الأدلةُ عَلى أنَّ الْقُرآنَ كَلامُ اللهِ تَعَالى
الأدلةُ العقليَّةُ عَلي أنَّ الْقُرآنَ كلامُ اللهِ
عدم الإختلاف في القرآن
قال تعالي: «اَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا». قال أبو جعفر الطبري: «يعني جل ثناؤه بقوله هذا؛ أفلا يتدبر المبيتون غير الذي تقول لهم، يا محمد كتاب الله، فيعلموا حجّة الله عليهم في طاعتك واتباع أمرك، وأن الذي أتيتهم به من التنـزيل من عند ربهم، لاتِّساق معانيه، وائتلاف أحكامه، وتأييد بعضه بعضًا بالتصديق، وشهادة بعضه لبعض بالتحقيق، فإن ذلك لو كان من عند غير الله لاختلفت أحكامه، وتناقضت معانيه، وأبان بعضه عن فساد بعض».
النظم والأسلوب البديع
انَّ للقرآنِ نظماً واسلوباً مخالفاً لكل نظمٍ معهودٍ في لسان العرب وفي غيرها؛ بما يري فيها من جناس کقوله تعالى: «فَأَمَّا الْيَتيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَ أَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ». وسجع «ما لَکُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً * وَ قَدْ خَلَقَکُمْ أَطْواراً». وغيرها مما يخرج عن طاقة هذا البحث.
الإخبار الغيبي
الإخبار عن الأمور التي تقدمت في أوّل الدنيا، وعن المغيّبات في المستقبل التي لا يطلع عليها إلا بالوحي. فاخبر بأمورٍ غيبيةٍ لا يمكن للعقل أن يستقل بإدراكها، ثمّ أتى العلم الحديث بإثباتها على الوجه الذي حكاه القرآن، كمراحل نمو الجنين في رحم الأم، وأحوال البحار وأن قاعها مظلم، وغير ذلك؛ مما جعل كثيرًا من العلماء من غير المسلمين يُسَلِّمون أن الحقائق التي حكاها القرآن لا يمكن لبشر إدراكها من غير تجارب معملية وتقنية عالية، بالرغم من أن القرآن قد جاء بها في وقت كانت الأمم فيه بدائية وليس عندها إلا أوَّليات المعرفة. وما حكاه القرآن عن أخبار الأمم الماضية وتفاصيل ما حصل لهم مما لم يكن الوقوف عليه لولا ذِكره في القرآن. وما ذكره القرآن عن أمور مستقبلية غيبية ثم تتحقق كما ذكر القرآن؛ مما يدل على أنه كلام رب الناس، ومن ذلك إخباره بانتصار الروم على الفرس في بضع سنين، فوقع الأمر كما أخبر القرآن.
الإعجاز العلمي للقرآن
هناک محاورات من کبار علماء الغرب و الشرق و الذين يدينون بغير الإسلام فيما سبق به القرآن الکريم في آيات واضحة ما توصل إليه العلم بعد مئات السنين من نزول القرآن. لقد اجمع هؤلاء العلماء علي أن هذه الآيات لا يمکن أن تکون إلا بوحي سماوي. وقد ألف العديد من الکتب في التشريح الإکلينيکي و علم الأجنة. لقد أذعن مشاهير علماء العالم في الأجنة عند ما ذکرت لهم آيات الخلق في القرآن الکريم، بأن الجنين في حالة العلقة يشبه تماما العلقة التي تعيش في البرک وهذه العلقة معلقة في رحم الأم. وصورة المضغة مشابهة تماما لقطعة من اللادن الممضوغ. واعترفوا بمطابقة علم الأجنة لما ذکر في القرآن الکريم. وقالوا أن ما ذکره القرآن منذ أربعة عشر قرنا لم يتوصل إليه العلماء إلاَّ حديثاً حيث کان المعتقد حتي القرن الثامن عشر أنَّ الإنسان يخلق خلقا کاملا في الحيوان المنوي ثم أصبح الظن في بداية القرن التاسع عشر أن الإنسان يخلق خلقا کاملا في بويضة المرأة. و في منتصف القرن التاسع عشر بدأ علماء التشريح في معرفة أن الإنسان يخلق في أطوار ثم تقدم العلم وأمکن تصوير مراحل نمو الجنين فکان کما ذکر القرآن الکريم تماما.
وهذا هو دکتور دالمار من کبار علماء الجيولوجيا يؤکد أن ما ذکر في سورة الروم: «غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَي الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيغْلِبُونَ». وکلمة أدني بمعني أقرب أو أخفض و قد فسر المفسرون سابقا أن مکان هذه المعرکة و هو قرب بيت المقدس بجانب البحر الميت هو أقرب لجزيرة العرب و لکن توصل العلم أن هذه المنطقة هي أخفض منطقة في الأرض.
وهذا هو دکتور سياويدا عالم الجيولوجيا في اليابان يؤکد أن ما ذکره القرآن الکريم عن الجبال و الأنهار ولأوتاد والرواسي قد ثبت تماما حيث أن ما يظهر علي سطح الأرض من الجبال أقل بکثير من الجزء الموجود تحت الأرض أي أن الجبال کالأوتاد و هي کالجذور في تثبيت قشرة الأرض.
وهذا هو دکتور أرمسترونج أحد مشاهير علماء الفلک في الولايات المتحدة و يعمل بوکالة ناسا للفضاء يؤکد أن ما ذکر في القرآن في سورة الحديد أنه سبحانه أنزل الحديد فيه منافع للناس. فالحديد عنصر غريب وفد إلي الأرض ولم يتکون فيها إذ يحتاج العنصر إلي طاقة لتکوين ذرته والطاقة اللازمة لتکوين ذرة الحديد تعادل طاقة المجموعة الشمسية أربع مرات.
وفيما قال سبحانه: «إِنَّما حَرَّمَ عَلَيکُمُ الْمَيتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ». إکتشف العلم حديثا سبب تحريم أکل الميتة والدم ولحم الخنزير؛ فتحريم أکل الميتة لأن ما يموت بشيخوخة أو مرض يکون موته بسبب مواد سامة ضارة تصل إلي من يأکله و فوق ذلک فإنَّ الموت بالإختناق أو المرض ينحبس فيه الدم وفيه مواد ضارة کثيرة يشتمل عليها العرق والبول. والخنزير ناقل لأمراض خطيرة مثل (التنيا) کما أنَّه الحيوان الوحيد الذي يصاب بالترکينا التي تصيب آکله إذا أکله. وحال الاضطرار تسوغ ما يحرم لأن الموت المؤکد أشد من الضرر المحتمل ولأنَّ الجائع تتنبه أجهزة هضمه (حقيقة علمية حديثة) فيتغلب علي المواد الضارة و لذا لا يصح للمضطر أن يتجاوز حد الضرورة.
وفيما قال سبحانه: «يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا کُتِبَ عَلَيکُمُ الصِّيامُ کَما کُتِبَ عَلَي الَّذِينَ مِنْ قَبْلِکُمْ لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ». وأما فائدة الصيام کما أثبته الطب الحديث؛ أنَّ له فوائد طبية عديدة فهو يفيد في علاج کثير من الأمراض کضغط الدم المرتفع و تصلب الشرايين و البول السکري ويصلح الجهاز الهضمي وهبوط القلب والتهاب المفاصل. ويعطي الجسم والأنسجة فرصة للراحة والتخلص من کثير من الفضلات الضارة بالجسم کما أنه وقاية من کثير من الأمراض المختلفة. وهناک آيات أخري يمکن البحث عنه من رؤية علمية حديثة.
وغيرهم کثير من العلماء يشهدون أن هذا العلوم لايمکن أن يکون من مصدر بشري. و إلي بعض آيات الإعجاز العلمي في القرآن الکريم التي کشفت عن أسرارها بتقدم العلم.
و لا يزال هناک الکثير من الآيات التي ستعطي أسرارها في قابل الزمن وإلي قيام الساعة. فالقرآن هو المعجزة الباقية المتجددة وحتي يرث الأرض ومن عليها سبحانه وتعالي.
الآياتُ الدّالةُ علي معاتَبَةِ اللهِ تعالى للنَّبي (ص)
ما اشتملت عليه بعض آيات القرآن من معاتبة الله تعالى للنبي (صلى الله عليه وآله)، وهو ما قد يكون فيه نوع إحراج له، فلو كان هذا القرآن من عند رسول الله لما احتاج إلى ذكر هذه الآيات، ومن ذلك قول الله تعالى لنبيه الكريم: «وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً».
الأدلةُ منَ الْكتابِ والسُّنةِ عَلي أنَّ الْقُرآنَ كَلامُ اللهِ
فإنّ من أصرح الأدلة على أنّ القرآن كلام الله تعالى، قوله سبحانه وتعالى: «وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ». والمراد به هنا القرآن كما ذكره المفسرون، وعن جابر قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعرض نفسه على الناس في الموقف فقال ألا رجل يحملني إلى قومه فإنّ قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي.