حكيم بن حزام

حكيم بن حزام كان من سادات قُريش ووجوهها، في الجاهلية وفي الإسلام. وكان يشترك - مع صغر سنّه - في جلسات دار الندوة للتشاور واتّخاذ القرارات. شهد مع أبيه حرب «الفِجار» وقُتل أبوه حزام بن خُوَيْلد في الفجار الأخير، وشهد بدراً مع الكفّار، ونجا منهزماً، فكان إذا اجتهد في اليمين قال: والذي نجّاني يوم بدر. ومن مآثره أنّه لم يكن يتناول الطعام وحده قط، وكان يدعو من أيتام قريش على‏ مائدته مايكفيهم منها. وكان قبل إسلامه كريماً ومحسناً، فهو كذلك بعد إسلامه أيضاً، قال لرسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) يوماً: يا رسول اللَّه، لا أدع شيئاً صنعته في الجاهلية إلّا صنعت للَّه في الإسلام مثله، وكان قد أعتق في الجاهلية مائة رقبة، وأعتق في الإسلام مثلها، وساق في الجاهلية مائة بدنة، وفي الإسلام مثلها. وحكيم هذا هو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة.

حَكيم بن حِزام بن خُوَيْلد (54قبل الهجرة ــ 66ق)

من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبو خالد.[٢]
نسبه: القُرَشي، الأَسَدي.[٣]
لقبه: الحجازي، المكّي.[٤]
طبقته: صحابي.[٥]
هو من قبيلة قُصَيّ بن كِلاب، وابن أخي خديجة زوجة النبي صلى الله عليه وآله، وابن عم الزبير ابن العوّام.[٦] ولد في الكعبة، وذلك أنّ أُمّه دخلت الكعبة في نسوةٍ من قُريش وهي حامل، فأخذها الطلق، فولدت حكيماً بها، وكان ذلك قبل عام الفيل بثلاث عشرة سنة.[٧]
كان حكيم من سادات قُريش ووجوهها، في الجاهلية وفي الإسلام.[٨] وكان يشترك - مع صغر سنّه - في جلسات «دار الندوة» للتشاور واتّخاذ القرارات. يقول حكيم: ابتعت زيد بن حارثة لعمتي خديجة بنت خويلد، فأخذته بستّمائة درهم، فلمّا تزوّجها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله سألها زيداً، فوهبته له، فأعتقه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله. وعنه: أنّ النبي أعطاه ديناراً فاشترى‏ له به أُضحية، فاشترى‏ أُضحيةً بدينارٍ فباعها بدينارين، ثم اشترى‏ أُضحيةً بدينارٍ، فجاء بأُضحيةٍ ودينارٍ، فتصدّق النبي صلى الله عليه وآله بالدينار ودعا له بالبركة.[٩]
شهد مع أبيه حرب «الفِجار» وقُتل أبوه حزام بن خُوَيْلد في الفجار الأخير[١٠]، وشهد بدراً مع الكفّار، ونجا منهزماً، فكان إذا اجتهد في اليمين قال: والذي نجّاني يوم بدر.[١١] ومن مآثره أنّه لم يكن يتناول الطعام وحده قط، وكان يدعو من أيتام قريش على‏ مائدته مايكفيهم منها، يقول حكيم: ماأصبحت صباحاً قط، فلم أر أحداً ببابي طالب حاجةٍ، إلّا أعددتها مصيبةً أرجو ثوابها من اللَّه عزوجل.[١٢]
وسأل حكيم النبي صلى الله عليه وآله يوماً عمّا يُدخِل الجنّة، فقال صلى الله عليه وآله: «لا تسأل أحداً شيئاً» فكان حكيم لايسأل خادمه أن يسقيه ماءً، أو يناوله ماءً يتوضّأ به.[١٣]
كان حكيم من المؤلَّفة قلوبهم، أعطاه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يوم حُنين مائة بعير، ثم حَسُن إسلامه[١٤]، وغزا حُنيناً والطائف[١٥]، وكان يبكي على‏ بطء إسلامه.[١٦] وفي الاستيعاب: «هو من مسلمة الفتح، هو وبنوه: عبداللَّه وخالد ويحيى‏ وهشام».[١٧]
وكان قبل إسلامه كريماً ومحسناً، فهو كذلك بعد إسلامه أيضاً، قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله يوماً: يا رسول اللَّه، لا أدع شيئاً صنعته في الجاهلية إلّا صنعت للَّه في الإسلام مثله. وكان قد أعتق في الجاهلية مائة رقبة، واعتق في الإسلام مثلها، وساق في الجاهلية مائة بدنة، وفي الإسلام مثلها. وفي روايةٍ: أنّه حضر يوم عرفة ومعه مائة رقبة، ومائة بدنة، ومائة بقرة، ومائة شاة، فقال: الكلّ للَّه.[١٨]
إلّا أنّ الكليني روى‏ عن الصادق ‏عليه السلام: أنّ حكيم بن حزام كان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كلّه، فمّر عليه النبي‏صلى الله عليه وآله فقال له: «يا حكيم بن حزام، إيّاك أن تحتكر».[١٩]
وقال حكيم: قلت: يا رسول اللَّه، أرأيت شيئاً كنت أتحنّث (أنجبتُ) به في الجاهلية، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «أسلمت على‏ صالح ماسلف لك».[٢٠]
ولم تُذكر مواقفه بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله، إلّا عن الشيخ المفيد في إرشاده: أنّ أمير المؤمنين عليه السلام عندما مرّ على‏ قتلى‏ الجمل، وكانت جنازة عبداللَّه بن حكيم بينهم، قال عليه السلام: «هذا خالفَ أباه في الخروج، وأبوه حين‏لم ينصرنا قد أحسن في بيعته لنا وإن كان قد كفّ وجلس حين شكّ في القتال».[٢١]

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.[٢٢]
وروى‏ عنه جماعة، منهم: عبداللَّه بن الحارث بن نَوفَل، سعيد بن المسيّب، عروة ابن الزبير، عطاء بن أبي رباح. ابن سيرين، يوسف بن ماهَك، حِزام بن حكيم (ابنه).

من رواياته

روى‏ حكيم عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال: «اليد العليا خير من اليد السُفلى‏، وليبدأ أحدكم بمن يعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنىً، ومن يستغن يغنه اللَّه، ومن يستعفف يعفّه اللَّه» فقلت: ومنك يا رسول اللَّه؟ قال: «ومنّي».[٢٣]

وفاته

توفّي حكيم سنة 54 هـ في المدينة[٢٤]، وكان عند موته يكرّر «لا إله إلّا أنت أُحبّك وأخشاك»، وفي روايةٍ: «لا إله إلّا اللَّه قد كنت أخشاك، فإذا اليوم أرجوك».[٢٥]

الهوامش

  1. تهذيب التهذيب 2: 384، وفي أعيان الشيعة 6: 208، ومعجم رجال الحديث 7: 175: «الحَكَم».
  2. المعارف: 311، المغازي 1: 52.
  3. مستدرك الحاكم 3: 482، الجرح والتعديل 3: 202، أُسد الغابة 2: 40.
  4. تهذيب الكمال 7: 171، كتاب التاريخ الكبير 3: 11.
  5. تقريب التهذيب 1: 194.
  6. أُسد الغابة 2: 40. وفي رجال الطوسي: 18، وقاموس الرجال 3: 629: «عم الزبير».
  7. أُسد الغابة 2: 40.
  8. تهذيب الكمال 7: 173.
  9. مختصر تاريخ دمشق 7: 235، 238.
  10. تهذيب الكمال 7: 172. وحرب الفِجار بمعنى المفاجرة، وذلك أ نّه كان قتال في الأشهر الحرام ففجر المقاتلون فيه جميعاً، فُسمِّي الفِجار، وللعرب أربعة فجارات. لاحظ سيرة ابن هشام 1: 196 - 198.
  11. أُسد الغابة 2: 41.
  12. مختصر تاريخ دمشق 7: 239.
  13. المصدر السابق.
  14. أُسد الغابة 2: 40، الطبقات الكبرى‏ 1: 152، تهذيب الكمال 7: 172.
  15. سير أعلام النبلاء 3: 44.
  16. تهذيب الكمال 7: 183.
  17. الاستيعاب 1: 362.
  18. سير أعلام النبلاء 3: 49 - 50، شذرات الذهب 1: 60، الغدير 8: 338.
  19. الكافي 5: 165.
  20. تهذيب الكمال 7: 185، مختصر تاريخ دمشق 7: 238. ونَجُبَ وأَنجبَ: كَرُمَ وحَسُبَ (القاموس).
  21. الإرشاد: 136. وراجع: الصحيح من سيرة النبي‏صلى الله عليه وآله 2: 161 و3: 200.
  22. تهذيب الكمال 7: 171.
  23. مختصر تاريخ دمشق 7: 233.
  24. المعارف: 311، الاستيعاب 1: 362، أُسد الغابة 2: 40، تاريخ الإسلام 4: 157.
  25. تهذيب الكمال 7: 191 - 192.