انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الاستحسان»

أُضيف ١١٬٣٩٩ بايت ،  ١٣ مارس ٢٠٢١
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
'''الاستحسان:''' اصطلاحٌ في علم [[أصول الفقه]]، وهو أحد الأدلة المتأخرة التي يتمسک بها الفقهاء في استنباط الأحکام الشرعية بعد الکتاب والسنة والإجماع والعقل.
'''الاستحسان:''' اصطلاحٌ في علم [[أصول الفقه]]، وهو أحد الأدلة المتأخرة التي يتمسک بها الفقهاء في استنباط الأحکام الشرعية بعد الکتاب والسنة والإجماع والعقل. وأکثر المذاهب الفقهية قائلون بحجية الاستحسان ولکن الشافعية والإمامية ينکرونها.


==تعريف الاستحسان لغةً==
==تعريف الاستحسان لغةً==
سطر ١٠٧: سطر ١٠٧:
<br>'''رابعا:''' أنَّه إشارة إلى إجماع المسلمين<ref> انظر : الإحكام الآمدي 3 ـ 4 : 394، شرح المعالم (ابن التلمساني) 2 : 472.</ref>، أي ما رآه جميع المسلمين<ref> المستصفى 1 : 255.</ref>، وبذلك يكون دليلاً على حجّية الإجماع لا الاستحسان. <ref> انظر : المستصفى 1 : 255، روضة الناظر : 86 .</ref>
<br>'''رابعا:''' أنَّه إشارة إلى إجماع المسلمين<ref> انظر : الإحكام الآمدي 3 ـ 4 : 394، شرح المعالم (ابن التلمساني) 2 : 472.</ref>، أي ما رآه جميع المسلمين<ref> المستصفى 1 : 255.</ref>، وبذلك يكون دليلاً على حجّية الإجماع لا الاستحسان. <ref> انظر : المستصفى 1 : 255، روضة الناظر : 86 .</ref>
وقد يقال بأنّ الحديث إشارة إلى قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع<ref> انظر : الأصول العامة للفقه المقارن : 361.</ref>، وهو ـ  عندئذٍ  ـ غير مؤهَّل للاستدلال به على الاستحسان.
وقد يقال بأنّ الحديث إشارة إلى قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع<ref> انظر : الأصول العامة للفقه المقارن : 361.</ref>، وهو ـ  عندئذٍ  ـ غير مؤهَّل للاستدلال به على الاستحسان.
===التمسّک بالإجماع علی حجية الاستحسان===
الدليل الثالث هو [[الإجماع]]، وذلك من خلال ما قيل من إجماع الأمة على استحسان دخول الحمام من غير تقدير عوضٍ للماء المستعمل، ولا تقدير مدة المكث فيه، وتقدير أجرته، واستحسان شرب الماء من أيدي السقائين من غير تقدير في الماء وعوضه. <ref> الإحكام الآمدي 3 ـ 4 : 391.</ref>
<br>لايبعد اتفاق المسلمين على هذه الموارد المذكورة؛ لعدم وجود مخالف حسب الظاهر، لكن من المحتمل أنّ دليل هذه الأحكام الإجماع في مواردها بالخصوص، أي أنّ المسلمين أجمعوا على شرعية ما تقدَّم، وعندئذٍ تخرج  هذه الموارد عن موضوع الاستحسان لتدخل في الإجماع. <ref> انظر: البحر المحيط 6 : 94، الأصول العامة للفقه المقارن : 361.</ref>
<br>ومن المحتمل كذلك أن تكون سيرة المسلمين قائمة منذ عهد الرسول  صلىاللهعليهوآله وحتى الآن على ما تقدَّم من الأمور، وهي سيرة ممضاة من قبله؛ لأ نّه لم يرد ردع منه عليها. هذا مضافا إلى وجود قرينة حالية تدلُّ على أنَّ مقدار الماء المستهلك لابدَّ وأن يكون متعارفا، والبناء في المعاملة على ذلك المقدار، وإتلاف الأكثر منه يستلزم ضمان عوضه. <ref> انظر : المستصفى 1 : 255، روضة الناظر : 85 .</ref>
ولايمكن نفي أيٍّ من هذه الاحتمالات، كما لم يُطرح دليل خاص على إثبات كون شرعية الأمور الماضية حاصلة بالاستحسان، ولإثبات ذلك لا بدَّ من دليل غير ما  مضى.
===التمسّک بالعقل علی حجية الاستحسان===
وقد يذكر دليل رابع عقلي على الاستحسان، وهو أنَّ منشأه أحد الأدلّة المتّفق عليها، وهي القرآن والسنّة والإجماع والقياس (كما تقدّمت الإشارة إلى ذلك) وإذا كانت تلك حجّة فالاستحسان حجّة كذلك.
<br>وردّ هذا واضح، من حيث إنَّ الاستحسان إذا كان أحد الحجج المزبورة فيخرج عن كونه دليلاً مستقلاً ويندرج في تلك الأدلّة، بينما الكلام هنا فيه كدليل مستقل. <ref> انظر : نظرية الاستحسان : 119.</ref>
==أدلَّة النافين لحجّية الاستحسان==
قد يكتفي النافون لحجّية الاستحسان بانعدام الدليل عليه، وفي مجال الأدلة النصيّة فإنَّه لم يرد ذكر لهذا العنوان في الروايات والآثار، سواء التي وردت عن طرق [[الشيعة]] أم عن طرق السنّة، ولم يكن للاستحسان بعنوانه الخاص نصيب في الروايات، مثلما كان للقياس كأحد الأدلَّة التي أثارت الجدل بين [[الشيعة والسنّة]] من جانب، والسنّة فيما بينهم من جانب آخر.
<br>سبب عدم ذكر الاستحسان في الروايات الواردة عن الرسول(ص) واضح، فإنّه لم تكن هناك حاجة عهد الرسول(ص) لاستنباط الأحكام، وكان وجود الرسول يغني عن التفكير بآلية للاستنباط، وجلّ الكلام في ورود أو عدم ورود هذا العنوان في مثل روايات [[أهل البيت]]  عليهمالسلام أو روايات الصحابة.
لم يرد شيء عن هذا العنوان في روايات الصحابة، وكذا روايات أهل البيت، هذا مع أنَّ القائلين به بدأوا ممارسته في القرن الثاني من الهجرة، ولايمكن القول هنا بأنّ الاستحسان لم يكن مطروحا في عهد الأئمة  عليهمالسلام، فإنَّ بعض المعاصرين لهم مثل الشافعي تعرَّض له، وهو يكشف عن وجود قائل به آنذاك.
<br>وقد يرجع عدم ذكره في روايات أهل البيت إلى اعتباره نوع قياس<ref> كما ورد ذلك في التعاريف الواردة في كشف الأسرار البخاري 4 : 8 ، أصول الفقه (ابن مفلح) 4 : 1463، المسوّدة : 402.</ref>، فيندرج ضمن روايات القياس، أو أنَّه نوع اجتهاد بالرأي<ref> كما عرَّفه بعض مثل الآمدي : بأنَّه ترك وجه من وجوه الاجتهاد. انظر : الإحكام 3 ـ 4 : 392.</ref>، أو أنَّهما متَّحدان في المعنى، ولا فرق في المراد منهما وإن اختلفت الألفاظ<ref> كما ساوى بينهما ابن حزم، انظر : الإحكام 5 ـ 8 : 192.</ref>، وبذلك يكون مشمولاً لروايات من قبيل الروايات التالية:
قال: أبو جعفر  عليهالسلام: «من أفتى الناس برأيه فقد دان اللّه بما لايعلم، ومن دان اللّه بما لايعلم فقد ضادّ اللّه حيث أحلَّ وحرَّم فيما لايعلم».<ref> وسائل الشيعة 27 : 41 كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، باب 6 عدم جواز القضاء والحكم بالرأي والاجتهاد ح12.</ref>
<br>وقال أبو عبداللّه  عليهالسلام: «فإنَّ عليا  عليهالسلام أبى أن يدخل في دين اللّه الرأي، وأن يقول في شيء من دين اللّه  بالرأي والمقاييس».<ref> وسائل الشيعة 27 : 51 كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، باب 6 عدم جواز القضاء والحكم بالرأي والاجتهاد ح33.</ref> عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر  عليهالسلام: ترد علينا أشياء لا نجدها في الكتاب والسنّة فنقول فيها برأينا، فقال: «أما أنّك إن أصبت لم توجر، وإن أخطأت كذبت على اللّه».<ref> وسائل الشيعة 27 : 51 كتاب القضاء أبواب صفات القاضي، باب 6 عدم جواز القضاء والحكم بالرأي والاجتهاد ح35.</ref>
<br>وعلى هذا، يكون الاستحسان ممَّا وردت فيه الروايات الكثيرة ناهية عنه ومحذّرة العامل به تحذيرا شديدا، لا بعنوان الاستحسان بل بعنوان القياس أو [[الاجتهاد بالرأي]]. هذا إذا قلنا بكونه من قبيل [[القياس]] أو [[الاجتهاد بالرأي]]، أمَّا إذا أخرجناه عن هذا النطاق لندخله بعناوين أخرى، كالدليل العقلي، أو من قبيل الدليل المخصِّص والمقيِّد المستوحى من نص أو إجماع، فلا يكون ممَّا وردت فيه الروايات المزبورة.
===أدلَّة الشافعي على نفي حجّية الاستحسان===
ساق الشافعي<ref> انظر : الأمّ 7 : 313 ـ 320، الرسالة : 503 ـ 508.</ref> عدَّة أدلَّة لنفي حجّية الاستحسان، يمكن تحديدها في الأمور التالية:
<br>'''الأوَّل:''' الاستحسان ليس نصَّا ولا قياسا، والشارع لم يترك شيئا دون بيانه بنصٍّ أو قياس وفقا للآية الكريمة: '''«أَيَحْسَبُ الاْءِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى»'''<ref> القيامة : 36.</ref>، وهو في النتيجة مناقض لها.
<br>'''الثاني: ''' الكثير من الآيات تأمر بطاعة اللّه ورسوله، وتنهى عن اتّباع الهوى والردّ إلى كتاب اللّه ورسوله عند التنازع، من قبيل قوله تعالى: '''«فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ»'''<ref> النساء : 59.</ref> والرجوع إلى الاستحسان لايعدُّ ردَّا إلى كتاب اللّه ولا رسوله.
<br>'''الثالث: ''' لم نأثر عن النبي إفتاءه باستحسانه، وفي الرجل الذي قال لامرأته: (أنت عليَّ كظهر أمّي) انتظر حتَّى تنزل آية الظهار، وكذلك في الرجل الذي وجد آخر مع امرأته ويتَّهمها بالزنا، فقد انتظر حتَّى نزلت آية اللعان. ولو جاز الاستحسان لأحد فالرسول صلىاللهعليهوآله أولى به من غيره.
<br>'''الرابع: ''' استنكر النبيّ بعض الصحابة على استحساناتهم، من قبيل استنكاره على أسامة لقتله  من قال: (أسلمت تحت حرّ السيف)، واستنكاره  لبعض الصحابة على إحراقهم مشركا لاذ  بشجرة.
<br>'''الخامس: ''' لا توجد ضابطة تحدّد الاستحسان وتفرض له نطاقا خاصَّا، ممَّا يجعل الأحكام عرضة للأهواء والشهوات، وقد تختلف الأذواق والاستحسانات لدى المجتهدين والمفتين، فتختلف الأحكام في الموضوع الواحد.
<br>'''السادس: ''' لو كان الاستحسان اعتمادا على العقل جائزا، لجاز صدوره من أيٍّ من العقلاء، وإن كانوا غير عالمين بالكتاب والسنّة؛ وذلك لتوافره لديهم، بل قد يفوق عقل بعض عقل العلماء بالكتاب والسنّة، وهذا ما لايقول بجوازه أحد؛ لأنَّ الاجتهاد لايتأتَّى إلاَّ لمن استجمع آلياته. <ref> انظر : أصول الفقه أبو زهرة : 253 ـ 254، أصول الفقه (البرديسي) : 303 ـ 305، نظرية الاستحسان : 88 ـ 92.</ref>
وأسلوب الدفع هذا أقرب بأسلوب الخطابة منه إلى الأسلوب العلمي، والأنسب في الدفع هو نفي الحجّية بعدم قيام الدليل، بل يكفي الشك فيها للقطع بعدمها<ref> الأصول العامة للفقه المقارن : 363.</ref>، هذا إذا لم نرجعه إلى دليل مقيِّد أو مخصِّص من الأدلَّة المتَّفق عليها نسبيا من الكتاب والسنّة والإجماع، وإلاَّ فالدفع لايرد.


==المصادر==
==المصادر==


[[تصنيف: حجية الاستحسان]][[تصنيف: عدم حجية الاستحسان]][[تصنيف: أقسام الاستحسان]][[تصنيف: اصطلاحات الأصول]][[تصنيف: علم الأصول]]
[[تصنيف: حجية الاستحسان]][[تصنيف: عدم حجية الاستحسان]][[تصنيف: الاجتهاد بالرأي]][[تصنيف: أقسام الاستحسان]][[تصنيف: اصطلاحات الأصول]][[تصنيف: علم الأصول]]
confirmed
١٬٦٣٠

تعديل