الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الظهور»

أُضيف ٨٩٠ بايت ،  ٢٤ أغسطس ٢٠٢١
لا يوجد ملخص تحرير
(أنشأ الصفحة ب''''تعريف الظهور:''' وهو الدلالة الأقوی الذي يقابل التنصيص، فالظهور هو أن يكون مدلول الدليل|ا...')
 
لا ملخص تعديل
سطر ١٦: سطر ١٦:
==1. إجمال==
==1. إجمال==
وقد وردت عدّة تعاريف للفظ المجمل:
وقد وردت عدّة تعاريف للفظ المجمل:
<br>'''منها:''' [[الإجمال]] ما لم تتضح دلالته<ref>. منتهى الوصول ابن حاجب: 136، معالم الدين: 152، كفاية الاُصول: 252.</ref>.
<br>'''منها:''' وهو ما لم تتضح دلالته<ref>. منتهى الوصول ابن حاجب: 136، معالم الدين: 152، كفاية الاُصول: 252.</ref>.
<br>'''ومنها:''' هو اسم لما يكون معناه مشتبها وغير ظاهر فيه<ref>. محاضرات في اُصول الفقه 5: 386.</ref>.
<br>'''ومنها:''' هو اسم لما يكون معناه مشتبها وغير ظاهر فيه<ref>. محاضرات في اُصول الفقه 5: 386.</ref>.
<br>وعليه، يكون المراد من [[الإجمال|المجمل]] كونه لفظا غير ظاهر معناه وغير واضح، وفرقه عن الظاهر في كون الأخير واضح المعنى ولكن يحتمل أكثر من معنى واحد.
<br>وعليه، يكون المراد من المجمل كونه لفظا غير ظاهر معناه وغير واضح، وفرقه عن الظاهر في كون الأخير واضح المعنى ولكن يحتمل أكثر من معنى واحد.
==2. بيان==
==2. بيان==
ورد عن الاُصوليين وخاصّة القدماء منهم عدّة تعاريف للبيان:
ورد عن الاُصوليين وخاصّة القدماء منهم عدّة تعاريف للبيان:
سطر ٢٦: سطر ٢٦:
<br>وعليه يكون [[البيان]] في الحقيقة الدليل المبيّن من قبل الشارع والذي يمكن أن يكون ظاهرا أو نصّا في المراد، وهذا هو فرقه عن الظاهر.
<br>وعليه يكون [[البيان]] في الحقيقة الدليل المبيّن من قبل الشارع والذي يمكن أن يكون ظاهرا أو نصّا في المراد، وهذا هو فرقه عن الظاهر.
==3. خطاب==
==3. خطاب==
وهو الكلام الموجَّه من شخص إلى آخر، أو من المخاطِب إلى المخاطَب، وفرقه عن [[البيان]] في أنَّ الأخير أعمّ من الكلام، فيشمل الفعل و ]]التقرير]] كذلك. وكثير من بحوثه تشترك مع [[البيان]]، مثل: [[النسخ]]، والحقيقة، والمجاز، فبعض أدرج هذه البحوث تحت البيان، وآخر تحت [[الخطاب]]<ref>. اُنظر: الذريعة المرتضى 1: 8 ـ 15، العدة في اُصول الفقه (الطوسي) 1: 8 ـ 11، اللمع: 37، المحصول (الرازي) 1: 409 ـ 417، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2: 85، معارج الاُصول: 49.</ref>.  وفرقه عن الظاهر في أنّه يشمل الظاهر والنصّ، فقد يكون الخطاب ظاهرا وقد يكون نصّا.
وهو الكلام الموجَّه من شخص إلى آخر، أو من المخاطِب إلى المخاطَب، وفرقه عن [[البيان]] في أنَّ الأخير أعمّ من الكلام، فيشمل الفعل و ]]التقرير]] كذلك. وكثير من بحوثه تشترك مع [[البيان]]، مثل: [[النسخ]]، والحقيقة، والمجاز، فبعض أدرج هذه البحوث تحت [[البيان]]، وآخر تحت [[الخطاب]]<ref>. اُنظر: الذريعة المرتضى 1: 8 ـ 15، العدة في اُصول الفقه (الطوسي) 1: 8 ـ 11، اللمع: 37، المحصول (الرازي) 1: 409 ـ 417، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2: 85، معارج الاُصول: 49.</ref>.  وفرقه عن الظاهر في أنّه يشمل الظاهر والنصّ، فقد يكون الخطاب ظاهرا وقد يكون نصّا.
==4. نصّ==
==4. نصّ==
وردت مفردة [[النص]] في كلمات  الاُصوليين بعدّة معانٍ، مثل مطلق الكلام أو [[الكتاب]] و [[السنة]]، ولكنّ الذي يقابل الظاهر هو كون اللفظ لا يحتمل أكثر من معنى واحد، بينما الظاهر يحتمل أكثر من معنى<ref>. اُنظر: الذريعة المرتضى 1: 328، رسائل المرتضى 2: 287، العدة (الطوسي) 1: 407، الإحكام (ابن حزم) 1 ـ 4: 39، اُصول السرخسي 1: 139 و153 و2: 141.</ref>.
وردت مفردة [[النص]] في كلمات  الاُصوليين بعدّة معانٍ، مثل مطلق الكلام أو [[الكتاب]] و [[السنة]]، ولكنّ الذي يقابل الظاهر هو كون اللفظ لا يحتمل أكثر من معنى واحد، بينما الظاهر يحتمل أكثر من معنى<ref>. اُنظر: الذريعة المرتضى 1: 328، رسائل المرتضى 2: 287، العدة (الطوسي) 1: 407، الإحكام (ابن حزم) 1 ـ 4: 39، اُصول السرخسي 1: 139 و153 و2: 141.</ref>.
سطر ٩٩: سطر ٩٩:
==3 ـ الظنّ النوعي أو الشخصي بالظاهر==
==3 ـ الظنّ النوعي أو الشخصي بالظاهر==
ناقش الاُصوليون الظنّ الحاصل من الظاهر، واختلفوا في كفاية حصول ظنّ نوعي فعلي بالظاهر أو عدم كفايته واشتراط حصول ظنّ شخصي به، بحيث يفقد الظاهر حجّيته إذا لم يتبلور لدى الشخص ظنّ شخصي أو تبلور لديه ظنّ مخالف غير معتبر؟
ناقش الاُصوليون الظنّ الحاصل من الظاهر، واختلفوا في كفاية حصول ظنّ نوعي فعلي بالظاهر أو عدم كفايته واشتراط حصول ظنّ شخصي به، بحيث يفقد الظاهر حجّيته إذا لم يتبلور لدى الشخص ظنّ شخصي أو تبلور لديه ظنّ مخالف غير معتبر؟
<br>يبدو من البعض اشتراطهم حصول ظنّ فعلي شخصي أو عدم تبلور ظنّ بالخلاف ولو كان ظنّا غير معتبر بالظاهر لكي يكتسب الحجّية؛ وذلك بدليل عدم حجّية الظاهر إذا لم يفد ظنّا<ref>. نسبه الشيخ الأنصاري إلى بعض المعاصرين دون تحديده، حيث قال: وربّما يجري على لسان بعض متأخّري المتأخّرين من المعاصرين. فرائد الاُصول 1: 170.</ref>.
<br>يبدو من البعض اشتراطهم حصول ظنّ فعلي شخصي أو عدم تبلور ظنّ بالخلاف ولو كان ظنّا غير معتبر بالظاهر لكي يكتسب [[الحجية]]؛ وذلك بدليل عدم حجّية الظاهر إذا لم يفد ظنّا<ref>. نسبه الشيخ الأنصاري إلى بعض المعاصرين دون تحديده، حيث قال: وربّما يجري على لسان بعض متأخّري المتأخّرين من المعاصرين. فرائد الاُصول 1: 170.</ref>.
<br>لكنّ بعضا آخر لم يشترط هذا بدليل كون العرف وسيرة العقلاء وأهل اللّسان في جميع الألسنة واللغات يأخذون بالظواهر من غير مراعاة للظنّ الفعلي ولا يعتنون بالظنّ المخالف إذا كان غير معتبر، أي الدليل هو سيرة العقلاء التي تحليلها ينتهي إلى هذا الأمر<ref>. تعليقة على معالم الاُصول القزويني 5: 157 ـ 158، درر الفوائد (الخراساني) 85 ـ 86، اُصول الفقه (المظفر) 3 ـ 4: 154.</ref>.
<br>لكنّ بعضا آخر لم يشترط هذا بدليل كون [[العرف والسيرة|العرف وسيرة العقلاء]] وأهل اللّسان في جميع الألسنة واللغات يأخذون بالظواهر من غير مراعاة للظنّ الفعلي ولا يعتنون بالظنّ المخالف إذا كان غير معتبر، أي الدليل هو [[السيرة|سيرة العقلاء]] التي تحليلها ينتهي إلى هذا الأمر<ref>. تعليقة على معالم الاُصول القزويني 5: 157 ـ 158، درر الفوائد (الخراساني) 85 ـ 86، اُصول الفقه (المظفر) 3 ـ 4: 154.</ref>.
<br>وسعى البعض لئن يورد دليلاً عقليا على الرأي الأخير (عدم اشتراط انعدام الظنّ بالخلاف) فأورد اعتبارات لذلك<ref>. نهاية البداية 2: 163 ـ 164.</ref>، أو أرجعها إلى قضية التحسين والتقبيح العقليين  وأنّ كلّ عقل يحكم بحسن عقوبة المولى عبده إذا خالف ظاهر كلامه المتضمّن لحكم إلزامي باحتمال إرادة خلاف  الظاهر وقبح عقوبته إذا وافقه...<ref>. نهاية الاُصول 1 ـ 2: 472.</ref>.
<br>وسعى البعض لئن يورد دليلاً عقليا على الرأي الأخير (عدم اشتراط انعدام الظنّ بالخلاف) فأورد اعتبارات لذلك<ref>. نهاية البداية 2: 163 ـ 164.</ref>، أو أرجعها إلى قضية [[الحسن والقبح|التحسين والتقبيح العقليين]] وأنّ كلّ عقل يحكم بحسن عقوبة المولى عبده إذا خالف ظاهر كلامه المتضمّن لحكم إلزامي باحتمال إرادة خلاف  الظاهر وقبح عقوبته إذا وافقه...<ref>. نهاية الاُصول 1 ـ 2: 472.</ref>.
<br>واشترط بعض آخر عدم الظنّ بالخلاف في حجّية الظواهر. نسب [[الشيخ الأنصاري]] هذا الرأي إلى بعض المعاصرين دون تحديده<ref>. فرائد الاُصول 1: 591، حيث قال: ولعلّه الوجه فيما حكاه لي بعض المعاصرين عن شيخه أنّه ذكر له مشافهة أنّه يتوقّف في الظواهر المعارضة بمطلق الظنّ على الخلاف حتّى القياس وأشباهه.</ref>.
<br>واشترط بعض آخر عدم الظنّ بالخلاف في حجّية الظواهر. نسب [[الشيخ الأنصاري]] هذا الرأي إلى بعض المعاصرين دون تحديده<ref>. فرائد الاُصول 1: 591، حيث قال: ولعلّه الوجه فيما حكاه لي بعض المعاصرين عن شيخه أنّه ذكر له مشافهة أنّه يتوقّف في الظواهر المعارضة بمطلق الظنّ على الخلاف حتّى القياس وأشباهه.</ref>.
<br>ويذهب [[محمد رضا المظفر|الشيخ المظفر]] إلى أنّ [[الظن]] بالخلاف إن كان منشؤه ممّا يعتمد ويصحّ لدى العقلاء فيكون قرينة على المراد من الكلام، وينبغي الأخذ به، وإن كان ممّا لا يعتمد من قبل العقلاء فلا يؤخذ به ولا قيمة له، ومن المحتمل أنّ  مراد صاحب هذا الرأي هو ما إذا كان منشأ الظنّ ممّا  يعتمده العقلاء وإن كان مراده المنشأ الآخر غير المعتمد لدى العقلاء فلا قيمة له لعدم اعتمادهم هذا، وبناؤهم على غيره<ref>. اُصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 156.</ref>.
<br>ويذهب [[محمد رضا المظفر|الشيخ المظفر]] إلى أنّ [[الظن]] بالخلاف إن كان منشؤه ممّا يعتمد ويصحّ لدى العقلاء فيكون قرينة على المراد من الكلام، وينبغي الأخذ به، وإن كان ممّا لا يعتمد من قبل العقلاء فلا يؤخذ به ولا قيمة له، ومن المحتمل أنّ  مراد صاحب هذا الرأي هو ما إذا كان منشأ الظنّ ممّا  يعتمده العقلاء وإن كان مراده المنشأ الآخر غير المعتمد لدى العقلاء فلا قيمة له لعدم اعتمادهم هذا، وبناؤهم على غيره<ref>. اُصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 156.</ref>.
سطر ١٠٨: سطر ١٠٨:
لاشكّ في أنّ الظواهر الفكرية والاجتماعية واللغوية تتغيّر بمرور الزمان، وفيما يخصّ اللغة فإنّ مراد ومعنى الكلام الذي أطلق عهد صدور النصوص الدينية قد يكون مختلفا عن المعنى الظاهر من الكلام في عصر سماع تلك النصوص<ref>. دروس في علم الاُصول 2: 206.</ref>.
لاشكّ في أنّ الظواهر الفكرية والاجتماعية واللغوية تتغيّر بمرور الزمان، وفيما يخصّ اللغة فإنّ مراد ومعنى الكلام الذي أطلق عهد صدور النصوص الدينية قد يكون مختلفا عن المعنى الظاهر من الكلام في عصر سماع تلك النصوص<ref>. دروس في علم الاُصول 2: 206.</ref>.
<br>من هنا تبلورت مسألة أنّ حجّية الظهور تختصّ بظهور النصّ عصر الصدور أم عصر السماع؟
<br>من هنا تبلورت مسألة أنّ حجّية الظهور تختصّ بظهور النصّ عصر الصدور أم عصر السماع؟
<br>المعروف عن الاُصوليين قولهم بكون الحجّة والمعتبر هو الظهور عصر النصّ؛ لكون حجّية الظهور أصلاً عقلائيا وسيرة عقلائية ارتكازية تكشف كشفا نوعيا عن مراد المتكلّم لا الكلام، ولأجل ذلك يتمسّك العلماء بأصالة عدم التغيير في اللغة (أي عدم نقل الكلمة أو السياق من معنى إلى آخر) فإنّ ظاهر حال المتكلّم هو إرادة المعنى الظاهر فعلاً وعهد التكلّم لا الذي قد يظهر في المستقبل<ref>. بحوث في الفقه المعاصر 4: 27.</ref>.
<br>المعروف عن الاُصوليين قولهم بكون [[الحجة]] والمعتبر هو الظهور عصر النصّ؛ لكون حجّية الظهور أصلاً عقلائيا وسيرة عقلائية [[الارتکاز|ارتكازية]] تكشف كشفا نوعيا عن مراد المتكلّم لا الكلام، ولأجل ذلك يتمسّك العلماء بأصالة عدم التغيير في اللغة (أي عدم نقل الكلمة أو [[السياق]] من معنى إلى آخر) فإنّ ظاهر حال المتكلّم هو إرادة المعنى الظاهر فعلاً وعهد التكلّم لا الذي قد يظهر في المستقبل<ref>. بحوث في الفقه المعاصر 4: 27.</ref>.
<br>وفيما يخصّ حجّية الظهور علينا أن نثبت أنّ الظهور الموضوعي في عصر السماع مطابق للظهور الموضوعي في عصر صدور الكلام. ويثبت هذا من خلال أصل عقلائي آخر يُدعى أصل عدم النقل أو الثبات في اللغة، وهو أصل عقلائي يعمل به أهل اللغة والعرف، وقد أقرّه وأمضاه الشارع فجعله حجّة ما لم يقم دليل على خلافه<ref>. دروس في علم الاُصول 2: 207.</ref>.
<br>وفيما يخصّ حجّية الظهور علينا أن نثبت أنّ الظهور الموضوعي في عصر السماع مطابق للظهور الموضوعي في عصر صدور الكلام. ويثبت هذا من خلال أصل عقلائي آخر يُدعى أصل عدم النقل أو الثبات في اللغة، وهو أصل عقلائي يعمل به [[أهل اللغة]] و [[العرف والسيرة|العرف]]، وقد أقرّه وأمضاه الشارع فجعله حجّة ما لم يقم دليل على خلافه<ref>. دروس في علم الاُصول 2: 207.</ref>.


==5 ـ اختصاص أو عدم اختصاص حجّية الظهور بالمشافهين==
==5 ـ اختصاص أو عدم اختصاص حجّية الظهور بالمشافهين==
سطر ١١٥: سطر ١١٥:


==6 ـ تعارض النصّ مع الظاهر==
==6 ـ تعارض النصّ مع الظاهر==
من الواضح في حالة تعارض النصّ مع الظاهر هو ترجيح النصّ على الظاهر. أمّا تبرير هذا الترجيح فيقال فيه بأنّ مرجع هذا التعارض هو التعارض بين أصالة الحقيقة في الظاهر ودليل حجّية النصّ، أي لدينا دليل وأصل هنا، ومن المعلوم ارتفاع موضوع الأصل مع وجود دليل، فإنّ النصّ يوجب القطع، ومعه لا موضوع للظنّ الذي يحصل من الظاهر. هذا الحكم المجمل والكلّي لهذه الحالة من التعارض، لكن هناك تفاصيل فيما يخصّ وجود أكثر من صورة له:
من الواضح في حالة تعارض النصّ مع الظاهر هو ترجيح النصّ على الظاهر. أمّا تبرير هذا [[الترجيح]] فيقال فيه بأنّ مرجع هذا التعارض هو [[التعارض]] بين [[الأصل اللفظي|أصالة الحقيقة]] في الظاهر ودليل حجّية النصّ، أي لدينا دليل وأصل هنا، ومن المعلوم ارتفاع موضوع الأصل]] مع وجود دليل، فإنّ النصّ يوجب القطع، ومعه لا موضوع للظنّ الذي يحصل من الظاهر. هذا [[الحکم]] المجمل والكلّي لهذه الحالة من التعارض، لكن هناك تفاصيل فيما يخصّ وجود أكثر من صورة له:
<br>'''منها:''' كون كلّيهما قطعيي الصدور والاختلاف في الدلالة فقط، فمن الواضح هنا تقديم النصّ؛ لكونه يوجب العلم، والآخر يوجب الظنّ، ومع العلم ينتفي موضوع حجّية الظنّ.
<br>'''منها:''' كون كلّيهما قطعيي الصدور والاختلاف في [[الدلالة]] فقط، فمن الواضح هنا تقديم النصّ؛ لكونه يوجب العلم، والآخر يوجب الظنّ، ومع العلم ينتفي موضوع حجّية الظنّ.
<br>'''ومنها:''' أن يكون النصّ ظنّي الصدور، والظاهر قطعيّه، من قبيل تخصيص الكتاب بخبر الواحد، وفيه اختلافات كثيرة<ref>. فرائد الاُصول 4: 86، بدائع الأفكار الرشتي: 410 ـ 411.</ref>.
<br>'''ومنها:''' أن يكون النصّ ظنّي الصدور، والظاهر قطعيّه، من قبيل [[التخصيص|تخصيص الكتاب بخبر الواحد]]، وفيه اختلافات كثيرة<ref>. فرائد الاُصول 4: 86، بدائع الأفكار الرشتي: 410 ـ 411.</ref>.


==7 ـ تعارض الظاهرين==
==7 ـ تعارض الظاهرين==
إذا تعارض ظاهران من النصوص فإنّ هذه الحالة تدخل في مجمل المنهج المستخدم لعلاج التعارض من ملاحظة المرجحات المنصوصة أو غير المنصوصة. وفيما يخصّ موضع البحث. فإذا تساوى النصّان الظاهران المتعارضان من جميع الجوانب عندئذٍ يسعى الفقيه لبلورة وجه للجمع بينهما بناءً على كون الجمع أولى من الطرح، فيقدّم الأظهر على الظاهر. وإذا لم يكن أحدهما أظهر فيختلف الأصوليون بين قائل بالتساقط وقائل بالرجوع إلى أصل التخيير<ref>. تعليقة على معالم الاُصول القزويني 7: 582 ـ 583، مقالات الاُصول 1: 515.</ref>.
إذا تعارض ظاهران من النصوص فإنّ هذه الحالة تدخل في مجمل المنهج المستخدم لعلاج التعارض من ملاحظة [[التعارض|المرجحات المنصوصة]] أو غير المنصوصة. وفيما يخصّ موضع البحث. فإذا تساوى [[التعارض|النصّان الظاهران المتعارضان]] من جميع الجوانب عندئذٍ يسعى الفقيه لبلورة وجه للجمع بينهما بناءً على كون [[الجمع مهما أمکن أولی من الطرح|الجمع أولى من الطرح]]، فيقدّم الأظهر على الظاهر. وإذا لم يكن أحدهما أظهر فيختلف الأصوليون بين قائل بالتساقط وقائل بالرجوع إلى [[أصالة التخيير|أصل التخيير]]<ref>. تعليقة على معالم الاُصول القزويني 7: 582 ـ 583، مقالات الاُصول 1: 515.</ref>.
<br>وحكي عن إمام الحرمين أقوال في مجال تعارض ظاهرين من الكتاب والسنّة، منها: تقديم الكتاب لخبر معاذ، ومنها: تقديم السنّة؛ لأنّها مفسّرة، ومنها: التعارض المستقرّ والممانعة بينهما، فيلزم حينئذٍ التخيير أو التوقّف<ref>. إرشاد الفحول 2: 364.</ref>.
<br>وحكي عن إمام الحرمين أقوال في مجال تعارض ظاهرين من [[الکتاب|الكتاب والسنّة]]، منها: تقديم [[الكتاب]] لخبر معاذ، ومنها: تقديم [[السنة]]؛ لأنّها مفسّرة، ومنها: [[أقسام التعارض|التعارض المستقرّ]] والممانعة بينهما، فيلزم حينئذٍ [[التخيير]] أو التوقّف<ref>. إرشاد الفحول 2: 364.</ref>.
<br>وقد ذكرت لهذا الصنف من التعارض صور وتقسيمات وتفريعات عديدة<ref>. بدائع الأفكار الرشتي: 414.</ref>، منها الصور التالية:
<br>وقد ذكرت لهذا الصنف من التعارض صور وتقسيمات وتفريعات عديدة<ref>. بدائع الأفكار الرشتي: 414.</ref>، منها الصور التالية:
<br>'''الاُولى:''' تعارض المجاز والتخصيص، من قبيل: '''«...وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا...»'''<ref>. الحشر: 7.</ref>. فباعتبار شمول الآية للانتهاء عن  المكروهات إمّا أن نقول باختصاص الأمر بالمحرمات أو نحمل صيغة الأمر على [[الاستحباب]] أو الجامع بين الاستحباب و [[الوجوب]] مجازا.
<br>'''الاُولى:''' [[التعارض|تعارض المجاز والتخصيص]]، من قبيل: '''«...وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا...»'''<ref>. الحشر: 7.</ref>. فباعتبار شمول الآية للانتهاء عن  المكروهات إمّا أن نقول باختصاص الأمر بالمحرمات أو نحمل صيغة الأمر على [[الاستحباب]] أو الجامع بين الاستحباب و [[الوجوب]] مجازا.
<br>وهنا ينظر إلى أظهر الظهورين بناء على ما لدى الفقيه من قرائن حاضرة. ويبدو أنّ الأكثر رجّح التخصيص على المجاز.
<br>وهنا ينظر إلى أظهر الظهورين بناء على ما لدى الفقيه من قرائن حاضرة. ويبدو أنّ الأكثر رجّح [[التخصيص]] على المجاز.
<br>'''الثانية:''' تعارض المجاز والتقييد، كما في: '''«وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ...»'''<ref>. آل عمران: 133.</ref>. فباعتبار عدم وجوب المسارعة إلى  المستحبّات إمّا أن تقيّد المغفرة بالواجب أو تحمل الصيغة على الاستحباب مجازا.
<br>'''الثانية:''' [[التعارض|تعارض المجاز والتقييد]]، كما في: '''«وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ...»'''<ref>. آل عمران: 133.</ref>. فباعتبار عدم وجوب المسارعة إلى  المستحبّات إمّا أن تقيّد المغفرة بالواجب أو تحمل الصيغة على الاستحباب مجازا.
<br>يرجّح التقييد على المجاز في هذه الحالة، بناءً على كونه أظهر.
<br>يرجّح [[التقييد]] على المجاز في هذه الحالة، بناءً على كونه أظهر.
<br>'''الثالثة:''' تعارض المجاز والاضمار، كما في: '''«وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ...»'''<ref>. يوسف: 82.</ref>. فيحتمل إرادة الأهل من القرية مجازا بعلاقة  المجاورة، أو إضمار الأهل ليصحّ تعلّق السؤال به.
<br>'''الثالثة:''' تعارض المجاز والاضمار، كما في: '''«وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ...»'''<ref>. يوسف: 82.</ref>. فيحتمل إرادة الأهل من القرية مجازا بعلاقة  المجاورة، أو إضمار الأهل ليصحّ تعلّق [[السؤال]] به.
<br>يرى البعض هنا انتفاء الأظهرية وتساويهما في الحاجة إلى القرينة فإمّا التوقّف والأخذ بالأصول العملية أو البحث عن قرائن توجب ترجيح أحدهما.
<br>يرى البعض هنا انتفاء الأظهرية وتساويهما في الحاجة إلى القرينة فإمّا التوقّف والأخذ بالأصول العملية أو البحث عن قرائن توجب ترجيح أحدهما.
<br>'''الرابعة:''' تعارض المجاز و [[النسخ]]، في قوله تعالى: '''«...فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ...»'''<ref>. المائدة: 6.</ref> فالظاهر  البدء في غسل اليدين من الأصابع والانتهاء بالمرافق مع ما دلّ من إجماع أو رواية قطعية الصدور على لزوم البدء بالمرافق والانتهاء بالأصابع، فالآية تحتمل نسخ حكمها بواسطة الإجماع أو الروايات القطعية الصدور، وتحتمل التجوّز في إرادة البدء من الانتهاء.
<br>'''الرابعة:''' [[التعارض|تعارض المجاز والنسخ]]، في قوله تعالى: '''«...فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ...»'''<ref>. المائدة: 6.</ref> فالظاهر  البدء في غسل اليدين من الأصابع والانتهاء بالمرافق مع ما دلّ من إجماع أو رواية قطعية الصدور على لزوم البدء بالمرافق والانتهاء بالأصابع، فالآية تحتمل نسخ حكمها بواسطة [[الإجماع]] أو الروايات القطعية الصدور، وتحتمل التجوّز في إرادة البدء من الانتهاء.
<br>ويرجّح هنا المجاز على النسخ عملاً بقاعدة الإلحاق بالأعم الأغلب، فالمجازات في خطابات الشارع كثيرة وشائعة<ref>. وفي هذه الآية تبريرات ووجوه اُخرى تناولها المفسّرون، والوجوه غير مقتصرة على ما ورد هنا، كمثال اُنظر: الميزان في تفسير القرآن 5: 218 ـ 223.</ref>.
<br>ويرجّح هنا المجاز على [[النسخ]] عملاً بقاعدة الإلحاق بالأعم الأغلب، فالمجازات في خطابات الشارع كثيرة وشائعة<ref>. وفي هذه الآية تبريرات ووجوه اُخرى تناولها المفسّرون، والوجوه غير مقتصرة على ما ورد هنا، كمثال اُنظر: الميزان في تفسير القرآن 5: 218 ـ 223.</ref>.
<br>'''الخامسة:''' تعارض التخصيص والتقييد والذي يعود إلى تعارض العموم والإطلاق، كما في قوله: «أكرم العلماء» و«لا تكرم الفاسق» فيتعارضان في مادّة الاجتماع، وهي العالم الفاسق، فإمّا أن يخصص العام أو يقيّد المطلق.
<br>'''الخامسة:''' [[التعارض|تعارض التخصيص والتقييد]] والذي يعود إلى [[التعارض|تعارض العموم والإطلاق]]، كما في قوله: «أكرم العلماء» و«لا تكرم الفاسق» فيتعارضان في مادّة الاجتماع، وهي العالم الفاسق، فإمّا أن يخصص العام أو يقيّد المطلق.
<br>ويرجّح [[أصول الفقه|الأصوليون]] هنا [[التقييد]] بناء على قاعدة الإلحاق بالأعم الأغلب، فإنّ التقييد ممّا راج في الشريعة كثيرا، وأكثر وقوعا من [[التخصيص]].
<br>ويرجّح [[أصول الفقه|الأصوليون]] هنا [[التقييد]] بناء على قاعدة الإلحاق بالأعم الأغلب، فإنّ [[التقييد]] ممّا راج في الشريعة كثيرا، وأكثر وقوعا من [[التخصيص]].
<br>'''السادسة:''' تعارض التخصيص والإضمار، كما في قوله(ص): «لا صيام لمن لم يجمع أو لم يثبت الصيام من الليل»<ref>. سنن الدارقطني 1 ـ 2: 173.</ref>. فهذا خاصّ بالصيام [[الوجوب|الواجب]] أمّا [[الاستحباب|المستحب]] فينعقد  حتّى بالنيّة المتأخّرة إلى الزوال أو حتّى بعده، فهنا إمّا أن  نقول بتخصيص العام بما عدا النفل أو إضمار ما يعود إلى النفل.
<br>'''السادسة:''' تعارض التخصيص والإضمار، كما في قوله(ص): «لا صيام لمن لم يجمع أو لم يثبت الصيام من الليل»<ref>. سنن الدارقطني 1 ـ 2: 173.</ref>. فهذا خاصّ بالصيام [[الوجوب|الواجب]] أمّا [[الاستحباب|المستحب]] فينعقد  حتّى بالنيّة المتأخّرة إلى الزوال أو حتّى بعده، فهنا إمّا أن  نقول بتخصيص العام بما عدا النفل أو إضمار ما يعود إلى النفل.
يرجّح الأصوليون التخصيص هنا لقاعدة الإلحاق بالأعم الأغلب.
يرجّح الأصوليون التخصيص هنا لقاعدة الإلحاق بالأعم الأغلب.
سطر ١٣٩: سطر ١٣٩:
<br>ويرجّح هنا [[التقييد]] لقاعدة الإلحاق بالأعمّ الأغلب.
<br>ويرجّح هنا [[التقييد]] لقاعدة الإلحاق بالأعمّ الأغلب.
<br>'''التاسعة:''' تعارض التقييد و [[النسخ]]، وشأنه كما تقدّم في تعارض [[التخصيص]] والنسخ.
<br>'''التاسعة:''' تعارض التقييد و [[النسخ]]، وشأنه كما تقدّم في تعارض [[التخصيص]] والنسخ.
<br>'''العاشرة:''' تعارض الإضمار والنسخ، ومثله قوله تعالى : '''«... فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ...»'''<ref>. المائدة: 4.</ref>. ومع ملاحظة  وجوب  تطهير ما باشره الكلب وملاحظة إطلاق الآية فيما يخصّ موضع العضّ إمّا أن يضمر ما يفيد خروجه عن الإطلاق أو  يلتزم بنسخ مقتضى الإطلاق بالنسبة إلى هذا الموضع<ref>. تعليقة على معالم الاُصول القزويني 2: 204 ـ 220، واُنظر: تقريرات المجدد الشيرازي 1: 175 ـ 226، بدائع الأفكار (الرشتي): 93 ـ 105.</ref>.
<br>'''العاشرة:''' تعارض الإضمار والنسخ، ومثله قوله تعالى : '''«... فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ...»'''<ref>. المائدة: 4.</ref>. ومع ملاحظة  وجوب  تطهير ما باشره الكلب وملاحظة إطلاق الآية فيما يخصّ موضع العضّ إمّا أن يضمر ما يفيد خروجه عن [[الإطلاق]] أو  يلتزم بنسخ مقتضى الإطلاق بالنسبة إلى هذا الموضع<ref>. تعليقة على معالم الاُصول القزويني 2: 204 ـ 220، واُنظر: تقريرات المجدد الشيرازي 1: 175 ـ 226، بدائع الأفكار (الرشتي): 93 ـ 105.</ref>.


==8 ـ التعارض بين الظاهر والأظهر==
==8 ـ التعارض بين الظاهر والأظهر==
قد تكون في هذا الصنف من التعارض أكثر من صورة<ref>. اُنظر: بدائع الأفكار: 413.</ref>  والمعروف هنا تقديم الأظهر على الظاهر؛ لكونه أقوى دلالة من الظاهر<ref>. أوثق الوسائل في شرح الرسائل: 612، بحر الفوائد 4: 51، أحكام الصلاة السبحاني: 31.</ref>. ولذلك قد يعبّر هنا بالأقوائية<ref>. تعليقة على معالم الاُصول القزويني 5: 421.</ref>. ويبدو  هذا واضحا ولا يوجد من أشكل عليه. ولذلك ربّما استدلّ البعض بالإجماع على التقديم<ref>. بدائع الأفكار الرشتي: 410.</ref>. ويعدّ هذا التقديم من  موارد الجمع العرفي<ref>. عناية الاُصول في شرح كفاية الاُصول 6: 10 ـ 11.</ref>، كما أنّ التقديم لا يعدّ خروجا عن  أصالة الظهور وحجّيتها، فإنّ التقديم إعمال لها كذلك. ويُذكر أنّ بناء العرف على عدم حجّية الظاهر في ظرف ورود الأظهر بسبب ارتفاع موضوعها به، فيكون دليل صدور الأظهر محرزا لارتفاع موضوع حجّية الظهور في ظاهره<ref>. المحكم في اُصول الفقه 6: 88.</ref>.
قد تكون في هذا الصنف من [[التعارض]] أكثر من صورة<ref>. اُنظر: بدائع الأفكار: 413.</ref>  والمعروف هنا تقديم الأظهر على الظاهر؛ لكونه أقوى دلالة من الظاهر<ref>. أوثق الوسائل في شرح الرسائل: 612، بحر الفوائد 4: 51، أحكام الصلاة السبحاني: 31.</ref>. ولذلك قد يعبّر هنا بالأقوائية<ref>. تعليقة على معالم الاُصول القزويني 5: 421.</ref>. ويبدو  هذا واضحا ولا يوجد من أشكل عليه. ولذلك ربّما استدلّ البعض بالإجماع على التقديم<ref>. بدائع الأفكار الرشتي: 410.</ref>. ويعدّ هذا التقديم من  موارد الجمع العرفي<ref>. عناية الاُصول في شرح كفاية الاُصول 6: 10 ـ 11.</ref>، كما أنّ التقديم لا يعدّ خروجا عن  أصالة الظهور وحجّيتها، فإنّ التقديم إعمال لها كذلك. ويُذكر أنّ بناء العرف على عدم حجّية الظاهر في ظرف ورود الأظهر بسبب ارتفاع موضوعها به، فيكون دليل صدور الأظهر محرزا لارتفاع موضوع حجّية الظهور في ظاهره<ref>. المحكم في اُصول الفقه 6: 88.</ref>.
<br>إنّ دليل حجّية الأظهر يجعله قرينة صارفة عن إرادة الظاهر، فيتعيّن العمل به وتأويل الظاهر وفقه<ref>. فرائد الاُصول 4: 86، وسيلة الوصول إلى حقائق الاُصول: 821.</ref>.
<br>إنّ دليل حجّية الأظهر يجعله قرينة صارفة عن إرادة الظاهر، فيتعيّن العمل به وتأويل الظاهر وفقه<ref>. فرائد الاُصول 4: 86، وسيلة الوصول إلى حقائق الاُصول: 821.</ref>.
<br>وقد فصّل [[محمد باقر الصدر|الشهيد الصدر]] في الموضوع، من حيث قد تكون الدلالتان المتنافيتان في كلام واحد، وقد تكونان في كلامين منفصلين، وبرغم تقديم الأظهر في كلا الموردين إلاّ أنّ فذلكة كلّ منهما تختلف عن الآخر بعض الشيء، فالتقديم يتمّ بالنحو التالي: إذا كانت الدلالتان في كلام واحد فالتقديم بسبب تهديم الأظهر لدلالة الظاهر بأحد الوجوه التالية:
<br>وقد فصّل [[محمد باقر الصدر|الشهيد الصدر]] في الموضوع، من حيث قد تكون الدلالتان المتنافيتان في كلام واحد، وقد تكونان في كلامين منفصلين، وبرغم تقديم الأظهر في كلا الموردين إلاّ أنّ فذلكة كلّ منهما تختلف عن الآخر بعض الشيء، فالتقديم يتمّ بالنحو التالي: إذا كانت الدلالتان في كلام واحد فالتقديم بسبب تهديم الأظهر لدلالة الظاهر بأحد الوجوه التالية:
سطر ١٤٨: سطر ١٤٨:
<br>'''الثاني:''' ألاّ يقع [[التزاحم|تزاحم]] بين مقتضيي الظهورين التصوّريين ولا يصعب على الذهن تصوّرهما معا، لكن لا يمكن التصديق بإرادتهما معا، فيحصل [[التزاحم]] في مرحلة الظهور التصديقي، فيقال: عندئذٍ: إنّ الظهور التصديقي ينعقد على طبق ما يكون ظهوره التصوّري أقوى وآكد.
<br>'''الثاني:''' ألاّ يقع [[التزاحم|تزاحم]] بين مقتضيي الظهورين التصوّريين ولا يصعب على الذهن تصوّرهما معا، لكن لا يمكن التصديق بإرادتهما معا، فيحصل [[التزاحم]] في مرحلة الظهور التصديقي، فيقال: عندئذٍ: إنّ الظهور التصديقي ينعقد على طبق ما يكون ظهوره التصوّري أقوى وآكد.
<br>'''الثالث:''' من باب فرض كون الأظهرية قرينة نوعية معدّة لإخراج الظاهر عن الدلالة المطلوبة.
<br>'''الثالث:''' من باب فرض كون الأظهرية قرينة نوعية معدّة لإخراج الظاهر عن الدلالة المطلوبة.
<br>أمّا إذا كان الظاهر والأظهر منفصلين فبرغم اتّحاد الحكم، وهو تقديم الأظهر، إلاّ أنّ فذلكة تقديمه تختلف؛ باعتبار أنّ المحاولات الثلاث المتقدّمة موقوفة على انعقاد الدلالة التصوّرية أو التصديقية على خلاف الظاهر، وهي لا تنعقد بالمنفصلات. وعليه فنحتاج لأجل إثبات هذا الحكم إلى تعميم إحدى المحاولات الثلاث التي تذكر في التخصيص بالمنفصل (في بحث التخصص) لتشمل حالة الظاهر والأظهر.
<br>أمّا إذا كان الظاهر والأظهر منفصلين فبرغم اتّحاد [[الحکم]]، وهو تقديم الأظهر، إلاّ أنّ فذلكة تقديمه تختلف؛ باعتبار أنّ المحاولات الثلاث المتقدّمة موقوفة على انعقاد الدلالة التصوّرية أو التصديقية على خلاف الظاهر، وهي لا تنعقد بالمنفصلات. وعليه فنحتاج لأجل إثبات هذا [[الحکم]] إلى تعميم إحدى المحاولات الثلاث التي تذكر في [[التخصيص]] بالمنفصل (في بحث [[التخصص]]) لتشمل حالة الظاهر والأظهر.
<br>أي أنّ الشهيد الصدر يعمّم المحاولات المذكورة في فذلكة تخصيص العام لتشمل موضوع الظاهر والأظهر، فيتمسّك بتخريجات تلك الحالة ليعمها إلى موضوع البحث هنا<ref>. بحوث في علم الاُصول الهاشمي 7: 197 ـ 200.</ref>.
<br>أي أنّ الشهيد الصدر يعمّم المحاولات المذكورة في فذلكة تخصيص العام لتشمل موضوع الظاهر والأظهر، فيتمسّك بتخريجات تلك الحالة ليعمها إلى موضوع البحث هنا<ref>. بحوث في علم الاُصول الهاشمي 7: 197 ـ 200.</ref>.
<br>وفي مجال التعارض الذي يمكن أن يحصل هنا بين أصالة الظهور وأصالة الصدور يقال بتقديم أصالة الظهور. ووجه التقديم هو كون أصالة الظهور تكون واردة على أصالة الصدور ورودا ظاهريا، فبناء العرف هو عدم حجّية الظاهر في حالة وجود أظهر معارض وارتفاع موضوع أصالة الظهور في هذه الحالة، وبذلك يكون دليل صدور الأظهر محرزا لارتفاع حجّية الظهور في الظاهر.
<br>وفي مجال التعارض الذي يمكن أن يحصل هنا بين أصالة الظهور وأصالة الصدور يقال بتقديم أصالة الظهور. ووجه التقديم هو كون أصالة الظهور تكون واردة على أصالة الصدور ورودا ظاهريا، فبناء العرف هو عدم حجّية الظاهر في حالة وجود أظهر معارض وارتفاع موضوع أصالة الظهور في هذه الحالة، وبذلك يكون دليل صدور الأظهر محرزا لارتفاع حجّية الظهور في الظاهر.
<br>بل قد يدّعى أنّ الورود هنا واقعيا وليس ظاهريا؛ لأنّ الشرط في حجّية أصالة الظهور هو عدم وصول الأظهر، الذي يرتفع واقعا بدليل الصدور، لا عدم وجوده واقعا، الذي يحرز ظاهرا بالدليل المذكور؛ وذلك لحجّية الظهور مع عدم وصول الأظهر وإن كان موجودا واقعا<ref>. المحكم في اُصول الفقه 6: 87 ـ 88.</ref>.
<br>بل قد يدّعى أنّ الورود هنا واقعيا وليس ظاهريا؛ لأنّ [[الشرط]] في حجّية أصالة الظهور هو عدم وصول الأظهر، الذي يرتفع واقعا بدليل الصدور، لا عدم وجوده واقعا، الذي يحرز ظاهرا بالدليل المذكور؛ وذلك لحجّية الظهور مع عدم وصول الأظهر وإن كان موجودا واقعا<ref>. المحكم في اُصول الفقه 6: 87 ـ 88.</ref>.


==9 ـ إنكار حجّية الظهور في القرآن==
==9 ـ إنكار حجّية الظهور في القرآن==
نسب إلى الأخباريين أو بعضهم رفض حجّية الظواهر القرآنية<ref>. الدرر النجفية 2: 22 و27، فرائد الاُصول 1: 139.</ref>، ويؤيّد هذه النسبة جزئيا ما ورد عن أحد كبار علمائهم، وهو [[محمد أمين الإسترآبادي]]، حيث قال في بيان مذهب قدماء الأخباريين: «الصواب عندي مذهب قدمائنا [[الأخباري|الأخباريين]] وطريقتهم، أمّا مذهبهم فهو: أنّ كلّ ما تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة عليه دلالة قطعية من قبله تعالى حتّى أرش الخدش، وأنّ كثيرا ممّا جاء به النبي(ص) من الأحكام، وممّا يتعلّق بكتاب اللّه‏ وسنة نبيّه(ص) من نسخ وتقييد وتخصيص وتأويل مخزون عند العترة الطاهرة عليهم‏السلاموأنّ القرآن في الأكثر ورد على وجه التعمية بالنسبة إلى أذهان الرعية. وكذلك كثير من السنن النبوية، وأنّه لا سبيل لنا فيما لا نعلمه من الأحكام الشرعية النظرية أصلية كانت أو فرعية إلاّ السماع من الصادقين عليهماالسلاموأنّه لا يجوز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر كتاب اللّه‏ ولا من ظواهر السنن النبوية ما لم يعلم أحوالهما من جهة أهل الذكر عليهم‏السلام»<ref>. الفوائد المدنية: 104 ـ 105.</ref>.
نسب إلى الأخباريين أو بعضهم رفض [[الحجية|حجّية الظواهر القرآنية]]<ref>. الدرر النجفية 2: 22 و27، فرائد الاُصول 1: 139.</ref>، ويؤيّد هذه النسبة جزئيا ما ورد عن أحد كبار علمائهم، وهو [[محمد أمين الإسترآبادي]]، حيث قال في بيان مذهب قدماء الأخباريين: «الصواب عندي مذهب قدمائنا [[الأخباري|الأخباريين]] وطريقتهم، أمّا مذهبهم فهو: أنّ كلّ ما تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة عليه دلالة قطعية من قبله تعالى حتّى أرش الخدش، وأنّ كثيرا ممّا جاء به [[النبي(ص)]] من الأحكام، وممّا يتعلّق بكتاب اللّه‏ وسنة نبيّه(ص) من نسخ وتقييد وتخصيص وتأويل مخزون عند العترة الطاهرة(ع) وأنّ [[القرآن الکريم|القرآن]] في الأكثر ورد على وجه التعمية بالنسبة إلى أذهان الرعية. وكذلك كثير من [[السنة|السنن النبوية]]، وأنّه لا سبيل لنا فيما لا نعلمه من الأحكام الشرعية النظرية أصلية كانت أو فرعية إلاّ السماع من الصادقين(ع) وأنّه لا يجوز [[الاستنباط|استنباط الأحكام]] النظرية من ظواهر كتاب اللّه‏ ولا من ظواهر السنن النبوية ما لم يعلم أحوالهما من جهة أهل الذكر(ع)»<ref>. الفوائد المدنية: 104 ـ 105.</ref>.
<br>والملاحظ في عبارات الاسترابادي أنّ هذا الرأي خاص بالأحكام الشرعية، وقد لا يشمل جميع الآيات الواردة في القرآن، ممّا قد يشكّك في ما نسب إليهم بنحو مطلق، مضافا إلى أنّهم لم ينكروا أصل ظهور القرآن، بل ينكرون حجّيته.
<br>والملاحظ في عبارات الاسترابادي أنّ هذا الرأي خاص بـ [[الحکم|الأحكام الشرعية]]، وقد لا يشمل جميع الآيات الواردة في القرآن، ممّا قد يشكّك في ما نسب إليهم بنحو مطلق، مضافا إلى أنّهم لم ينكروا أصل ظهور القرآن، بل ينكرون حجّيته.
<br>ومن الملاحظ كذلك في هذه العبارات أنّ الإسترابادي لم يذكر دليلاً على مقولته، لكنّه أشار استطرادا إلى أنّ القرآن ورد على وجه التعمية، لكنّه أورد في محلّ آخر من كتابه مجمل أدلّته على هذه المقولة، حيث قال: «وأمّا استنباط الأحكام النظرية من ظواهر كتاب اللّه‏ من غير سؤال أهل الذكر عليهم‏السلام عن حالها من كونها منسوخة أم لا، مقيّدة أم لا، مأوّلة أم لا، فقد جوّزه من متأخّري أصحابنا وعملوا به في كتبهم الفقهية مثل التمسّك بعموم قوله تعالى: '''«... أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ...»'''<ref>. المائدة: 1.</ref> في إثبات صحّة العقود المختلف فيها. وهو  أيضا غير جائز، وذلك لوجوه:
<br>ومن الملاحظ كذلك في هذه العبارات أنّ الإسترابادي لم يذكر دليلاً على مقولته، لكنّه أشار استطرادا إلى أنّ القرآن ورد على وجه التعمية، لكنّه أورد في محلّ آخر من كتابه مجمل أدلّته على هذه المقولة، حيث قال: «وأمّا استنباط الأحكام النظرية من ظواهر كتاب اللّه‏ من غير سؤال أهل الذكر(ع) عن حالها من كونها منسوخة أم لا، مقيّدة أم لا، مأوّلة أم لا، فقد جوّزه من متأخّري أصحابنا وعملوا به في كتبهم الفقهية مثل التمسّك بعموم قوله تعالى: '''«... أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ ...»'''<ref>. المائدة: 1.</ref> في إثبات صحّة العقود المختلف فيها. وهو  أيضا غير جائز، وذلك لوجوه:
<br>من جملتها: عدم ظهور دلالة قطعية على ذلك.
<br>من جملتها: عدم ظهور دلالة قطعية على ذلك.
<br>ومن جملتها: ترتّب المفاسد على فتح هذا الباب، ألاترى أنّ علماء العامّة قالوا في قوله تعالى: '''«... أَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ...»'''<ref>. النساء: 59.</ref> أنّ المراد السلاطين.
<br>ومن جملتها: [[الترتّب|ترتّب المفاسد]] على فتح هذا الباب، ألاترى أنّ [[الجمهور|علماء العامّة]] قالوا في قوله تعالى: '''«... أَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ...»'''<ref>. النساء: 59.</ref> أنّ المراد السلاطين.
<br>ومن جملتها: أنّه تواترت الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهم‏السلامبعدم جوازه معلّلاً بأنّه إنّما يعرف القرآن من خوطب به، وبأنّ القرآن نزل على وجه التعمية بالنسبة إلى أذهان الرعيّة، وبأنّه إنّما نزل على قدر عقول أهل الذكر عليهم‏السلام، وبأنّ العلم بناسخه ومنسوخه والباقي على ظاهره وغير الباقي على ظاهره ليس إلاّ عندنا أهل البيت عليهم‏السلام، وقد تقدّم طرف من تلك الأخبار فيه الكفاية إن شاء اللّه‏ تعالى.
<br>ومن جملتها: أنّه تواترت الأخبار عن الأئمّة الأطهار(ع) بعدم جوازه معلّلاً بأنّه إنّما يعرف القرآن من خوطب به، وبأنّ القرآن نزل على وجه التعمية بالنسبة إلى أذهان الرعيّة، وبأنّه إنّما نزل على قدر عقول أهل الذكر(ع)، وبأنّ العلم بناسخه ومنسوخه والباقي على ظاهره وغير الباقي على ظاهره ليس إلاّ عندنا [[أهل البيت]](ع)، وقد تقدّم طرف من تلك الأخبار فيه الكفاية إن شاء اللّه‏ تعالى.
<br>ومن جملتها: إنّ ظنّ بقائها على ظاهرها إنّما يحصل للعامّة دون الخاصّة، وقد مرّ بيان ذلك في الفصل الخامس.
<br>ومن جملتها: إنّ ظنّ بقائها على ظاهرها إنّما يحصل للعامّة دون الخاصّة، وقد مرّ بيان ذلك في الفصل الخامس.
<br>وبالجملة، عند المحقّقين من الأصوليين التفحّص عن الناسخ والمنسوخ والتخصيص والتأويل واجب، وطريق التفحّص عندنا منحصر في سؤالهم عليهم‏السلام عن حالها<ref>. الفوائد المدنية والشواهد المكية: 270 ـ 271.</ref>.
<br>وبالجملة، عند المحقّقين من الأصوليين التفحّص عن [[النسخ|الناسخ والمنسوخ]] و [[التخصيص]] و [[التأويل]] واجب، وطريق التفحّص عندنا منحصر في سؤالهم(ع) عن حالها<ref>. الفوائد المدنية والشواهد المكية: 270 ـ 271.</ref>.
<br>لم نأثر الكثير عن هذا الموضوع كان قد صدر عن الأخباريين ولذلك شهدنا بعض الأصوليين اهتمامهم بذكر أدلّة رأي الأخباريين هذا، إمّا استنباطا من مجمل مقولاتهم أو سماعهم لها شفويا أو حدسا، ووردت الأدلّة بالنحو التالي:
<br>لم نأثر الكثير عن هذا الموضوع كان قد صدر عن [[الأخباري|الأخباريين]] ولذلك شهدنا بعض الأصوليين اهتمامهم بذكر أدلّة رأي الأخباريين هذا، إمّا استنباطا من مجمل مقولاتهم أو سماعهم لها شفويا أو حدسا، ووردت الأدلّة بالنحو التالي:
<br>1 ـ كون القرآن محرفا فلا يمكن الوثوق بظاهره<ref>. على أنّ شكوكا تكتنف نسبة التحريف إليهم، وقد لا نجد من صرّح بذلك من الأخباريين إلاّ النزر القليل، الذي قد لا يعبّر عن رأي مجمل هذه الطائفة.</ref>.
<br>1 ـ كون القرآن محرفا فلا يمكن الوثوق بظاهره<ref>. على أنّ شكوكا تكتنف نسبة [[التحريف]] إليهم، وقد لا نجد من صرّح بذلك من الأخباريين إلاّ النزر القليل، الذي قد لا يعبّر عن رأي مجمل هذه الطائفة.</ref>.
<br>2 ـ المنع عن الأخذ بالظاهر تعبّدا بالروايات ذات الصلة لكيلا يطرأ على القرآن الاختلاف.
<br>2 ـ المنع عن الأخذ بالظاهر تعبّدا بالروايات ذات الصلة لكيلا يطرأ على القرآن الاختلاف.
<br>3 ـ كون العرف وعموم الناس عاجزين عن فهم ظاهر القرآن وقاصرين عن ذلك؛ لأنّه كتاب لا يفهمه إلاّ أهله، بناءً على حديث الصادق عليه‏السلام: «ما من أمر يختلف فيه اثنان إلاّ وله أصل في كتاب اللّه‏، ولكن لا يبلغه عقول الرجال»<ref>. المحاسن البرقي: 268.</ref>.  وقول المعصوم ردا على قتادة: «ويحك، إنّما يعرف القرآن من خوطب به»<ref>. الكافي 8: 312.</ref>.
<br>3 ـ كون [[العرف والسيرة]] وعموم الناس عاجزين عن فهم ظاهر القرآن وقاصرين عن ذلك؛ لأنّه كتاب لا يفهمه إلاّ أهله، بناءً على حديث الصادق(ع): «ما من أمر يختلف فيه اثنان إلاّ وله أصل في كتاب اللّه‏، ولكن لا يبلغه عقول الرجال»<ref>. المحاسن البرقي: 268.</ref>.  وقول المعصوم رداً على [[قتادة]]: «ويحك، إنّما يَعرِف القرآنَ من خوطب به»<ref>. الكافي 8: 312.</ref>.
<br>4 ـ كون ما يتراءى منه ظاهرا هو ليس ظاهرا في الحقيقة إمّا لأنّ فيه اصطلاحات خاصّة ومفردات موضوعة لمعان شرعية خاصّة، وإمّا لكونه يتضمّن مجازات لا يعرفها العرب؛ لوجود حالة [[التقييد]] و [[النسخ]] وغير ذلك، وعدم تميّز هذه الاُمور لدى الناس، وقد وردت بعض الأخبار تدلّ على هذا المضمون<ref>. اُنظر: وسائل الشيعة 27: 176 ـ 177.</ref>.
<br>4 ـ كون ما يتراءى منه ظاهرا هو ليس ظاهرا في الحقيقة إمّا لأنّ فيه اصطلاحات خاصّة ومفردات موضوعة لمعان شرعية خاصّة، وإمّا لكونه يتضمّن مجازات لا يعرفها العرب؛ لوجود حالة [[التقييد]] و [[النسخ]] وغير ذلك، وعدم تميّز هذه الاُمور لدى الناس، وقد وردت بعض الأخبار تدلّ على هذا المضمون<ref>. اُنظر: وسائل الشيعة 27: 176 ـ 177.</ref>.
<br>5 ـ [[العلم الإجمالي]] بطروّ بعض الاُمور من قبيل التقييد والنسخ ممّا يؤدّي إلى [[الإجمال|إجمال النص القرآني]] وعدم ظهوره.
<br>5 ـ [[العلم الإجمالي]] بطروّ بعض الاُمور من قبيل التقييد والنسخ ممّا يؤدّي إلى [[الإجمال في القرآن والسنة|إجمال النص القرآني]] وعدم ظهوره.
<br>ومن جانب آخر، فإنّ الرويات التي يبدو منها تأييد رأي [[الأخباري|الأخباريين]] قد عدّت بمئتين وخمسين رواية ممّا دعا البعض لاعتبارها متواترة<ref>. اُنظر: درر الفوائد الخراساني 1: 87 ـ 88، نهاية النهاية 2: 54 ـ 59، أجود التقريرات 3: 156.</ref>.
<br>ومن جانب آخر، فإنّ الرويات التي يبدو منها تأييد رأي [[الأخباري|الأخباريين]] قد عدّت بمئتين وخمسين رواية ممّا دعا البعض لاعتبارها [[التواتر|متواترة]]<ref>. اُنظر: درر الفوائد الخراساني 1: 87 ـ 88، نهاية النهاية 2: 54 ـ 59، أجود التقريرات 3: 156.</ref>.
<br>لكن الأصوليين رفضوا استدلالات الأخباريين، فهم لا يعتقدون بفكرة تحريف القرآن، ورفضوها بالكلّية.
<br>لكن الأصوليين رفضوا استدلالات الأخباريين، فهم لا يعتقدون بفكرة [[تحريف المصحف|تحريف القرآن]]، ورفضوها بالكلّية.
<br>وبالنسبة إلى التعبّد بالأخبار فقد يقال: بأنّ العكس هو الصحيح، مع أنّ الظواهر لا تستلزم الاختلاف عمليا، وإذا سلّم الاستلزام، فإنّه يختصّ بما إذا استغني عن أخبار المعصومين لا فيما إذا استعين بها. وهي في الحقيقة ناهية عن التفسير بالرأي والاستحسانات الظنّية.
<br>وبالنسبة إلى [[التعبد]] بالأخبار فقد يقال: بأنّ العكس هو الصحيح، مع أنّ الظواهر لا تستلزم الاختلاف عمليا، وإذا سلّم الاستلزام، فإنّه يختصّ بما إذا استغني عن أخبار المعصومين لا فيما إذا استعين بها. وهي في الحقيقة ناهية عن التفسير بالرأي و [[الاستحسان|الاستحسانات الظنّية]].
<br>وفيما يخصّ قصور عقول الناس عن بلوغ معاني القرآن، فإنّه لا يمنع عن بلوغ هذه العقول لما هو ظاهر ومفهوم، والقصور خاصّ بموارد الإشارات وأصول المعارف الخاصّة بذاته وصفاته.
<br>وفيما يخصّ قصور عقول الناس عن بلوغ معاني القرآن، فإنّه لا يمنع عن بلوغ هذه العقول لما هو ظاهر ومفهوم، والقصور خاصّ بموارد الإشارات وأصول المعارف الخاصّة بذاته وصفاته.
<br>وفيما يخصّ الدليلان الأخيران فإنّهما يصلحان أدلّة للمنع بالأخذ ببعض الظواهر قبل تميّزها أمّا بعد تميّز وتحديد القيود والنواسخ والتخصيصات فينحل العلم الإجمالي ويتحوّل إلى علم تفصيلي.
<br>وفيما يخصّ الدليلان الأخيران فإنّهما يصلحان أدلّة للمنع بالأخذ ببعض الظواهر قبل تميّزها أمّا بعد تميّز وتحديد [[التقييد|القيود]] و [[النسخ|النواسخ]] و [[التخصيص|التخصيصات]] فينحل [[العلم|العلم الإجمالي]] ويتحوّل إلى علم تفصيلي.
<br>هذا مضافا إلى ما دلّ من نصوص كثيرة تدعو لقراءة القرآن والتفكّر فيه، فلو أنّه كان غير مفهوم لكانت هذه الدعوى لغوا. وقد يزيد البعض ردودا أكثر من هذه الردود المتقدّمة<ref>. اُنظر: فرائد الاُصول 1: 139 ـ 158، درر الفوائد الخراساني 1: 88 ـ 92، نهاية النهاية 2: 54 ـ 59، أجود التقريرات 2: 90 ـ 93، فوائد الاُصول 3: 136 ـ 137، نهاية الاُصول 1 ـ 2: 476 ـ 485، مصباح الاُصول 2: 122 ـ 125.</ref>.
<br>هذا مضافا إلى ما دلّ من نصوص كثيرة تدعو لقراءة القرآن والتفكّر فيه، فلو أنّه كان غير مفهوم لكانت هذه الدعوى لغوا. وقد يزيد البعض ردودا أكثر من هذه الردود المتقدّمة<ref>. اُنظر: فرائد الاُصول 1: 139 ـ 158، درر الفوائد الخراساني 1: 88 ـ 92، نهاية النهاية 2: 54 ـ 59، أجود التقريرات 2: 90 ـ 93، فوائد الاُصول 3: 136 ـ 137، نهاية الاُصول 1 ـ 2: 476 ـ 485، مصباح الاُصول 2: 122 ـ 125.</ref>.


==10 ـ أصالة الظهور ورجوع أو عدم رجوع الأصالات اللفظية إليها==
==10 ـ أصالة الظهور ورجوع أو عدم رجوع الأصالات اللفظية إليها==
بناءً على ما تقدّم في تعريف الظهور أسس الأصوليون قاعدة تدعى أصالة الظهور، وهي من بين الأصالات اللفظية التي يرجع إليها عندما يكون للفظ أكثر من معنى واحد ويحتمل عدم الجدية أو قرينة متّصلة أو منفصلة تخالف المعنى الظاهر من الكلام. وتنفى هذه الاحتمالات من خلال الأصالة المزبورة، بناءً على ما درج عليه العقلاء وأهل العرف<ref>. درر الفوائد الخراساني 1: 87، اُصول الفقه (المظفر) 1 ـ 2: 75 ـ 76.</ref>.
بناءً على ما تقدّم في تعريف الظهور أسس الأصوليون قاعدة تدعى أصالة الظهور، وهي من بين الأصالات اللفظية التي يرجع إليها عندما يكون للفظ أكثر من معنى واحد ويحتمل عدم الجدية أو قرينة متّصلة أو منفصلة تخالف المعنى الظاهر من الكلام. وتنفى هذه الاحتمالات من خلال الأصالة المزبورة، بناءً على ما درج عليه العقلاء و [[أهل العرف]]<ref>. درر الفوائد الخراساني 1: 87، اُصول الفقه (المظفر) 1 ـ 2: 75 ـ 76.</ref>.
<br>وقد اختلف الأصوليون في هذه الأصالة من حيث رجوع أو عدم رجوع باقي الأصالات اللفظية، مثل: أصالة البيان، والعموم، والإطلاق، والحقيقة إليها.
<br>وقد اختلف الأصوليون في هذه الأصالة من حيث رجوع أو عدم رجوع باقي الأصالات اللفظية، مثل: [[البيان|أصالة البيان]]، والعموم، و [[الإطلاق]]، والحقيقة إليها.
<br>المعروف عن الاُصوليين إرجاعهم للأصالات اللفظية إلى [[أصالة الظهور]]؛ لأنّ كلّ واحد منها يشكّل جانبا من تلك  الأصالة، فإنّ تلك الأصالات ليست تعبّدية، بل تحكي ظاهرا في اللفظ وتشترك جميعها في كونها حاكية عن ظاهر، فاللفظ العام يحكي بظهوره عن العموم، واللفظ دون قرينة صارفة يحكي عن إرادة معناه الحقيقي، وهكذا  باقي الأصالات، ولا يبدو وجود من شكّ في هذا الأمر<ref>. الرسائل الإمام الخميني 1: 238، نهاية الأفكار 1 ـ 2: 522 ـ 523.</ref>.
<br>المعروف عن الاُصوليين إرجاعهم للأصالات اللفظية إلى [[الأصل اللفظي|أصالة الظهور]]؛ لأنّ كلّ واحد منها يشكّل جانبا من تلك  الأصالة، فإنّ تلك الأصالات ليست تعبّدية، بل تحكي ظاهرا في اللفظ وتشترك جميعها في كونها حاكية عن ظاهر، فاللفظ العام يحكي بظهوره عن العموم، واللفظ دون قرينة صارفة يحكي عن إرادة معناه الحقيقي، وهكذا  باقي الأصالات، ولا يبدو وجود من شكّ في هذا الأمر<ref>. الرسائل الإمام الخميني 1: 238، نهاية الأفكار 1 ـ 2: 522 ـ 523.</ref>.
<br>نعم، أشكل البعض في رجوع أصالة عدم القرينة إلى أصالة الظهور، فقد ذهب الشيخ الأنصاري إلى أنّ الأصول اللفظية الوجودية، مثل: أصالة الحقيقة، والعموم، والإطلاق، ترجع إلى أصالة عدم القرينة، فأصالة الحقيقة ترجع إلى أصالة عدم القرينة على المجاز، وأصالة العموم تعود إلى أصالة عدم المخصص وهكذا<ref>. فرائد الاُصول 1: 135.</ref>.
<br>نعم، أشكل البعض في رجوع أصالة عدم القرينة إلى أصالة الظهور، فقد ذهب [[الشيخ الأنصاري]] إلى أنّ [[الأصل اللفظي|الأصول اللفظية الوجودية]]، مثل: أصالة الحقيقة، والعموم، والإطلاق، ترجع إلى أصالة عدم القرينة، فأصالة الحقيقة ترجع إلى أصالة عدم القرينة على المجاز، وأصالة العموم تعود إلى أصالة عدم المخصص وهكذا<ref>. فرائد الاُصول 1: 135.</ref>.
<br>بينما ذهب [[الآخوند الخراساني|المحقّق الخراساني]] إلى أنّ [[الأصل اللفظي|أصالة عدم القرينة]] ترجع إلى [[الأصل اللفظي|أصالة الظهور]]، وليس للعقلاء إلاّ بناء واحد، وهو أصالة الظهور لا بناءان (عدم القرينة والظهور) وأصالة عدم القرينة هي نفسها أصالة الظهور<ref>. نسب هذا إلى حواشي المحقّق الخراساني على فرائد الاُصول، اُنظر: اُصول الفقه المظفر 3: 157، مباحث الاُصول (الحائري) 2: 175.</ref>.
<br>بينما ذهب [[الآخوند الخراساني|المحقّق الخراساني]] إلى أنّ [[الأصل اللفظي|أصالة عدم القرينة]] ترجع إلى [[الأصل اللفظي|أصالة الظهور]]، وليس للعقلاء إلاّ بناء واحد، وهو أصالة الظهور لا بناءان (عدم القرينة والظهور) وأصالة عدم القرينة هي نفسها أصالة الظهور<ref>. نسب هذا إلى حواشي المحقّق الخراساني على فرائد الاُصول، اُنظر: اُصول الفقه المظفر 3: 157، مباحث الاُصول (الحائري) 2: 175.</ref>.
<br>وذهب محمد رضا المظفر|الشيخ المظفر]] إلى أنّه لا وجود لأصالة عدم القرينة أصلاً لكي يقال برجوعها إلى أصالة الظهور أو رجوع أصالة الظهور إليها<ref>. اُصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 157 ـ 159.</ref>.
<br>وذهب [[محمد رضا المظفر|الشيخ المظفر]] إلى أنّه لا وجود لأصالة عدم القرينة أصلاً لكي يقال برجوعها إلى أصالة الظهور أو رجوع أصالة الظهور إليها<ref>. اُصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 157 ـ 159.</ref>.
<br>وجميع المختلفين يتمسّكون ببناء العقلاء، ويستشهدون بالوجدان العقلائي، فالشيخ الأنصاري يرى أنّ بناء العقلاء قائم على عدم وجود قرينة في الكلام، وباقي البناءات والأصالات رغم كونها قائمة لدى العقلاء لكنّها في حقيقتها ترجع إلى هذا الأصل، بينما يذهب الشيخ الخراساني إلى أنّ البناءين (عدم القرينة والظهور) هما بناء واحد، وهو الظهور. ويذهب الشيخ المظفر إلى أنّ القائم لدى العقلاء هو بناء واحد، وهو الظهور ولا بناء آخر لكي يطرح موضوع أيّهما يعود إلى الآخر. وهذا البناء يقضي بإلغاء كلّ احتمال ينافي الظهور، مثل: احتمال الغفلة، أو الخطأ، أو تعمّد الإيهام، أو نصب قرينة على الخلاف، ومعنى الإلغاء هو حجّية الظهور<ref>. بحوث في علم الاُصول الهاشمي 4: 270 ـ 272، مباحث الاُصول (الحائري) 2: 174 ـ 179، المحكم في اُصول الفقه 3: 165 ـ 166، الظنّ 268 ـ 274.</ref>.
<br>وجميع المختلفين يتمسّكون ببناء العقلاء، ويستشهدون بالوجدان العقلائي، فالشيخ الأنصاري يرى أنّ بناء العقلاء قائم على عدم وجود قرينة في الكلام، وباقي البناءات والأصالات رغم كونها قائمة لدى العقلاء لكنّها في حقيقتها ترجع إلى هذا الأصل، بينما يذهب [[الآخوند الخراساني|الشيخ الخراساني]] إلى أنّ البناءين (عدم القرينة والظهور) هما بناء واحد، وهو الظهور. ويذهب الشيخ المظفر إلى أنّ القائم لدى العقلاء هو بناء واحد، وهو الظهور ولا بناء آخر لكي يطرح موضوع أيّهما يعود إلى الآخر. وهذا البناء يقضي بإلغاء كلّ احتمال ينافي الظهور، مثل: احتمال الغفلة، أو الخطأ، أو تعمّد الإيهام، أو نصب قرينة على الخلاف، ومعنى [[إلغاء الفارق|الإلغاء]] هو حجّية الظهور<ref>. بحوث في علم الاُصول الهاشمي 4: 270 ـ 272، مباحث الاُصول (الحائري) 2: 174 ـ 179، المحكم في اُصول الفقه 3: 165 ـ 166، الظنّ 268 ـ 274.</ref>.
<br>ويبدو لـ [[محمد باقر الصدر|الشهيد الصدر]] عدم إرائة [[الشيخ الأنصاري]] دليلاً واضحا على رأيه، لكن سعى المحقّق العراقي للبرهنة على رأيه من خلال ربط القضية بقضية قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة، وقال باستكشاف وجود قرينة في كلّ محلّ ثبت فيه عدم إرادة الظاهر لكيلا يلزم القبح المذكور. واحتمال إرادة خلاف الظاهر يكون دائما مساوقا لاحتمال القرينة. وإذا نفينا الاحتمال الأخير بأصالة عدم القرينة ثبتت إرادة الظهور.
<br>ويبدو لـ [[محمد باقر الصدر|الشهيد الصدر]] عدم إرائة [[الشيخ الأنصاري]] دليلاً واضحا على رأيه، لكن سعى المحقّق العراقي للبرهنة على رأيه من خلال ربط القضية بقضية قبح [[البيان|تأخير البيان عن وقت الحاجة]]، وقال باستكشاف وجود قرينة في كلّ محلّ ثبت فيه عدم إرادة الظاهر لكيلا يلزم القبح المذكور. واحتمال إرادة خلاف الظاهر يكون دائما مساوقا لاحتمال القرينة. وإذا نفينا الاحتمال الأخير بأصالة عدم القرينة ثبتت إرادة الظهور.
<br>لكنّ الشهيد الصدر يرفض هذا الاستدلال، باعتبار أنّ تطبيق قاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة فرع بيانية الظهور في الدليل الأوّل، وهي فرع حجّيته، أي إثبات إرادة الظهور بأصالة عدم القرينة فرع حجّية الظهور في المرتبة السابقة حتّى بناءً على مسلك قبح تأخير البيان<ref>. بحوث في علم الاُصول الهاشمي 4: 272.</ref>.
<br>لكنّ الشهيد الصدر يرفض هذا الاستدلال، باعتبار أنّ تطبيق قاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة فرع بيانية الظهور في الدليل الأوّل، وهي فرع حجّيته، أي إثبات إرادة الظهور بأصالة عدم القرينة فرع حجّية الظهور في المرتبة السابقة حتّى بناءً على مسلك قبح [[البيان|تأخير البيان]]<ref>. بحوث في علم الاُصول الهاشمي 4: 272.</ref>.
<br>والسيّد الروحاني يدعم في موضع من كتابه رأي [[الشيخ الأنصاري]] بأنّ مجرى أصالة عدم القرينة غير مجرى [[الأصل اللفظي|أصالة الظهور]]، فمجرى [[الأصل اللفظي|أصالة عدم القرينة]] هو تشخيص المراد الاستعمالي، ومجرى أصالة الظهور هو تشخيص مطابقة المراد الاستعمالي للمراد الواقعي، فلا يغني أحدهما عن الآخر<ref>. منتقى الاُصول 4: 211 ـ 212.</ref>، ثُمّ يذهب في موضع آخر من كتابه  إلى أنّ الأمر لا يعود إلى بحث علمي، بل إلى أمر ذوقي وجداني<ref>. منتقى الاُصول 4: 212. </ref>.
<br>والسيّد الروحاني يدعم في موضع من كتابه رأي [[الشيخ الأنصاري]] بأنّ مجرى أصالة عدم القرينة غير مجرى [[الأصل اللفظي|أصالة الظهور]]، فمجرى [[الأصل اللفظي|أصالة عدم القرينة]] هو تشخيص المراد الاستعمالي، ومجرى أصالة الظهور هو تشخيص مطابقة المراد الاستعمالي للمراد الواقعي، فلا يغني أحدهما عن الآخر<ref>. منتقى الاُصول 4: 211 ـ 212.</ref>، ثُمّ يذهب في موضع آخر من كتابه  إلى أنّ الأمر لا يعود إلى بحث علمي، بل إلى أمر ذوقي وجداني<ref>. منتقى الاُصول 4: 212. </ref>.


confirmed
١٬٦٣٠

تعديل