سلمة بن الأكوع: كان شجاعاً رامياً فارساً شهد الحديبية وبايع رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) تحت الشجرة، وغزا معه سبع غزوات. بعثه النبيّ (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) يوم خيبر إلى الإمام علی (عليه السّلام) وكان رمِداً، فجاء به يقوده، فمسح النبيّ (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) عينيه فبرأ، ثمّ رفع إليه اللواء ففتح اللَّه على يديه. وهو أحد رواة حديث الغدير.

سلمة بن الأكوع (... ــ 74ق)

سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي، أبو إياس، وقيل: أبو مسلم. واسم الأكوع: سنان بن عبد اللَّه، ويقول جماعة أهل الحديث سلمة بن الأكوع، ينسبونه إلى جده. شهد الحديبية (سنة 6 هـ) وبايع رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) تحت الشجرة، وغزا معه سبع غزوات على ما رُوي عنه، وكان شجاعاً رامياً عدّاءً. [١]

من روی عنهم ومن رووا عنه

روى عن النبيّ (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) عدة أحاديث. روى عنه: ابنه إياس، والحسن بن محمد بن الحنفية، ومولاه يزيد بن أبي عبيد وآخرون.

أحاديثه

وهو أحد رواة حديث الغدير (من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه) من الصحابة[٢] رُوي أنّ النبيّ (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) بعثه يوم خيبر إلى الإمام علی (عليه السّلام) وكان رمِداً، فجاء به يقوده، فمسح النبيّ (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) عينيه فبرأ، ثمّ رفع إليه اللواء ففتح اللَّه على يديه[٣]

فتاواه وفقاهته

عُدّ من المقلَّين في الفتيا من الصحابة، ونقل عنه الشيخ الطوسي في «الخلاف» فتوى واحدة، وعدّه في «رجاله» من أصحاب عليّ (عليه السّلام).
روى الطبراني بإسناده عن سعيد المقبري أنّ ابن عباس و عروة بن الزبير اختلفا في المتعة، فقال عروة: هي زنى، وقال ابن عباس: وما يدريك يا عُريّة؟ فمر بهما سلمة بن الأكوع، فسأله ابن عباس، فقال: غرب بنا رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) ثلاثة أشهر، كنت أخرج مع الجيش، فأُقيم حيث يقيمون وأُمسي حين يمسون، فقال النبيّ (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم): «من شاء فليستمتع من هذه النساء».
وأخرج البخاري في صحيحه ( 3 - 51 ) برقم ( 5117، 5118 ) عن جابر ابن عبد اللّه وسلمة ابن الأكوع قالا: خرج علينا منادي رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) فنادى إنّ رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) قد أذن لكم فاستمتعوا يعني متعة النساء.
وقد عدّ محمد بن حبيب البغدادي (ت 245 هـ) سلمة بن الأكوع ممن كان يرى المتعة من أصحاب النبي (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) [٤]
أقول: الروايتان الآنفتان، وما ذكره محمد بن حبيب، يثبت أنَّ سلمة بن الأكوع كان ممن يقول بحلَّية المتعة وعدم نسخها، وبذلك يظهر عدم صحّة ما روي عنه من أنّ رسول اللّه (صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم) رخّص في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها[٥] ثمّ إنّ عبد الواحد بن زياد قد وقع في اسناد هذه الرواية، وعبد الواحد هذا له مناكير، وضعّفه يحيى في رواية[٦]
عن يزيد عن سلمة أنّه كان يسخن له الماء فيتوضأ. وأنّه أكل حيْساً ثمّ جاءت الصلاة فقام إلى الصلاة ولم يتوضأ.

خروجه إلی الربذة

وقد ذكروا أنّه خرج إلى الربذة بعد قتل عثمان، وإذا صحّ أنّه استوطنها بعد قتل عثمان، فانّه يدل كما قيل على أنّه لم يصحب علياً (عليه السّلام) بعد قتل عثمان، ولم يقاتل معه وهو ينافي كونه من أصحابه.

وفاته

توفّي بالمدينة سنة أربع وسبعين، وقيل: سنة أربع وستين، وقد رُوي أنّه عاد إلى المدينة قبل أن يموت بليالٍ.

المصادر

  1. الطبقات الكبرى لابن سعد 4- 305، التأريخ الكبير 4- 69، مشاهير علماء الامصار 42 برقم 80، الثقات لابن حبّان 1- 168، المعجم الكبير للطبراني 7- 6، المستدرك للحاكم 3- 562، جمهرة أنساب العرب 240، أصحاب الفتيا من الصحابة و التابعين 103 برقم 115، الخلاف للطوسي 1- 377، رجال الطوسي 20 و 43، الإستيعاب 2- 86، المنتظم 6- 145، أُسد الغابة 2- 333، تهذيب الاسماء و اللغات 1- 229، تهذيب الكمال 11- 301، سير أعلام النبلاء 3- 326، العبر 1- 62، تاريخ الإسلام للذهبي (سنة 74 ه) ص 317، دول الإسلام 1- 54، الوافي بالوفيات 15- 321، مرآة الجنان 1- 155، البداية و النهاية 9- 7، الجواهر المضيئة 2- 416، الاصابة 2- 65، تهذيب التهذيب 4- 150، شذرات الذهب 1- 81، أعيان الشيعة 7- 290.
  2. الغدير: للعلّامة الاميني: 1- 44. قال: يروي عنه ابن عقدة بإسناده في حديث الولاية.
  3. انظر السنن الكبرى للبيهقي: 9- 131. قال البيهقي: أخرجه مسلم في صحيحه من وجه آخر عن عكرمة بن عمار. و أخرج البخاري حديث الراية عن سلمة بن الاكوع و سهل بن سعد، و إليك نص حديثه: عن سهل أنّ رسول اللّه ص قال يوم خيبر: «لَاعطينَ هذه الراية غداً رجلًا يفتح اللّه على يديه يحب اللّه و رسوله، و يحبه اللّه و رسوله» قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها فلما أصبح الناس غدَوا على رسول اللّه ص كلهم يرجو أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه فأتى فبصق رسول اللّه ص في عينيه و دعا له فبرأ حتى لم يكن به وجع فأعطاه الراية، فقال عليّ: يا رسول اللّه أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام و أخبرهم بما يجب عليهم فو اللّه لَان يهدي اللّه بك رجلًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. صحيح البخاري: 5- 171 مطابع الشعب. وأخرج أحمد بن حنبل (المسند: 1- 99): عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن علي- عليه السّلام-: لَاعطين الراية رجلًا يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله ليس بفرّار، فتشرف لها أصحاب النبي، فأعطانيها.
  4. المحبّر: ص 289.
  5. مسند أحمد بن حنبل: 4- 55.
  6. ميزان الاعتدال: 2- 672 برقم 5287. قال الذهبي: احتجّا به في الصحيحين، و تجنّبا تلك المناكير التي نقمت عليه. قال القطان: ما رأيته يطلب حديثاً بالبصرة و لا بالكوفة قط، و كنت أجلس على بابة يوم الجمعة بعد الصلاة أُذاكره حديث الاعمش لا يعرف منه حرفاً، و قال الفلّاس: سمعت أبا داود يقول: عمد عبد الواحد إلى أحاديث كان يرسلها الاعمش فوصلها بقول: حدثنا الاعمش، حدثنا مجاهد كذا و كذا.