فرقُ القرآنِ وَالحديثِ القُدسي

من ویکي‌وحدت

فرقُ القرآنِ وَالحديثِ القُدسي

عن روية الإمامية

قال المحقق الداماد: «إنّ القرآن هو الكلام المنزل بألفاظه المعيّنة في ترتيبها المعيّن للإعجاز بسورة منه. والحديثَ القدسيّ هو الكلام المنزل بألفاظه بعينها في ترتيبها بعينه، لا لغرض الإعجاز. والحديثَ النبويَّ هو الكلام الموحى إليه صلى الله عليه و آله بمعناه، لا بألفاظه. فما أتانا به ـ عليه وآله صلوات اللّه وتسليماته ـ فهو جميعا من تلقاء إيحاء اللّه سبحانه إليه: «وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى ». لكنّ الوحي على أنحاء ثلاثة.
وقال فِرْقٌ: الحديث القدسي ما أخبر اللّه نبيّه معناه بالإلهام، أو المنام، فأخبر النبيّ أُمّته بعبارةٍ عن ذلك المعنى فلايكون معجزا ولامتواترا كالقرآن. قال الطيبي: فضل القرآن على الحديث القدسي أنّه نصّ إلهي في الدرجة الثانية وإن كان من غير واسطة المَلَك غالبا؛ لأنّ المنظور فيه المعنى دون اللفظ، وفي التنزيل اللفظ والمعنى منظوران، فعلم من هذا مرتبة بقيّة الأحاديث. قلت: ويُشبه أن يكون حقّ التحقيق أنّ القرآن كلام يوجبه اللّه سبحانه إلى النبيّ صلى الله عليه و آله معنىً ولفظا، فيتلّقاه النبيّ من روح القدس مرتّبا ويسمعه من العالم العلويّ منظّما». قال المكارم الشيرازى: «الفرق بين الحديث القدسي والقرآن يظهر بما ذكره المحقّق القمّي رحمه الله في القوانين وإليك نصّه: «المنزل من اللَّه على قسمين: قسم أنزل على سبيل الاعجاز وهو القرآن، وقسم أنزل لا على سبيل الاعجاز، وهو الحديث القدسي (وهذه الأحاديث نُزّل بعضها على موسى (عليه السلام):وبعضها على عيسى (عليه السلام):وبعضها على رسول اللَّه في ليلة المعراج وغيرها».
وفي موسوعة الأسـئلة العقائدية: «بالجملة: فإنّ وجوه التمايز بين القرآن الكريم والحديث القدسيّ، خمسة: الأوّل: أنّ القرآن معجز والحديث القدسيّ لا يلزم أن يكون معجزاً. الثاني: أنّ الصلاة لا تكون إلاّ بالقرآن بخلاف الحديث القدسيّ. الثالث: أنّ جاحد القرآن يكفّر بخلاف جاحد الحديث القدسيّ. الرابع: أنّ القرآن لابدّ فيه من كون جبرائيل (عليه السلام) وسيلة بين النبيّ (صلى الله عليه وآله) وبين الله تعالى، بخلاف الحديث القدسيّ. الخامس: أنّ القرآن لا يمسّ إلاّ مع الطهارة، والحديث القدسيّ يجوز مسّه من المحدث». قال محمد على التهانوى: «في فوائد الأمير حميد الدين: «الفرق بين القرآن و الحديث القدسي على ستة أوجه. الأول: أن القرآن معجز و الحديث القدسي لا يلزم أن يكون معجزا. و الثاني أن الصلاة لا تكون إلّا بالقرآن بخلاف الحديث القدسي.
الثالث: أنّ جاحد القرآن يكفر بخلاف جاحده.
الرابع: أنّ القرآن لا بدّ فيه من كون جبرئيل (عليه السلام):واسطة بين النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم و بين اللّه تعالى بخلاف الحديث القدسي.
الخامس: أنّ القرآن يجب أن يكون لفظا من اللّه تعالى و في الحديث القدسي يجوز لفظ من النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم.
السادس: أنّ القرآن لا يمسّ إلّا بالطهارة و الحديث القدسي يجوز مسّه من المحدث انتهى. و تبين بهذا الفرق بين الحديث القدسي و بين ما نسخ تلاوته أيضا لما عرفت فيما نقلنا من الإتقان من أنّه يسمّى بالقرآن و الآية». و نقل المدني في الاتحافات السنية ص 190 عن الفاروقي عن فوائد الأمير حميد الدين في الفرق بين القرآن و الحديث القدسي هذه الوجوه الستة.

عن روية اهل السنة

قال حسن محمد أيوب: «أن القرآن أوحيت ألفاظه من الله اتفاقا، وأن الحديث القدسي أوحيت ألفاظه من الله على المشهور، والحديث النبوي أوحيت معانيه في غير ما اجتهد فيه الرسول والألفاظ من الرسول (صلّى الله عليه و آله وسلم)، بيد أن القرآن له خصائصه من الإعجاز والتعبد به ووجوب المحافظة على أدائه بلفظه ونحو ذلك. وليس للحديث القدسي والنبوي شيء من هذه الخصائص، والحكمة في هذا التفريق أن الإعجاز منوط بألفاظ القرآن، فلو أبيح أداؤه بالمعنى لذهب إعجازه، وكان مظنة للتغيير والتبديل والاختلاف في أصل التشريع والتنزيل، أما الحديث القدسي والحديث النبوي فليست ألفاظهما مناط إعجاز، ولهذا أباح الله روايتهما بالمعنى، ولم يمنحهما تلك الخصائص والقداسة الممتازة التي منحها للقرآن الكريم، تخفيفا على الأمة ورعاية لمصالح الخلق في الحالين من منح ومنع، إن الله بالناس لرءوف رحيم اه. من مناهل العرفان باختصار وتصرف». قال محمد بكر اسماعيل: «يجدُرُ بنا أن نبيِّنَ لك الفرق بين القرآن الكريم والحديث القدسي، فنقول: إن كان المراد بالحديث القدسي ما نَزَلَ لفظه ومعناه من عند الله تعالى, فالفرق بينه وبين القرآن الكريم من وجوه: الأول: أن القرآن معجزة تحدَّى الله به الإنس والجن، والحديث القدسي ليس كذلك. الثاني: أن القرآن الكريم متعبَّدٌ بتلاوته، والحديث القدسي ليس كذلك. الثالث: القرآن متواتِرٌ، نقله الجمع الغفير ممَّن بلغ الغاية في العدالة والضبط عن مثلهم، إلى النبي (صلى الله عليه و آله وسلم)، والحديث القدسي منه الصحيح ومنه الحسن، ومنه الضعيف. الرابع: لا تجوز رواية القرآن بالمعنى، بخلاف الحديث القدسي، فإنه يجوز أن يروى بمعناه، بشرط أن يكون الراوي محيطًا بالمعاني، فقيهًا بمباني الألفاظ واشتقاقها. الخامس: لا يجوز للجنُبِ قراءة القرآن ولا مسَّ المصحف، ويجوز له قراءة الحديث القدسي ومسُّ الكتاب الذي يحتويه. السادس: أن الله تكفَّلَ بحفظ القرآن، فقال: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» فلا يضيع حرف من حروفه حتى يأتي أمر الله. بخلاف الحديث القدسي، فإنه قد يبدل لفظ من ألفاظه, أو ينسى بعضه بمرور الزمان، وذهاب الحافظين. السابع: أنه من أنكر لفظًا من ألفاظ القرآن الكريم كفر؛ لأنه متواتر كله، بخلاف الحديث القدسي, فإنه من أنكر شيئًا منه لم يُعْلَمْ من الدين بالضورة لا يكفر، وهذا ظاهر لا يحتاج إلى بيان. وأما إن قلنا: إن الحديث القدسي هو ما نَزَلَ من عند الله بمعناه دون لفظه، فلا يكون هناك ما يستدعي ذكر هذه الفروق. وهذا القول هو الأولى بالقبول من سابقه. قال محمد عبد الله دراز في كتابه «النبأ العظيم» ص: 11 مرجِّحًا هذا القول: "وهذا هو أظهر القولين فيه عندنا؛ لأنه لو كان منَّزلًا بلفظه لكان له في الحرمة والقدسية في نظر الشرع ما للنَّظْمِ القرآني، إذ لا وجه للتفرقة بين لفظين منَزَّلَين من عند الله، فكان من لوازم ذلك وجوب المحافظة على نصوصه، وعدم جواز روايته بالمعنى إجماعًا, وحرمة مسِّ المحدِّث لصحيفته، ولا قائل بذلك كله. وأيضًا فإن القرآن لما كان مقصودًا منه مع العمل بمضمونه شيء آخر وهو التحدي بأسلوبه والتعبد بتلاوته احتيج لإنزال لفظه، والحديث القدسي لم ينزل للتحدُّث ولا للتعبُّد، بل لمجرد العمل بما فيه، وهذه الفائدة تحصل بإنزال معناه. فالقول بإنزال لفظه، قول شيء لا داعي في النظر إليه, ولا دليل في الشرع عليه، أللهمَّ إلا ما قد يلوح من إسناد الحديث القدسي إلى الله بصيغة «يقول الله تبارك وتعالى كذا». لكن القرائن التي ذكرناها آنفًا كافية في إفساح المجال لتأويله بأن المقصود نسبة مضمونه لا نسبة ألفاظه، وهذا تأويل شائع في العربية، فإنك تقول حينما تنثر بيتًا من الشعر: «يقول الشاعر كذا», وتقول حينمًا تفسِّر آية من كتاب الله بكلام من عندك «يقول الله تعالى كذا»، وعلى هذه القاعدة حكى الله تعالى عن موسى وفرعون، وغيرهما مضمون كلامهم بألفاظ غير ألفاظهم، وأسلوب غير أسلوبهم، ونسب ذلك إليهم. فإن زعمت أنه لو لم يكن في الحديث القدسي شيء آخر مقدَّس وراء المعنى لصحَّ لنا أن نسمي بعض الحديث النبوي قدسيًّا أيضًا، لوجود هذا المعنى فيه, فجوابه: إننا لما قطعنا في الحديث القدسي بنزول معناه لورود النصِّ الشرعي عن نسبته إلى الله بقوله (صلى الله عليه و آله وسلم): «قال الله تعالى كذا» سميناه قدسيًّا لذلك، بخلاف الأحاديث النبوية، فإنها لما لم يرد فيها مثل هذا النص، جاز في كل واحد منها أن يكون مضمونه معلمًا بالوحي، وأن يكون مستنبطًا بالاجتهاد والرأي، فسمي الكل نبويًّا وقوفًا بالتسمية عند الحدِّ المقطوع به، ولو كانت لدينا علامة تمييز لنا قسم الوحي لسميناه قدسيًّا كذلك. قال عبد الكريم يونس الخطيب: «سئل الدباغ عن الفرق بين القرآن، والحديث القدسي، والحديث النبوي فقال: «الفرق بينها، وإن كانت كلها خرجت من بين شفتيه (صلى الله عليه و آله وسلم)، وكلها معها أنوار من أنواره (صلى الله عليه و آله وسلم) أن النور الذي فى القرآن قديم، من ذات الحق سبحانه، لأن كلامه تعالى قديم والنور الذي فى الحديث القدسي من (روحه) (صلى الله عليه و آله وسلم)، وليس هو مثل نور القرآن، فإن نور القرآن قديم، ونور هذا- أي الحديث القدسي- ليس بقديم.
والنور الذي فى الحديث الذي ليس بقدسى من (ذاته) (صلى الله عليه و آله وسلم) فهى أنوار ثلاثة، اختلفت بالإضافة فنور القرآن من ذات الحق، ونور الحديث القدسي من روحه (صلى الله عليه و آله وسلم) ، ونور ما ليس بقدسى، من ذاته (صلى الله عليه و آله وسلم)». قال مناع القطان: عدة فروق بين القرآن الكريم والحديث القدسي أهمها: 1- أن القرآن الكريم كلام الله أَوْحَى به إلى رسول الله بلفظه، وتحدى به العرب، فعجزوا عن أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور مثله، أو بسورة من مثله، ولا يزال التحدي به قائمًا، فهو معجزة خالدة إلى يوم الدين. والحديث القدسي لم يقع به التحدي والإعجاز. 2- والقرآن الكريم لا يُنْسَب إلا إلى الله تعالى، فيقال: قال الله تعالى. والحديث القدسي قد يُرْوَى مضافًا إلى الله وتكون النسبة إليه حينئذ نسبة إنشاء فيقال: قال الله تعالى، أو يقول الله تعالى، وقد يُرْوَى مضافًا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) وتكون النسبة حينئذ نسبة إخبار؛ لأنه (عليه الصلاة والسلام) هو المُخْبِرُ به عن الله، فيقال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) فيما يرويه عن ربه عز وجل. 3- والقرآن الكريم جميعه منقول بالتواتر، فهو قطعي الثبوت، والأحاديث القدسية أكثرها أخبار آحاد، فهي ظنية الثبوت. وقد يكون الحديث القدسي صحيحًا، وقد يكون حسنًا، وقد يكون ضعيفًا. 4- والقرآن الكريم من عند الله لفظًا ومعنًى، فهو وحي باللفظ والمعنى. والحديث القدسي معناه من عند الله، ولفظه من عند الرسول (صلى الله عليه و آله وسلم) على الصحيح فهو وحي بالمعنى دون اللفظ، ولذا تجوز روايته بالمعنى عند جمهور المحدِّثين. 5- والقرآن الكريم مُتَعَبَّدٌ بتلاوته، فهو الذي تتعين القراءة به في الصلاة: «فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ» , وقراءته عبادة يُثيب الله عليها بما جاء في الحديث: «من قرأ حرفًا من كتاب الله تعالى فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول «ألم» حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». قال الشيخ فخر الدين الطريحي: «أن القرآن مختص بالسماع من الروح الامين، والحديث القدسي قد يكون إلهاما أو نفثا في الروع ونحو ذلك. وإن القرآن مسموع بعبارة بعينها وهي المشتملة على الاعجاز بخلاف الحديث القدسي». قال يوسف الحاطي: «ومن تعريف القرآن الكريم وتعريف نوعي الحديث (القدسي و غير القدسي) تتضح لنا فروق القرآن عنها، وهي: 1- القرآن الكريم نزل بلفظه ومعناه أما الحديث فنزل بمعناه دون لفظه على الصحيح. 2- القرآن الكريم معجز بلفظه ومعناه، بخلاف الحديث فليس فيه صفة الإعجاز والتحدي. 3- القرآن الكريم جميعه منقول بالتواتر وهو قطعي الدلالة، أما الحديث ففيه المتواتر والآحاد. 4- القرآن الكريم تصح به الصلاة ولا تصح بغيره. 5- القرآن الكريم متعبد بلفظه ومعناه فمجرد تلاوته عليها أجر عظيم منصوص عليه في الحديث الصحيح، ولا يجري هذا الأجر على الحديث بنوعيه، وإن كانت قراءته عليها أجر عام غير محدد. قال فهد الرومي: «الفروق بين القرآن الكريم والأحاديث القدسية: لعل من المناسب أن نذكر بعض الفروق بين القرآن الكريم والأحاديث القدسية حتى لا يتوهم أحد أن الفرق بينهما مقصور على التعبد بتلاوة القرآن دون الحديث القدسي. إذ إنَّ هناك فروقًا كثيرة ذكر العلماء منها: 1- أن القرآن الكريم تحدى الله الناس أن يأتوا بمثله أو بعشر سور مثله أو بسورة من مثله أو بحديث مثله فعجزوا أما الحديث القدسي فلم يقع به التحدي والإعجاز. 2- أن القرآن الكريم منقول بطريق التواتر فهو قطعي الثبوت كله سوره وآياته وجمله ومفرداته وحروفه وحركاته وسكناته، أما الحديث القدسي فأغلبه أحاديث آحاد ظني الثبوت. 3- أن القرآن الكريم من عند الله لفظًا ومعنى، أما الحديث القدسي فمعناه من الله باتفاق العلماء، أما لفظه فاختلف فيه. 4- أن القرآن الكريم لا ينسب إلا إلى الله تعالى أما الحديث القدسي فينسب إلى الله تعالى نسبة إنشاء فيقال: قال الله تعالى: ويروى مضافًا إلى الرسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) نسبة إخبار فيقال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) فيما يرويه عن ربه. 5- أن القرآن الكريم لا يمسه إلا المطهرون أما الحديث القدسي فيمسه الطاهر وغيره. 6- أن القرآن الكريم متعبد بتلاوته من وجهين: أ- أنَّ الصلاة لا تصح إلا بتلاوة القرآن دون الحديث القدسي. ب- أنَّ ثواب تلاوة القرآن ثواب عظيم كما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: «من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» والحديث القدسي ليس في تلاوته الثواب الوارد لتلاوة القرآن الكريم. 7- أن القرآن الكريم تحرم روايته بالمعنى أما الحديث القدسي فلا تحرم روايته بالمعنى. 8- أن القرآن الكريم لا يكون إلا بوحي جلي وذلك بنزول جبريل (عليه السلام):على الرسول (صلى الله عليه و آله وسلم) يقظة فلم ينزل شيء من القرآن على الرسول (صلى الله عليه و آله وسلم) بالإلهام أو في المنام، أما الحديث القدسي فنزل بالوحي الجلي والخفي. أما ما ورد في صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفي ثم رفع رأسه متبسمًا فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله! قال: «أنزلت عليَّ آنفًا سورة فقرأ: «بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ». فهذه الإغفاءة ليست إغفاءة نوم ولعلها الحال التي تأتيه عند الوحي حيث يصيبه (صلى الله عليه وآله) ثقل في الجسم وتفصد العرق وشبه إغفاءة نوم. 9- أن القرآن الكريم يحرم بيعه عند الإمام أحمد وقال: «لا أعلم في بيع المصاحف رخصة» ورخص في شرائها وقال: الشراء أهون. ورخص في بيعها الشافعي وأصحاب الرأي. 10- أن القرآن الكريم تسمى الجملة منه آية والجملة من الآيات سورة، والأحاديث القدسية لا يسمى بعضها آية ولا سورة باتفاق. 11- أن القرآن الكريم يكفر من جحد شيئًا منه، أما الحديث القدسي فلا يكفر من جحد غير المتواتر منه. 12- أن القرآن الكريم يشرع الجمع بين الاستعاذة والبسملة عند تلاوته. دون الحديث القدسي. 13- القرآن الكريم يكتب برسم خاص هو رسم المصحف دون الحديث القدسي. ، البحثُ السادسُ عشرُ: الفرقُ القرآنِ وَالمُصحَفِ قال ابن عابدين الحنفي: «الْمُصْحَفُ بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَالضَّمُّ فِيهِ أَشْهَرُ، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ أُصْحِفَ: أَيْ جُمِعَ فِيهِ الصَّحَائِفُ حِلْيَةٌ». قال شمس الدين السفاريني الحنبلي: «فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: الصَّحِيفَةُ الْكِتَابُ، وَالْجَمْعُ صُحُفٌ وَصَحَائِفُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقِيلَ مُصْحَفٌ؛ لِأَنَّهُ مَجْمَعُ الْوَرَقِ الَّذِي يُصْفَحُ فِيهِ مِنْ مُصْحَفٍ كَمُكْرَمٍ وَمَنْ قَالَ: مُصْحَفٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ جَعَلَهُ مِنْ صَحَفْتُ مُصْحَفًا مِثْلُ جَلَسْت مَجْلِسًا، وَمَنْ كَسَرَ الْمِيمَ شَبَّهَهُ بِمِنْقَلٍ». جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: «الْمُصْحَفُ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَيَجُوزُ الْمِصْحَفُ بِكَسْرِهَا، وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَهُوَ لُغَةً: اسْمٌ لِكُل مَجْمُوعَةٍ مِنَ الصُّحُفِ الْمَكْتُوبَةِ ضُمَّتْ بَيْنَ دَفَّتَيْنِ، قَال الأْزْهَرِيُّ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمُصْحَفُ مُصْحَفًا لأَنَّهُ أُصْحِفَ، أَيْ جُعِل جَامِعًا لِلصُّحُفِ الْمَكْتُوبَةِ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ. وَالْمُصْحَفُ فِي الاِصْطِلاَحِ: اسْمٌ لِلْمَكْتُوبِ فِيهِ كَلاَمُ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ. وَيَصْدُقُ الْمُصْحَفُ عَلَى مَا كَانَ حَاوِيًا لِلْقُرْآنِ كُلِّهِ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُسْمَّى مُصْحَفًا عُرْفًا وَلَوْ قَلِيلاً كَحِزْبٍ، عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْقَلْيُوبِيُّ، وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ: يَشْمَل مَا كَانَ مُصْحَفًا جَامِعًا أَوْ جُزْءًا أَوْ وَرَقَةً فِيهَا بَعْضُ سُورَةٍ أَوْ لَوْحًا أَوْ كَتِفًا مَكْتُوبَةً». وايضاً جاء: الْقُرْآنُ لُغَةً: الْقِرَاءَةُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: «فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ». وَهُوَ فِي الاِصْطِلاَحِ: إسْمٌ لِكَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَزَّل عَلَى رَسُولِهِ مُحَمِّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ) الْمُتَعَبَّدِ بِتِلاَوَتِهِ، الْمَكْتُوبِ فِي الْمَصَاحِفِ الْمَنْقُول إلَيْنَا نَقْلاً مُتَوَاتَرًا. فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصْحَفِ: أَنَّ الْمُصْحَفَ اسْمٌ لِلْمَكْتُوبِ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ الْمَجْمُوعِ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ وَالْجِلْدِ، وَالْقُرْآنُ اسْمٌ لِكَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَكْتُوبِ فِيهِ. ». في أرشيف ملتقى أهل الحديث: القرآن كلام الله المصحف هو الأوراق التي فيها كلام الله. وفي أرشيف ملتقى أهل التفسير: إن القرآن والمصحف قد يطلق أحدهما على الاخر من باب التوسع في التعبير، لكن إذا اجتمعا افترقا، كان يقول قائل: كُتِبَ القرآن في المصحف، فالقرآن غير المصحف. ومما يلاحظ في الفرق: ان المصحف يجمع على مصاحف، والقرآن لا يجمع؛ لأنه واحد لا تعدد فيه. كما انك لا تكاد تجد عبارة (بيع القرآن)، وإنما تجد (بيع المصحف)؛ لأن القرآن لا يتصور بيعه، بخلاف المصحف الذي هو من عمل البشر». قال فهد الرومي: «أما المصحف: فمثلثة الميم، والأصل والأشهر الضم، وهو مأخوذ من «أصحف» أي جعلت فيه الصحف. واصطلاحًا: هو مجموعة صحائف القرآن مرتبة الآيات والسور على الوجه الذي تلقته الأمة الإسلامية من النبي ((صلى الله عليه وآله وسلم). والفرق بين المصحف والقرآن أن المصحف اسم لمجموع الصحائف المدون فيها القرآن، أما القرآن فهو الألفاظ ذاتها. قال شمس الدين الزرکشي: «المصحف معروف، مثلث الميم، وهو شامل لما يسمى مصحفا من الكتاب، والجلد، والحاشية، والورق الأبيض المتصل به».