انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حجية الاستحسان وعدمه»

لا يوجد ملخص تحرير
(أنشأ الصفحة ب''''حجية الاستحسان وعدمه:''' اختلف الفقهاء والمجتهدون في حجية الاستحسان و عدمه، وهذا بحثٌ عريق ف...')
 
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
'''حجية الاستحسان وعدمه:''' اختلف الفقهاء والمجتهدون في حجية الاستحسان و عدمه، وهذا بحثٌ عريق في علم أصول الفقه منذ زمن الصحابة إلی الآن ينبغي أن نشير إلی استدلالاتهم نفياً وإثباتاً.
'''حجية الاستحسان وعدمه:''' اختلف [[الفقهاء]] والمجتهدون في حجية الاستحسان و عدمه، وهذا بحثٌ عريق في علم أصول الفقه منذ زمن الصحابة إلی الآن ينبغي أن نشير إلی استدلالاتهم نفياً وإثباتاً.


==أدلَّة القائلين بالاستحسان==
=أدلَّة القائلين بالاستحسان=
ذكرت أربعة أدلة على الاستحسان، هي من [[القرآن والسنّة]] و [[الإجماع]] والعقل.
ذكرت أربعة أدلة على الاستحسان، هي من [[القرآن والسنّة]] و [[الإجماع]] والعقل.


===التمسّک بالكتاب علی حجية الاستحسان===
==التمسّک بالكتاب علی حجية الاستحسان==
أمَّا أدلتهم من الكتاب، فالآية الكريمة: '''«الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ»'''<ref> الزمر : 18.</ref> والآية الكريمة: '''«وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم»'''<ref> الزمر : 55.</ref>
أمَّا أدلتهم من الكتاب، فالآية الكريمة: '''«الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ»'''<ref> الزمر : 18.</ref> والآية الكريمة: '''«وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم»'''<ref> الزمر : 55.</ref>
<br>تقريب الاستدلال: الاستحسان: هو اتّباع الأحسن والأخذ بالأحسن، وهو ما تفيده الآيتان سالفة الذكر، فالآية الأولى تمتدح الذين يتبعون الأحسن من الأقوال، وهذا يعني إضفاء شرعية وحجّية على اتّباع أحسن الأقوال. <ref> انظر : الإحكام الآمدي 3 ـ 4 : 393، روضة الناظر : 85 .</ref>
<br>تقريب الاستدلال: الاستحسان: هو اتّباع الأحسن والأخذ بالأحسن، وهو ما تفيده الآيتان سالفة الذكر، فالآية الأولى تمتدح الذين يتبعون الأحسن من الأقوال، وهذا يعني إضفاء شرعية وحجّية على اتّباع أحسن الأقوال. <ref> انظر : الإحكام الآمدي 3 ـ 4 : 393، روضة الناظر : 85 .</ref>
سطر ١٣: سطر ١٣:
لكن الاستدلال بالآية واضح البطلان من حيث إنّها أخصّ من المطلوب، فقد تفيد الإباحة والترخيص في الأخذ باليسير، لكن ليس ذلك على نحو الإطلاق، فهي تفيد الأخذ باليسير الذي له مبرّر شرعي ويعدُّ دليلاً شرعيا لا مطلق اليسير ولو لم يكن له مبرِّر شرعي، بينما الكلام هنا عن أصل شرعية الاستحسان وتبريره الشرعي، ولو ثبتت الشرعية فلا نشكّ في الأخذ به.
لكن الاستدلال بالآية واضح البطلان من حيث إنّها أخصّ من المطلوب، فقد تفيد الإباحة والترخيص في الأخذ باليسير، لكن ليس ذلك على نحو الإطلاق، فهي تفيد الأخذ باليسير الذي له مبرّر شرعي ويعدُّ دليلاً شرعيا لا مطلق اليسير ولو لم يكن له مبرِّر شرعي، بينما الكلام هنا عن أصل شرعية الاستحسان وتبريره الشرعي، ولو ثبتت الشرعية فلا نشكّ في الأخذ به.


===التمسّک بالسنّة علی حجية الاستحسان===
==التمسّک بالسنّة علی حجية الاستحسان==
أدلتهم من السنّة ما نقله ابن مسعود عن الرسول(ص)، حيث قال: «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند اللّه حسن».<ref> انظر : مسند الطيالسي : 33، مسند أحمد 1 : 626 ح3589، المعجم الكبير 9 : 113، بحار الأنوار 22 : 450 ـ 451.</ref>
أدلتهم من السنّة ما نقله ابن مسعود عن الرسول(ص)، حيث قال: «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند اللّه حسن».<ref> انظر : مسند الطيالسي : 33، مسند أحمد 1 : 626 ح3589، المعجم الكبير 9 : 113، بحار الأنوار 22 : 450 ـ 451.</ref>
يرد على الاستدلال به مايلي:
يرد على الاستدلال به مايلي:
سطر ٢٢: سطر ٢٢:
وقد يقال بأنّ الحديث إشارة إلى قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع<ref> انظر : الأصول العامة للفقه المقارن : 361.</ref>، وهو ـ  عندئذٍ  ـ غير مؤهَّل للاستدلال به على الاستحسان.
وقد يقال بأنّ الحديث إشارة إلى قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع<ref> انظر : الأصول العامة للفقه المقارن : 361.</ref>، وهو ـ  عندئذٍ  ـ غير مؤهَّل للاستدلال به على الاستحسان.


===التمسّک بالإجماع علی حجية الاستحسان===
==التمسّک بالإجماع علی حجية الاستحسان==
الدليل الثالث هو [[الإجماع]]، وذلك من خلال ما قيل من إجماع الأمة على استحسان دخول الحمام من غير تقدير عوضٍ للماء المستعمل، ولا تقدير مدة المكث فيه، وتقدير أجرته، واستحسان شرب الماء من أيدي السقائين من غير تقدير في الماء وعوضه. <ref> الإحكام الآمدي 3 ـ 4 : 391.</ref>
الدليل الثالث هو [[الإجماع]]، وذلك من خلال ما قيل من إجماع الأمة على استحسان دخول الحمام من غير تقدير عوضٍ للماء المستعمل، ولا تقدير مدة المكث فيه، وتقدير أجرته، واستحسان شرب الماء من أيدي السقائين من غير تقدير في الماء وعوضه. <ref> الإحكام الآمدي 3 ـ 4 : 391.</ref>
<br>لايبعد اتفاق المسلمين على هذه الموارد المذكورة؛ لعدم وجود مخالف حسب الظاهر، لكن من المحتمل أنّ دليل هذه الأحكام الإجماع في مواردها بالخصوص، أي أنّ المسلمين أجمعوا على شرعية ما تقدَّم، وعندئذٍ تخرج  هذه الموارد عن موضوع الاستحسان لتدخل في الإجماع. <ref> انظر: البحر المحيط 6 : 94، الأصول العامة للفقه المقارن : 361.</ref>
<br>لايبعد اتفاق المسلمين على هذه الموارد المذكورة؛ لعدم وجود مخالف حسب الظاهر، لكن من المحتمل أنّ دليل هذه الأحكام الإجماع في مواردها بالخصوص، أي أنّ المسلمين أجمعوا على شرعية ما تقدَّم، وعندئذٍ تخرج  هذه الموارد عن موضوع الاستحسان لتدخل في الإجماع. <ref> انظر: البحر المحيط 6 : 94، الأصول العامة للفقه المقارن : 361.</ref>
سطر ٢٨: سطر ٢٨:
ولايمكن نفي أيٍّ من هذه الاحتمالات، كما لم يُطرح دليل خاص على إثبات كون شرعية الأمور الماضية حاصلة بالاستحسان، ولإثبات ذلك لا بدَّ من دليل غير ما  مضى.
ولايمكن نفي أيٍّ من هذه الاحتمالات، كما لم يُطرح دليل خاص على إثبات كون شرعية الأمور الماضية حاصلة بالاستحسان، ولإثبات ذلك لا بدَّ من دليل غير ما  مضى.


===التمسّک بالعقل علی حجية الاستحسان===
==التمسّک بالعقل علی حجية الاستحسان==
وقد يذكر دليل رابع عقلي على الاستحسان، وهو أنَّ منشأه أحد الأدلّة المتّفق عليها، وهي القرآن والسنّة والإجماع والقياس (كما تقدّمت الإشارة إلى ذلك) وإذا كانت تلك حجّة فالاستحسان حجّة كذلك.
وقد يذكر دليل رابع عقلي على الاستحسان، وهو أنَّ منشأه أحد الأدلّة المتّفق عليها، وهي القرآن والسنّة والإجماع والقياس (كما تقدّمت الإشارة إلى ذلك) وإذا كانت تلك حجّة فالاستحسان حجّة كذلك.
<br>وردّ هذا واضح، من حيث إنَّ الاستحسان إذا كان أحد الحجج المزبورة فيخرج عن كونه دليلاً مستقلاً ويندرج في تلك الأدلّة، بينما الكلام هنا فيه كدليل مستقل. <ref> انظر : نظرية الاستحسان : 119.</ref>
<br>وردّ هذا واضح، من حيث إنَّ الاستحسان إذا كان أحد الحجج المزبورة فيخرج عن كونه دليلاً مستقلاً ويندرج في تلك الأدلّة، بينما الكلام هنا فيه كدليل مستقل. <ref> انظر : نظرية الاستحسان : 119.</ref>


==أدلَّة النافين لحجّية الاستحسان==
=أدلَّة النافين لحجّية الاستحسان=
قد يكتفي النافون لحجّية الاستحسان بانعدام الدليل عليه، وفي مجال الأدلة النصيّة فإنَّه لم يرد ذكر لهذا العنوان في الروايات والآثار، سواء التي وردت عن طرق [[الشيعة]] أم عن طرق السنّة، ولم يكن للاستحسان بعنوانه الخاص نصيب في الروايات، مثلما كان للقياس كأحد الأدلَّة التي أثارت الجدل بين [[الشيعة والسنّة]] من جانب، والسنّة فيما بينهم من جانب آخر.
قد يكتفي النافون لحجّية الاستحسان بانعدام الدليل عليه، وفي مجال الأدلة النصيّة فإنَّه لم يرد ذكر لهذا العنوان في الروايات والآثار، سواء التي وردت عن طرق [[الشيعة]] أم عن طرق السنّة، ولم يكن للاستحسان بعنوانه الخاص نصيب في الروايات، مثلما كان للقياس كأحد الأدلَّة التي أثارت الجدل بين [[الشيعة والسنّة]] من جانب، والسنّة فيما بينهم من جانب آخر.
<br>سبب عدم ذكر الاستحسان في الروايات الواردة عن الرسول(ص) واضح، فإنّه لم تكن هناك حاجة عهد الرسول(ص) لاستنباط الأحكام، وكان وجود الرسول يغني عن التفكير بآلية للاستنباط، وجلّ الكلام في ورود أو عدم ورود هذا العنوان في مثل روايات [[أهل البيت]]  عليهمالسلام أو روايات الصحابة.
<br>سبب عدم ذكر الاستحسان في الروايات الواردة عن الرسول(ص) واضح، فإنّه لم تكن هناك حاجة عهد الرسول(ص) لاستنباط الأحكام، وكان وجود الرسول يغني عن التفكير بآلية للاستنباط، وجلّ الكلام في ورود أو عدم ورود هذا العنوان في مثل روايات [[أهل البيت]]  عليهمالسلام أو روايات الصحابة.
سطر ٤١: سطر ٤١:
<br>وعلى هذا، يكون الاستحسان ممَّا وردت فيه الروايات الكثيرة ناهية عنه ومحذّرة العامل به تحذيرا شديدا، لا بعنوان [[الاستحسان]] بل بعنوان القياس أو [[الاجتهاد بالرأي]]. هذا إذا قلنا بكونه من قبيل [[القياس]] أو [[الاجتهاد بالرأي]]، أمَّا إذا أخرجناه عن هذا النطاق لندخله بعناوين أخرى، كالدليل العقلي، أو من قبيل الدليل المخصِّص والمقيِّد المستوحى من نص أو إجماع، فلا يكون ممَّا وردت فيه الروايات المزبورة.
<br>وعلى هذا، يكون الاستحسان ممَّا وردت فيه الروايات الكثيرة ناهية عنه ومحذّرة العامل به تحذيرا شديدا، لا بعنوان [[الاستحسان]] بل بعنوان القياس أو [[الاجتهاد بالرأي]]. هذا إذا قلنا بكونه من قبيل [[القياس]] أو [[الاجتهاد بالرأي]]، أمَّا إذا أخرجناه عن هذا النطاق لندخله بعناوين أخرى، كالدليل العقلي، أو من قبيل الدليل المخصِّص والمقيِّد المستوحى من نص أو إجماع، فلا يكون ممَّا وردت فيه الروايات المزبورة.


===أدلَّة الشافعي على نفي حجّية الاستحسان===
==أدلَّة الشافعي على نفي حجّية الاستحسان==
ساق الشافعي<ref> انظر : الأمّ 7 : 313 ـ 320، الرسالة : 503 ـ 508.</ref> عدَّة أدلَّة لنفي حجّية الاستحسان، يمكن تحديدها في الأمور التالية:
ساق الشافعي<ref> انظر : الأمّ 7 : 313 ـ 320، الرسالة : 503 ـ 508.</ref> عدَّة أدلَّة لنفي حجّية الاستحسان، يمكن تحديدها في الأمور التالية:
<br>'''الأوَّل:''' الاستحسان ليس نصَّا ولا قياسا، والشارع لم يترك شيئا دون بيانه بنصٍّ أو قياس وفقا للآية الكريمة: '''«أَيَحْسَبُ الاْءِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى»'''<ref> القيامة : 36.</ref>، وهو في النتيجة مناقض لها.
<br>'''الأوَّل:''' الاستحسان ليس نصَّا ولا قياسا، والشارع لم يترك شيئا دون بيانه بنصٍّ أو قياس وفقا للآية الكريمة: '''«أَيَحْسَبُ الاْءِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى»'''<ref> القيامة : 36.</ref>، وهو في النتيجة مناقض لها.
سطر ٥١: سطر ٥١:
وأسلوب الدفع هذا أقرب بأسلوب الخطابة منه إلى الأسلوب العلمي، والأنسب في الدفع هو نفي الحجّية بعدم قيام الدليل، بل يكفي الشك فيها للقطع بعدمها<ref> الأصول العامة للفقه المقارن : 363.</ref>، هذا إذا لم نرجعه إلى دليل مقيِّد أو مخصِّص من الأدلَّة المتَّفق عليها نسبيا من الكتاب والسنّة والإجماع، وإلاَّ فالدفع لايرد.
وأسلوب الدفع هذا أقرب بأسلوب الخطابة منه إلى الأسلوب العلمي، والأنسب في الدفع هو نفي الحجّية بعدم قيام الدليل، بل يكفي الشك فيها للقطع بعدمها<ref> الأصول العامة للفقه المقارن : 363.</ref>، هذا إذا لم نرجعه إلى دليل مقيِّد أو مخصِّص من الأدلَّة المتَّفق عليها نسبيا من الكتاب والسنّة والإجماع، وإلاَّ فالدفع لايرد.


==المصادر==
=المصادر=


[[تصنيف: حجية الاستحسان]][[تصنيف: عدم حجية الاستحسان]][[تصنيف: الاجتهاد بالرأي]][[تصنيف: اصطلاحات الأصول]][[تصنيف: علم الأصول]]
[[تصنيف: حجية الاستحسان]][[تصنيف: عدم حجية الاستحسان]][[تصنيف: الاجتهاد بالرأي]][[تصنيف: اصطلاحات الأصول]][[تصنيف: علم الأصول]]
٤٬٩٤٤

تعديل