الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الوحدة الحقيقية»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٣٧: سطر ٣٧:
<br>وسوف ننتخب لهذا البحث ثلاث موضوعات، نتناول المصادر الأساسية لكل منها، ونسلط الضوء على جذور النزاع فيها. وسوف نرى في النهاية أن أسباب الخلافات والتباعد بين المسلمين، ومادة تلك الخلافات هي تلك المجموعة من الأخبار المكذوبة والأحاديث الموضوعة والعقائد الدخيلة التي أفرزتها أيام الصراع السياسي ثم أخذت تنمو وتنتشر حتّى دخلت في صلب عقائد المسلمين.  
<br>وسوف ننتخب لهذا البحث ثلاث موضوعات، نتناول المصادر الأساسية لكل منها، ونسلط الضوء على جذور النزاع فيها. وسوف نرى في النهاية أن أسباب الخلافات والتباعد بين المسلمين، ومادة تلك الخلافات هي تلك المجموعة من الأخبار المكذوبة والأحاديث الموضوعة والعقائد الدخيلة التي أفرزتها أيام الصراع السياسي ثم أخذت تنمو وتنتشر حتّى دخلت في صلب عقائد المسلمين.  
<br>وهذه الموضوعات الثلاثة التي انتخبناها هنا هي:  '''التاريخ'''، و'''الحديث'''، و'''التفسير'''.  
<br>وهذه الموضوعات الثلاثة التي انتخبناها هنا هي:  '''التاريخ'''، و'''الحديث'''، و'''التفسير'''.  
=وجهة النظر التي تبتني عليها الوحدة=
قبل الدخول في التفصيل نوجز وجهة النظر التي نتبناها في هذا الموضوع، فنقول:
<br>1 ـ إنّ  التقريب ثمرة طبيعية للتصحيح، فكما لا يمكننا أن ننتظر ثمرة تنتج بلا شجرة، لا يمكننا كذلك أن ننتظر للتقريب وجوداً ومعنى دون أن نقطع أشواطاً مهمة على طريق التصحيح.
<br>وكما أن جودة الثمرة ورونقها يتوقف على مقدار العناية بالشجرة وتوفير أسباب نموها وحفظها من الآفات، فكذلك هو المستوى المرجو من التقريب، فإنه يتوقف على المقدار المنجز من التصحيح ودرجة نقائه.
<br>2 ـ إنّ  التصحيح ثورة حقيقية، ولا يجرؤ على تقحم نيران الثورة إلاّ الثوريون فالثوريون هم الّذين امتلؤوا استعداداً لتقديم الغالي والنفيس على طريق الثورة ولا يشغلهم عن أهدافهم ما سيفقدونه من راحة ونعيم وأموال وبنين وأهل.
<br>وكذلك من أدرك أن التصحيح ثورة، ومضى على طريقه، فلن يوقف مسيرته ما يراه من تساقط الكثير من المعلومات والمفاهيم التي كان قد ورثها وقرأها وترسخت في ذهنه وأصبحت جزءاً من عواطفه، وربما أصبحت جزءاً من وجوده الاجتماعي أيضاً، لا يهمه أن يرى ذلك كله يتساقط على طريق التحقيق العلمي الدقيق.
<br>إنّ  التصحيح بهذا المعنى سيمر من خلال ثورتين:
<br>ثورة على التراث، تثير كوامنه وتكشف حقائقه.
<br>تسبقها ثورة على أوامر عوجاء أو معكوسة شدتنا إلى هذا التراث شداً مغلوطاً حال حتّى دون الإذن بمناقشته.
وهذا لا يعني أننا نستنكر أي نوع من الارتباط العاطفي بالتراث، كلا، فإن الارتباط العاطفي الصحيح المشذب ضروري جداً في ثبات العقيدة.
بعد هذا الإيجاز ننتقل إلى شيء من التفصيل في الميادين الثلاثة التي انتخبناها من بين ميادين التراث الواسعة، بغية فتح أبواب الحوار على طريق التصحيح الذي سوف يكون التقريب ثمرة طبيعية من ثماره.
<br>والآن كما قلنا ننتخب لهذا البحث ثلاث موضوعات، وهذه الموضوعات الثلاثة التي انتخبناها هي:  '''التاريخ'''، و'''الحديث'''، و'''التفسير'''.
=1. التاريخ=
حين يُعنى بتدوين تاريخ أمة وقد ظهرت فيها الاختلافات، وتوزعت أبناءها المذاهب، وتغلبت الأهواء التي تفرض هيمنتها في صياغة أفكار الناس ورؤيتهم للأحداث، عندئذ أين سيقف التاريخ؟
<br>هل سيكون بعيداً عن معترك الميول والأهواء، منفصلاً عن قيود الزمان والمكان ليسجل الأخبار والأحداث كما هي تماماً، وبكامل أسبابها ومقدماتها وتفاصيلها وما خلفته من آثار، يسجلها كما هي قبل أن تنفعل معها الميول والأهواء؟
<br>لا شك أن هذا هو الأمل المنشود، وهو الذي تقتضيه الأمانة للتاريخ وللحقيقة ولكن لا شك أيضاً أن التاريخ لم يكتب في الفضاء، ولا كان المؤرخ يستقل بساطاً سحرياً يقله فوق آفاق زمانه ومكانه.
<br>إنه يكتب من على الأرض، وفي زمان ما ومكان ما.
<br>وإنه يكتب ما يسمع وما يرى.
<br>وإنّما  يحدثه رجال لهم حيال الأحداث مواقف وميول، فهو لم يسمع في الحقيقة حدثاً مجرداً، وإنّما  سمع الحدث ممزوجاً بانفعالات الناقلين، والمورخ نفسه هو واحد من أولئك البشر، يعيش في عصرهم... كما وان لكل عصر لونه ونغماته.
<br>وحين يكون عصر من العصور قاسياً في مواجهة ما لا يتفق ونغماته، فإنما جاءت قسوته من أناسه؛ فالمورخ يكتب حين يكتب وهو يرى عيون الناس وكأنها ترصد أفكاره، وتحصي عليه حتّى مالم يرد بحسبانه !
<br>ففي أحوال كهذه هل يبعد أن يكون المورخ منساقاً من حيث يدري أو لا يدري لواحدة أو أكثر من تلك المؤثرات الواقعية؟
<br>عندئذ سوف يقتطع من الحقيقة التاريخية أجزاء مساوية لمقدار ذلك الانسياق.
<br>ولعل هذا هو أضعف الأخطار الثلاثة التي قد تتعرض لها الحقيقة التاريخية...
<br>أما الخطر الثاني: فيتمثل بالانسياق التام مع نغمات العصر وأهواء أهله.
<br>وأما الخطر الثالث: فيتمثل في كون المؤرخ نفسه من أصحاب الأهواء الّذين لا يقبلون إلاّ ما وافق أهواء هم، ولا ينظرون إلى الأحداث إلاّ  بمنظار الهوى.
<br>بعد هذا، فإن التاريخ الذي سيكتبه هذا المؤرخ أو ذاك سوف يصبح مصدراً لثقافة الأجيال، تستقي منه رؤيتها للتاريخ التي ستساهم مساهمة فعالة في صياغة عقائدها.
<br>فحين يجتمع الناس على واحد من هذه المصادر التي استجابت لبعض تلك
<br>المؤثرات على حساب الحقيقة التاريخية ن فمن البديهي أن تحمل أذهانهم برؤى مغيرة للحقيقة.
<br>ومن هنا تتسرب العقائد الدخيلة إلى الأذهان، فيعتقد الناس بأشياء ومفاهيم ليست هي من الإسلام ومفاهيمه الحقة، وهم يظنون أنها الحق.
<br>وسوف لا يكون العوام وحدهم ضحية هذه الخطيئة، بل العلماء أيضاً حين يوقفون علومهم اعتماداً على هذه المصادر دون محاكمة وتمحيص.
==كيف اجتازت عيون التاريخ الإسلامي تلك الأجواء والمؤثرات لتحفظ لنا حقائقه؟==
لا شك أن الوقوف على المشاهد الحية لإثبات حقيقةٍ ما هو أهم بكثير من البحوث النظرية والبراهين الفلسفية.
وهذا ما سنبينه هنا.


=المصادر=
=المصادر=


[[تصنيف: الوحدة الإسلامية]]
[[تصنيف: الوحدة الإسلامية]]
confirmed
١٬٦٣٠

تعديل