أهمية المؤسسات الأهلية الأسرية
مكانة المؤسسات الأهلية
أهمية المؤسسات الأهلية الأسرية تكون أهمية المشاركة الفاعلة للمؤسسات والجمعيات الأهلية فى كل نواحى الحياة، وما يمسُّ حياة المواطن والحفاظ على كرامته من خلال تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية للأكثر احتياجا، و الارتقاء بالخدمات المقدمة له فى القطاعات الرئيسية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، مع توفير مزيد من فرص العمل للمرأة والشباب وغيرها من المجالات الفاعلة خاصة فى المناطق النائية والمحرومة تحقيقا لاستقرار المجتمع.
دور الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى فى زماننا الحالي من الواجبات التي تحسُّ بشدَّة، والتي توكِّد أهمية توحيد الجهود للمساهمة فى حل العديد من المشكلات التنموية خاصة الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق تماسك المجتمع واستقراره، إدراكاً للمسئولية المجتمعية مع الارتقاء بالخدمات المقدَّمة، وتوفير حياة كريمة للمواطن فى كل أنحاء الوطن.
وتتبيَّن أهميَّة هذا الدور إستكمالا لتنفيذ توجيهات القيادة السياسية بأهمية بناء الإنسان؛ فهو هدف التنمية، والغاية التى يسعى الجميع من أجلها. وأيضا انطلاقاً من أنَّ التنمية تقوم على ثلاثة أضلاع هى: الحكومة، والمجتمع المدنى والمواطن.
وذلك فى علاقة شراكة وتكامل والتعاون المتبادل؛ وهذا لن يأتى إلاَّ من خلال المشاركة الفاعلة للمؤسسات والجمعيات الأهلية فى كل نواحى الحياة، وما يمُسُّ حياة المواطن، والحفاظ على كرامته من خلال تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية للأكثر احتياجا .ولعلَّ إلى هذا التكليف المهم والشَّاق لكونه ترتبط بتربية الإنسان وحلِّ مشاكله يشير قوله (صلَّى الله عليه وآله) من تشجيع الجميع ليهتمُّوا بأمور الأسرة: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى مَالِ زَوْجِهَا، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ». وذلك؛ للارتقاء بالخدمات المقدمة له فى القطاعات الرئيسية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، مع توفير مزيد من فرص العمل للمرأة والشباب وغيرها من المجالات الفاعلة خاصة فى المناطق النائية والمحرومة تحقيقا لاستقرار المجتمع الصاعد والسعيد.
المؤسسات الأهلية من الرُّوية الدِّينية
إنَّ أيَّ عمل تقوم به المؤسسات الأهلية الخيرية، هي من الأعمال التطوعية والخيرية في سبيل رفعة مجتمعاتنا، وإعطائهم للحياة نكهة مختلفة. ينطلق هؤلاء البشر بروح الملائكة، وتضحيات الأولياء والصالحين، يقدِّمون لنا هذه الأعمال الخيرية، طالبين بذلك وجهه سبحانه وتعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}. ولذلك يستحقون الأوصاف الإلهية التي وردتْ في القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}. وقوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}. ولعظمة أمر التطوع، هو أنَّه تعالى إعتبر أيمَّا إنسانٍ قام بعملٍ خيرٍ لأخيه الإنسان، كأنَّما قدم العمل إلىه سبحانه وتعالى وهو الذي سيجازيه عليه: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}. والمتطوعين ليسوا سواء، فمن الناس من يمكن أنْ يقوم بمساعدة العجزة، أو زيارة المرضى، ومنهم من يستطيع أنْ يقدِّم المشورات المجانية للأفراد والاُسر، ومنهم من يستطيع أنْ يعمل في اللجان العاملة في المنظمات الاجتماعية، والمؤسسات التطوعية، وآخرين يستطيعون تقديم المعونة إلى المنظمات والجمعيات، لتوزيعها على مستحقيها.
دور المؤسسات الأهلية الفعَّال في المجالات الاُسرية
إنَّ العلاقات الأسرية هي أسمى وأقدس العلاقات على وجه الأرض التي بذرتها تبدأ بين فردين بالزواج، ثمَّ أفراد بالإنجاب، وتمتد لتشمل الأقارب والأصهار من الطرفين. إنَّها كالشجرة التي تمتد أوراقها ليستظل بها الجميع، وكلما ازدادتْ أوراقها وتشابكتْ أغصانها كلما كانت الحضن الدافئ والحصن الأمين لكلِّ من يأوي إليها. غير أن التقدم الحضاري والتطور الزمني قد ألقى بظلاله على الأسرة، فلم تعد كما كانت من التماسك، بل أصبح تفككها أحد الظواهر التي لا نستطيع أن نغمض أعيننا عنها،
إذ أن أي خلل في البنيان الأسري لن تقع تبعاته السيئة على فرد واحد من الأسرة، بل على كلِّ الأطراف المعنية التي تضمها مظلة العلاقات الأسرية. فمن هذا المنطلق تأتي أهمية الدور الذي يمكن أن تضطلع به جمعيات الإصلاح الديني والمؤسسات الأهلية؛ فهي تهدف إلى تشجيع أعمال البر والخير وبث الأخلاق الحميدة والتعريف بالإسلام ونشر فضائله وآدابه. وتقوم كذلك بتقديم المساعدات النقدية والعينية للمسلمين، وتوزيع الصدقات والزكاة ورعاية الأيتام والفقراء داخل البلاد وخارجها،
كما تقوم ببناء المساجد والمدارس والعيادات. وكثير من هذه الجمعيات تصدر المجلات والكتب والنشرات الدينية التي تنشر الكلمة الصادقة وتنشر الفكر الواعي وتبصر المسلمين بأمور دينهم ودنياهم.
فلهم دورٌ فعَّالٌ في أمور الأسرة منها:
1. التشجيع على الزواج وتيسيره.
2. التوعية على الأحكام الشرعية المتعلقة بالأسرة وبدراساتها الاجتماعية والنفسية.
3. رعاية الأمومة والطفولة والمسنين والزوجات في الخلافات الزوجية ومشكلات الشباب مع الآباء والأمهات والتي تعجز عنها الأسرة.
4. إقامة مجالس الصلح بين أفراد الأسرة.
ومن أبرز هذه المؤسسات الأهلية التي لها هذه الدُّور الفعال هي: الحضانة والمدارس ووسائل الإعلام والمساجد تمثل التربية الخارجية التي تكوِّن أفراد الأسرة من داخل نفوسهم، فينبغي الاهتمام بها وتمكينها من حسْن القيام بأدوارها التربوية الصحيحة التي تلائم مبادئ الإسلام.
فمثلا تلعب وسائل الاتصال المختلفة، سواء المباشرة أو غير المباشرة، من خلال رسائلها الإعلامية، دوراً حيوياً في تنشئة الأسرة التنشئة السليمة التي تضمن استقرارها؛
من خلال تعزز القيم الاجتماعية وتدعمها، وتصبح في كثير من الأحيان المصدر الرئيس للمعرفة، كما أن المعلومات الواردة من وسائل الإعلام عادة ما تلعب دوراً أساسياً في صنع قرارات الجماهير حيال القضايا المختلفة. أما فيما يخص الأسرة كجمهور نوعي من جماهير وسائل الإعلام المختلفة، فقد اتفق الباحثون على أن المواقف التي يعتنقها أفراد الأسرة وأصدقاؤهم تحدد بمقدار كبير قبول المعلومات الواردة عبر وسائل الإعلام أو رفضها. كما يتجلى تأثير وسائل الإعلام بصورة واضحة في تكوين الآراء لديهم حول المواضيع التي لا يعرفون عنها إلاَّ القليل.
أهل الصفة أنموذجا للموسسات الأهلية
ويسمون نادرًا أصحاب الصفة وأحيانا أصحاب الظلة، وهم أصحاب رواق المسجد، كان بين مسلمي مكة الذين صحبوا النبي (صلَّى الله عليه وآله) في هجرته إلى المدينة وبين المهاجرين إلى المدينة من جهات أخرى طائفة لم يحملوا من ديارهم ما يقيم أودهم، وآخرون تركوا بلادهم التي كانوا يعملون فيها فأصبحوا فقراء يعانون آلام الجوع ولا يجدون ملبسا ولا مأوى، ولم يستطع إحسان أنصار المدينة أن يقضى على الفاقة التي كانت تغمر الأحياء التي يقطنونها، وفي أثناء ذلك كان إذا جنَّ الليل يوضع في صحن دار النبي (صلَّى الله عليه وآله) وعاء فيه شعير محمص كان يشترى من مال المسلمين ليأكل منه الجائعون،
وكان الذين لا يجدون مأوى يلجؤون إلى الصفة، وهي الجزء الشمالي من المسجد. وكان ذا سقف وليس له ما يستر جوانبه. ومن أجل هذا كانوا يسمون أيضًا ضيوف الإِسلام. وكان أهل الصفة من حيث قبائلهم غرباء في المدينة، فكان منهم مثلًا: أبو ذر الغفاري وأبو سعيد اليمني، وحذيفة العبسي, وواصلة الليثي.
وهؤلاء كانوا نحواً من أربعمائة رجل؛ لم يكن لهم مساكن بالمدينة ولا عشائر، وكانو في المسجد يتعلمون القرآن ويرضخون النوى بالنهار،
وكانوا يخرجون في كل سرية يبعثها النبي (صلَّى الله عليه وآله)، وهم أصحاب الصفة، فحث الله تعالى عليهم الناس فكان من عنده فضل أتاهم به: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}. فروي أنَّ النبي (صلَّى الله عليه وآله) قال مرة: >مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ، فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ، فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ<.