انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الوحدة الحقيقية»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٧٣: سطر ٧٣:
لا شك أن الوقوف على المشاهد الحية لإثبات حقيقةٍ ما هو أهم بكثير من البحوث النظرية والبراهين الفلسفية.  
لا شك أن الوقوف على المشاهد الحية لإثبات حقيقةٍ ما هو أهم بكثير من البحوث النظرية والبراهين الفلسفية.  
وهذا ما سنبينه هنا.
وهذا ما سنبينه هنا.
===مشاهد حية===
====المشهد الأول====
قال [[الزبير بن بكار]]: قدم سليمان بن عبد الملك إلى مكة حاجاً سنة 82هـ، فأمر أبان بن عثمان أن يكتب له سير النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ومغازيه. فقال له أبان: هي عندي قد أخذتها مصححة ممن أثق به.
<br>فأمر سليمان عشرة من الكتاب بنسخها، فكتبوها في رق، فملا صارت إليه نظر فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين وفي بدر، فقال: ما كنت أرى لهؤلاء القوم هذا الفضل، فإما أن يكون أهل بيتي غمصوا عليهم حقهم،وإما أن يكونوا ليس كذلك!
<br>فقال له أبان: أيها الأمير، لا يمنعنا ما صنعوا أن نقول بالحق، هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا.
<br>فقال سليمان: ما حاجتي إلى أن أنسخ ذلك حتّى أذكره لأمير المؤمنين لعله يخالفه.
<br>ثم أمر بالكتاب فخرق، ورجع فأخبر أباه عبدالملك بن مروان بذلك الكتاب، فقال عبد الملك: ما حاجتك أن تقدم بكتاب ليس لنا فيه فضل، تُعرّف أهل الشام أموراً لا نريد أن يَعرِفوها؟!
<br>قال سليمان: فلذلك أمرت بتخريق ما نسخته! <ref>(الموفقيات، للزبير بن بكار: 222).</ref>
====المشهد الثاني====
حدث المدائني عن ابن شهاب الزهري أنّه  قال: قال لي خالد القسري<ref> والي مكة للوليد بن عبد الملك ثم لسليمان بن عبد الملك، وولي العراق لهشام بن عبد الملك.</ref> اكتب السيرة.
<br>فقلت له: فإنه يمر بي الشيء من سير علي بن أبي طالب، فأذكره؟ قال: لا، إلاّ أن تراه في قعر الجحيم <ref>(الأغاني 22: 21 أخبار خالد بن عبدالله القسري).</ref>
<br>وكتب الزهري مغازيه، وجلها رواها عبد الرزاق في مصنفه، فمن قرأها وجد علياً رجلاً غريباً على السيرة ليس له فيها خبر ولا أثر، مع أن الزهري لا يمر على اثر لأبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ إلاّ فصل فيه وزينه أما علي فلا ذكر له في مغازي الزهري لا في العهد المكي بطوله، ولا في الهجرة، ولا في المؤاخاة، ولا في بدر، ولا في أحد، ولا في الخندق، ولا في خيبر، ولا حنين، ولا فتح مكة، ولا في غزوة تبوك، ولا في حجة الوداع، ولا في غير ذلكَ !
<br>ومع هذا فإن الزهري كان يتهم شيخه الأول بالانحراف عن علي وبني هاشم!
<br>فقد كان اكثر اعتماد الزهري في مغازيه على رواية شيخه عروة بن الزبير، وكانت أكثر رواية عروة عن أم المؤمنين عائشة، فيما كان الزهري يقول فيهما معا: إني اتهمهما في بني هاشم.
<br>قال معمر: كان عند الزهري حديثان عن عروة عن عائشة في علي، فسألته عنهما يوماً، فقال: ما تصنع بهما وبحيثهما؟ الله أعلم بهما ! اني لا تهمهما في بني هاشم <ref>شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4: 64.</ref>
<br>وروى الزهري أيضاً حديث عبد الله بن عبدالله بن عتبة عن السيدة عائشة في مرض رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ إذا قالت: وضع يداً له على الفضل بن العباس ويداً أخرى على رجل آخر، وهو يخط برجليه في الأرض.
<br>قال عبيدالله: فحدثت فيه عبدالله بن عباس، فقال: أتدري من الرجل الّذي لم تسمه عائشة؟ هو علي بن أبي طالب، ولكن عائشة لا تطيب له نفساً بخير.<ref>المصنف 5: 429، 430.</ref>
====المشهد الثالث====
إنّ  عروة بن الزبير كان من أول من صنف في المغازي والسير.
<br>فإذا كان ذلك هو نصيب علي في مغازي الزهري، فكيف هو في مغازي عروة؟
<br>لقد تجاوزت مغازي عروة نصيب علي إلى نصيب غيره من بني هاشم ! فقد حدث يزيد بن رومان عن عروة وهو يروي قصة مهاجرة الحبشة وحديث النجاشي معهم، فقال فيه: إنّما  كان يكلم النجاشي عثمان بن عفان!
<br>هذا فيما تسالم أصحاب الحديث والسير أن ذلك كان جعفر بن أبي طالب!
<br>وحديث عروة هذا بين جعفر وعثمان ـ رضي الله عنهما ـ هو من صنف ما سخر منه الزهري من صنيع اتباع بني أمية في التاريخ.
<br>قال معمر: سألت الزهري عن كاتب الكتاب يوم [[الحديبية]]، فضحك، وقال: هو [[الإمام علی|علي بن أبي طالب]]، ولو سألت هؤلاء ـ يريد بني أمية ـ لقالوا: عثمان! <ref>(المصدر نفسه : 343، 9722).</ref>
====المشهد الرابع====
في قصة أبي ذر (رضي الله عنه) مع بني أمية قال الطبري: في سنة 30 هـ كان ما ذكر من أمر أبي ذر و معاوية، وأشخاص معاوية إياه أمور كثيرة كرهت ذكر أكثرها، فأما العذرون معاوية فإنهم ذكروا في ذلك قصة كتب بها إلي السدي يذكر أن شعيباً حدثه سيف... ثم يسرد الطبري هذه القصة مردداً بين فقراتها: قال سيف، حتّى أتى على آخرها، ثم قال: وأما الآخرون فإنهم رووا في سبب ذلك أشياء كثيرة وأموراً شنيعة كرهت ذكرها! ئ  ئئ ئئئئ ئ<ref>(تاريخ الطبري 4: 283، 284).</ref>
<br>إذن لا شيء عن هذا الحدث الكبير الذي يكشف عن كثير من أسرار التاريخ إلاّ ما يرويه العاذرون معاوية ولا أحد يستند إليه العاذرون معاوية إلاّ سيف بن عمر الذي أجمع أصحاب الجرح والتعديل على أنّه  كذاب يضع الحديث وأنه كان يتزندق... ثم من بعد سيف راويته المجهول شعيب ! ولا شيء بعد ذلك.
<br>أما العاذرون أبا ذر فلا شيء عنهم في هذه الموسوعة التاريخية الكبرى !
<br>وكذلك كان مع أهم مراحل التاريخ الإسلامي وأكثرها حساسية، تلك المرحلة التي ابتدأت بوفاة الرسول الأكرم ـ صلى الله عليه وآله ـ، فإني لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئاً، وإنّما  اعتمدت عليه من بين المؤرخين إذ هو الإمام المتقن حقاً، الجامع لأحكام القرآن علماً وصحة اعتقاد وصدقاً <ref>(الكامل في التاريخ 1: 3).</ref>
<br>هذا مع أن هذه الأحداث قد اقتصد فيها الطبري على رواية سيف الذي عرف بالكذب والوضع والزندقة!
وقال ابن خلدون، بعد ذكر موقعة الجمل: هذا أمر الجمل ملخصاً من كتاب أبي جعفر الطبري، اعتمدناه للوثوق به، ولسلامته من الأهواء الموجودة في كتب ابن قتيبة وغيره <ref>(تاريخ ابن خلدون 2 ك 622).</ref>
<br>هذا مع أن الطبري لم يوثق ما رواه بل ذكر اسم الراوي لتعرفه الناس فتصدق روايته إنّ  كان صدوقاً، وتردها إنّ كان معروفاً بالكذب واتباع الهوى. وموقعة الجمل قد رواها الطبري عن سيف بن عمر!
<br>وقال [[ابن خلدون]] أيضاً بعد أن فرغ من الكلام في أمر الخلافة وأخبارها: هذا آخر الكلام في الخلافة الإسلاميّة  وما كان فيها من الردة والتفوحات والحروب ثم الاتفاق والجماعة، أوردتها ملخصة عن عيونها ومجامعها من كتاب محمّد بن جرير الطبري فإنه أوثق ما رأيناه في ذلك، وأبعد عن المطاعن والشبه في كبار الأمة من خيارها وعدولها من الصحابة والتابعين، فكيراً ما يوجد في كلام المؤرخين أخبار فيها مطاعن وشبه في حقهم أكثرها من أهل الأهواء، فلا ينبغي أن تسود بها الصحف.<ref>(المصدر نفسه: 650).</ref>


=المصادر=
=المصادر=


[[تصنيف: الوحدة الإسلامية]]
[[تصنيف: الوحدة الإسلامية]]
confirmed
١٬٦٣٠

تعديل