أقسام الإجماع

يبحث عن أقسام الإجماع في علم اصول الفقه، لغرض أنّ أیّ قسمٍ منها حجة، لأن بعض أقسام الإجماع حجة من وجهة نظر المجتهدین من السنة والشیعة.

أقسام الإجماع

يقسّم الإجماع بلحاظات مختلفة إلى تقسيمات متعدّدة:

التقسيم الأول: تقسيمه بحسب طريقة تكوّنه

ويقسّم بلحاظ ذلك إلى:

أ ـ الإجماع القولي

وهو حصول الاتفاق في القول بين المجتهدين على حكمٍ ما.

ب ـ الإجماع الفعلي

وهو حصول الاتفاق في الفعل بين المجتهدين على حكمٍ ما.

ج ـ الإجماع السكوتي

وهو قول بعض المجتهدين أو فعله مع سكوت الباقين عنه بعد انتشار ذلك القول فيهم مع القدرة على إنكاره. وقد وقع البحث بين الأصوليين في حجّية هذا القسم من الإجماع. وقد يطلق على القسمين الأولين بـ «الإجماع الصريح». كما أنّ الأحناف يطلقون عليهما ـ أي القسمين الأولين ـ «العزيمة»، وعلى الثالث «الرخصة».

التقسيم الثاني: تقسيمه بلحاظ كيفية التعرُّف عليه

ويقسّم بهذا اللحاظ إلى:

أ ـ الإجماع المحصّل

وهو التعرّف المباشر على الإجماع، بأن يقوم الفقيه بنفسه بتتبع أقوال أهل الفتوى. وهو محطّ الأنظار في البحث في حجّية الإجماع وعدمها.

ب ـ الإجماع المنقول

وهو الإجماع الذي لم يحصّله الفقيه بنفسه، وإنّما ينقله له مَن حصّله من الفقهاء. وقد تقدم البحث عنه في «نقل الإجماع».

التقسيم الثالث: تقسيمه بلحاظ البساطة والتركيب

ويقسّم بهذا اللحاظ إلى:

أ ـ الإجماع البسيط

وهو الإجماع المنعقد على حكم واحد.

ب ـ الإجماع المركّب

وهو يمكن أن يقع على معانٍ عدّة: المعنى الأول: وهو الإجماع المنعقد على حكمين أو أحكام، مع عدم انعقاده على كلّ واحد منها ويبحث على هذا الأساس في حجّية الإجماع المذكور في نفي القول الثالث، الذي هو خارج عن منعقد الإجماع أو عدم حجّيته. وهذا المعنى يصطلح عليه عند الإمامية بـ «الإجماع المركّب»، ويصطلح عليه عند أهل السنّة بمسألة «إحداث قول ثالث» أو «إحداث قول آخر». المعنى الثاني: وهو الاتّفاق في الحكم مع الاختلاف في العلّة، كالإجماع على انتقاض الوضوء بالقيء، كما هو عند الأحناف، أو بالمسّ ـ كما هو عند الشافعية ـ . ويبحث على أساس هذا المعنى عن حجّية هذا الإجماع بعد ظهور الفساد في أحد المأخذين، أي: العلّتين. وقد طرح هذا المعنى من الإجماع بعض الأحناف. المعنى الثالث: وهو عدم تفصيل علماء عصر ما بين مسألتين في النفي والإثبات؛ بمعنى أن يذهب بعضهم إلى ثبوت الحكم في المسألتين معا، ويذهب آخرون إلى نفيه فيهما معا. وقد وقع البحث بين الأصوليين في جواز الفصل بين المسألتين، بأن يقال في ثبوت الحرمة في مسألة، وبالجواز في مسألة أخرى. وذلك يمكن أن يقع على وجهين: الوجه الأول: ما إذا صرّح المجمعون بعدم الفصل. وهنا لا خلاف في عدم جواز الفصل بين المسألتين وإحداث قول ثالث. الوجه الثاني: ما إذا لم يصرّح المجمعون بعدم الفصل. وهذا الوجه هو موضع البحث في جواز الفصل وعدمه.

التقسيم الرابع: تقسيمه بلحاظ دائرة المجمعين

وبهذا اللحاظ يمكن تقسيمه الى قسمين:

أ ـ اجماع الأمة

وهو أن يتفق جميع أمة محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آلهعلى حكم. وقد يعبّر عنه بـ «إجماع المسلمين» أو «إجماع الخاصة والعامة»؛ أي: الفقهاء والعوام. وقد اعتبر قيام الإجماع من المسلمين على حكم دليل كونه من ضروريات الدين؛ كوجوب الصلاة والصوم.

ب ـ إجماع مجتهدي الأمة

وهو إجماع خصوص مجتهدي الأمة على حكم. وقد يعبّر عنه بـ «إجماع الخاصة»، أو «إجماع أهل الحلّ والعقد». ولهذا القسم حالتان: الحالة الأولى: حصول الإجماع بين المجتهدين عند المذاهب كافة. الحالة الثانية: حصول الإجماع بين مجتهدي مذهب معيّن. وهذا قد يسمى بـ «الإجماع المذهبي». وقد أطلق الإمامية على إجماع مجتهديهم بـ «إجماع الطائفة» أو «إجماع الفرقة».

التقسيم الخامس: تقسيمه بلحاظ وجود مدرك الإجماع فعلاً وعدمه

ويقسّم بهذا اللحاظ إلى قسمين:

أ ـ الإجماع المدركي

وهو ما إذا لم نحرز عدم استناد المجمعين فعلاً إلى ما يصلح أن يكون مدركا للحكم المجمع عليه، وهو يشمل ما إذا أحرزنا استنادهم إلى مدرك معين ، أو احتملنا ذلك، وهو غير حجّة.

ب ـ الإجماع التعبّدي

وهو ما إذا أحرزنا عدم استناد المجمعين فعلاً إلى ما يصلح أن يكون مدركا للحكم المجمع عليه. وهو الذي يدور عليه البحث.

التقسيم السادس: تقسيمه بلحاظ مراتبه في القوة

ويقسّم بهذا اللحاظ إلى قسمين:

أ ـ الإجماع القطعي

وهو المنقول تواترا من غير استقرار خلاف سابق عليه. وقد يذكر إجماع الصحابة من مصاديقه.

ب ـ الإجماع الظني

وهو المنقول بالآحاد، أو المنقول بالتواتر واستقرّ عليه الخلاف. وقد صرّح الكثير من العلماء، كابن قدامة، والآمدي، وعلاء الدين البخاري بأنّ الإجماع السكوتي من مصاديق الإجماع الظنّي.