الإجماع المنقول

من ویکي‌وحدت

الإجماع المنقول: اصطلاح اصولي وهو قسمان، لأنه النقل في الإجماع تارةً بالنقل المتواتر واخری بالنقل غير المتواتر. وهناک اختلاف في أنه هل الإجماع المنقول بقسميه حجة أو أن المتواتر منه حجة فقط؟

الإجماع المنقول

ذكر الأصوليون أنّ الإجماع يمكن أن ينقل على نحوين:

النحو الأول: نقله بالتواتر

وهو متفق على حجّيته بين السنّة والشيعة، ويعامل معاملة الإجماع المحصَّل. [١] ولم يفردوا له بحثا كما فعلوا في الإجماع المنقول بخبر الواحد، وكأنّ ذلك للفراغ عن حجّيته.

النحو الثاني: نقله بخبر الآحاد

وقد وقع الخلاف في حجّية هذا النوع من الإجماع.

رأي أهل السنة في الإجماع المنقول بخبر الواحد

أمّا أهل السنّة فقد اختلفوا على قولين: القول الأول: أنّه حجة، وهو اختيار أبي الوليد الباجي[٢]، السرخسي[٣]، والسمرقندي[٤]، وأبي يعلى[٥]، والرازي[٦]، وابن قدامة[٧]، وابن الحاجب[٨]، والقرافي[٩]، والبيضاوي[١٠]، وعلاءالدين البخاري[١١]، والعضدي[١٢]، والسبكي[١٣]، وابن الهمام[١٤]، والشوكاني[١٥]، وابن عبدالشكور[١٦]، والأستانبولي[١٧]، والبدخشي. [١٨] باعتبار أنّ الخبر حجّة يوجب العمل، وكما أنّ قول النبي(ص) يثبت بخبر الواحد كذلك الإجماع يثبت بخبر الواحد، غاية الأمر أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد حجّة ظنية لا قطعية. [١٩] القول الثاني: أنّه ليس بحجّة. وهو اختيار الغزالي[٢٠]، والزركشي[٢١]، ونسب إلى بعض الحنفية. [٢٢] ودليلهم في ذلك أنّ الإجماع حجّة قطعية يُحكم به على الكتاب والسنّة، وخبر الواحد ظني ولايثبت القطعي بحجّة ظنية[٢٣] وذكر جماعة أنّ هذا القول هو للأكثر[٢٤]، بيدَ أن تتبع الأقوال يفضي إلى خلاف ذلك، وأنّ القول الأكثر هو القول الأول، كما صرّح بذلك آل تيمية[٢٥]، ومحمد أبو النور. [٢٦] وذكر الآمدي أنّه يجب بناء المسألة على كون الإجماع في نفسه هل هو حجّة قطعية أم ظنية؟ فإذا بني على أنّه حجّة قطعية لايجوز إثباته بـ خبر الواحد، وإلاّ جاز[٢٧]. وتبعه الطوفي على ذلك. [٢٨]

رأي الإمامية في الإجماع المنقول بخبر الواحد

وأمّا الإمامية فقد اختلفوا على أقوال: القول الأول: أنّه حجّة مطلقا. وهو اختيار العلاّمة الحلّي[٢٩]، وجمال الدين العاملي[٣٠]، والبهائي[٣١]، والوحيد البهبهاني[٣٢]، والميرزا القمي[٣٣]، والاصفهاني (محمد حسين). [٣٤] ودليلهم هو أنّ أدلة حجّية الخبر تشمل الإجماع المنقول ولايوجد ما يخرجه منها. [٣٥] القول الثاني: أنّه ليس بحجّة مطلقا. وهو اختيار الفاضل التوني[٣٦]، وظاهر المحقّق الحلّي[٣٧]، حيث ذهب إلى عدم حجّية الإجماعات المنقولة من قبل السيد المرتضى، مع أ نّه لايختلف معه في مبنى حجّية الإجماع وذهابه إلى الإجماع الدخولي. وذكر الشيخ الأصفهاني (محمد حسين) «أنّ طريقة الفقهاء في الفقه جارية غالبا على عدم الاعتداد به، وعدم ذكره في طي الأدلة وردّه بمنع ثبوته وعدم تحققه، وقلّ ما تمسكوا به وركنوا إليه مع ما نرى من وفور نقله وكثرة حكايته، يُعرف ذلك من التتبع في كتبهم ومصنفاتهم».[٣٨] القول الثالث: التفصيل بين عدّة أمور: الأمر الأول: أن لايخالف الناقل للإجماع الحكم المجمع عليه لا سابقا ولا لاحقا. وهنا لا إشكال في الحجّية. الأمر الثاني: أن يكون الناقل للإجماع قد خالف الحكم المجمع عليه سابقا لا لاحقا. وهنا يكون الإجماع المذكور حجّة أيضا. الأمر الثالث: أن يكون الناقل للإجماع قد خالف الحكم المجمع عليه لاحقا. وهنا الإجماع المذكور لايكون حجّة؛ لعدم حصول الظن منه عادةً. الأمر الرابع: أن يكون الناقل للإجماع قد خالف الحكم المجمع عليه، لكن لانعلم أ نّه خالفه لاحقا أو سابقا. وهنا يشك في الحجّية وهو كافٍ في عدم الحجّية. وهذا التفصيل اختاره السيد الطباطبائي. [٣٩] القول الرابع: التفصيل بين ما إذا كان نقل الإجماع من قبيل الإخبار عن حسِّ، وبين ما إذا كان نقله من قبيل الإخبار عن حدس، فيكون حجّة على الأول، ولا يكون حجّة على الثاني. وهذا القول هو اختيار جلّ المتأخرين. [٤٠] ودليلهم في ذلك هو أنّ نقل الإجماع إنّما يكون حجّة إذا كان من مصاديق خبر الثقة، ومعلوم أنّ أدلة حجّية خبر الثقة لاتشمله إلاّ إذا كان الإخبار فيه عن حسٍّ لا حدس، ونقل الإجماع لايكون من قبيل الإخبار عن حسٍّ إلاّ إذا كان متوجها إلى السبب لا المسبب، والمراد بالسبب أقوال العلماء التي يتسبب عنها الكشف عن رأي المعصوم عليه‏السلام، كما أنّ مرادهم بالمسبَب هو نفس رأي المعصوم عليه‏السلام وإنّما جعلوا نقل السبب من باب الإخبار عن حدس؛ لكون رأي المعصوم عليه‏السلاممستكشف بالحدس من تتبع الفتاوى الشرعية. وبعبارة أخرى: أ نّه هناك فرق بين قول الناقل بوجود إجماع، وبين قوله بكون الإجماع الذي ينقله يكشف عن قول المعصوم عنده، وأدلة حجّية الخبر إنّما تشمل الأول دون الثاني. [٤١] وقد اختلفوا في تعيين مناط كون نقل السبب من قبيل الإخبار عن حسٍّ لا حدس، فبرزت هنا اتجاهات ثلاثة: الاتجاه الأول أنّ المناط الذي يكون به نقل السبب من قبيل الإخبار عن حسٍّ، هو أن يكون نقل الإجماع من قبل القريبين إلى عهد المعصوم عليه‏السلام، مثل الكليني (ت 329هـ)، والصدوق (ت 381هـ)، والمفيد (ت 413هـ)، والسيد المرتضى (ت 436هـ )، والسيد ابن زهرة (ت 585هـ). باعتبار أنّ دعواهم الإجماع تكون مستندة إلى دخول الإمام عليه‏السلام في المجمعين، وهو ممكن في عصرهم دون من تأخّر عنهم. وهو ما اختاره العراقي. [٤٢] الاتجاه الثاني أنّ المناط الذي يكون به نقل السبب من قبيل الإخبار عن حسٍّ، هو أن يكون ناقل الإجماع من قبيل المحقّق الحلّي (ت 676ه )، والعلاّمة الحلّي (ت 726ه )، والشهيد الأول (ت 786ه )، باعتبار أ نّهم عُرفوا بنقل نفس الفتاوى بلسان الإجماع ممّا يمكن أن يكشف عن دليل معتبر استند إليه المجمعون، وأمّا المتقدّمون عليهم فإنّ المعروف عنهم نقل الإجماع عن حدس لا حسٍّ. وهو ما اختاره النائيني. [٤٣] الاتجاه الثالث أنّ المناط الذي يكون به نقل السبب من قبيل الإخبار عن حسٍّ، هو قيام القرائن على أنّ النقل حصل عن حسٍّ. وهو اختيار الأنصاري[٤٤]، والخراساني[٤٥]، والصدر. [٤٦]

المصادر

  1. انظر : شرح مختصر الروضة 3 : 127، الفصول الغروية : 258، كشف القناع : 233، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 120، الأصول العامة للفقه المقارن : 262، الوجيز في التشريع الإسلامي : 337.
  2. إحكام الفصول : 503.
  3. أصول السرخسي 1 : 302.
  4. ميزان الأصول 2 : 761.
  5. العدّة في أصول الفقه 2 : 248.
  6. المحصول الرازي 2 : 73.
  7. روضة الناظر : 78.
  8. منتهى الوصول : 64.
  9. شرح تنقيح الفصول : 332.
  10. منهاج الوصول : 90.
  11. كشف الأسرار 3 : 485.
  12. شرح مختصر المنتهى 2 : 371.
  13. جمع الجوامع 2 : 273.
  14. التحرير 3 : 153 ـ 154.
  15. ارشاد الفحول 1 : 314.
  16. مسلّم الثبوت 2 : 242.
  17. مرآة الأصول 2 : 69.
  18. شرح البدخشي 2 : 434.
  19. انظر : المحصول الرازي 2 : 74، كشف الأسرار (البخاري) 3 : 485 ـ 486.
  20. المستصفى 1 : 235.
  21. البحر المحيط 4 : 444.
  22. انظر : فواتح الرحموت 2 : 242.
  23. انظر : المستصفى 1 : 235.
  24. انظر : المحصول الرازي 2 : 73، نهاية السُّول 3 : 318.
  25. المسوّدة : 308.
  26. أصول الفقه 3 : 210.
  27. الإحكام 1 ـ 2 : 238 ـ 239.
  28. شرح مختصر الروضة 3 : 130.
  29. نهاية الوصول 3 : 215.
  30. معالم الدين : 180.
  31. زبدة الأصول : 103.
  32. الرسائل الأصولية : 292 ـ 293.
  33. القوانين المحكمة : 184.
  34. الفصول الغروية : 258.
  35. انظر : نهاية الوصول العلاّمة الحلّي 3 : 215 ، الرسائل الأصولية : 293.
  36. الوافية : 155.
  37. انظر : الفصول الغروية : 258.
  38. الفصول الغروية : 258.
  39. مفاتيح الأصول : 497 ـ 498.
  40. انظر : العناوين 2 : 7، فرائد الأصول 1 : 179 ـ 183، كفاية الأصول : 289 ـ 290، فوائد الأصول 3 : 152، نهاية الأفكار 3 : 97 ـ 98، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 121 ـ 122، منتهى الأصول 2 : 90 ـ 91 ، عناية الأصول 3 : 166 ، مصباح الأصول 2 : 134 ـ 136، بحوث في علم الأصول (الهاشمي) 4 : 317 ـ 318.
  41. انظر : أصول الفقه المظفر 3 ـ 4 : 122 ـ 124، بحوث في علم الأصول (الهاشمي) 4 : 317 ـ 318.
  42. نهاية الأفكار 3 : 97.
  43. فوائد الأصول 3 : 152.
  44. فرائد الأصول 1 : 215.
  45. كفاية الأصول : 290.
  46. بحوث في علم الأصول الهاشمي 4 : 317 ـ 318.