خصائص الأُمّة الإسلامية

من ویکي‌وحدت

خصائص الأُمّة الإسلامية ما تمتاز به الأُمّة المحمّدية من ميزات وفوارق عن بقية الأُمم، وما تشترك فيه من صفات حسنات الأُمم الأُخرى وما ترتفع به عن سيّئات بعض الأُمم.
ويمكن تلخيص ذلك كالتالي :
1 - قال تعالى واصفاً الأُمّة الإسلامية : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللّهِ وَ اَلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى اَلْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اَللّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ اَلسُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي اَلتَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي اَلْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ اَلزُّرّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ اَلْكُفّارَ) (سورة الفتح : 29)، وقد ورد في نفس المعنى في آية أُخرى من سورة المائدة : (يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اَللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى اَلْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اَللّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) (سورة المائدة : 54)، فمن خصائص الأُمّة المحمّدية أن تكون شديدة قاسية على الكفّار بالجهاد المستمرّ، ونكون كمسلمين ليّني الجانب رحماء فيما بيننا.
2 - لا أُمّة إسلامية بدون المجاهدة بحقّ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) (سورة آل عمران : 110).
3 - من شأن الأُمّة الإسلامية التمسّك بالإيمان كحقيقة وأيديولوجية، وعدم الشكّ فيها والالتفات إلى غيرها من الأيديولوجيات، وملازمة الجهاد في سبيل اللّه بالمال والنفس.
4 - الأُمّة الإسلامية تعتصم بحبل اللّه، وتدعو إلى الاتّحاد والاعتصام به : (وَ اِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اَللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا) (سورة آل عمران : 103).
5 - الأُمّة الإسلامية لا تعرف الطبقية والطائفية، فالمؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمّة أبنائهم، وهم يد على مَن سواهم. والفضل في الأُمّة الإسلامية لا يكون إلّابالعمل الصالح والتقوى، لا بالنسب والحسب : (يا أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّهِ أَتْقاكُمْ) (سورة الحُجرات : 13).
6 - حرّم اللّه على الأُمّة الإسلامية التفاخر والتنابز بالألقاب : (يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) (سورة الحُجرات : 11).
7 - الأُمّة الإسلامية أُمّة وسط، تختار الوسط في كلّ شيء، وتنتهي عن التطرّف ؛ لأنّ كلّ تطرّف يؤدّي إلى تطرّف مضادّ : (وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى اَلنّاسِ) (سورة البقرة : 143).
8 - الأُمّة الإسلامية لا تطلب العزّة إلّامن عند اللّه ؛ لأنّ العزّة للّه‌جميعاً : (وَ لِلّهِ اَلْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (سورة المنافقون : 8).
9 - أُمّة متميّزة، ولا يمكن أن تكون الأُمّة متميّزة إلّامن خلال شيئين : الالتزام بمبادئ الإسلام، والانفتاح على الجهد البشري.
10 - أُمّة إيجابية في تصوّرها للكون والإنسان والحياة.
11 - أُمّة واقعية في فهمها للمجتمع والتاريخ والسياسة، لا كما يفهمه الماركسيّون، ولا كما يفهمه الرأسماليّون.
12 - أُمّة ذات أخلاق عامّة يدخل بها المجال البشري، وأخلاق خاصّة فيما بين أفرادها. فالأخلاق الخاصّة أوّلاً : إله واحد، دين واحد، أُمّة واحدة، إمام واحد. وثانياً : الأُخوّة، التكافل الاجتماعي والاقتصادي، الجهاد. أمّا الأخلاق العامّة فهي تقوم على الحقّ والحرّية والسلام.
13 - الربّانية، وهي - كما يذهب سيّد قطب - : الخاصّية التي تربط الخصائص الأُخرى ؛ لأنّ اللّه سبحانه وتعالى طلب من المؤمنين أن يكونوا ربّانيّين في حياتهم جميعاً بدون استثناء، قال تعالى : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ*`لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ اَلْمُسْلِمِينَ*`قُلْ أَ غَيْرَ اَللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَ هُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) (سورة الأنعام : 162 - 164). والربّانية تعني : أنّ مصدر التلقّي هو من عند اللّه تعالى وحده، ولا يجوز أن نستمدّ عقيدتنا من أيّ مصدر كان، بل إنّ رسل اللّه تعالى (عليهم الصلاة والسلام) كانوا نقلة أُمناء للوحي، لم يشرّعوا للناس من هواهم (حاشهم عن ذلك)، يقول سبحانه وتعالى : (وَ ما يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوى*`إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى) (سورة النجم : 3 - 4). وما زال المصدر واحداً والكلّ مجمع عليه ومجتمع حوله، ففيما الخلف بين المسلمين ؟ ! وعندما يكون المصدر والتلقّي واحداً فلا يكون الاختلاف إلّانتيجة إعمال الفكر البشري في هذه النصوص، ونحن لا نحجر على الإنسان التفكير في ذلك، ولكنّه بدون أن يقودنا إلى الخلاف الممزّق للصفّ، وإنّما يجب أن يؤدّي بنا إلى تنوّع الفكر داخل الإطار الإسلامي الواحد.
14 - التوحيد بحقيقته أن لا معبود بحقّ إلّااللّه تعالى، فهو المنزّه عن النقص والمشابهة لخلقه : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (سورة الشورى : 11)، وهو سبحانه وتعالى الخالق الرازق المتكفّل بأمر عباده، والمسلمون متّفقون على تنزيه اللّه تعالى، ومن يشب توحيده بشائبة شرك فهو خارج عن ملّة الإسلام، حائد عن دائرة الأُمّة، غير محسوب عليها ولا لها. إذاً التوحيد هو السياج الذي يربط الأُمّة الإسلامية، فهو الروح التي تغذّي النفوس المؤمنة للالتقاء على مائدة الأُخوّة الإيمانية.
15 - الثبات، فالأُمّة الإسلامية مجمعة على القضايا الثابتة التي لا تتغيّر في المنهج الإسلامي، وهناك ثبات في العقائد وحقيقة الأُلوهية ومصدر التشريع، وثبات في الأخلاق والقيم الفاضلة، بل وثبات في بعض التشريعات العملية التي يُبنى عليها عنصر الإنسانية الثابت، مثل شؤون الزواج والميراث والطلاق والحدود والقصاص. وهذه خاصّية حفظت الأُمّة - وذلك برغم اختلافها الواقع - من النشوز عن دائرة الإسلام، وكانت حركة الأُمّة داخل إطار ثابت وحول محور ثابت كذلك. وهو - أي: الثبات - من أهمّ المقوّمات التي تثير فينا الحماس تجاه الوحدة الإسلامية.
16 - الإنسانية، فقد خاطب الإسلام الإنسان باعتباره إنساناً، فلم يعتبره ملكاً ولم يعتبره شيطاناً رجيماً، والإنسان مركّب من عنصر سماوي وهو الروح، وعنصر أرضي وهو الجسد، وبين الروح والجسد تتوزّع النوازع الخيّرة والشرّيرة، وجاء الإسلام ليربّي الفطرة الخيّرة في هذا الكائن : «كلّ مولود يولد على الفطرة»، كما أنّه جاء ليستلّ ضغينة الشرّ بملقاط الإيمان : (وَ اَلْعَصْرِ* إِنَّ اَلْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ) (سورة العصر : 1 - 3)، وهذه السورة الكريمة تقرّر صراحة أنّ الخسران الإنساني يجب أن يواجه بمعول الجماعة المؤمنة المتواصية بالحقّ والصبر حتّى يتحطّم. والشريعة الإسلامية أعطت الإنسان مجالاً ممتدّاً في فعل الخير بحسب قدرته وهمّته، فهناك الفرائض والنوافل والطاعات، وكذلك من خصائص بشرية الإنسان الاختلاف النوعي والنسبي، يقول اللّه تبارك وتعالى : (وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ اَلنّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ) (سورة هود : 118 - 119)، ويكاد هذا الاختلاف يسري إلى كلّ شيء من نواحي الإنسان، وخاصّة عقله وفكره، كلّ ذلك حتّى ينمو الكون ويعمر وفق سنن اللّه تعالى الكونية والنصّية، وهنا يجب أن تسقط الاختلافات المذهبية، أو بالأحرى تسقط آثارها السيّئة ؛ لأنّنا لو أردنا أُمّة في قالب واحد فينبغي لنا أن نلغي خاصّية الإنسان منه، وهذا لا يمكن قطعاً.
17 - الشمول، والوضوح، والتوازن، والشهود الحضاري على الناس.