انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «سد الذرائع»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٩٥: سطر ٩٥:
<br>منها: [[الإجماع|إجماع الصحابة]] على قتل الجماعة بالواحد وإن كان أصل [[القصاص]] يمنع من ذلك؛ والسبب هو ألاّ يكون هذا الصنف من القتل ذريعة للتعاون على سفك الدماء البريئة.
<br>منها: [[الإجماع|إجماع الصحابة]] على قتل الجماعة بالواحد وإن كان أصل [[القصاص]] يمنع من ذلك؛ والسبب هو ألاّ يكون هذا الصنف من القتل ذريعة للتعاون على سفك الدماء البريئة.
<br>ومنها: حكم [[عثمان بن عفان]] بتوريث تماضر بنت أصبغ الكلبية المطلقة بائنا من زوجها [[عبدالرحمن بن عوف]] فيمرض موته؛ لأنّ الطلاق في هذه الحالة ذريعة إلى قصد حرمان المرأة من الميراث بعد تعلّق حقّها به. وكان ذلك بمحضر من كبار [[الصحابة]] ولم ينكروا عليه.
<br>ومنها: حكم [[عثمان بن عفان]] بتوريث تماضر بنت أصبغ الكلبية المطلقة بائنا من زوجها [[عبدالرحمن بن عوف]] فيمرض موته؛ لأنّ الطلاق في هذه الحالة ذريعة إلى قصد حرمان المرأة من الميراث بعد تعلّق حقّها به. وكان ذلك بمحضر من كبار [[الصحابة]] ولم ينكروا عليه.
ومنها: جمع عثمان [[المصحف]] على حرف واحد؛ لئلاّ يكون ذريعة إلى اختلافهم في القرآن ووافقه في ذلك الصحابة<ref>. إمتاع أهل العقول 1: 462.</ref>.
<br>ومنها: جمع عثمان [[المصحف]] على حرف واحد؛ لئلاّ يكون ذريعة إلى اختلافهم في القرآن ووافقه في ذلك الصحابة<ref>. إمتاع أهل العقول 1: 462.</ref>.


==الدليل الثالث: الاعتبارات العقلية==
==الدليل الثالث: الاعتبارات العقلية==
ذهب مثل [[ابن قيم الجوزية]] إلى أنّ حكم الوسائل تتبع ما تنتهى إليه، وأنّ تحريم وسيلة في حقيقته لأجل القصد والغاية المطلوبة منها و [[الحکم]] يتبع القصد. ولو أباح اللّه‏ الوسيلة المفضية إلى المحرّم لكان نقضا للتحريم وإغراء للنفوس إليه<ref>. إعلام الموقعين 3: 135.</ref>.
ذهب مثل [[ابن قيم الجوزية]] إلى أنّ حكم الوسائل تتبع ما تنتهى إليه، وأنّ تحريم وسيلة في حقيقته لأجل القصد والغاية المطلوبة منها و [[الحکم]] يتبع القصد. ولو أباح اللّه‏ الوسيلة المفضية إلى المحرّم لكان نقضا للتحريم وإغراء للنفوس إليه<ref>. إعلام الموقعين 3: 135.</ref>.
وبرغم أنّ مجمل الأدلّة لسدّ الذرائع وردت عن [[المالكية]] و [[الحنابلة|الحنبلية]] إلاّ أنّ هناك من يرى كون القول بسدّ الذرائع لا اختصاص له بالمالكية والحنبلية إلاّ من حيث التركيز عليها وكمية موارد الاستدلال بها والبحث فيها وتوسيع نطاق الاستدلال بها، وإلاّ فهناك من الذرائع ما هو مجمع عليه لدى المذاهب كالمنع من حفر بئر في طريق المسلمين، وإلقاء السم في طعامهم، وسبّ الأصنام عند من يُعلم حاله أنّه يسبّ اللّه‏، ومنها ما هو ملغى إجماعا كزراعة العنب، ومنها ما هو مختلف فيه كبيوع الآجال<ref>. إرشاد الفحول: 282 ـ 283.</ref>.
وبرغم أنّ مجمل الأدلّة لسدّ الذرائع وردت عن [[المالكية]] و [[الحنابلة|الحنبلية]] إلاّ أنّ هناك من يرى كون القول بسدّ الذرائع لا اختصاص له بالمالكية والحنبلية إلاّ من حيث التركيز عليها وكمية موارد الاستدلال بها والبحث فيها وتوسيع نطاق الاستدلال بها، وإلاّ فهناك من الذرائع ما هو مجمع عليه لدى المذاهب كالمنع من حفر بئر في طريق المسلمين، وإلقاء السم في طعامهم، وسبّ الأصنام عند من يُعلم حاله أنّه يسبّ اللّه‏، ومنها ما هو ملغى إجماعا كزراعة العنب، ومنها ما هو مختلف فيه كبيوع الآجال<ref>. إرشاد الفحول: 282 ـ 283.</ref>.
ويذهب بعض آخر إلى أنّ سدّ الذرائع مجمع عليه في الجملة والنقاش في ذرائع خاصّة اختلف في حكمها مثل بيوع الآجال، أي يبيع سلعة إلى أجل ما ويشتريها نقدا بخمسين، فقد توصّل إلى الخمسين بمجرّد ذكر السلعة، وكذلك أمثال هذه الموارد<ref>. البحر المحيط 6: 82.</ref>.
<br>ويذهب بعض آخر إلى أنّ سدّ الذرائع مجمع عليه في الجملة والنقاش في ذرائع خاصّة اختلف في حكمها مثل بيوع الآجال، أي يبيع سلعة إلى أجل ما ويشتريها نقدا بخمسين، فقد توصّل إلى الخمسين بمجرّد ذكر السلعة، وكذلك أمثال هذه الموارد<ref>. البحر المحيط 6: 82.</ref>.
يرفض [[الشيخ السبحاني]] ما أروده ابن قيّم من شواهد أو [[الاستقراء|أدلّة استقرائية]] على سدّ الذرائع من [[الكتاب]] و [[السنة]]، وذلك باعتبار أنّ القائلين بسدّ الذرائع مرادهم تحريم المباح من باب كونه حراما غيريا لوقوعه مقدّمة لحرام آخر، لا حراما نفسيا بينما أغلب ما ذكره ابن قيّم من شواهد هي حرام نفسي، والفرق بين [[الحرمة|الحرام النفسي والغيري]] أنّ الأخير لا يعاقب عليه بخلاف [[الحرمة|الحرام النفسي]].
<br>يرفض [[الشيخ السبحاني]] ما أروده ابن قيّم من شواهد أو [[الاستقراء|أدلّة استقرائية]] على سدّ الذرائع من [[الكتاب]] و [[السنة]]، وذلك باعتبار أنّ القائلين بسدّ الذرائع مرادهم تحريم المباح من باب كونه حراما غيريا لوقوعه مقدّمة لحرام آخر، لا حراما نفسيا بينما أغلب ما ذكره ابن قيّم من شواهد هي حرام نفسي، والفرق بين [[الحرمة|الحرام النفسي والغيري]] أنّ الأخير لا يعاقب عليه بخلاف [[الحرمة|الحرام النفسي]].
لكنّ بعض الأمثلة التي ذكرها يبدو كونها محرمة غيرية، وهي موارد محدودة لا تصلح أن تكون دليلاً على حجّية سدّ الذرائع. وإذا شكّ في حرام كونه غيريا أو نفسيا فالإطلاق يقتضي أن يكون نفسيا، وعندئذٍ لا تصلح الشواهد أن تكون دليلاً على المراد.
لكنّ بعض الأمثلة التي ذكرها يبدو كونها محرمة غيرية، وهي موارد محدودة لا تصلح أن تكون دليلاً على حجّية سدّ الذرائع. وإذا شكّ في حرام كونه غيريا أو نفسيا فالإطلاق يقتضي أن يكون نفسيا، وعندئذٍ لا تصلح الشواهد أن تكون دليلاً على المراد.
ويُلاحظ على الاعتبارات العقلية التي أوردها ابن القيم عدّة ملاحظات:
<br>ويُلاحظ على الاعتبارات العقلية التي أوردها ابن القيم عدّة ملاحظات:
أوّلاً: أنّها لو صحّ ادّعاء الملازمة بين حرمة الشيء وحرمة ذريعته فالقاعدة تكون من فروع حكم العقل لا قاعدة مستقلّة.
<br>أوّلاً: أنّها لو صحّ ادّعاء الملازمة بين حرمة الشيء وحرمة ذريعته فالقاعدة تكون من فروع حكم العقل لا قاعدة مستقلّة.
ثانيا: لا ملازمة بين حرمة الشيء وحرمة مقدّمته بل لا مانع من حرمة الشيء وحلّية مقدّمته، وليس فيه أي نقض للتحريم، فالإباحة تعني اختيار المكلّف الفعل أو [[الترک]]، لكن لو أتى بها يعاقب لأجل إتيان ذيها، ولأجل ذلك يشترط في المقدّمة عدم التنافي بين حكمها وحكم ذيها، بأن يكون الشيء حراما وذريعته واجبة، لأنّ مثل هذا يعدّ نقضا للتحريم دون ما إذا كانت مباحة، فإنّه وإن لم يكن في هذه الحالة إلزام شرعي بتركها بل الفعل و [[الترک]] سيان عنده، لكنّ العقل يوجّهه ويرشده إلى ما هو فيه الصلاح ويدعوه من باب النُصح إلى ترك الذريعة خوفا من الوقوع في الحرام.
<br>ثانيا: لا ملازمة بين حرمة الشيء وحرمة مقدّمته بل لا مانع من حرمة الشيء وحلّية مقدّمته، وليس فيه أي نقض للتحريم، فالإباحة تعني اختيار المكلّف الفعل أو [[الترک]]، لكن لو أتى بها يعاقب لأجل إتيان ذيها، ولأجل ذلك يشترط في المقدّمة عدم التنافي بين حكمها وحكم ذيها، بأن يكون الشيء حراما وذريعته واجبة، لأنّ مثل هذا يعدّ نقضا للتحريم دون ما إذا كانت مباحة، فإنّه وإن لم يكن في هذه الحالة إلزام شرعي بتركها بل الفعل و [[الترک]] سيان عنده، لكنّ العقل يوجّهه ويرشده إلى ما هو فيه الصلاح ويدعوه من باب النُصح إلى ترك الذريعة خوفا من الوقوع في الحرام.
ثالثا: يمكن أن يقال كون تحريم [[المقدمة]] تحريما غيريا أمرا لغوا؛ لأنّ التحريم الغيري لا يترتّب عليه ثواب ولا عقاب، وشأنه شأن الأمر المقدّمي في أنّ أمره يدور بين اللغوية إذا كان بصدد الإتيان بذيها، أو عدم الباعثية وإحداث الداعوية إذا لم يكن بصدد الإتيان بذيها.
<br>ثالثا: يمكن أن يقال كون تحريم [[المقدمة]] تحريما غيريا أمرا لغوا؛ لأنّ التحريم الغيري لا يترتّب عليه ثواب ولا عقاب، وشأنه شأن الأمر المقدّمي في أنّ أمره يدور بين اللغوية إذا كان بصدد الإتيان بذيها، أو عدم الباعثية وإحداث الداعوية إذا لم يكن بصدد الإتيان بذيها.
كما يورد مناقشات اُخرى على استدلالات ابن القيم<ref>. اُصول الفقه المقارن فيما لا نصّ فيه: 215 ـ 223، واُنظر: الاُصول العامة للفقه المقارن الحكيم: 397 ـ 398.</ref>.
كما يورد مناقشات اُخرى على استدلالات ابن القيم<ref>. اُصول الفقه المقارن فيما لا نصّ فيه: 215 ـ 223، واُنظر: الاُصول العامة للفقه المقارن الحكيم: 397 ـ 398.</ref>.


confirmed
١٬٦٣٠

تعديل