حجية الارتكاز

من ویکي‌وحدت

حجية الارتکاز: هناک بحثٌ بين الفقهاء والمجتهدین في أنّ الارتکاز الذهني والفهم العقلايي من الأدلة حجةٌ أو لا؟

حجّية الارتكاز

لم يتعرض الأصوليون من غير الإمامية لحجّية الارتكاز، والذي جاء في كلمات الإمامية هو: أنّ الارتكاز الذي يكون حجّة ما كان ممضى من قبل الشارع، وهذا يستدعي كون الارتكاز متصلاً بزمانهم عليهم‏‌السلام .

رأي الإمام الخميني

لذا ذكر روح اللّه‏ الخميني أ نّه لا عبرة بالارتكاز غير المتصل بزمانهم[١]، وقال السيد مصطفى الخميني: «الارتكاز المتأخر غير الممضى ليس حجّة».[٢] والإمضاء قد يستفاد من سكوت الشارع وعدم ردعه عن الارتكاز أو العمل الجاري على طبقه، كما في السيرة والإجماع، وقد يستفاد من خلال النصوص الواردة فيه كما ذكر بعضهم في حجّية الأمارة والأصل، فإنّ ما ورد فيهما ليس تأسيسا لهما، بل إمضاء للارتكاز العقلائي. [٣] يظهر أنّ السيد الشهيد له تفصيلات في المقام يمكن استفادتها من كلماته في مبحث السيرة، فإنّه قد تقدم منه: أنّ السيرة في بعض معانيها قد تطلق على الارتكازات العقلائية[٤]. كما قد تكرر منه أنّ الإمضاء ليس للفعل الخارجي بل للنكتة العقلائية[٥]، وأيضا سبق وأن بيّنا أنّ السيرة مطلقا إنّما تنشأ من الارتكاز، فالحجّية ـ في مبحث السيرة ـ تدور وجودا وعدما مدار الارتكاز، وبالتالي فما ذكره قدس‏سرهمن التفصيلات لإثبات حجّية السيرة تكون جارية في الارتكازات . و عليه فالارتكازات يمكن ان تكون على أنحاء:

أنواع الإرتكازات

النوع الاول

الأول: الارتكازات التي تنقّح موضوع الحكم الشرعي ثبوتا أو إثباتا. والأولى: مثل مقدار النفقة التي يجب على الزوج في حال أراد إمساكها بمعروف. والثانية: مثل ارتكاز خيار الغبن، فإنّه كاشف نوعي عن اشتراط ضمني، وهو عدم التفاوت المالي الفاحش بين العوضين وهذا النحو من المرتكزات حجّة ولايحتاج إلى معاصرة لزمان المعصوم فضلاً عن إمضائه. بل لو كان هناك ارتكاز في زمن المعصوم وتبدل إلى غيره لايكون المعاصر منه حجّة.

النوع الثاني

الثاني: الارتكازات التي تنقّح ظهور الدليل. ويطلق عليها المناسبات العرفية والمرتكزات الاجتماعية المرتبطة بفهم النص. وهذا النحو من الارتكازات لايكون حجّة ما لم يكن معاصرا للمعصوم؛ لأنّ الحجّة إنّما هو ظهور النص، فمع احتمال عدمه في زمن النص لايمكن التمسّك به. نعم هذا الارتكاز غير محتاج إلى إمضاء من قِبل الشارع.

النوع الثالث

الثالث: الارتكازات التي يراد الاستدلال بها على كبرى الحكم الشرعي، وهذهِ على نوعين: الأول: الارتكازات العقلائية، مثل ارتكاز حجّية خبر الثقة عندهم. وهي لا تكون حجّة ما لم نحرز شرطين: 1 ـ معاصرتها لزمن المعصوم. 2 ـ اتخاذ المعصوم موقفا ملائما معها كاشفا عن إمضائه لها، والذي أدناه السكوت والتقرير. من هنا ربّما لاتكون قيمة شرعية للمرتكزات العقلائية المستحدثة، أمثال ما يتمسك به لإثبات بعض الاختصاصات المعنوية، كحق التأليف والنشر على حدّ الاختصاصات المادية الساذجة المتمثلة بالحيازة مثلاً. الثاني: الارتكازات المتشرعية، مثل ارتكاز مسح القدم ببعض الكف لا بتمامها عند المتشرعة، وهذه الارتكازات تكتشف من خلال قيام سيرة منهم على وفقها، لا من معاصرتها لزمن المعصوم. نعم، لايشترط إحراز إمضائها؛ لأ نّه لا معنى لاحتمال الردع عنها لكشفها عن البيان الشرعي كشفا إنيا كشف المعلول عن علّته، فهي وليدة البيان الشرعي على وفقها فكيف يحتمل الردع عنها؟! وهذا بخلاف الارتكازات العقلائية، فإنّها ليست معلولةً للشارع بل هي مقتضى طبعهم. [٦] غير أنّ السيد محمد تقي الحكيم اعتبر هذين الشرطين ـ المعاصرة للمعصوم وإحراز الإمضاء ـ ممّا لا تتمّ الحجّية بدونهما، حيث قال: «وحجّية مثل هذا الارتكاز [المتشرعي] لا تتمُّ إلاَّ إذا علمنا بوجوده في زمن المعصومين وإقرارهم لأصحابه عليه، ومثل هذا العلم يندر حصوله جدا».[٧] وقد اعتبر بعض المعاصرين الارتكاز الناشئ من الفطرة تمام المقتضي للحجّية، فلا يحتاج إلى إمضاء من قِبل الشارع. [٨]

المصادر

  1. تهذيب الأصول 2 : 540.
  2. تحريرات في الأصول 5 : 246.
  3. تنقيح الأصول العراقي : 47.
  4. بحوث في علم الأصول الهاشمي 4 : 234.
  5. انظر : المصدر السابق : 246.
  6. بحوث في علم الأصول 4 : 234 ـ 238.
  7. الأصول العامة للفقه المقارن : 194.
  8. المحكم في أصول الفقه 5 : 20.