حسين نوري الهمداني
حسين نوري الهمداني من المراجع الدينية المعاصرة المعروفة، وأستاذ للبحث الخارج في حوزة قم العلمية المقدسة، واحد رواد الوحدة الإسلامية وكان عضواً في مجلس خبراء القيادة وإماماً للجمعة في مدينة همدان، وكان أحد تلاميذ السيد محمد الداماد والعلامة الطباطبائي وآية الله البروجردي والإمام الخميني وكان وكيلاً من قبل الإمام الخميني في التصدّي لأمور الحسبة وكان أحد مؤسسي وكتّاب مجلة مكتب الإسلام ومن مؤسسي مدرسة المهدي الموعود العلمية في قم، ومن بين سجلاته السياسية قبل الثورة الإسلامية في إيران، التحدث ضد النظام البهلوي في حسينية الإرشاد، وتجميع ونشر البيانات، والتوقيع على إعلان سلطة السيد روح الله الخميني، والتحدث في مظاهرات 19 يناير، والسجن في طهران، والنفي إلى خلخال وسقز، نُشرت أطروحته العملية في عام 1371، وقد صدرت له العديد من مؤلفاته، منها: معجم الروايات الثقة، والجهاد، والإنسان والعالم، ومكانة المرأة في العالم الإسلامي، وغيرها، وهو يأكد دائماً أن عدم احترام المسلمين لمقدسات لدى بعضهم البعض يشكل عائقاً أمام تعزيز الوحدة الإسلامية.
حسين نوري الهمداني | |
---|---|
![]() | |
الإسم | حسين نوري الهمداني |
التفاصيل الذاتية | |
الولادة | 1304 ش، ١٣٤٤ ق، ١٩٢٦ م |
مكان الولادة | ايران |
الدين | الإسلام، الشيعة |
النشاطات |
|
الولادة والنشأ
ولد سماحة المرجع الديني آية الله الشيخ نوري الهمداني في سنة 1304 هجرية شمسية من أسرة علمية متدينة في مدينة همدان الإيرانية وكان والده المرحوم حجة الإسلام والمسلمين الحاج الشيخ إبراهيم نوري الهمداني من العلماء المعروفين على صعيد هذه المحافظة وقد كان معاصراً لسماحة الآخوند ملا علي الهمداني ويسكن معه في نفس الحجرة.
مرحلة الدراسة
بدأ سماحته بالدراسة والتعليم وهو في سن السابعة من عمره، فدرس الآدب الفارسي وكلستان سعدي والإنشاء ودرس ترسل النصاب وغيرها من الدروس وحتى معالم الأصول عند والده المكرم. وفي سنة 1321 شمسية إلتحق بمدرسة المرحوم آية الله العظمى الآخوند الهمداني وأستمرت دراسته فيها حوالي السنة والنصف ولكن شغفه وإشتياقه وتعطشه لطلب المزيد من العلم والمعرفة وإستعداده الكبير والمواهب التي تكمن في داخله ونبوغه العلمي والتي كانت مضرباً للأمثال جعلته وبعد مدة قصيرة من الإقامة في همدان يشد الرحال ويهاجر الى مدينة قم المقدسة وأن يقيم في بلدة عش آل محمد (عليهم السلام) وأستطاع التغلب على جميع الصعاب والمشقات التي واجهته في ذلك الزمان والتتلمذ على يد كبار أساتيذ الحوزة العلمية في هذه المدينة المقدسة [١].
الأساتيذ
وكما تم الإشارة إليه آنفاً فقد تتلمذ سماحته ودرس دروس المقدمات عند والده المعظم ومن ثم بعدها حضر عند كبار علماء وأساتيذ الحوزة العلمية في مدينة همدان لاسيما عند آية الله العظمى الأخوند الملا علي الهمداني (قدس سره) ونال الحظوة بالحضور والتتلمذ في محضره الشريف. وبعد دخوله الى الحوزة العلمية الدينية في قم المقدسة حضر بحوث كل من المراجع العظام الداماد والحجت الكوهكمري والعلامة الطباطبائي والبروجردي والإمام الخميني (عليهم الرحمة) والأستفادة منهم ويتحدث سماحته عن تلك البرهة الزمنية والأساتذة الذين درس عندهم فيقول: يعتبر آية الله العظمى السيد محمد الداماد أحد الأساتذة الذين كان لهم الدور الكبير في مسيرة حياتي العلمية والإندفاع نحو العلم والمعرفة فقد حضرت عنده درس الفقه والاصول لمدة قاربت على 12 عاماً وكنت أنا وعدد من الطلبة الأخرين نُعرف بطلبة الداماد وكان رجلاً دقيقاً ومنصفاً للغاية ويمتاز بصفة تربية الطلبة والعناية بهم وإعدادهم بالشكل المطلوب وكنت أقرر مايكتبه استاذي ومن ثم أعرض عليه فيقرأه ويكتب هواشي وتعليقات على ذلك فحينما كنت أقرأ تلك التعليقات آراها مفيدة ولها مغز علمي كبير. وكان هذا العالم في تواضعه وإخلاصة وبساطة عيشه من أولئك الذين قل نظيرهم وكان يكن لأهل البيت (عليهم السلام) محبة وعلاقة خاصة ففي أحد الأيام كان يشرح لنا مسألة الوضوء فحينما وصل الى وجوب سكب الماء من قبل المتوضيء نفسه وعدم طلب الإعانة من غيره وبالطبع فإن الأستعانة هنا لها مراتب فبعض مراتبها يستوجب بطلان الوضوء وبعضها مكروهة فقرأ لنا رواية من كتاب " الوسائل " تقول بإن الإمام الرضا (عليه السلام) دخل على مجلس المامون العباسي فرآى أحد الغلمان يسكب الماء على يد المامون والمامون يتوضأ فقال له الإمام (عليه السلام): "لا تشرك بعبادة ربك أحداً ياامير المؤمنين " فلما وصل الى هذه العبارة تغيرت احواله وأخذ يجهش بالبكاء عالياً بحيث لم يتمكن من الأستمرار بالدرس وتأسف كثيراً الى ماوصلت إليه الحالة بالإمام بحيث يطلق لقب امير المؤمنين على المامون! ولاشك فإن إخلاصه وولاه هذا قد ترك تآثيرات عميقة في نفوسنا. ومن جملة الأساتذة الذين حضرت في حلقات دروسهم وأبحاثهم العلمية هو آية الله العلامة السيد الطباطبائي (رحمهالله) حيث درست عنده درس الأسفار لمدة خمسة سنوات ومن الجدير بالذكر فإن العلامة ذاع صيته وعرفه بسمو وعلو المقام بإخلاقه الكريمة وكماله وغزارة العلوم والمعارف وتربية الطلبة وتنشأتهم.
ومن بين الأساتذة الذين إنتهلت من معينهم الرقراق هو سماحة الإمام الخميني (رحمه الله) فقد كانت معرفتي بسماحته هي حين دخولي الى مدينة قم المقدسة سنة 1362 هجرية قمرية حيث كان يدرس الأخلاق في أيام الجمعة وقبل ساعة من غروب الشمس في المدرسة الفيضية ومن ثم تُقام صلاتي المغرب والعشاء بإمامة آية الله الخوانساري وقد كنت أشترك في دروسه الأخلاقية والعرفانية والعلمية وكان درسه في الأخلاق من الدروس الكاملة والشاملة فكان يمزج الآيات القرآنية والروايات الشريفة مع المفاهيم العلمية ويشرح ذلك شرحاً بسيطاً ومؤثراً ؛ بإعتباره كان يخرج ذلك من قلبه ومايخرج من القلب يدخل الى القلب لذا فقد أوجد تحولاً عميقاً في نفوس مستمعيه[٢].
تبجيله وتقديره لأساتذته العظام
لم يألو سماحته جهداً في تكريم وتعظيم أساتذته العظام وذلك عملاً بالآيات القرآنية الكريمة والروايات الإسلامية والتآسي بالسلف الصالح وكانت إحدى توصياته وتوجيهاته لطلبته هي العمل على تجليل الأستاذ وتبجيله وتعظيمه بقدر المستطاع فكان سماحته يقول ولمرات عديدة (لقد كتبت جميع من كان له الفضل عليّ من أساتذتي العظام وأدعو لهم في صلاة الليل حيث إن لهذا العمل بركات كثيرة ويستوجب زيادة التوفيق).
مرحلة التدريس
لقد شرع سماحة آية الله العظمى الشيخ نوري الهمداني (دامظلهالعالي) وتزامناً بدخوله الحوزة العلمية في قم بالتدريس وبدأ في حلقات تدريس مواضيع مختلفة فقهية ، أصولية، كلامية، أخلاقية و... وكانت حلقاته تعج بالطلبة وأستفاد العديد منهم من فيض علومه وشرع سماحته بتدريس كتاب نهج البلاغة في زمن الطاغوت وذلك في المسجد الأعظم فكان يطرح المواضيع التي تهم الساحة في تلك الفترة بنوع من المنطق والحجة والإستدلال والبرهان القوي مما ضيق الخناق على النظام البائد فلم يجدوا بداً سوى القيام بتعطيل والغاء الدرس مما حرم الكثير من الفضلاء والأجلاء والذين يعدون اليوم من كبار أساتذة الحوزة ومن مسؤولي نظام الجمهوية الإسلامية من نعمة ذلك الدرس. وناهزت المدة التي درس فيها سماحته الدروس الحوزوية (البحث الخارج) على أكثر من ثلاثين سنّة وهناك حدود الف طالب من الفضلاء والعلماء البارزين قد نهلوا من علومه وتتلمذوا على يده المباركة.
المؤلفات
يتقيد سماحة آية الله العظمى الشيخ نوري الهمداني (دامظلهالعالي) من حيث الكتابة والتأليف بقيود خاصة ومن وصاياه الأكيدة لطلبته هي العمل على تقوية قلمهم والكتابة والتأليف في مختلف الحقول والمجالات ومن هذا المنطق كان لسماحته تاليفات كثيرة وفي شتى المواضيع والمناحي فقد وصلت الى 50 تاليفاً حيث تم طباعة بعضها والبعض الأخر في مرحلة الطباعة وقسم منها في الوقت الحاضر في طور تهيئته وإعدادها للطباعة. واما الكتب المطبوعة فهي كالتالي:
- كتاب الخمس
- مسائل في الإجتهاد والتقليد
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من منظار الدين الإسلامي الحنيف " باللغة العربية "
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من منظار الدين الإسلامي الحنيف " باللغة الفارسية "
- الإسلام المجسد ، شرح أحوال كبار علماء الإسلام
- مكانة المرأة في الإسلام
- كتاب الجهاد باللغة الفارسية
- كتاب الربا
- علم عصر الفضاء
- عجائب الخلقة
- عالم الخلقة
- الإنسان والعالم
- الخوارج من منظار نهج البلاغة
- الحركة الثورية في مصر
- القصص التاريخية
- نحن والمسائل اليومية
- بيت المال من منظار نهج البلاغة
- الإقتصاد الإسلامي
- منطق معرفة الله
- الجمهورية الإسلامية
- رسالة توضيح المسائل
- الإستعداد العسكري والحدودي في الإسلام
- الف مسألة فقهية ومسألة (المجلد الأول ) و(المجلد الثاني)
- مناسك الحج " باللغة العربية "
- مناسك الحج " باللغة الفارسية "
- منتخب المسائل " باللغة العربية "حيث لكل واحد من تلك التاليفات مخاطبه وقارئه الخاص ويستفيد منها شرائح مختلفة [٣].
النشاطات السياسية والإجتماعية
وبما إن سماحة آية الله العظمى الشيخ نوري الهمداني (دامظلهالعالي) كان تلميذاً للإمام الخميني (ره) ويكن له شديد الحب والولاء لذا فقد تأثر بسلوكيات ونشاطات وأعمال مؤسس الثورة الإسلامية في ايران تآثيراً كبيراً ولاسيما الجانب السياسي ولم يغفل سماحته والى جانب العمل السياسي عن الجانب العلمي والإجتماعي وكان من الأوائل في التحرك ضد النظام الشاهنشاهي البائد ولم يخاف في طريق ذات الشوكة من السجن والتبعيد و... وسار في أداء رسالته الثورية بكل مالديه من قوة وإمكانية فيقول عن ذلك:
أنا من الأشخاص الذين وفقهم الله تعالى للحضور في حلقات درس الإمام الخميني (ره) للسنوات عديدة فقد نلت وبالإضافة الى المطالب العلمية الكثير من السجايا الأخلاقية التي كان يحملها هذا الرجل العظيم فوجدت وبعد كل تلك السنين والبحث في النصوص الدينية والموازين الإسلامية بإن وظيفة ومسؤولية رجل الدين لاتقتصر على تحصيل العلم والتدريس فقط وإنما تتعدى لتشمل امور أخرى فعلى هذا الاساس بدأ سماحته بالتحرك وإشعال فتيل الثورة فحاولت السير خلفه ودعمه بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة وكانت لدينا جلسات سرية مع بعض من لديهم افكاراً وآراءاً مشابه لنا فكنا نتطرق فيها الى الأوضاع السائدة ونتخذ قرارات من اجل السير الى الأمام ومواكبة حركة الإمام ونشاطاته فكانت لدينا بيانات ضد النظام نوزعها على الناس ، وبالطبع فقد كنت انا أحياناً من يكتبها وكانت لدينا تعاون وتنسيق مع الكثيرين ونرسل الأشخاص في هذا السياق لمعظم مناطق ايران لتكون بداية مرحلة حاسمة في مصير الشعب الإيراني.
سجن قزل قلعه
كانت البيانات التي تصدر ضد النظام البائد من مدينة قم المقدسة تحمل توقيعي وذلك بعد عملية إبعاد الإمام الخميني الى تركيا ولهذا فقد إقتحم عدد من رجال الأمن (السافاك) بيتي وقاموا بتفتيش كل زاويا من زواياه والعبث بمكتبتي الخاصة وأخذ مجموعة من الكتب منها ثم تم إعتقالي وأخذي الى سجن الامن والذي كان في شارع المحطة وبت تلك الليلة هناك وبعد ذلك تم نقلي الى سجن "قزل قلعه" في مدينة طهران وهو أحد السجون الكبيرة التي إستخدمها النظام في قمع وحبس معارضيه. والجدير بالذكر فقد كنا في زنزانات إنفرادية ونخرج في كل يوم ثلاثة مرات للتجديد الوضوء وكان معنا عدد من السادة الأجلاء حيث كنت اشاهدهم من بعيد وذلك كلما خرجت للوضوء. ولايوجد في داخل الزنزانة سوى فتحة صغيرة يدخل منها شعاع ضعيف من النور وكان صغيرة الحجم بشكل إذا فتح الشخص ذراعيه لوصل الى أطرافها وأما الأرض فكانت مفروشة بإحجار غير مستوية بحيث يتآلم فيها الشخص لو أراد الجلوس والنوم عليها. وبقيت على هذه الحالة لمدة ناهزت على الثلاثة أشهر من دون محاكمة أو ملاقاة الأهل ولايسمح لنا بالخروج الإ وقت الوضوء وقضاء الحاجة وتغيرت الحالة بعد المحاكمة حيث كنا نخرج الى ساحة السجن لمدة عشر دقائق في كل يوم لأجل المشي والتنفس. وعندما أخذوني الى التحقيق كان الكلام يتركز على أساس ( إنكم من مؤيدي وأنصار الإمام الخميني ومن مصاديق تأيدكم له هو كتابتكم للبيانات والتوقيع عليها ) وقد أطلق سراحي بعد المحكمة بشهرين. وبعد إطلاق سراحي سافرت الى مدينة همدان وزارني العديد من العلماء وسائر شرائح المجتمع وكان الفصل صيفاً وبدأت في عملية التدريس في مدرسة همدان العلمية وكان الحضور كبيراً وحينما شاهد رجال الأمن (السافاك) الحضور الواسع وتفاعل الأهالي والشاب وإرتباطها القريب مني أضطروا الى إلقاء القبض عليّ مرة ثانية وإرسالي الى مدينة طهران مجدداً وأودعت سجن قزل قلعة مرة أخرى وأستمرت فترة إعتقالي هذه المرة لعدّة أشهر. وبعد إطلاق سراحي صدر أمر بمنعي من إرتقاء المنبر والقاء الخطب وظليت على هذه الحالة ولم يسمح لي بإلقاء المواعظ والخطب لمدة طويلة بعدها ذهبت الى مدينة رفسنجان وهناك صعدت المنبر مرتين أو ثلاث فعلم أمن المدينة بذلك فمنعوني وهددوني بالإعتقال[٤].
19دي سنة 56 اليوم التأريخي
وبعد هذه الأحداث كلها رجعت الى مدينة قم المقدسة وبدأت بالتدريس والبحث وكنت في صدد تحقيق الأهداف التي أصبو إليها في كل فرصة ومناسبة متاحة حتى جاءت أحداث يوم 19 من شهر دي لسنة 56 وذلك بالتفصيل التالي: قامت جريدة "اطلاعات" الموالية للنظام بطباعة مقالة تتعرض فيها الى شخص الإمام الخميني (ره) وذلك بتاريخ 17 دي سنة 56 وكان سماحته في ذلك الوقت يقيم في مدينة النجف الأشرف فأثارت تلك المقالة إستياء وغضب الأساتذة والفضلاء في الحوزة العلمية فقرروا إقامة جلسة في منزلي وحضر تلك الجلسة عدد كبير من الفضلاء ومنهم الشيخ المشكيني والسيد الوحيد الخراساني وتقرر فيها تعطيل دروس الحوزة العلمية وسوق قم كاخطوة أولى للأعتراض على ماكتبته جريدة إطلاعات وبالفعل فقد تم تعطيل الحوزة والسوق وبدأ أصحاب المحلات التجارية والفضلاء والعلماء التردد على بيوتات المراجع العظام حيث كانت تقام فيها مجالس الخطابة للأعتراض على مواقف النظام وفي يوم 19 دي ذهب عدد من الوجهاء والسادة الى بيوت بعض الأساتذة وهناك تم إتخاذ قراراً بإلاجتماع في منزلي عصر ذلك اليوم وتم الإعلان عن هذا الموضوع في صلاة الجماعات وبالفعل فقد جاء مجموعة من الشباب ونصبوا عدد من مكبرات الصوث في المنزل وأطرافه وبدأت جموع الناس تتوافد شيئاً فشيئاً حتى امتلأت ساحة البيت ومن ثم السطوح المجاورة والزقاق وفي بداية الإجتماع القى صهري السيد حسين الموسوي التبريزي كلمة وبعد ذلك رأيت ان الوظيفة تحتم عليّ إلقاء كلمة في الجموع الحاضرة والحديث عن جرائم النظام وظلمه. وكنت أرى إن الواجب يملئ عليّ تشخيص وتحديد المركز الاصلي لهذه الجرائم ولهذا فقد سلطت خطبتي الضوء على رأس الفتنة وأساسها وقد قرأت اشعاراً في مقارنة حركة الإمام والتي نشأت من الإسلام والقرآن الكريم وسيرة ومنهجية أهل البيت (عليهم السلام) مع ردود الفعل التي صدرت من قبل الأستكبار العالمي وأذنابه. وفعلت تلك الخطبة والاِشعار فعلتها وشحنة الناس بالطاقة والهبتهم بالحماس وبدأوا يهتفون بشعارات مناهضة وخرجت الجموع الغاضبة من منزلي متجهة الى الشارع العام وقد رأيت من اللازم بمكان أن أخرج معهم فوصلت تلك التظاهرة الى مقابل مركز الشرطة وهنا أخذ رجال الشرطة يطلقون العيارات النارية بإتجاه المتظاهرين الذين لايملكون أي وسيلة للدفاع عن أنفسهم وقد سقط أثناء الرمي العديد من الشهداء وهكذا بدأت انتفاضة الشعب من هذه اللحظة حيث أخذ الناس بالتظاهر في سائر المدن الإيرانية الأخرى تخليداً وإحياءاً للشهداء الذين سقطوا على أرض قم وأول مدينة قامت بالتحرك هي مدينة تبريز ومن ثم إنضمت لها بعض المدن الى أن شملت جميع المدن الإيرانية تقريباً.
وقد تم إطلاق إسم " زقاق النهضة " على زقاقنا وحينما زار الإمام الخميني (ره) مدينة قم المقدسة زار بيتنا وقد قيل له بإن فتيلة الثورة الإسلامية بدأت من هذه البيت. وبعد إلقائي الخطبة والمحاضرة الثورية وتلك الأشعار الحماسية في يوم 19 دي كنت بإنتظار مجئ رجال الأمن لإعتقالي ولحسن الحظ فقد سافرت الى مدينة طهران وحينما جاءوا الامن الى بيتي لم يجدوني فقاموا بتفتيش البيت ولم يتركوا مكان الإ وقد عبثوا فيه ولما رجعت من طهران أخبروني بالحادث فهيئة نفسي ورتبت اموري فتصلت بعدها بالامن وقلت لهم إني رجعت من سفري وبعد نصف ساعة تقريباً جاء رجال الامن وأخذوني الى مركز الشرطة وبعد مقدمات خاصة أبعدوني الى مدينة خلخال. ودامت مدة إبعادي الى خلخل عدة شهور وكنت خلالها أذهب بالإجبار الى مركز الشرطة يومياً للتوقيع وتسجيل الحضور هناك وكان مكان إقامتي مراقب بشدة ويُحساب كل من يأتي الى زيارتي وكما كان شرائي للحاجات الضرورية امر في غاية الصعوبة حيث اوصى رجال الامن المحلات المجاورة بعدم البيع لنا.
وفي صباح أحد الأيام ذهبت الى مركز الشرطة للتوقيع على حضوري وفي تلك اللحظات جاء امر لتبعيدي الى مدينة سقز فطلبت منهم الرجوع الى البيت لأخذ حوائجي اللازمة فرفضوا ذلك وبالفعل فقد تم إبعادي الى هذه المدينة برفقة عدد من رجال الامن. وفي هذه المدينة وجدت عدد من السادة الذين أبعدهم النظام البائد الى هذه المنطقة وكان الزمن في هذه المنطقة يمر ثقيلاً الى أن جاءت حكومة شريف إمامي فأرادت ان يكون لها مواقف جيدة وتحسين صورة النظام امام الشعب فقامت بفتح السجون وإطلاق سراح السجناء السياسين وإرجاع المبعدين الى مدنهم وعليه فقد تم إطلاق سراحي من مدينة سقز الواقعة في منطقة كردستان وفي ذلك الوقت كان الإمام الخميني (رضوان الله عليه ) يعيش في مدينة "باريس" في منطقة نوفل لوشاتو فسافرت الى هناك وكنت أحضر في الجلسات التي كان يعقدها مفجر الثورة الإسلامية وربانهاوكنت أعقد معه جلسات خاصة نتناول بها كل مجريات الامور. ولما اردت العودة الى ايران سلمني رسالة مكتوبة بخطه المبارك وخطة عمل تخص امور إقامة الحكومة الإسلامية بعد سقوط النظام ومناقشتها مع الدكتور البهشتي والأستاذ المطهري ومن ثم كتابة تقرير مفصل عن ذلك وإرسالها إليه.
السعي والعمل لإعلان مرجعية الإمام الخميني
وكانت هناك جملة من الحوادث وقعت في تلك الحقبة الزمنية منها وفاة آية الله العظمى السيد الحكيم (ره) فقررنا ونظراً لمعرفتنا الواسعة بشخصية الإمام وخصوصياته العلمية الفريدة الى ترشيحه للمرجعية الى إصدار بيان نشرح فيها خصوصيات الإمام ومؤهلاته الى من هم خارج أجواء الحوزة العلمية للإمساك بزمام المرجعية بعد وفاة السيد الحكيم وإرجاع الناس إليه ، فقام إثنا عشر من أساتذة الحوزة العلمية في قم والذي كنت أنا واحد منهم بالتوقيع على مرجعية الإمام بعد رحيل السيد الحكيم ووزعنا ذلك البيان والمنشور بين جميع شرائح المجتمع وقد لاقى هذا البيان صدى واسعاً. وبعد نشر وتوزيع هذا البيان كنت أنتظر مجئ رجال الامن (السافاك) لإني كنت على علم بأن صدور مثل هذا المنشور والبيان لايمر من دون عقاب يذكر وبالفعل كان الامر كما توقعت ففي احد الايام جاء رجال الامن الى بيتي ظهراً ولكني كنت على يقين بإني قد عملت بما تملئه عليّ وظيفتي وواجبي الديني.
السفرات العلمية والثقافية
كان لسماحته سفرات متعددة الى اقصى نقاط العالم وذلك عملاً بالآية المباركة " سيروا في الأرض " وكان سماحته وبالإضافة الى إقامة الجلسات العلمية والمناظرات وتبادل الأفكار فإنه كان يزيد من تجاربه وخبراته.
رای سماحته حول السفر
كنت في سنة 58 و59 ممثلاً لسماحة الإمام في اوروبا وكنت اتردد على هذا البقعة المهمة من عالمنا وكان سفري هذا يتم في اغلب الاحيان في العطلة الصيفية لإني كنت مشغولاً بالدرس والتحضير في بقية ايام السنة، فسافرت الى معظم بلدانها ومن جملتها: بريطانيا وفرنسا وايطاليا والسويد وبلجيكا وهولندا والدنمارك وسويسرا والنرويج وفلندا واسبانيا واليونان وتركيا وكانت تتخل تلك الزيارات لقاءات عديدة من شخصيات ونخب إجتماعية ودينية وثقافية وإقامة مجالس ومحاضرات أشرح فيها الحقائق الإسلامية والقيم والمبادئ التي يحملها هذا الدين القيم وعظمة وجود الثورة الإسلامية وبركاتها، والإجابة على الاسئلة العلمية والدينية والعقدية والشبهات المطروحة وهذا هو فضل من الله تعالى وتوفيق منه وايضاً كانت لي سافرات الى باكستان وسفرة الى تايلند وبنكلادش والهند وكانت من برامج تلك السفرات وأهدافها المنشودة هي إيجاد نوع من التقارب مع الفرق والمذاهب الأخرى وبيان وشرح العلوم والمعارف الإسلامية وكذلك العمل على تبيّن مزايا وخصوصيات الثورة الإسلامية وتعرية وفضح خطط وموامرات الاستكبار العالمي [٥].
الهوامش
المصادر
- نبذة عن حياة سماحته، مقتبس من موقع الرسمي لسماحته، تاريخ النشر: ۳۰ ففراير 2020 تاريخ المشاهدة: 20 مارس 2025م.
- سيرة ومسيرة، مقتبس من موقع الاجتهاد تاريخ النشر: 20 انويه 2022م، تاريخ المشاهدة: 12 مارس 2025م.