العلاقة بين التلاوة والقراءة

من ویکي‌وحدت

بحث فی المصطلحات المتعلقة بالقرآن

العلاقة بين التلاوة والقراءة

العلاقة بين التلاوة والقراءة أن العلاقة بين التلاوة القراءة علاقة عموم وخصوص وجهي، فكل منهما خاصة من وجه عامة من وجه اخر، فالتلاوة خاصة من الناحية العرفية بقراءة القران الكريم أو ما يماثله من الكتب المنزلة، عامة من حيث ضرورة اجتماع الاتباع اللفظي مع المعنوي، والقراءة عامة من حيث شمولها لكل مقروء كتابا منزلا أو غيره، خاصة في الأمر النظري دون المعنوي، وعلى هذا ينزل قول الراغب: «التلاوة الاتباع، وهي تقع بالجسم تارة، وتارة بالاقتداء في الحكم، وتارة بالقراءة وتدبر المعنى، والتلاوة في عرف الشرع تختص باتباع كتب الله تعالى المنزلة تارة بالقراءة، وتارة بامتثال ما فيه من أمر ونهي، وهي أعم من القراءة فكل قراءة تلاوة من غير عكس». ،

معاني التّلاوة

أحدها: القراءة: «قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ». الثّاني: الاتّباع: «وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها». الثّالث: العمل: «الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ». الرّابع: الرّواية: «وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ». الخامس: الإنزال: «نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ». ،

مراتب التلاوة

في نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم: «اتّفق الباحثون في علم التّجويد على أنّ للقراءة ثلاث مراتب: هي التّرتيل والحدر والتّدوير، وأضاف بعضهم مرتبة رابعة هي التّحقيق، وزاد آخرون مرتبة خامسة أطلقوا عليها «الزّمزمة» وقد جاء في القرآن الكريم الحثّ على التّرتيل خاصّة ويكاد يجمع العلماء على أنّه أفضل الأنواع يليه التّدوير ثمّ الحدر، وسنعرض بإيجاز لهذه الأنواع لغة واصطلاحا حتّى يتبيّن المراد. قال صاحب نهاية القول المفيد:

التّرتيل

في اللغة: مصدر مأخوذ من قولهم رتّل فلان كلامه إذا أتّبع بعضه بعضا على مكث وتفهّم من غير عجلة وهو الّذي نزل به القرآن، قال تعالى: «وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا» وروي عن زيد بن ثابت أنّ رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) قال «إنّ الله يحبّ أن يقرأ القرآن كما أنزل»، وقد أمر الله تعالى به نبيّه فقال: «وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا» قال ابن عبّاس: (معناه) بيّنه، وقال مجاهد تأنّ فيه، وقال الضّحّاك انبذه حرفا حرفا، كأنّ الله تعالى قال: تثبّت في قراءتك وتمهّل فيها وافصل الحرف من الحرف الّذي بعده. وفي الاصطلاح: قال ابن حجر: يراد بترتيل القرآن تلاوته تلاوة تبيّن حروفها ويتأنّى في أدائها ليكون (ذلك) أدنى إلى فهم المعاني. وهو: القراءة بتؤدة واطمئنان وإخراج كلّ حرف من مخرجه، وإعطاؤه حقّه ومستحقّه مع تدبّر المعاني.

الحدر

في اللغة: مصدر حدر يحدر إذا أسرع وهو من الحدور الّذي هو الهبوط؛ لأنّ الإسراع من لازمه. وفي الاصطلاح: إدراج القراءة وسرعتها مع مراعاة أحكام التّجويد من إظهار وإدغام وقصر ومدّ ووقف إلى آخره، سئل الأهوازيّ عن الحدر فقال: الحدر هو القراءة السّمحة العذبة الألفاظ الّتي لا تخرج القارأ عن طباع العرب العرباء وعمّا تكلّمت به الفصحاء بعد أن يأتي بالرّواية عن إمام من أئمة القراءة.

التّدوير

في اللغة: مصدر دوّر الشّيء جعله مدوّرا. وفي الاصطلاح: هو عبارة عن التّوسّط بين الحدر والتّرتيل، قال صاحب نهاية القول المفيد وهو الّذي ورد عن أكثر الأئمّة ممّن روى مدّ المنفصل ولم يصل فيه حدّ الإشباع كابن عامر والكسائيّ . التحقيق: ذهب كثير من علماء الأداء إلى أنّ التّحقيق مرتبة مستقلّة من مراتب التّلاوة. وذهب آخرون إلى أنّه نوع من التّرتيل. وهو في اللّغة: مصدر حقّقت الشّيء إذا بلغت يقينه، ومعناه المبالغة في الشّيء بالإتيان على حقيقته من غير زيادة فيه ولا نقص عنه. وهو عند علماء التّجويد إعطاء الحروف حقّها من إشباع المدّ وتحقيق الهمز وإتمام الحركات وتوفية الغنّات وتفكيك الحروف (وهو بيانها) وإخراج بعضها من بعض بالسّكت والتّرسّل والتّؤدة والوقف على الوقوف الجائزة والإتيان بالظهار والإدغام على وجهه وهو الّذي يستحسن ويستحبّ الأخذ به للمتعلّمين، من غير أن يتجاوز به حدّ الإفراط. يقول الشّيخ مكّيّ نصر: ذكر بعض شرّاح الجزريّة أنّ التّرتيل نوع من التّحقيق عند الأكثرين فكلّ تحقيق ترتيل ولا عكس، وفرّق بعضهم بينهما بأنّ التّحقيق يكون للرّياضة والتّعليم، وبأنّ التّرتيل يكون للتّدبّر والتّفكّر والاستنباط. قال حسن محمد أيوب في كيفيات القراءة ثلاث: إحداها: التحقيق وهو إعطاء كل حرف حقه، من إشباع المد وتحقيق الهمزة، وإتمام الحركات واعتماد الإظهار والتشديدات، وبيان الحروف وتفكيكها، وإخراج بعضها من بعض بالسكت والترتيل والتؤدة، وملاحظة الجائز من الوقوف بلا قصر للممدود ولا اختلاس للحروف ولا إسكان محرّك ولا إدغامه. وهو يكون برياضة الألسن وتقويم الألفاظ، ويستحب الأخذ به على المتعلمين من غير أن يتجاوز فيه إلى حد الإفراط بتوليد الحروف من الحركات، وتكريم الراءات، وتحريك السواكن، وتطنين النونات بالمبالغة في الغنّات، كما قال حمزة لبعض من سمعه يبالغ في ذلك: أما علمت أن ما فوق البياض برص، وما فوق الجعودة قطط، وما فوق القراءة ليس بقراءة؟ وكذا يحترز من الفصل بين حروف الكلمة كمن يقف على التاء من نَسْتَعِينُ وقفة لطيفة مدعيا أنه يرتل، وهذا النوع من القراءة مذهب حمزة وورش، وقد أخرج فيه الداني حديثا في كتاب التجويد مسلسلا إلى أبيّ بن كعب أنه قرأ على رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) التحقيق وقال: إنه غريب مستقيم الإسناد. الثانية: الحدر بفتح الحاء وسكون الدال المهملتين ، وهو إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها بالقصر، والتسكين، والاختلاس، والبدل، والإدغام الكبير، وتخفيف الهمزة، ونحو ذلك مما- صحت به الرواية- مع مراعاة إقامة الإعراب وتقويم اللفظ وتمكين الحروف بدون بتر حروف المد واختلاس أكثر الحركات، وذهاب صوت الغنة والتفريط إلى غاية لا تصح بها القراءة ولا توصف بها التلاوة، وهذا النوع مذهب ابن كثير وأبي جعفر ومن قصر المنفصل كأبي عمرو ويعقوب. الثالثة: التدوير: وهو التوسط بين المقامين بين التحقيق والحدر، وهو الذي ورد عن أكثر الأئمة ممن مد المنفصل ولم يبلغ فيه الإشباع وهو مذهب سائر القراء، وهو المختار عند أكثر أهل الأداء. تنبيه: سيأتي في النوع الذي يلي هذا استحباب الترتيل في القراءة، والفرق بينه وبين التحقيق فيما ذكره بعضهم: أن التحقيق يكون للرياضة والتعليم والتمرين، والترتيل يكون للتدبر والتفكر والاستنباط فكل تحقيق ترتيل وليس كل ترتيل تحقيقا. أيّ هذه الأنواع أفضل؟ في نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم: اختلف العلماء- رحمهم الله- في الأفضل. هل هو التّرتيل مع قلّة القراءة أو السّرعة مع كثرة القراءة؟ قال ابن الجزريّ والصّواب ما عليه معظم السّلف والخلف وهو أنّ التّرتيل والتّدوير مع قلّة القراءة أفضل من السّرعة مع كثرتها؛ لأنّ المقصود من القرآن فهمه والتّدبّر فيه والعمل به، وتلاوته وحفظه وسيلة إلى فهم معانيه. ،