الحسن بن صالح

الحسن بن صالح: وهو أحد الرواة المشتركين من أهل السنة و الشيعة. وكان الحسن من الشخصيات الشهيرة في الإسلام، وعرف بأنّه متكلّم وواعظ وفقيه ومحدّث وحافظ وعابد، كما عُرف بالكثرة والإتقان. ويقول ابن النديم: «كان من كبار الشيعة الزيدية وعظمائهم وعلمائهم، وكان فقيهاً متكلّماً». وكان مخالفاً لسلاطين الجور في زمانه، مقاطعاً لـ صلاة الجمعة خلفهم، وقد ذمّه بعض معاصريه؛ كـ سفيان الثوري وأحمد بن يونس وزائدة، وعدّوه متروكاً أو منافقاً. ولكن قال يحيى‏ بن معين: «حسن ثقة مأمون، وصرّح أبو زُرْعَة بأنّه اجتمع في الحسن إتقان وفقه، وعبادة وزهد».

الحسن بن صالح بن صالح (100 ــ 167ق)

من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبوعبداللَّه.[٢]
نسبه: الهمداني، الثوري.[٣]
لقبه: الكوفي، العابد.[٤]
طبقته: السابعة.[٥]
هو من بني ثور، من قبيلة همدان، وكان يعدّ من رجال الشيعة.[٦] وأمّا أمّه فكانت من العابدات في الإسلام، قال وكيع: «كان الحسن بن صالح وأخوه وأُمّهما قد جزّأوا الليل ثلاثة أقسام، فكلّ واحدٍ يقوم ثُلثاً، فماتت أُمّهما فاقتسما الليل، ثم مات علي فقام الحسن الليل كلّه».[٧] وكان أخوه علي بن صالح من المحدّثين والمتكلّمين، وعُدَّ من الشيعة الزيدية.[٨]
كان الحسن من الشخصيات الشهيرة في الإسلام، وعرف بأنّه متكلّم وواعظ وفقيه ومحدّث وحافظ وعابد، كما عُرف بالكثرة والإتقان[٩]، بل كانت كلماته في الوعظ توقظ القلوب وتلهبها خشيةً ورهبة. منها: «إنّ الشيطان ليفتح للعبد تسعة وتسعين باباً من الخير، يريد به باباً من السوء»[١٠] ومنها: «لاتفقه، حتّى‏ لاتبالي في يد مَنْ كانت الدنيا»[١١]
ويقول ابن النديم: «كان من كبار الشيعة الزيدية وعظمائهم وعلمائهم، وكان فقيهاً متكلّماً، وله من الكتب: كتاب التوحيد، كتاب إمامة وُلد علي من فاطمة، كتاب الجامع في الفقه».[١٢] وذكر ابن عدي عدداً من الذين كتبوا نسخاً على‏ يديه، وشهد بصدقه.[١٣]
كان الحسن مخالفاً لسلاطين الجور في زمانه، مقاطعاً لصلاة الجمعة خلفهم[١٤]، وقد ذمّه بعض معاصريه؛ كـ سفيان الثوري وأحمد بن يونس وزائدة، وعدّوه متروكاً أو منافقاً.[١٥] إلّا أنّ ابن حجر - بعدما نقل شطراً من ذمّهم له - قال: «قولهم: كان يرى‏ السيف، يعني: كان يرى‏ الخروج بالسيف على‏ ائمة الجور، وهذا مذهب للسلف قديم، لكن استقرّ الأمر على‏ ترك ذلك ؛ لما رأوه قد أفضى‏ إلى‏ أشدّ منه، ففي وقعة الحرّة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما عظة لمن تدبّر، وبمثل هذا الرأي لايُقدح في رجلٍ قد ثبتت عدالته، واشتهر بالحفظ والإتقان والورع التام. والحسن مع ذلك لم يخرج على‏ أحدٍ، وأمّا ترك الجمعة ففي جملة رأيه ذلك أن لايصلّي خلف فاسقٍ، ولايصحّ ولاية الإمام الفاسق، فهذا مايعتذر به عن الحسن وإن كان الصواب خلافه، فهو إمام مجتهد».[١٦]
وقال تلميذه أبو نُعَيم الفضل بن دُكَيْن: «وماكان دون الثوري في الورع والقوة». وسئل وكيع تلميذه الآخر عنه، فقال: «الذي لو رأيته ذكرتَ سعيد بن جُبَيْر».[١٧]

موقف الرجاليّين منه

ذكر الطوسي أنّه من أصحاب الإمام الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام.[١٨] وعدّه ابن داود والعلّامة الحلّي في القسم الثاني من كتابيهما.[١٩]
ونقل عن أحمد أنّه قال: «الحسن بن صالح صحيح الرواية، متفقّه، صائن لنفسه في الحديث والورع» وقال أيضاً: «هو أثبت في الحديث من شريك».[٢٠] وقال يحيى‏ بن معين: «حسن ثقة مأمون، وصرّح أبو زُرْعَة بأنّه اجتمع في الحسن إتقان وفقه، وعبادة وزهد».[٢١] واعتبره أبوغسان أفضل من شريك بمراتب، وقال العجلي: «فقه الحسن أفضل من سفيان».
كما يُلاحظ في كلام ابن سعد وابن حبان وأبي حاتم والذهبي وابن حجر عبارات إطراء وثناء، من قبيل: ثقة، ثبت، متعبّد.[٢٢]

الحسن و أهل البيت ‏عليهم السلام

أشار أصحاب التراجم إلى‏ محبّة الحسن لـ أهل البيت عليه السلام وتشيّعه[٢٣]، وصرح ابن النديم و الشيخ الطوسي والكشّي بأنّه زيدي، ويُعدّ من قادة البترية أو الصالحية.[٢٤]
ويبدو من بعض الروايات التي تذمّ البترية.[٢٥] - بغضّ النظر عن سندها - لا دلالة فيها على‏ قدح أو جرح أمثال الحسن بن صالح. هذا بالإضافة إلى‏ تعلّم ورواية أكثر من أربعين حديثاً عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام، وتعليمها للحسن بن محبوب - أحد رواته - الذي هو من أصحاب الإجماع، ومن الأركان الأربعة في زمانه.[٢٦]

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام.[٢٧]
وقد روى‏ أيضاً عن جماعة، منهم: أبان بن أبي عياش، الأجلح بن عبداللَّه، إسماعيل السُدّي، جابر بن يزيد الجُعفي، صالح.(أبوه)، ليث بن أبي نعيم.
وروى‏ عنه جماعة، منهم: علي (أخوه)، الحسن بن محبوب، علي بن محمد بن سليمان النوفلي، الأسود بن عامر، وَكيع بن الجرّاح، أبو نُعَيم الفضل بن دُكَيْن. وقد وردت رواياته في الجوامع الروائية للفريقين ؛ كالكافي ومن لايحضره الفقيه وتهذيب الأحكام، والصحاح الستة.[٢٨]

من رواياته

روى‏ الحسن بن صالح، عن موسى الجهني، عن فاطمة بنت علي، عن أسماء بنت عميس: أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال لعليٍّ عليه السلام: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لانبيّ بعدي».[٢٩]

وفاته

توفّي الحسن سنة 167 هـ في الكوفة، وذُكر أنّه قد اختفى‏ الحسن في السنوات السبع الأخيرة من حياته عن حكومة عصره، وعليها يومئذٍ رَوْح بن حاتم والياً للمهدي العباسي. وكان الحسن بن الصالح متشيّعاً، وزوّج عيسى‏ بن زيد بن علي ابنته منه، واختفى‏ معه في مكانٍ واحدٍ بالكوفة، حتّى‏ مات عيسى‏ مستخفياً، وكان المهدي العباسي قد طلبهما، وجدّ في طلبهما، فلم يقدر عليهما حتّى‏ ماتا. وكان قد مات الحسن بعد عيسى‏ بن زيد بستة أشهر.[٣٠]

الهوامش

  1. الجرح والتعديل 3: 18. وفي رجال النجاشي: رقم (107): «الحسن بن صالح الأحول».
  2. تذكرة الحفّاظ 1: 216، المعارف: 509.
  3. تهذيب التهذيب 2: 248، تنقيح المقال 1: 285.
  4. سير أعلام النبلاء 7: 361، كتاب التاريخ الكبير 2: 295.
  5. تقريب التهذيب 1: 167.
  6. المعارف: 624، معجم قبائل العرب 1: 154 و 3: 1225،الأنساب 1: 516.
  7. سير أعلام النبلاء 7: 369.
  8. فهرست ابن النديم: 227.
  9. المصدر السابق، طبقات الفقهاء: 86، تذكرة الحفّاظ 1: 216.
  10. حلية الأولياء 7: 331.
  11. المصدر السابق.
  12. فهرست ابن النديم: 227.
  13. الكامل في ضعفاء الرجال 2: 317.
  14. سير أعلام النبلاء 7: 363.
  15. كتاب الضعفاء الكبير 1: 229، الكامل في ضعفاء الرجال 2: 723، تهذيب التهذيب 2: 251.
  16. تهذيب التهذيب 2: 250 - 251.
  17. المصدر السابق: 250.
  18. رجال الطوسي: 113،166،348.
  19. رجال ابن داود: 238، خلاصة الأقوال: 337.
  20. تهذيب الكمال 6: 186.
  21. المصدر السابق.
  22. الطبقات الكبرى‏ 6: 375، سير أعلام النبلاء 7: 361، تهذيب التهذيب 2: 249 - 250، الجواهر المضيئة 2: 61، 62، المراجعات: 54.
  23. ميزان الاعتدال 1: 496.
  24. فهرست ابن النديم: 227، رجال الطوسي: 113، رجال الكشّي: رقم (422).
  25. أنظر: رجال الكشّي: رقم (422)، المقالات والفرق: 7.
  26. رجال الكشّي: رقم (1050)، جامع الرواة 1: 204.
  27. تهذيب الكمال 6: 178، تهذيب التهذيب 2: 248، رجال الطوسي: 113،166.
  28. جامع الرواة 1: 204، تهذيب الكمال 6: 191، تهذيب التهذيب 2: 248.
  29. سير أعلام النبلاء 7: 361، مسند أحمد 6: 369،438.
  30. الطبقات الكبرى‏ 6: 375، كتاب الثقات 6: 165، أعيان الشيعة 5: 119.