فإنّ الشيخ لن يتخلّى يوماً عن الأهداف السياسية العامّة لأُستاذه.
ونظراً لما يحمل من عمق فكري وتجربة عملية ورأي وقّاد نهج الأُسلوب التعليمي والتثقيفي لإقامة تغيير فكري وإصلاح ثقافي في أوساط المجتمع الإسلامي ببذل الجهد المتواصل في طريق إقامة الحكومة الإسلامية وتوحيد الصفّ بين أبناء الأُمّة الإسلامية.
برأي الشيخ عبده- وذلك كما جاء في «رسالة التوحيد»- أنّ المسلمين الأوائل بعد إعلامهم التآخي بين العقل والدين بأمر من القرآن الكريم وصلوا إلى مرتبة التوحيد، ونظراً لانشغال المسلمين (في زمن الخليفتين الأوّلين) في بناء الحكومة الإسلامية وتثبيت أركانها لم تتح لهم الفرصة لتقوية المبادئ العقلية الإيمانية، وفي حين ظهور أيّ اختلاف في المسائل العقائدية والفقهية الفرعية التي هي الأكثر كان الرجوع فيها إلى الخليفة ثمّ الحلّ.
لكن الحوادث التي وقعت في زمن الخليفة الثالث والتي نتيجتها الفتنة الكبرى‏ كما قد تسمّى‏ ممّا أدّى إلى تخطّي الحدود الشرعية وقتل الخليفة، عند ذلك وقع الاختلاف والانقسام بين المسلمين،
كما يرى الشيخ، فازدهر سوق جعل الحديث واختراع الروايات والتأويلات، وقام البعض بتكفير البعض الآخر، وقد حصل هذا الأمر في زمن كان الإسلام قد دخل إلى الشعوب الأُخرى وأصبحت جزءاً من الجسد الإسلامي الكبير. لكن رغم نشاط كثير من الشخصيات العلمية المتمسّكة بالعقل والنقل نلاحظ أنّ بعض العناصر المتظاهرة بالصلاح والإصلاح جلبت أفكار منحرفة متداولة قبل الإسلام، وأقاموا الشبهات والشكوك في أوساط المجتمع الإسلامي، ممّا استوجب النزاع بين أصحاب العقل والنقل آنذاك،
فالإفراط والتفريط في تقديم الحلول لكلا الطرفين أوجد تقابلًا بين العقل والشرع أو العقل والإيمان، وبعد مزج الفلسفة بعلم الكلام وإنتاج علم واحد كانت أرضية التقليد قد استحكمت شيئاً فشيئاً، وأخذ التقليد مكان العقل، وأدّى إلى التوقّف في مسيرة التطوّر العلمي لدى المسلمين.
فإنّ الطرح الذي قدّمه الشيخ عبده بشكل بسيط وبعيداً عن الزوائد والتمظهر نال إعجاب المفكّرين والعامّة؛ لأنّ القصد منه التأكيد على أنّ التعقّل والتفقّه‏
فريضة على كلّ مسلم؛ فالحديث عن الوجود والقدرة والتوحيد أو الحديث عن النبوّة والوحي أو حرّية الإرادة الإنسانية والعمل الصالح والمحبّة و.... كلّها تنبع من المقدّمات والمبادئ العقلية.
يقول الشيخ محمّد عبده: «إنّ في الإسلام من ضروب الهداية ما يعدّ من الأُصول الخاصّة بالإسلام كبناء العقائد في القرآن على البراهين العقلية، وبناء الأحكام الأدبية والعملية على قواعد المصالح والمنافع ودفع المضار».
لقد أدرك عبده ما تدركه الأُمّة كلّما كرثتها كارثة ألّانجاة لها إلّاالرجوع إلى شريعتها والحفاظ على قيمها الذاتية ومقاومة الفساد.
بذل الشيخ محمّد عبده جهداً كبيراً في طريق تعليم وتهذيب المجتمع الإسلامي، وكشف الموهومات والبدع الواردة في الدين التي هي من أهمّ عوامل اختلاف الأُمّة، والسعي في رفعها تمهيداً لعودة وحدة المسلمين وقدرتهم على مواجهة تحدّيات العصر الجديد؛ فكان لا يألو جهده في طريق إصلاح المراكز العلمية كالأزهر الشريف، والقضاء وتعديل القوانين،
ووفّقه اللَّه ليعمل تحت مظلّة القضاء أعظم الأعمال في تاريخه. فكانت من أهمّ أعماله: تأسيس الجمعية الخيرية الإسلامية، وإصلاح الأزهر، وإصلاح القضاء الشرعي.
وبخصوص تأسيس الجمعية الخيرية يقول الشيخ: «.... ويبعثنا على الثقة بحسن مستقبلنا ما نراه من إقدام أبناء قطرنا على الأعمال الخيرية، وجدّهم ونشاطهم في تأليف الكلمة وضمّ الشمل واتّحاد المقصد لنجاح البلاد وتقدّمها، وأخذهم بالوسائل الحقيقية التي تؤدّي إلى ذلك،
وإلّا لسبقنا إلى ذلك الممالك المتمدّنة وبلغوا بها آمالهم من الثروة والقوّة وكمال السطوة، وهي إنشاء الجمعيات الخيرية». وقد انبثق من هذه الجمعية مدارس كان الغرض الأساس منها: العناية بالتربية الدينية ومقاومة مدارس التبشير التي نشرها المبشّرون، والعناية باللغة العربية وتصحيح عيوب التعليم الذي فرضه الإنجليز في المدارس الحكومية.
أمّا بالنسبة إلى عجلة الإصلاح في الأزهر فقد كان الشيخ منشئاً للنظم مدركاً للأولويات، فاستصدر قانوناً بالإصلاح سنة 1896 م جعل للأزهر أطبّاء وصيدلية، وألزم مصلحة الصحّة برعاية الظروف الصحّية فيه وفي مساكن التلاميذ، فزادت مراتب الشيوخ ومرتّباتهم وثبتت، بعد إذ كانت تزيد وتنقص،
أو لا تجي‏ء أبداً، حسب ما يتحصّل من ريع الأوقاف، ووضع «نظام» لاستحقاق الدرجات وكسوة التشريفات. وأصبح التلاميذ يحضرون الدروس بعد إذ كانوا لا يحضرون، ويدخلون الامتحان بعد إذ لم يكونوا يدخلون، أو يدخلون حين يشاؤون! بل كان منهم من يقيّد اسمه ليصيب نصيباً في كشوف الجراية ولا يواصل التعليم.
وانتقل الإصلاح إلى العلوم ودروس الحساب والجبر والمقابلة والتاريخ والجغرافيا، فعرفت الكتب النافعة طريقها إلى عقول الناشئة، وارتفع مستوى الدروس، وأصبح مجلس الإدارة ينعقد بانتظام في الرواق العبّاسي بالأزهر.
وأُلحق المعهد الأحمدي ومعهدا دمياط والإسكندرية بالأزهر، وجاء الشيخ بكتب جديدة وعديدة لتدرّس في الأزهر، «رسالة التوحيد» كانت واحدة منها.
وأمّا بالنسبة لإصلاح القضاء الشرعي فبعد تعيينه مفتياً للديار المصرية في 3 يونيو سنة 1899 م ألهمته السماء أن يضيف إلى مسؤولية الإفتاء مسؤولية إصلاح القضاء الشرعي وقوانينه، وهو أكبر أهل عصره إدراكاً بمكانة الشريعة التي صنعت أُمّة الإسلام، بعد العمل الطويل الجليل في تطبيق الشرائع الأجنبية، وفي جواره جماعة من رجال القانون العالميّين مجمعون على إصلاح الأُمّة.
والشريعة تقيم الأُمّة على أساس الأُسرة، لا الفرد. وبهذا يمتاز المجتمع الإسلامي بالتماسك من مجتمعات أوروبّا التي عراها التفكّك، وتنجرّ أنفس المسلمين في إصلاح حالهم صوب قوانين الأُسرة، وهي الغذاء اليومي للعمل القضائي في المحاكم الشرعية.
قدّم الشيخ تقريراً يشتمل على ثلاث وثمانين صفحة كبيرة على ثلاثين باباً حول أوضاع القضاء الشرعي، وبادرت الحكومة فطلبت إليه إعداد قانون بالإصلاح من واقع‏
التقرير، فصنع وقدّم قانوناً من أحد عشر مادّة أعلن تأييدها شيخ الأزهر الشيخ سليم البشري بخطاب مؤرّخ 6 ربيع الأوّل سنة 1319 (1901 م)، وأدخلت الحكومة فحوى هذه المواد جميعها في إصلاحاتها المتوالية للمحاكم الشرعية.
وللشيخ أثر عظيم في شكل النظام القضائي، إذ كان الإنجليز يسوقونه شيئاً فشيئاً ليصير إنجليزي النظام، فقرّر إلغاء النيابة العامّة وإحالة عمل النائب ووكلائه على القضاء.
وبخصوص التلفيق في أمر القضاء والاستعانة بالمذاهب الإسلامية يقول الشيخ:
«وإنّي أُحبّ أن أُصرّح بأمر ربّما يغضب أهل الأثرة من أهل العلم الحنفية، وهو أنّنا مسلمون، وليس الزمن زمن التعصّب لمذهب دون مذهب... ومن درس فقه الشافعية أو المالكية لا يعسر عليه فقه أبي حنيفة؛ فإنّ الأُصول متقاربة، والاختلاف في الفروع مذكور في كتب الفريقين، وحصر التعيين في الحنفية يضيّق دائرة الانتخاب ويلجئ إلى تعيين الضعفاء في العلم والعزيمة، فلِمَ لا يطلق الانتخاب من هذا القيد؟!».
فهذه الرؤية ولّدت نظاماً حقوقياً جديداً في العالم الإسلامي كان لها الدور الكبير في تأسيس «جمعية دار التقريب بين المذاهب الإسلامية» على أيدي جماعة من العلماء الذين كان منهم كبار تلامذة الشيخ محمّد عبده.
بدأ الشيخ محمّد عبده في كنف السيّد جمال الدين أوّل تأليف له عام 1290 ه سمّاه «رسالة الواردات»، وهي عبارة عن جزئيات أومأ إليها السيّد بكتابتها سنة 1288 ه كما قال، تبدأ بعد البسملة والحمد بالثناء على جمال الدين «كالغيث أُرسل لإحياء نعمة التفكير في العلوم الحقيقية»، وتنتهي بقوله: «هلّا تفطّنت فيما أدرجت لك من هذه الأقوال إلى أنّه وقع الصلح بين الطائفتين العظيمتين في الأفعال هل هي للَّه‏خاصّة أو بقدرة العبد، فإنّه لا تخالف بينهما في الحقيقة، فاللَّه فاعل من حيث العبد فاعل والعبد فاعل من حيث الربّ فاعل، الوجود في جميع مراتبه مختار».

المراجع

(انظر ترجمته في: المعاصرون: 343- 366، زعماء الإصلاح: 210- 252، الأعلام للزركلي 6: 252- 253، معجم المؤلّفين 10: 272- 275، الأزهر في ألف عام 2: 13- 26 و 3: 305، موسوعة السياسة 6: 91- 92، عمالقة وروّاد: 92- 95، موسوعة ألف شخصية مصرية: 514، موسوعة مشاهير
وعظماء: 226- 227، كفاح علماء الإسلام: 195- 198، موسوعة طبقات الفقهاء 14: 540- 541، المفسّرون للأيازي: 664- 665 و 666- 673، مشاهير الشعراء والأُدباء: 215، موسوعة أعلام الفكر الإسلامي: 969- 971، شخصيات لها تاريخ لمحمّد عمارة: 188- 192، خمسون شخصية أساسية في الإسلام: 300- 306، رعاة الإصلاح: 82- 113، تجديد الخطاب الديني: 94- 96 و 184- 207، رجالات التقريب: 182- 188، المعجم الوسيط فيما يخصّ الوحدة والتقريب 2: 129- 130).