الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مالك بن أنس بن مالك»

(أنشأ الصفحة ب'<div class="wikiInfo"> {| class="wikitable aboutAuthorTable" style="text-align:Right" |+ | !الاسم |مالك بن أنس بن مالك <ref> تهذيب التهذي...')
 
 
(مراجعتان متوسطتان بواسطة مستخدم واحد آخر غير معروضتين)
سطر ٥: سطر ٥:
|-
|-
|تاريخ الولادة
|تاريخ الولادة
|93 هجري قمري <ref> اختلفوا في سنة ولادته، إلّا أنّ الذهبي صحّح أنّه ولد سنة 93 ه ، واعتبره أبو زهرة المشهور (سير أعلام النبلاء 8: 49، مالك حياته وعصره: 18 - 19).</ref>
|93 هجري قمري <ref> اختلفوا في سنة ولادته، إلّا أنّ الذهبي صحّح أنّه ولد سنة 93 ه، واعتبره أبو زهرة المشهور (سير أعلام النبلاء 8: 49، مالك حياته وعصره: 18 - 19).</ref>
|-
|-
|تاريخ الوفاة
|تاريخ الوفاة
سطر ٢٣: سطر ٢٣:
|}
|}
</div>
</div>
'''مالك بن أنس بن مالك''' هو يُنسب إلى‏ «أصبح» واسمه: الحارث بن عوف بن مالك، من يعرب بن قحطان، وقد صارت «أصبح» قبيلة <ref> أنظر: الأنساب 1: 174.</ref>. وولد مالك في بداية عهد الوليد بن عبدالملك <ref> ذكر خليفة بن خياط أ نّه ولد في خلافة سليمان بن عبد الملك (تاريخ خليفة: 240)، إلّا أنّ الذهبي قال: وليس بشي‏ء (تاريخ الإسلام 11: 318) وبالالتفات إلى‏ سنة ولادته وسنة عهد سليمان وهي سنة 96 ه  فينبغي أن يكون قول الذهبي صحيحاً.</ref>، وفي سنة وفاة أنس خادم الرسول صلى الله عليه وآله <ref> سير أعلام النبلاء 8: 49.</ref>. وكان أبو عامر جدّه حليف عثمان بن عبيداللَّه التيمي <ref> كتاب الثقات 7: 459.</ref>، وذكر البعض: أنّ جدّه أبا عامر كان صحابياً، وعن القاضي بكر بن العلاء القشيري: أنّه شهد المغازي كلّها مع النبي صلى الله عليه وآله خلا بدر. وقال غيره: أبو عامر جدّ مالك الأعلى‏، كان في زمان النبي صلى الله عليه وآله ولم يلقه، فهو تابعي مخضرم <ref> أنظر: شرح الزرقاني على‏ موطّأ مالك 1: 2. ونقل الذهبي عن الزهري: أنّ أباه أنس مولى‏ التيميّين (سير أعلام النبلاء 8: 49) إلّا أنّه نفسه اعتبر ولاء الحلف هذا - الذي ذكره محمد بن إسحاق صاحب سيرة ومغازي رسول اللَّه‏ صلى الله عليه وآله  - خطأً (سير أعلام النبلاء 8: 71). وحيث إنّ مالكاً كان من نسل يعرب بن قحطان، فهو عربي الأصل، ونظراً إلى‏ ما قاله التستري من أنّ المولى‏ يقابل العربي، فإنّ قول محمد أبو زهرة يكون صحيحاً، وهو أ نّه كان بين جدّ مالك وبين عبد الرحمان بن عثمان بن عبيد اللَّه حلفٌ لا ولاء، والحلف قد يكون بين العرب الأحرار، والولاء لايكون إلّا بين عربي ومولىً، والحلف يرمي في مغزاه إلى‏ التعاون على‏ النصرة (أنظر: مالك، حياته وعصره: 20، قاموس الرجال 1: 12).</ref>.
'''مالك بن أنس بن مالك''' هو يُنسب إلى‏ «[[أصبح]]» واسمه: الحارث بن عوف بن مالك، من [[يعرب بن قحطان]]، وقد صارت «أصبح» قبيلة <ref> أنظر: الأنساب 1: 174.</ref>.  
 
=ترجمته=
ولد مالك في بداية عهد [[الوليد بن عبدالملك]] <ref> ذكر خليفة بن خياط أنّه ولد في خلافة [[سليمان بن عبد الملك]] (تاريخ خليفة: 240)، إلّا أنّ الذهبي قال: وليس بشي‏ء (تاريخ الإسلام 11: 318) وبالالتفات إلى‏ سنة ولادته وسنة عهد سليمان وهي سنة 96 ه  فينبغي أن يكون قول الذهبي صحيحاً.</ref>، وفي سنة وفاة أنس خادم الرسول صلى الله عليه وآله <ref> سير أعلام النبلاء 8: 49.</ref>. وكان أبو عامر جدّه حليف [[عثمان بن عبيداللَّه التيمي]] <ref> كتاب الثقات 7: 459.</ref>، وذكر البعض: أنّ جدّه أبا عامر كان صحابياً، وعن القاضي بكر بن العلاء القشيري: أنّه شهد المغازي كلّها مع النبي صلى الله عليه وآله خلا بدر. وقال غيره: أبو عامر جدّ مالك الأعلى‏، كان في زمان النبي صلى الله عليه وآله ولم يلقه، فهو تابعي مخضرم <ref> أنظر: شرح الزرقاني على‏ موطّأ مالك 1: 2. ونقل الذهبي عن الزهري: أنّ أباه أنس مولى‏ التيميّين (سير أعلام النبلاء 8: 49) إلّا أنّه نفسه اعتبر ولاء الحلف هذا - الذي ذكره محمد بن إسحاق صاحب سيرة ومغازي رسول اللَّه‏ صلى الله عليه وآله  - خطأً (سير أعلام النبلاء 8: 71). وحيث إنّ مالكاً كان من نسل يعرب بن قحطان، فهو عربي الأصل، ونظراً إلى‏ ما قاله التستري من أنّ المولى‏ يقابل العربي، فإنّ قول محمد أبو زهرة يكون صحيحاً، وهو أنّه كان بين جدّ مالك وبين عبد الرحمان بن عثمان بن عبيد اللَّه حلفٌ لا ولاء، والحلف قد يكون بين العرب الأحرار، والولاء لايكون إلّا بين عربي ومولىً، والحلف يرمي في مغزاه إلى‏ التعاون على‏ النصرة (أنظر: مالك، حياته وعصره: 20، قاموس الرجال 1: 12).</ref>.


وعن محمد بن الضحّاك: «حملت أُم مالك بمالك ثلاث سنين». وعن الواقدي: «حملت به سنتين» <ref> سير أعلام النبلاء 8: 55، كتاب الثقات 7: 459، المعارف: 498. إلّا أنّ محمد أبو زهرة ردّه بأدلّة منه (مالك، حياته وعصره: 19).</ref>. وولد في المدينة وعاش فيها، ولم يفارقها إلّا لأداء فريضة الحج <ref> مقدمة التفريع 1: 83.</ref>.
وعن محمد بن الضحّاك: «حملت أُم مالك بمالك ثلاث سنين». وعن الواقدي: «حملت به سنتين» <ref> سير أعلام النبلاء 8: 55، كتاب الثقات 7: 459، المعارف: 498. إلّا أنّ محمد أبو زهرة ردّه بأدلّة منه (مالك، حياته وعصره: 19).</ref>. وولد في المدينة وعاش فيها، ولم يفارقها إلّا لأداء فريضة الحج <ref> مقدمة التفريع 1: 83.</ref>.
سطر ٣٤: سطر ٣٧:
ويروى‏ أنّه كان إذا أراد أن يحدّث توضّأ وجلس على‏ فراشه وسرّح لحيته، وتمكّن من الجلوس بوقار وهيبة ثم حدّث، فقيل له في ذلك، فقال: «أحبّ أن أُعظِّم حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، ولا أُحدّث به إلّا على‏ طهارة متمكّناً» <ref> حلية الأولياء 6: 318، صفة الصفوة 2: 178.</ref>. ولشدّة احترامه لحديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كان لايأخذ الحديث من عمرو بن دينار، ولمّا سُئل عن ذلك، قال: «أتيته، فوجدته يأخذون عنه قياماً، فأجللت حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن آخذه قائماً» <ref> سير أعلام النبلاء 8: 67.</ref>. وكان أيضاً يحتاط في نقل الحديث، فعن الشافعي قال: «كان مالك إذا شكّ في حديثٍ طرحه كلّه» <ref> المصدر السابق: 75.</ref>. وعن سعيد بن سليمان قال: قلّما سمعت مالكاً يفتي بشي‏ءٍ إلّا تلا هذه الآية «إِن نَّظُنُّ إِلّا ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ» <ref> حلية الأولياء 6: 323، والآية: 32 من سورة الجاثية المباركة.</ref>.
ويروى‏ أنّه كان إذا أراد أن يحدّث توضّأ وجلس على‏ فراشه وسرّح لحيته، وتمكّن من الجلوس بوقار وهيبة ثم حدّث، فقيل له في ذلك، فقال: «أحبّ أن أُعظِّم حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، ولا أُحدّث به إلّا على‏ طهارة متمكّناً» <ref> حلية الأولياء 6: 318، صفة الصفوة 2: 178.</ref>. ولشدّة احترامه لحديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كان لايأخذ الحديث من عمرو بن دينار، ولمّا سُئل عن ذلك، قال: «أتيته، فوجدته يأخذون عنه قياماً، فأجللت حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن آخذه قائماً» <ref> سير أعلام النبلاء 8: 67.</ref>. وكان أيضاً يحتاط في نقل الحديث، فعن الشافعي قال: «كان مالك إذا شكّ في حديثٍ طرحه كلّه» <ref> المصدر السابق: 75.</ref>. وعن سعيد بن سليمان قال: قلّما سمعت مالكاً يفتي بشي‏ءٍ إلّا تلا هذه الآية «إِن نَّظُنُّ إِلّا ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ» <ref> حلية الأولياء 6: 323، والآية: 32 من سورة الجاثية المباركة.</ref>.


ويُذكر أنّه كان مصاحباً لعبداللَّه بن يزيد بن هُرمُز، ومتأثّراً بأفكاره، فقد تعلّم منه أدباً رفيعاً، وهو كثرة قول: «لا أدري». وقد سمع مالك منه مراراً أنّه كان يقول: «ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول: لا أدري، حتّى‏ يكون ذلك أصلاً يفزعون إليه» <ref> سير أعلام النبلاء 8: 77، مالك، حياته وعصره: 26.</ref>. وقال له عمرو بن يزيد مرةً: يا أبا عبداللَّه، يأتيك الناس من بلدان شتّى‏، قد أنضوا مطاياهم، وأنفقوا نفقاتهم، يسألونك عمّا جعل اللَّه عندك من العلم، وتقول: لاأدري! فقال: «يا عبداللَّه! يأتيني الشامي من شامه، والعراقي من عراقه، والمصري من مصره، فيسألونني عن الشي‏ء لعلّي أن يبدو لي فيه غير ما أُجيب به، فأين أجدهم؟» <ref> حلية الأولياء 6: 324. وذكر أهل السنّة الكثير من خصائصه الأخلاقية في مصنّفات مستقلّة كثيرة (أنظر: سير أعلام النبلاء 8: 81).</ref>.
ويُذكر أنّه كان مصاحباً ل[[عبداللَّه بن يزيد بن هُرمُز]]، ومتأثّراً بأفكاره، فقد تعلّم منه أدباً رفيعاً، وهو كثرة قول: «لا أدري». وقد سمع مالك منه مراراً أنّه كان يقول: «ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول: لا أدري، حتّى‏ يكون ذلك أصلاً يفزعون إليه» <ref> سير أعلام النبلاء 8: 77، مالك، حياته وعصره: 26.</ref>. وقال له عمرو بن يزيد مرةً: يا أبا عبداللَّه، يأتيك الناس من بلدان شتّى‏، قد أنضوا مطاياهم، وأنفقوا نفقاتهم، يسألونك عمّا جعل اللَّه عندك من العلم، وتقول: لاأدري! فقال: «يا عبداللَّه! يأتيني الشامي من شامه، والعراقي من عراقه، والمصري من مصره، فيسألونني عن الشي‏ء لعلّي أن يبدو لي فيه غير ما أُجيب به، فأين أجدهم؟» <ref> حلية الأولياء 6: 324. وذكر أهل السنّة الكثير من خصائصه الأخلاقية في مصنّفات مستقلّة كثيرة (أنظر: سير أعلام النبلاء 8: 81).</ref>.


ومع ما عُرف عنه أنّه صاحب حديث فقد نُقل عنه أيضاً خلاف ذلك، حتّى‏ قال ابن معين: «إنّ مالكاً لم يكن صاحب حديث، بل كان صاحب رأي» <ref> أضواء على‏ السنّة المحمدية: 299، مقدّمة التفريع 1: 84.</ref>. وقال الليث بن سعد: «أحصيت على‏ مالك سبعين مسألةً، وكلّها مخالفة لسنّة الرسول» <ref> المصدران السابقان. وقد ذكرنا سابقاً أ نّه على‏ أساس الاحتياط كان يترك الحديث، ولذا كان قد أعاد النظر في موطّئه مراراً، وحذف منه الكثير حتّى‏ صار عدد أحاديثه خمسمائة حديث فقط. ولذا يبدو أنّه في إفتائه، وعندما كان لايجد الحديث فإنّه كان يأخذ بالقياس مضطرّاً، وبهذا فإنّه كان يأخذ بما كان يأخذ به أبو حنيفة.</ref>.
ومع ما عُرف عنه أنّه صاحب حديث فقد نُقل عنه أيضاً خلاف ذلك، حتّى‏ قال ابن معين: «إنّ مالكاً لم يكن صاحب حديث، بل كان صاحب رأي» <ref> أضواء على‏ السنّة المحمدية: 299، مقدّمة التفريع 1: 84.</ref>. وقال الليث بن سعد: «أحصيت على‏ مالك سبعين مسألةً، وكلّها مخالفة لسنّة الرسول» <ref> المصدران السابقان. وقد ذكرنا سابقاً أ نّه على‏ أساس الاحتياط كان يترك الحديث، ولذا كان قد أعاد النظر في موطّئه مراراً، وحذف منه الكثير حتّى‏ صار عدد أحاديثه خمسمائة حديث فقط. ولذا يبدو أنّه في إفتائه، وعندما كان لايجد الحديث فإنّه كان يأخذ بالقياس مضطرّاً، وبهذا فإنّه كان يأخذ بما كان يأخذ به أبو حنيفة.</ref>.
سطر ٤٠: سطر ٤٣:
وكانت مدرسته الفقهية تعتمد على‏ ثلاثة أُسس <ref> مقدمة التفريع 1: 85.</ref>: عمل أهل المدينة <ref> وكان يقدّمه مالك على‏ الحديث الصحيح والقياس، باعتبار أنّ عملهم بمنزلة روايتهم عن رسول اللَّه‏ صلى الله عليه وآله، ونقل ألف عن ألف خيرٌ من نقل واحد عن واحد، كما قال ربيعة شيخ مالك.</ref>، المصالح المرسلة <ref> وهي التي لم يشهد الشرع باعتبارها ولا بإلغائها، ولكن تلقّتها العقول بالقبول. وعرّفها الخوارزمي بقوله: «هي المحافظة على‏ مقصود الشرع بدفع المفاسد عن الخلق».</ref>، سدّ الذرائع <ref> وهي أن تعطى‏ الوسائل أحكام الغايات، فتكون وسيلة المحرَّم محرمة، ووسيلة المباح مباحة، ووسيلة الواجب واجبة. وفي هذا المعنى‏ يقول القرافي: «الوسيلة إلى‏ أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل، وإلى‏ أقبح المقاصد هي أقبح الوسائل، والوسيلة إلى‏ متوسط المقاصد هي متوسطة».</ref>.
وكانت مدرسته الفقهية تعتمد على‏ ثلاثة أُسس <ref> مقدمة التفريع 1: 85.</ref>: عمل أهل المدينة <ref> وكان يقدّمه مالك على‏ الحديث الصحيح والقياس، باعتبار أنّ عملهم بمنزلة روايتهم عن رسول اللَّه‏ صلى الله عليه وآله، ونقل ألف عن ألف خيرٌ من نقل واحد عن واحد، كما قال ربيعة شيخ مالك.</ref>، المصالح المرسلة <ref> وهي التي لم يشهد الشرع باعتبارها ولا بإلغائها، ولكن تلقّتها العقول بالقبول. وعرّفها الخوارزمي بقوله: «هي المحافظة على‏ مقصود الشرع بدفع المفاسد عن الخلق».</ref>، سدّ الذرائع <ref> وهي أن تعطى‏ الوسائل أحكام الغايات، فتكون وسيلة المحرَّم محرمة، ووسيلة المباح مباحة، ووسيلة الواجب واجبة. وفي هذا المعنى‏ يقول القرافي: «الوسيلة إلى‏ أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل، وإلى‏ أقبح المقاصد هي أقبح الوسائل، والوسيلة إلى‏ متوسط المقاصد هي متوسطة».</ref>.


وكان مالك يعتقد بقدم القرآن، ويرى‏ أنّ من يخالف هذا الاعتقاد زنديق يجب قتله! وكان يعتقد أنّ اللَّه تعالى‏ يمكن أن يُرى‏ بالعين يوم القيامة مع أنّه غير ممكن في الدنيا <ref> حلية الأولياء 6: 325.</ref>. كما كان مخالفاً للقدرية بشدّة، وكان يعتبر من لايتوب ويرجع عن هذه العقيدة فهو مهدور الدم، بل كان يعدّهم أحياناً من المشركين <ref> حلية الأولياء 6: 326.</ref>، وكان يقول : « القدرية، لاتناكحوهم، ولا تصلّوا خلفهم» <ref> سير أعلام النبلاء 8: 102.</ref>، ويقول: «لا يُستتاب من سبّ النبي صلى الله عليه وآله من الكفّار والمسلمين» <ref> المصدر السابق: 103.</ref>.
وكان مالك يعتقد بقدم القرآن، ويرى‏ أنّ من يخالف هذا الاعتقاد زنديق يجب قتله! وكان يعتقد أنّ اللَّه تعالى‏ يمكن أن يُرى‏ بالعين يوم القيامة مع أنّه غير ممكن في الدنيا <ref> حلية الأولياء 6: 325.</ref>. كما كان مخالفاً للقدرية بشدّة، وكان يعتبر من لايتوب ويرجع عن هذه العقيدة فهو مهدور الدم، بل كان يعدّهم أحياناً من المشركين <ref> حلية الأولياء 6: 326.</ref>، وكان يقول: «القدرية، لاتناكحوهم، ولا تصلّوا خلفهم» <ref> سير أعلام النبلاء 8: 102.</ref>، ويقول: «لا يُستتاب من سبّ النبي صلى الله عليه وآله من الكفّار والمسلمين» <ref> المصدر السابق: 103.</ref>.


ويروى‏ أنّه جاءه رجل فقال: يا أبا عبداللَّه «الرَّحْمَنُ عَلَى‏الْعَرْشِ اسْتَوَى» كيف استوى‏؟ فما وجد مالك من شي‏ءٍ ما وجد من مسألته، فنظر إلى‏ الأرض، وجعل ينكت بعودٍ في يده حتّى‏ علاه الرفضاء - يعني العرق - ثم رفع رأسه ورمى‏ بالعود وقال: الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأظنّك صاحب بدعة، وأمر به فأُخرج <ref> حلية الأولياء 6: 326.</ref>.
ويروى‏ أنّه جاءه رجل فقال: يا أبا عبداللَّه «الرَّحْمَنُ عَلَى‏الْعَرْشِ اسْتَوَى» كيف استوى‏؟ فما وجد مالك من شي‏ءٍ ما وجد من مسألته، فنظر إلى‏ الأرض، وجعل ينكت بعودٍ في يده حتّى‏ علاه الرفضاء - يعني العرق - ثم رفع رأسه ورمى‏ بالعود وقال: الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأظنّك صاحب بدعة، وأمر به فأُخرج <ref> حلية الأولياء 6: 326.</ref>.


وعن يحيى ‏بن بُكَير قال: قلت لمالك: إنّي سمعت الليث يقول: إن رأيت صاحب كلام يمشي على‏ الماء فلا تثقنّ به، فقال مالك: «إن رأيته يمشي على‏ الهواء فلا تأمننّ ناحيته، ولا تثقنّ به» <ref> تاريخ الإسلام 11: 326.</ref>.
وعن [[يحيى ‏بن بُكَير]] قال: قلت لمالك: إنّي سمعت الليث يقول: إن رأيت صاحب كلام يمشي على‏ الماء فلا تثقنّ به، فقال مالك: «إن رأيته يمشي على‏ الهواء فلا تأمننّ ناحيته، ولا تثقنّ به» <ref> تاريخ الإسلام 11: 326.</ref>.


وينحدر مالك من أُسرة علمية <ref> المعارف: 498. إذ كان عمه الربيع بن مالك يروي الحديث، وجدّه مالك بن أبي عامر يروي عن عمر وعثمان وطلحة وأبي هريرة.</ref>، وقد طلب العلم هو ابن بضع عشرة سنة، وتأهّل للفتيا وجلس للإفادة وله إحدى‏ وعشرون سنة، وكان ذلك بعد وفاة القاسم بن محمدابن أبي بكر وسالم بن عبداللَّه بن عمر من فقهاء المدينة السبعة <ref> سير أعلام النبلاء 8: 55. وذكر الذهبي أنّه بدأ بطلب العلم بحدود سنة 110 ه (تاريخ الإسلام 11: 318) وبحسب المشهور من تاريخ ولادته (سنة 93 ه ) ينبغي أن يكون عمره آنذاك سبع عشرة سنة.</ref>. وكان قد أخذ القراءة عرْضاً عن نافع بن أبي نعيم، وسمع الزُهري ونافعاً مولى‏ ابن عمر <ref> وفيات الأعيان 4: 135.</ref>.
وينحدر مالك من أُسرة علمية <ref> المعارف: 498. إذ كان عمه الربيع بن مالك يروي الحديث، وجدّه مالك بن أبي عامر يروي عن عمر وعثمان وطلحة وأبي هريرة.</ref>، وقد طلب العلم هو ابن بضع عشرة سنة، وتأهّل للفتيا وجلس للإفادة وله إحدى‏ وعشرون سنة، وكان ذلك بعد وفاة القاسم بن محمدابن أبي بكر وسالم بن عبداللَّه بن عمر من فقهاء المدينة السبعة <ref> سير أعلام النبلاء 8: 55. وذكر الذهبي أنّه بدأ بطلب العلم بحدود سنة 110 ه (تاريخ الإسلام 11: 318) وبحسب المشهور من تاريخ ولادته (سنة 93 ه ) ينبغي أن يكون عمره آنذاك سبع عشرة سنة.</ref>. وكان قد أخذ القراءة عرْضاً عن نافع بن أبي نعيم، وسمع الزُهري ونافعاً مولى‏ ابن عمر <ref> وفيات الأعيان 4: 135.</ref>.
سطر ٨٠: سطر ٨٣:


=موقف الرجاليّين منه=
=موقف الرجاليّين منه=
اكتفى‏ رجاليو الشيعة؛ كالشيخ الطوسي وغيره بالإشارة إلى‏ أنّه كان من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام <ref> رجال الطوسي: 308، منهج المقال: 271، تنقيح المقال 2: 48.</ref>، ونقلوا عنه كلامه في الثناء على‏ الإمام‏عليه السلام <ref> مناقب ابن شهرآشوب 4: 269، معجم رجال الحديث 15: 165.</ref>. وأمّا أهل السنّة فقد أجمعت طوائف علمائهم على‏ إمامته وجلالته، وعِظَم سيادته <ref> تهذيب الأسماء واللغات 2: 75، تهذيب التهذيب 10: 5 - 8.</ref>.
اكتفى‏ رجاليو الشيعة؛ كالشيخ الطوسي وغيره بالإشارة إلى‏ أنّه كان من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام <ref> رجال الطوسي: 308، منهج المقال: 271، تنقيح المقال 2: 48.</ref>، ونقلوا عنه كلامه في الثناء على‏ الإمام ‏عليه السلام <ref> مناقب ابن شهرآشوب 4: 269، معجم رجال الحديث 15: 165.</ref>. وأمّا أهل السنّة فقد أجمعت طوائف علمائهم على‏ إمامته وجلالته، وعِظَم سيادته <ref> تهذيب الأسماء واللغات 2: 75، تهذيب التهذيب 10: 5 - 8.</ref>.


=من روى‏ عنهم ومن رووا عنه <ref> سير أعلام النبلاء 8: 49 - 54.</ref>=
=من روى‏ عنهم ومن رووا عنه <ref> سير أعلام النبلاء 8: 49 - 54.</ref>=
روى‏ عن الإمام الصادق‏عليه السلام.
روى‏ عن الإمام الصادق‏عليه السلام.
وروى‏ أيضاً عن جماعة كثيرة <ref> ذكر الذهبي أسماء الذين روى عنهم مالك في الموطّأ، وعدّد روايات كلّ واحدٍ منهم، وعدّد الروايات التي نقلها مالك عن الإمام الصادق‏عليه السلام وهي سبع روايات (سير أعلام النبلاء 8: 49).</ref>، منهم: ربيعة الرأي، زيد بن أَسلَم، سعيد بن أبي سعيد، سَلَمة بن دينار، صالح بن كَيْسان، أبو الزِناد عبداللَّه بن ذَكْوان، عطاء بن أبي رباح، الزَهْري، محمد بن المُنكَدر، نافع مولى ‏ابن عمر، يحيى‏ بن سعيد الأنصاري، عائشة بنت سعد.
وروى‏ أيضاً عن جماعة كثيرة <ref> ذكر الذهبي أسماء الذين روى عنهم مالك في الموطّأ، وعدّد روايات كلّ واحدٍ منهم، وعدّد الروايات التي نقلها مالك عن الإمام الصادق‏ عليه السلام وهي سبع روايات (سير أعلام النبلاء 8: 49).</ref>، منهم: ربيعة الرأي، زيد بن أَسلَم، [[سعيد بن أبي سعيد]]، [[سَلَمة بن دينار]]، [[صالح بن كَيْسان]]، [[أبو الزِناد عبداللَّه بن ذَكْوان]]، [[عطاء بن أبي رباح]]، الزَهْري، [[محمد بن المُنكَدر]]، نافع مولى ‏ابن عمر، يحيى‏ بن سعيد الأنصاري، عائشة بنت سعد.
وروى‏ عنه جماعة، منهم: الثوري، سُفيان بن عُيَيْنَة، شُعبة بن الحجّاج، عبد الرحمان ابن مهدي، ابن جُرَيْج، أبو نُعَيْم الفَضْل بن دُكَيْن، الشافعي، وكيع، يحيى‏ بن سعيد الأنصاري، يحيى‏ بن سعيد القطّان، أبو إسحاق الفَزاري، أبو داود الطيالسي.
وروى‏ عنه جماعة، منهم: الثوري، [[سُفيان بن عُيَيْنَة]]، [[شُعبة بن الحجّاج]]، [[عبد الرحمان ابن مهدي]]، [[ابن جريج]]، [[أبو نعيم الفضل بن دكين]]، الشافعي، وكيع، [[يحيى‏ بن سعيد الأنصاري]]، [[يحيى‏ بن سعيد القطّان]]، [[أبو إسحاق الفَزاري]]، أبو داود الطيالسي.


=من رواياته=
=من رواياته=
سطر ٩٥: سطر ٩٨:


=المراجع=
=المراجع=
 
{{الهوامش}}
{{الهوامش|2}}
<references />
</div>
[[تصنيف:الرواة المشتركون]]
[[تصنيف:الرواة المشتركون]]
٤٬٩٤١

تعديل