Write، بيروقراطيون، إداريون
٤٬٩٤١
تعديل
لا ملخص تعديل |
Mohsenmadani (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
سطر ٣٠: | سطر ٣٠: | ||
</div> | </div> | ||
'''عبد المحسن بن عبد القادر بن عبد اللَّه بن حسن الشهير بالأُسطواني''': العلّامة الفقيه، أمين الفتوى، قاضي الشرع الأوّل، أحد جهابذة العلم، الأديب، المشارك في السياسة. | '''عبد المحسن بن عبد القادر بن عبد اللَّه بن حسن الشهير بالأُسطواني''': العلّامة الفقيه، أمين الفتوى، قاضي الشرع الأوّل، أحد جهابذة العلم، الأديب، المشارك في السياسة. | ||
=الولادة= | |||
ولد في [[دمشق]] عام 1275 ه من أُسرة أنجبت العلماء، ترجع أُصولها إلى جبل نابلس في [[فلسطين]]، قدمت إلى دمشق، واستوطنت في الصالحية قبل القرن السابع، وقد كانوا يقلّدون مذهب [[أحمد بن حنبل]]، ثمّ أخذوا في القرن الحادي عشر ب[[المذهب الحنفي]]. | |||
=الدراسة= | |||
طلب علومه على العلّامة أبيه أوّلًا، ثمّ على كبار علماء دمشق، فلازم الشيخ [[سليم العطّار]] عشرين سنة، بدأ عليه أوّلًا، ثمّ بعد ثلاث سنوات رافقه في الطلب [[عطا الكسم]] بتزكية منه، فلازماه سبع عشرة سنة، وكان إذا سُئِل الشيخ سليم عن طلّابه قال: «الأُسطواني والكسم، والباقي رسم». وأخذ المترجم عن: الشيخ سعيد الأُسطواني، والشيخ [[محمود الحمزاوي]]، وغيرهم، وأجازوه بإجازات حافلة. | |||
<br>وبعد وفاة والده سنة 1314 ه عيّن إماماً في جامع البزورية القريب من بيت [[أسعد باشا]] العظم حتّى سنة 1326 ه. | <br>وبعد وفاة والده سنة 1314 ه عيّن إماماً في جامع البزورية القريب من بيت [[أسعد باشا]] العظم حتّى سنة 1326 ه. | ||
<br>كان كريم الخلق، لطيف المعاشرة، ذا نكتة، وله مواقف عظيمة في وجه الظلم والطغيان، جريئاً لا يخاف في اللَّه لوماً؛ ولهذا هابه الحكّام، صادقاً في حديثه، نزيهاً في حكمه، <br> | <br>كان كريم الخلق، لطيف المعاشرة، ذا نكتة، وله مواقف عظيمة في وجه الظلم والطغيان، جريئاً لا يخاف في اللَّه لوماً؛ ولهذا هابه الحكّام، صادقاً في حديثه، نزيهاً في حكمه، <br> | ||
سطر ٥٣: | سطر ٥٥: | ||
وبطانة تأمره بالسوء وتحضّه عليه، والمعصوم من عصمه اللَّه». فلمّا أتم حديثه أخذ [[سعد اللَّه الجابري]] يد الشيخ فقبّلها، ثمّ تبعه الآخرون. وكان المترجم كثيراً ما يستشهد بهذا القول:<br>«من أراد عزّاً بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فليخرج من ذلّ معصية اللَّه إلى عزّ طاعته». | وبطانة تأمره بالسوء وتحضّه عليه، والمعصوم من عصمه اللَّه». فلمّا أتم حديثه أخذ [[سعد اللَّه الجابري]] يد الشيخ فقبّلها، ثمّ تبعه الآخرون. وكان المترجم كثيراً ما يستشهد بهذا القول:<br>«من أراد عزّاً بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فليخرج من ذلّ معصية اللَّه إلى عزّ طاعته». | ||
<br>وكانت تهتزّ نفسه اهتزاز الأُدباء، فينظم رائع الشعر، ومن آخر ما نظم قوله:<br>آمنت باللَّه العظيم جلاله<br>والرسل والأملاك والقرآن<br><br><br>وبسائر الكتب التي قد أُنزلتْ<br>والبعثِ يوم الحشر والميزانِ<br>آمنتُ بالقدر الإلهي خيره<br>مع شرِّه من خالِقِ الأكوانِ<br>أرجوك يا مولاي نظرة رحمةٍ<br>أنجو بها يا واسعَ الغُفْرانِ<br>عهدي بأنّك لا تعذِّب شيبة<br>شابت بدين الحقّ والإيمانِ<br>فاختم مدى أجَلي بحسنِ سعادةٍ<br>فلكَ البقاءُ وكلُّ شيءٍ فانِ<br><br><br>ومن شعره تشطيره للبيتين اللذين طلب منه تشطيرهما إمام السادة الشافعية في الحرم المدني الشيخ [[محمّد جمال الدين]]، فقال:<br>مدينة خيرِ الخلق تحلو لناظري<br>بمجلا جمالٍ أخجل البدر والرقا<br>بَذَلتُ لها روحي بنفحةِ روحها<br>فلست أُبالي أن أموتَ بها عِشقاً<br>يقولون في زُرْق العيون شآمة<br>وليس الذي قالوه حقّاً ولا صِدقاً<br>فزرقَتُها حرزٌ منيع لعائنٍ<br>وعندي أنّ اليُمنَ في عينها الزرقا<br><br><br>له مؤلّفات مخطوطة، وهي رسائل أربع: «فتح الأغلاق عمّن مات أبوه بعد الاستحقاق، رفع الطلاوة عن رفع الغشاوة، هدى الرائد إلى ضالّة الناشد، ضوء الفجر في<br>ترجيح بيّنة الحَجْر». | <br>وكانت تهتزّ نفسه اهتزاز الأُدباء، فينظم رائع الشعر، ومن آخر ما نظم قوله:<br>آمنت باللَّه العظيم جلاله<br>والرسل والأملاك والقرآن<br><br><br>وبسائر الكتب التي قد أُنزلتْ<br>والبعثِ يوم الحشر والميزانِ<br>آمنتُ بالقدر الإلهي خيره<br>مع شرِّه من خالِقِ الأكوانِ<br>أرجوك يا مولاي نظرة رحمةٍ<br>أنجو بها يا واسعَ الغُفْرانِ<br>عهدي بأنّك لا تعذِّب شيبة<br>شابت بدين الحقّ والإيمانِ<br>فاختم مدى أجَلي بحسنِ سعادةٍ<br>فلكَ البقاءُ وكلُّ شيءٍ فانِ<br><br><br>ومن شعره تشطيره للبيتين اللذين طلب منه تشطيرهما إمام السادة الشافعية في الحرم المدني الشيخ [[محمّد جمال الدين]]، فقال:<br>مدينة خيرِ الخلق تحلو لناظري<br>بمجلا جمالٍ أخجل البدر والرقا<br>بَذَلتُ لها روحي بنفحةِ روحها<br>فلست أُبالي أن أموتَ بها عِشقاً<br>يقولون في زُرْق العيون شآمة<br>وليس الذي قالوه حقّاً ولا صِدقاً<br>فزرقَتُها حرزٌ منيع لعائنٍ<br>وعندي أنّ اليُمنَ في عينها الزرقا<br><br><br>له مؤلّفات مخطوطة، وهي رسائل أربع: «فتح الأغلاق عمّن مات أبوه بعد الاستحقاق، رفع الطلاوة عن رفع الغشاوة، هدى الرائد إلى ضالّة الناشد، ضوء الفجر في<br>ترجيح بيّنة الحَجْر». | ||
=الوفاة= | |||
<br>عاش الشيخ [[عبد المحسن]] مئة سنة وثماني سنوات، ظلّ إلى آخر لحظة فيها محتفظاً بذاكرته العجيبة، ولم يلزم البيت إلّافي السنتين الأخيرتين من عمره. | <br>عاش الشيخ [[عبد المحسن]] مئة سنة وثماني سنوات، ظلّ إلى آخر لحظة فيها محتفظاً بذاكرته العجيبة، ولم يلزم البيت إلّافي السنتين الأخيرتين من عمره. | ||
<br>سئل عن سبب طول عمره فقال: إنّه طوى الفراش منذ بلغ الستّين، وإنّه كان قليل الأكل، يتناول وجبتين خفيفتين كلّ يوم إحداهما في الصباح، والأُخرى في المساء لا يأكل بينهما طعاماً، وإنّه ينام مبكّراً بعد العشاء الآخرة على الغالب، ويستيقظ قبل الفجر، وإنّه يقول لأهله: «لا تخبروني عن أخبار البيت المزعجة»، والآجال على كلّ حال بيد اللَّه تعالى. | <br>سئل عن سبب طول عمره فقال: إنّه طوى الفراش منذ بلغ الستّين، وإنّه كان قليل الأكل، يتناول وجبتين خفيفتين كلّ يوم إحداهما في الصباح، والأُخرى في المساء لا يأكل بينهما طعاماً، وإنّه ينام مبكّراً بعد العشاء الآخرة على الغالب، ويستيقظ قبل الفجر، وإنّه يقول لأهله: «لا تخبروني عن أخبار البيت المزعجة»، والآجال على كلّ حال بيد اللَّه تعالى. | ||
توفّي يوم الاثنين 24/ رجب/ 1383 ه في يوم كثير الثلج والبرد من أيّام كانون الأوّل، وقد شيّعته دمشق علماؤها ورجالاتها بموكب جليل، ودفن بمقبرة الباب الصغير. | |||
=رثاء الآخرين له= | |||
<br>وقد رثاه أحد العلماء بشعر يقول فيه:<br>خاتم الأعلام تاجُ العلما<br>عمدة الأعيان والركن العميدْ<br>ترك الدنيا وللَّه وَفَى<br>زاهداً والزهد في الدنيا زهيدْ<br>وأتاها ضاحكاً مستبشراً<br>ولقاء اللَّه للأخيار عِيدْ<br>فاجتباه اللَّه من خيرته<br>بجنان الخلد والعيش الرغيدْ<br><br> | <br>وقد رثاه أحد العلماء بشعر يقول فيه:<br>خاتم الأعلام تاجُ العلما<br>عمدة الأعيان والركن العميدْ<br>ترك الدنيا وللَّه وَفَى<br>زاهداً والزهد في الدنيا زهيدْ<br>وأتاها ضاحكاً مستبشراً<br>ولقاء اللَّه للأخيار عِيدْ<br>فاجتباه اللَّه من خيرته<br>بجنان الخلد والعيش الرغيدْ<br><br> | ||
= المراجع = | |||
(انظر ترجمته في: تاريخ علماء دمشق 2: 770- 776، نثر الجواهر والدرر 1: 824- 827). | (انظر ترجمته في: تاريخ علماء دمشق 2: 770- 776، نثر الجواهر والدرر 1: 824- 827). | ||
<br> | <br> | ||
[[تصنيف:روّاد التقريب]] | [[تصنيف:روّاد التقريب]] | ||
[[تصنيف:علماء سوريا]] | [[تصنيف:علماء سوريا]] |